صلاح الدين عووضة يكتب: مسكينة! 

صلاح الدين عووضة يكتب: مسكينة!

 

بالمنطق

صلاح الدين عووضة

مسكينة!

رمضان كريم..

وكل فاشل له شماعة يعلِّق عليها فشله..

فالذي يفشل في امتحانٍ مدرسي ينسب فشله إلى أقرب شماعة تصل إليها يده..

أو يصل إليها التبرير الذي يتفتق عنه ذهنه..

فالعيب ليس فيه..

وإنما في قطوعات الكهرباء…أو غباء المدرسين…أو المواد خارج المقرر..

والتي تفشل في الزواج (فعدَّاها) العيب..

فالعيب في الزوج…أو أهله…أو القسمة والنصيب…أو (عملٍ) من فعل إحداهن..

والذي يفشل في تجارته فهو مبرأ من العيب..

وإنما العيب في السوق…أو التجار…أو السماسرة…أو ظروف البلد الاقتصادية..

قل أن تجداً فاشلاً يقر بفشله..

والأمر نفسه ينسحب على مجال السياسة..

فكل فاشلٍ يبحث عن شماعة يعلِّق عليها فشله حتى لا يُضطر إلى الاعتراف به..

ولنأخذ نماذج محلية قريبة…وندع البعيد..

علماً بأن غالب هذه النماذج نجدها في بلاد الفاشلين، دون العالَمَيْن الأول والثاني..

ستلاحظون أن أشهر شماعة هي ذات (الماركة) المعروفة..

شماعة مفردات محفوظة عن ظهر وجع، وموروثة وجعاً عن وجع..

وذلك من قبيل خونة…ومرجفين…وعملاء..

فنحن لا نعرف ثقافة الاستقالة…ولا الاعتذار…ولا الإقرار بالفشل..

وجوسوا معي خلال ديار تاريخنا..

تاريخنا القريب منذ الاستقلال، فإن وجدتم ما يكذِّب كلامنا هذا فإني غلطان أعتذر..

وآخر من رفع راية هذه (المحفوظة) هم جماعة قحت..

رفعوها عندما كانوا حاكمينن ويرفعونها الآن وهم في خانة المعارضين..

أو خانة المهرولين نحو الحكم مرة أخرى..

ففشلهم خلال عامين نصف العام – وهم حاكمون – كانت شماعته جاهزة..

لم يتعبوا ليبحثوا عنها بعيداً، فقد كانت في متناول أيديهم..

أو في متناول تبريراتهم الفطيرة..

وهي شماعة الفلول، فهم سبب أزمات الخبز…والغاز…والوقود…وكل الصفوف..

وكذلك أزمة قطوعات الكهرباء السخيفة..

رغم أن لجنتهم الخاصة بتفكيك التمكين فصلت أيما (فلولي) بقطاع الكهرباء..

أو من ظنتهم من فلول حزب البشير المحلول..

فكل فشلٍ من تلقائهم سببه الفلول، فالشماعة موجودة…وقريبة..

حتى فشلهم الآن في استعادة السلطة سببه الفلول..

ولا أقول فشلهم في إنجاح اتفاقهم الإطاري، فالهدف – والقصد – هو الحكم..

وكل شعاراتهم البرَّاقة هدفها بريق السلطة..

فليس هدفهم وطن…ولا مواطن…ولا حرية…ولا انتخابات، وإنما الكراسي فقط..

أتريدون دليلاً؟…انظروا إلى تكالبهم على المناصب من قبل..

وهي ظاهرة تحدث لأول مرة في بلادنا عقب نجاح ثورة شعبية..

والطبيعي هو أن تكون حكومة الفترة الانتقالية من كفاءات وطنية مستقلة..

بينما تنصرف الأحزاب إلى ما يليها..

عقد الندوات…وإقامة المؤتمرات القاعدية…والاستعداد لمرحلة صناديق الاقتراع..

والآن تعثُّر مفاوضات الإطاري سببها معروف..

سببها الفتنة…والتحريض…والاستقطاب… والإقصاء…والاستئثار..

سببها الأنانية، من أجل الانفراد بالسلطة..

حتى إذا ما فشلوا لم يقولوا العيب فينا، فهذه ثقافة لا نعرفها..

وإنما رموا بفشلهم على تلك التي تئن من وطأة لباس اللابسين، وفشل الفاشلين..

كم هي مظلومة، هذه الشماعة..

ومسكينة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى