صلاح الدين عووضة يكتب: حــركة

صلاح الدين عووضة يكتب: حــركة!

 

بالمنطق

صلاح الدين عووضة

حــركة!

رمضان كريم

واليوم جمعة… حيث لا سياسة..

وهو يومٌ تقل فيه الحركة..

كشأن كل يوم عطلة، وعطلة المسيحيين الأحد… واليهود السبت..

والسادات استغل سبت اليهود هذا ليفعل حركته..

حركته صوب خط بارليف، فهذا يومٌ تقل فيه حتى حركة جيش إسرائيل..

ثم كانت الحركة هذه في شهر رمضان..

وهو شهرٌ – في ظن جيش إسرائيل هذا – تقل فيه حركة المسلمين نهارًا..

فازداد قلة حركة…وسبتاً… وسباتاً..

وهو يومٌ – كذلك – يقل فيه نشاط أقلام زملائنا من كتاب الصحافة فيحتجبون..

ولكنا لا نحتجب فيه..

وشعارنا في ذلك (كل حركة فيها بركة)، كما نقول في أمثالنا الشعبية..

حتى وإن كانت حركة قلم…أو كي بورد..

بيد أننا نجتهد في النأي عن دنيا السياسة، ما استطعنا إلى ذلك سبيلا..

واليوم لا سياسة..

فقط حركة… نحو أي اتجاه… حتى وإن كانت صوب من يحملون اسم حركة..

وقارئٌ لنا اسمه حامد أحمد حامد حركة..

ولاحظت أنه لا يترك لنا كلمةً – ولا حتى خاطرة – إلا وحرَّكها..

إلا وجعلها تتحرَّك تجاه مشاركةٍ يعلمها هو..

وما أدهشني في الحركة هذه – من تلقاء حركة – هو تقبله لكل ما نكتب..

وهذه حالة – أو حركة – تستدعي الوقوف عندها..

الوقوف لدى ظاهرة ضد طبيعة البشر…ولكن بالنسبة لي فلن أتوقف أبداً..

وإنما سأشكر حركة هذا…وحركته..

والمطرب عبد العظيم حركة جعلتني مناسبة زواج أشاهده كفاحاً يغني..

والمناسبة تخص صديقاً رحل عن دنيانا فجأة..

وهو أحمد عبد الحفيظ كتاب، وذلك إثر قيامه بحركة صوب الغرب..

أقصد قيامه برحلة..

وكنت أطرب – أصلاً – لحركة هذا…فازددت طرباً مساء العرس ذاك..

سيما أغنيته التي يقول فيها:

قلبي ما بعرف يعادي

أصله ما بقدر يعادي

مهما يبدا القسوة قلبك

تلقاه بالحــنـية بــادي

وكان صديقي أحمد كتاب هذا ذا قلبٍ (ما بعرف يعادي).

كان جميلاً، مظهراً…وجوهراً..

ومن أغنياته الحلوة -أيضاً- تلك التي يتغزَّل فيها بجمال كسلا والقاش وتوتيل..

ثم بجمال فتاة هناك طبعاً..

وجمال فتاة هناك جعلنا – من قبل – نقوم بحركة إلى كسلا يوم جمعة..

وكان مغرماً بها واحدٌ من رفاق صبانا..

فقد نُقل أبوه من كسلا إلى حيَّنا بحلفا…وكان مجنوناً بحب فتاة كسلا تلك..

وكاد أن يصيِّرنا كلنا مجانين معه..

ومساء خميسٍ ازداد جنوناً، وأصر علينا أن نرافقه إلى هناك صباحاً..

وكان اليوم جمعة…حيث لا حركة دراسية..

فانطلقنا…وأطلقتنا العربة في السوق…فأطلقت السماء نحونا ماءً مدراراً..

وانطلقت من أفواهنا مفردات سباب..

فمالنا وفتاته كيما نرافقه إلى حيث هي…والقاش…والتاكا…وتوتيل..

أو إلى حيث بنت قاشٍ أخرى قال فيها الشاعر:

منـقة كسلا حلــوة وصـافي لـونا

تومتي بريدا غرب القاش سكونا

ولكن في طريق عودتنا كان أغلبنا يغني:

أرض الحبايب

يا رمز المحنة

في واديك ولدنا

ذقنا حنان أهـلنا

كانوا يردِّدونها في تناغم مع حركة أيديهم…وأرجلهم…ورؤوسهم..

أما صاحبنا عاشق فتاة القاش فلم يتحرَّك..

فطوال مدة الرحلة بقي مسمَّراً على مقعده لا شيء يتحرَّك منه سوى دموعه..

وكانت حركة تماثل حركة ماء السحاب الكسلاوي..

وأظن جفافاً أصابه من كثرة ما همى من عينيه من غيث…أعني من دمع..

فقد كان يبدو متخشباً عند وصولنا…بلا حركة..

وربما يصلح – ويصح – أن نتوقف نحن عن الحركة…عند هذا الحد..

كيلا تطول كلمتنا في يومٍ غير ذي حركة..

أو كيلا تطول على قارئنا حامد أحمد حركة…فيسأم حركة المشاركة..

وفي المقابل ليتها تطول أغنية كسلا..

للمطرب حركة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى