السودان من الثورة إلى الدولة

صراع من أجل استعادة الوطن المختطف

نجم الدين دريسة يكتب..

السودان من الثورة إلى الدولة
صراع من أجل استعادة الوطن المختطف
إن إرادة الشعوب لا يمكن أن تقهر أو تهزم أو تختطف… فالثورات دوماً تقود الشعوب إلى الانتصار وصياغة وكتابة تاريخ جديد يهزم الطغاة والمتسلطين شر هزيمة ويرصف ويؤبد الطريق نحو بناء وطن قائم على الديمقراطية وحقوق الإنسان .. مؤكد أن ما يحدث الآن هو مخاض عسير لولادة وطن ظل أسيراً لعصابات البطش وقلة قليلة من النخب ظلوا يمارسون الهيمنة على شعوب بأسرها بأدوات السلطة ومؤسساتها..بل ويتم توجيه سلاح الشعب إلى صدور الشعب وهي بالطبع أساليب الأنظمة الاستبدادية القمعية التي احتكرت كل أساليب وأدوات العنف لتظل كل الشعوب رهائن لدى هذه العصابات العسكرية التي اختطفت الوطن وعمدت على ترويع وتقسيم المجتمع بصورة قسرية ليتحول الوطن بأكلمه إلى ضيعة خاصة في انتهاك صريح لكل المعاني والقيم النبيلة المتعلقة بالشعب وبالوطن والثورة والتغيير، وهي أساليب دنيئة تغتصب حقوق المواطن بترسانة من القوانين المستبدة لتحول الشعب إلى موال أو طابور خامس ليس له مكان إلا أن يظل دوماً تحت طائلة التجريم والاتهام، هكذا ظلت عملية اختطاف الوطن والشعب منذ تخلق ونشوء ما يعرف بهتاناً بالدولة الوطنية.
المنحي الذي أخذته ثورة ديسمبر بعد حرب أبريل هو هزة عنيفة جداً تقود بالضرورة لبناء وتأسيس الدولة التي تضمن الأمن والسلام والاستقرار وبناء نظام راسخ قائم على مفهوم المواطنة ودولة سيادة القانون فالحروب رغم قسوة تداعياتها وافرازاتها تقود في أحياناً كثيرة إلى صيغ جديدة من بناء الدول والأمم والشعوب هذا ما تعلمناه من التاريخ حتى أوربا شهدت حروب طاحنة أفضت إلى التداول السلمي للسلطة وحقوق الانسان والحكم الراشد فحققت نماذج متقدمة في الاستقرار والشفافية والمحاسبة وسيادة حكم القانون.
ما نواجهه الأن من صراعات وحروبات بين شرعيات تآكلت بسبب فرض سياسات أحادية قائمة على العنف وقوى لا زالت تظن أن لها الأحقية في الاستفراد بالحكم والاستمرار فيه لأن مصالحها ارتبطت به تاريخياً فظنوا أن الإرث الخاطئ الذي قامت عليه الدولة بكل تشوهاتها يجب أن يظل باقياً ولكنه وبالطبع لن يصمد أمام ثورة هادرة وهبة شعبية عارمة اتخذت اشكالاً متعددة وأدوات تغيير عنيفة جداً من المؤكد ستقود بالضرورة إلى تغيير جذري يضع حداً للشطط والمغالاة والتطرف الذي لازم بناء الدولة… الشعوب السودانية قادرة على خلق وصناعة مشروع وتصور مدني خلاق يدير التنوع والاختلاف رغم التحديات الجسام التي خلفتها الدولة القديمة والواقع المزري القائم على الانقسامات الإجتماعية الحادة وتعقيدات خطاب الكراهية والعنصرية في مخيلة العقل السوداني علاوة على ما تختزنه الذاكرة السودانية من مغالطات تاريخية علاوة على الهشاشة التي صاحبت البناء القومي فأحدثت تصدعات عميقة في جدران البناء القومي واهتزازات في الوحدة الوطنية .. ولكن يظل التحدي الأساسي للشعوب السودانية هو التفكير خارج الصندوق وتأسيس وطن على أسس جديدة لا سيما وأن كل المقومات متاحة والفرص أكبر وأعظم من التحديات. فقط علينا العمل على هزيمة قوي الردة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى