في أسواقنا الضوضاء والتدليس، والأمان مافيش!

في أسواقنا الضوضاء والتدليس، والأمان مافيش!

حينما تتعالى مايكرفونات الأغاني وباعة الملبوسات والمأكولات.

احرص على جيبك وسمعك وعقلك وأنت تدخل أسواق ذات أبواق!!

محمد علي التوم من الله

أصوات المكروفونات التي أراحت حناجر الباعة تشكل ظاهرة خرطومية أضحت مألوفة، خصوصاً تلك الأسواق الشعبية المرتبطة بالمواصلات، والمثير للدهشة أن أصوات القرءان الكريم تتداخل مع بيع المشروبات والسندوتشات والملبوسات والأغاني. وأذان المارة والرواد هي التي تحاول جاهدة فرز تلك الأصوات. في الأسواق الراقية لا يحتاج أسلوب العرض فيها للأصوات والضجيج. فالأسعار عادة ما تجدها بالقائمة الواضحة بمقدمة المحل التجاري. والبضائع تعبِّر عن نفسها بجودتها.

بعض محلات التنزيلات ربما تعلن عن ذلك في المحلات التي يتم فيها جرد سنوي إذا رغبت في تخفيضات، ولكن يتم ذلك بأسلوب حضاري وبمنتهى الصدق. ولكن في أسواقنا تجد كأنما السوق كله تنزيلات وهذا خداع.

أسواق

البضائع غلبها الصبر نزلت كلها من الرفوف وأصبحت في أيدي الباعة المتجولين يتراقصون بها ويغنون، حتى أن البعض أصبح لهم صيدليات شعبية متحركة من العربات الصغيرة.

لم يبق بعد ذلك إلا ستات الشاي ليستخدمن ميكروفونات في أن يقنعن الزبون بجودة الشاي.

جودة الصنف لا تحتاج لمثل كل ذلك الضجيج وكل واحد بياكل رزقه.

يسبب الصوت المرتفع والمستمر الفقدان المؤقت أو الدائم للسمع وزيادة ضغط الدم والتشويش في نبض القلب وزيادة الادرينالين أو تشويش الأداء السليم لوظيفة الكليتين والتعب والضرر لنفس الإنسان.

وتثير الضجة الشعور بالخوف والضغوط على الأعصاب وعدم القدرة على التركيز فكيف للزبون أن يكون له كامل الوعي والحضور في أن يختار ويشري وهو مطمئن وواثق لما يرغب فيه أو يريد.

إن للبيع كما هو معروف فقهيًا وأحكام وشروط وموجهات وأهمها معرفة  العيب في البضاعة والمعرض.

الذي يؤدي إلى الغش معلوم هو مناخ الفوضى الذي يسببه ما ذكرنا آنفاً. والحلف حرام في المعاملات  على المؤمن.

والربح زائداً على مقدار الحاجة لا يجوز، لأنه ليست فيه بركة وأن جنى البائع من ذلك الكثير، قال صلى الله عليه وسلم:(ليس منا من غش مسلماً أو ضره أو ما كره) .

وقال:( من غش أخاه المسلم نزع الله بركة رزقه وأفسد عليه معيشته ووكله على نفسه)

إن مبايعة الذين لا يبالون بما قالوا وما قيل فيهم تفتح المجال لعدم الثقة بين البائع والمشتري، كذلك فأنت تجد أن سمة أسواقنا إضافة لذلك الغش والتدليس، فلو باع الجزار لحم نعجة وقال للمشتري لحم خروف أو حمل ضكر  كان آثماً، لكن تجد الميكروفونات الصادعة من الجزارات الأكثر إزعاجاً 🙁 تلعلع) الضان ضكر.. الضان ضكر.. فإضافة لازعاجه  وكما أسلفنا فإن الضوضاء أكثر ضررا. ً

تصنف الضوضاء  على أنها إحدى المشكلات البيئية للمجتمع المعاصر، ولا بد من نشر الوعي بأضرارها عبر أجهزة الإعلام المختلفة حول تأثيرها   إضافة إلى إدخال ذلك في المناهج التربوية وضرورة إبعاد كل هؤلاء كل ذلك عن المدارس والمستشفيات والمراكز الحيوية ذات التأثير المباشر.

السعودية عملت على وضع خطط لتطوير الأحياء السكنية بعيداً عن الأسواق والمحال الصناعية الصغيرة والمطاعم. ففي عام 2019 وضعت الحكومة برنامج مستقل لمستقبل المدن السعودية وهو عبارة عن برنامج تعاوني من وزاره الشؤون البلدية والإسكان وبرنامج الأمم المتحدة في مجال المستوطنات البشرية الصحية  ويتم تنفيذه بالتعاون مع أمانة 17 مدينة سعودية رئيسة بمعايير معتمدة على القدرات والإمكانات الاقتصادية لخلق نمطية أكثر توازناً بين مدن البلاد كنموذج جديد لمنع تداخل المحلات التجارية والمناطق السكنية والأخرى. فهل نحن نحذو حذو ذلك. نأمل أن تتمكَّن السلطات من أن تقلل من هذا الإزعاج والصخب خصوصاً في هذه الأيام المباركة ونحن في العشر الأواخر من رمضان وما أحوجنا إلى أن ننتهج نهجاً يتناسب مع هذا الشهر العظيم في هذه الليالي المباركة التي لا يجوز فيها إطلاقاً هذا الذي يحدث وهو مسيء. وللجميع أن يتقوا الله في العباد والبلاد والله ولي ذلك والقادر عليه.

وكل عام وأنتم بخير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى