(الجرجرة) ما بتحل يا قِوى التغيير!

بعد التوقيع على الوثيقة الدستورية يوم السبت الماضي، كُنت أتوقّع من قِوى الحُرية والتّغيير بذات الحماس الثوري الإجماع على ترشحيها لمجلس السيادة وإعلانهم بذات السرعة للرأي العام، قِوى الحُرية والتّغيير التي أمطرتنا في وسائل الإعلام بخبراء كُثرٍ، ما أن تشاهد قناة فضائية أو تستمع لإذاعة إلا وتجد مُمثلاً من خُبراء الحُرية والتّغيير مُتحدِّثاً في شأن ما، لا يُمكن كل هذا التنظيم في الخطاب الإعلامي يكون غَير متّسقٍ مَع اتّفاق داخلي بين مُكوِّنات الحُرية والتغيير.. لقد أثبتت السَّاعات الأولى عقب التوقيع التبايُن بين مُكوِّنات الحُرية والتّغيير، وها نحن أمام تحدٍ ربما يعيدنا إلى مربع شيطان التفاصيل، ودائماً خلافات القوى السياسية تظهر في المُحاصصات في المناصب الوزارية، نأمل أن تتخطّى الحُرية والتّغيير محطة تسمية أعضائها في مجلس السيادة، لأنّ ما ينتظرها من قضايا الحكم كثير ومُعقّد، أيضاً التحديات كبيرة وسقف الطموحات في الحلول العاجلة أكبر، ولذلك فإنّ أية دقيقة تُهدر هي خصم على الحرية والتغيير..!

المسألة الثانية التي أرى أنها جَديرةٌ بالأخذ في الاعتبار العلاقة بين المجلس العسكري وقِوى الحُرية والتّغيير، فنحن نتابع حتى اليوم الهجوم والإساءة التي يتعرض لها قادة المجلس العسكري من منسوبي الحُرية والتّغيير، وأبلغ دليل الهتافات في وجه الرئيس البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي” عشية التوقيع وهُما يُغادران قاعة الصداقة، والهُتاف هُنا يُوضِّح التّباعُد بين طرفي الاتّفاق، وأنّ هُناك مسافة لا تزال كبيرة وهذه ليست في مصلحة الاِتّفاق، لأنّ التنفيذ يقتضي في مراحله التفصيلية توافُق الطَرفين، ولطالما هذا التّباعُد قَائمٌ يَصبح مُهَدِّداً حَقيقيّاً للاتفاق، ولذلك تحتاج قِوى التّغيير مُراجعة عُضويتها وجَمهورها ومُعالجة الاختلالات في خِطَابِها، حيث إنّ قادة المجلس كانوا وسَيظلون الضَامن للاتّفاق من جوانبه الأمنية والعسكرية وأيضاً الجماهيرية، فهُناك قاعدةٌ عريضةٌ سكتت على هذا الوضع إلا لدعمها وثقتها في المجلس العسكري.
والمسألة الثالثة، النظرة لقُوّات الدّعم السريع ولقائدها محمد حمدان دلقو، فالرجل هو من وَقّعَ الاتّفاق مع قِوى التّغيير، وهو نائب رئيس المجلس وبالتالي هذا واقعٌ لا يُمكن تخطِّيه، ولا تَستطيع قِوى التّغيير القفز عليه، الدعم السريع يجب التّعامُل معها والنظرة إليها كقواتٍ وطنيةٍ أسهمت في حفظ الاستقرار وفي نجاح التّغيير والتّحوُّل السِّياسي إذا أردتم فترة انتقالية خالية من العراقيل.

نقول إنّه ومع كل هذه المُلاحظات تبقى هُناك أيادٍ خفية تُدير قِوى الحُرية والتّغيير وتُحرِّك الأمور من بعيد وهي سبب هذه الخلافات التي أكّدت أنّهم ليسوا على قلب رجلٍ واحدٍ، وهذا ما سيفقدهم في الحال ثقة المُواطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى