في الجلسة الثالثة للمحاكمة

البشير ... وقائع جلسة مختلفة

الخرطوم: أم سلمة العشا

تصوير : محمد نور محكر 

تفاؤل بدأ وأضحاَ على وجوه أعضاء هيئة الدفاع عن الرئيس السابق عمر البشير، تزامناً مع غياب شمس الخرطوم في صباح أمس، وغيوم سمائها الملبدة بالسحب، الأجواء تبدو جميلة، والمؤشرات تؤكد أن العاصمة موعودة بنزول أمطار، اتضح ذلك عقب خروجهم من الجلسة الثالثة لمحاكمة البشير التي إنعقدت أمس بمقر معهد العلوم القضائية بضاحية “أركويت”، هذا بجانب تأكيدات قاطعة لرئيس هيئة الدفاع أحمد ابراهيم الطاهر، بأن دفعوات شهود الإتهام إمام المحكمة عادية ولم تضيف شيئاً لقضية الإتهام، في المقابل ظهرت مجموعات ضمت شباباً ونساءاً ورجالاً من مؤيدي ومناصري البشير يحملون صوره، يرتدي الزي الرسمي للقوات المسلحة، بالقرب من قاعة المحكمة، علت أصواتهم بالتكبير والتهليل، في المقابل طوقت سيارات الدفع الرباعي والشرطة المجهزة بالعتاد العسكري، كنوع من أنواع الحراسة الأمنية المشددة محيط مقر المحكمة من كافة الجوانب.

ثلاثة شهود

بالرغم من أن التوقيت الزماني المحدد لإنعقاد جلسة المحكمة حسب ما أعلنه قاضي المحكمة في الجلسة السابقة، كان في الساعة العاشرة صباحاً، إلا أن إجراءات الدخول بدأت باكراً وتم إغلاق باب المحكمة بإكتمال حضور الجميع،  حيث إنعقدت جلسة محاكمة البشير أمس وسط إجراءات وحراسة أمنية مشددة برئاسة قاضي محكمة الإستئناف د. الصادق عبد الرحمن الفكي، وحضور هيئتي الإتهام والدفاع عن المتهم البشير، لسماع شهود الإتهام في الدعوى الجنائية المرفوعة ضده وفقا للتهم تحت طائلة المواد (5،9) من قانون التعامل بالنقد، لسنة 1981، والمادة (6) من قانون الثراء الحرام والمشبوه لسنة 1989، والمواد (2،7) من قانون الطوارئ رقم (3،6) لسنة 2019. وإستمعت لثلاثة من شهود الإتهام في القضية حيث بدأت بسماع وكيل أعلى نيابة أمن الدولة سابقاً معتصم عبد الله محمود، والرائد عبد العظيم طه محمد طه بهيئة الإستخبارات العسكرية، وموظف ببنك ام درمان الوطني علي صديق علي للإدلاء بأقوالهم في القضية.

الاستخبارات على الخط

افادات مثيرة أدلى بها وكيل أعلى نيابة أمن الدولة معتصم عبد الله محمود أمام المحكمة، حيث كشف عن تلقيه عريضة من قبل الإستخبارات العسكرية في السادس عشر من ابريل الماضي، وذلك بموجب تفويض من إدارة الأمن العسكري، بوجود مبالغ مالية غير مشروعة بمقر إقامة المتهم عمر البشير، قام على إثرها بتحريك إجراءات قانونية تحت المادة (47) إجراءات ووفقاً لسلطاته الخاصة، تحت المادة (34)  وكشف محمود عن مساعي لتهريب جملة المبالغ التى تم ضبطها إلى خارج مقر إقامة البشير، كما أصدر أوامر تفتيش للبحث عن تلك المبالغ وفقاً للمادة (186)، وأسفر التفتيش بحسب وكيل أعلى النيابة والذي أجري في الثامن عشر من ابريل الماضي، بتلقي إتصال من اللواء صديق مدير الأمن العسكري، وتم العثور على المبالغ المالية بغرفة خاصة بالرئيس في الناحية الجنوبية الغربية من المبنى، بها أدراج حديدية ملصقة على الحائط تحتوي على خزن وأرقام ومفاتيح بجانب دواليب، ومصحف اللكتروني، فضلا عن وجود حقيبة بها مجموعة من المبالغ بالعملة الأجنبية والمحلية.

كشف محمود عن مطالبته وفقاً لأوامر التفتيش الصادرة بإحضار مأكينة خاصة لعدد المبالغ المضبوطة وقيمتها (5) مليون جنيه سودان، من قبل بنك أم درمان الوطني.

اتخاذ اجراءات 

إجراءات قانونية كشف عنها وكيل أعلى نيابة أمن الدولة سابقاً  تم إتخاذها وتتعلق بتدوين أسماء الموجودين لحظة التفتيش بالغرفة،بواسطة المتحري، ومن ثم تدوين بلاغ تحت المادة (6) التعامل بالنقد الأجنبي، وقانون غسيل الأموال، وأكد محمود حفظ الأموال لصالح الدعوى ووضعها ببنك السودان المركزي، كما تم تحريك خطاب إلى بنك السودان لوضع المبالغ كأمانات لا يجوز التصرف فيها الا بصدور أمر يتعلق بهذه الدعوى.. أفاد محمود بوجود دفترين من الشيكات بأسم المتهم، وتمت مخاطبة البنوك لمدها بمستندات وطرق فتح الحسابات، وأكد أن البنك أفاد في رده بذات الخصوص بأنه لا توجد مستندات تتعلق بفتح حسابات المتهم، كما كشف أن هناك شخص يتحكم في حسابات المتهم ويقوم بتحريكه ودخول الأموال وخروجها، وأشار محمود إلى أنه لم يتمكن من استمرار متابعة الملف وارجع اسباب ذلك إلى سحب الملف بواسطة النائب العام السابق الوليد سيد أحمد وإحالته إلى نيابة مكافحة الفساد والتحقيقات المالية.

طلب سابق لأوانه 

مطالبة تقدم بها عضو هيئة الدفاع عن البشير، هاشم ابو بكر الجعلى، إلى المحكمة، بأن يتم سماع الشاهد استكمالاً للمتحري، في القضية وليس شاهداً فيها، غير أن المحكمة ردت بأن هذا الطلب سابق لأوانه وسمحت لسماعه كشاهد، حيث واصل الشاهد حديثه وأنه قام بتدوين البلاغ وإجراءاته.

أرقام جديدة 

استمعت المحكمة إلى شاهد آخر وهو من طاقم حراسة البشير والذي أكد في اقواله أن التفتيش تم حوالي الساعة السابعة صباحا وأن الأموال ضبطت داخل غرفة البشير وأشار إلى أنه وجد اموال في حقيبة (هاند باق) حينما دخل غرفة البشير.. واستمعت المحكمة في جلستها ايضا إلى موظف بنك أم درمان الوطني حيث قال انه كانت تلك المرة  الأولى آلتي يدخل فيها مقر اقامة الرئيس بالقيادة العامة

وأشار إلى أنه حين دخل الغرفة وجد اموالا على الارض واموال أخرى في خزنة وطلب منه عد تلك الاموال، وكشف الشاهد موظف البنك عن ارقام مختلفة عن تلك التي اعلن عنها وكشف عن ضبط مبلغ 6 آلاف و(351.770)دولار، و(5)ملايين جنيه و (721.125، و 5) ملايين يورو، في المقابل إعترضت هيئة الدفاع على أن الشاهد يتبع لجهة نظامية وانه بموجب المادة (25) من قانون الاثبات لا تقبل شهادة المكلف بالخدمة العامة، غير أن المحكمة قالت ان الشاهد يمثل في قضية جنائية عادية، لا تمت لمجال عمله وبياناته للاستخبارات العسكرية كما ان الشاهد لم يتطرق إلى عمله ولا يمدنا بمعلومة عسكرية.

تفاؤل وترقب

بدأت هيئة الدفاع عن عمر البشير أكثر ثقة عما كانت عليه في الجلسات السابقة، جلسة ثالثة لمحاكمة البشير، مختلفة عن سابقاتها، حيث ظهر البشير داخل قفص الاتهام ملوحا بيديه للحاضرين وردد اهله واقاربه ومؤيده ألله أكبر الله أكبر وسط اجراءات امنية مشددة، وإلتمس عضو هيئة الدفاع عن البشير هاشم ابو بكر الجعلي، وتقدم بطلبين شفاهة للمحكمة، يتعلق الطلب الأول بالإفراج عن المتهم البشير بالضمانة العادية، كما قدم طلبا آخر بالسماح لهم بالزيارة بسجن كوبر. 

في ذات الأثناء جاء رد المحكمة بتقديم هذين الطلبين كتابة وتسليمههما إلى مكتب قاضي المحكمة بمقر محكمة الإستئناف بالخرطوم.

شهادة عادية 

تصريحات صحفية أدلى بها رئيس هيئة الدفاع عن البشير أحمد ابراهيم الطاهر عقب إنتهاء الجلسة،  حيث أكد استمرار جلسات محاكمة البشير، بإنعقاد الجلسة الثالثة، وأشار إلى أنهم ما زالوا في مرحلة قضية الإتهام، وكشف أن الإتهام قدم ممثليه عبر ثلاثة شهود هم اعضاء اللجنة التي جاءت بتفتيش مقر إقامة البشير باستلام المبلغ محل القضية، ووصف شهادة الشهود بأنها عادية بالنسبة لهم كدفاع، كما أنها لم تضف شيئا لقضية الاتهام، وأضاف الطاهر”استفدنا من الشهود في الدفاع، تبقي لهم شاهدان حتى تكتمل قضيتهم” وقال عقب الفراغ من سماع الشهود ستبدأ قضية الدفاع باستجواب المتهم، ثم بعد ذلك نقدم ما لدينا من بينات تتحض كل ما ذكره الاتهام من اتهامات تحت قانون الثراء الحرام وقانون، وأعلن الطاهر أن المحكمة حددت  الجلسة القادمة، يوم 31 أغسطس الجاري. 

إجراءات منظمة

وأكد الطاهر أن المحكمة إجراءاتها منظمة، كما أن الإجراءات الامنية منظمة، وأشار إلى أن هيئة الاتهام في القضية مكونة من سبعة استشاريين في النيابة العامة، ولفت الانتباه إلى إنضمام نحو 130 محامياً إلى هيئة الدفاع عن البشير، وتم تسجيل أسمائهم وأكد أنه قبيل بدء الجلسة يتم تداول وقائع الجلسة  مع أعضاء هيئة الدفاع بحكم التخصص الموجود لدي هيئة الدفاع، واضاف”استطعنا الاستفادة من الجميع في بلورة الدفاع، وقال ان شاء الله ستكون قضية قوية كما ذكرت سنقدم فيها خير ما يقدم حتى تنتهي على خير، وقال طالبنا بإطلاق سراح البشير بالضمان العادي، لان القضية يجوز فيها اطلاق سراح المتهم بالضمان وهي قضية عادية وينبغي ان يستجيب القاضي لهذا الطلب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى