عَقب رفع حَصانة ضابط شُرطة مُتَّهم بقتلِ مُتظاهر.. أين ذهبت نتائج التحقيقات السابقة؟

عَقب رفع حَصانة ضابط شُرطة مُتَّهم بقتلِ مُتظاهر.. أين ذهبت نتائج التحقيقات السابقة؟

تقرير- نجدة بشارة      

في البيان التوضيحي لوزارة الداخلية رئاسة قوات الشرطة.. عقب الفيديو الذي تداولته منصات التواصل الاجتماعي يظهر فيه سقوط ومقتل متظاهر على يد أحد منسوبي القوات النظامية في خلال التظاهرات أول مارس

أشارت الشرطة في البيان.. إلى اتخاذ الإجراءات القانونية حيال منسوبيها المتسبب في إطلاق النار فوراً .. واعتبرت أن الحادث سلوك شخصي وتصرُّف مرفوض ومخالف لموجهاتها.

وأكدت على الالتزام بتطبيق نصوص القانون دون حصانة لمثل هذه الأفعال التي قالت إنها “لا تشرِّفها ولا تدافع عنها” وتأكيد لذلك صدر قرار برفع الحصانة عن الشرطي توطئة لتقديمه للعدالة.

 تحقيقات بلا نتائج

حادثة قتل المتظاهر لم تكن الأولى من نوعها..حيث سبق وتداول ناشطون فيديو لأحد أفراد الشرطة بشارع الستين في الخرطوم وهو يركل متظاهر بالقرب من قسم شرطة الرياض بعد إصابته، ومضت أشهر على الحادث ولم تظهر نتائج التحقيقات للعلن .

تلتها حادثة قتل في مايو الماضي، فتح تحقيق حول انتهاكات واسعة ارتكبها منسوبين للشرطة ضد المحتجين شملت الدهس بالسيارات واقتحام مباني قناة “الحدث” ونهب العاملين لكنها لم تكشف عن نتائج هذه التحقيقات حتى الآن.

ويتحدث قانونيون عن جرائم ارتكبت،  ذات أدلة دامغة وموثقة بالفيديوهات، لكن مرتكبيها لم يعاقبوا رغم التأكيدات المتكررة للشرطة بمحاسبة المتورطين من منسوبيها.. وشروعها في “التحقيق  وتحديد المسؤولية لاتخاذ القرارات التي تحفظ الحقوق كاملة غير منقوصة تجاه من خالف تعليمات وقرارات الرئاسة ومن ارتكب الفعل ومن سمح له بالتسليح والخروج”.

لكن النتائج  في هذه الجرائم ظلت طي الكتمان..لم تخرج للعلن.. ولم تقدِّم السلطات المتهمين للمحاكمات، فأين تذهب نتائجها؟ وهل فعلاً تمت محاسبة المتورطين؟  رغم أن هذه  القضايا واضحة وأن التلكوء في تحقيق العدالة يحفز على ارتكاب مزيد من الجرائم.

مطالب دولية

وكانت الأمم المتحدة قد طالبت بتحقيق “مستقل” حول مقتل متظاهرين في السودان.

وقالت المفوَّضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، في بيان: “أطلب من السلطات إجراء تحقيق مستقل وشفاف ومعمق وغير منحاز في شأن رد قوات الأمن، انسجاماً مع المعايير الدولية السارية”، مشدِّدة على أن “من حق الضحايا والناجين وعائلاتهم معرفة الحقيقة وإحقاق العدالة والحصول على تعويض”.

يأتي ذلك فيما دانت كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، أحداث العنف في السودان، وأعربا عن خيبة الأمل حيال العنف وانعدام المساءلة بالسودان، كما طالبا بوقف الاعتقالات والحجز التعسفي.

كما دانت الآلية الثلاثية سابقاً الاستخدام المفرط لقوات الأمن السودانية في احتجاجات سابقة.

 انحراف عن المسار

قال القيادي بالحزب الشيوعي، ورئيس هيئة محامي دارفور، والمدافع عن حقوق الإنسان، صالح محمود، في تصريح        لـ(الصيحة): إن مسيرة الشرطة السودانية ظلت ناصعة وذات صورة زاهية على مدى التاريخ الطويل، وأضاف: لكن  بعض منسوبي الشرطة في تعاطيهم مع التظاهرات الجماهيرية منذ بداية الحراك  2018م، وإلى يومنا انحرفوا عن المسار  وحادوا عن الشعار المرفوع (الشرطة في خدمة الشعب)، وانقلبت الصورة إلى النقيض من خلال انغماس هذه الفئة في  الصراع السياسي وما عادت في خدمة الشعب وفقاً للمشاهد التي يوثق لها الثوار، وزاد، بل وتحوَّلت الشرطة إلى أداة في يد السلطة، وبالتالي ليس غريباً مايحدث من جرائم تنسب لبعض منتسبي الشرطة .

أين نتائج التحقيقات؟

وفي سياق التحقيقات والجرائم الموجهة ضد الشرطة أوضح محمود، بأنه كان حري أن تجرى تحقيقات نزيهة وبشفافية  تبرئ ساحة الشرطة تكشف خلالها ملابسات الأحداث، وتقيِّد جرائم القتل وسحل المتظاهرين ضد معلوم يحاكم قضائياً، وقال: لكن عدم الكشف عن نتائج  التحقيقات المعلن عنها وعدم توضيح  ملابسات الأحداث وطمس الحقائق يجعل الشرطة في موضع اتهام باستمرار .

أضف إلى ذلك مايحدث من انتهاكات داخل المعتقلات والمحتجزين في مراكز الشرطة، هنالك بلاغات بأعداد مخيفة للاعتداءات على المحتجزين في زنازين الشرطة .

وأشار إلى أن تداول صور ومقاطع الفيديو التي توثق لقتل الشاب، وتداول صورة الشرطي وهو يطلق النار  كانت صادمة للشعب السوداني، ومن قبل صورة شارع الستين، حيث التقطت لشرطي يركل ثائر ملقى على الأرض، هذه الصورة كانت صادمة لضمير العالم وبالتالي الشرطة مدينة بتوضيح الحادث وأن يكشفوا نتائج التحقيق عن الفيديو، ويقدِّموا المجرم للرأي العام، لأن ماحدث يعد جريمة ضد الإنسانية .

وقال محمود: نحن نتساءل الآن أين دور وكلاء النيابة والعالم اليوم يتحدَّث عن التعامل الوحشي الذي يحدث في هذه الاحتجاجات السلمية؟

عراقيل الحصانة

من جانبه أجاب الخبير القانوني والقيادي بحزب الأمة آدم جريجير، في حديثه      لـ(الصيحة) بأن الشرطة تصنف دولياً  وفقاً للجنايات المدنية وليس العسكرية، لأنها من أجهزة تحقيق العدالة وتنفيذها، لذلك فإن الشرطة لا تقيَّد بحصانة تعرقل أو تمنع الشرطي من المساءلة الجنائية .

وأنه حسب القانون الدولي لا حصانة تحمي أي شخص من العقاب أو المساءلة.

أما فيما يتعلق بالتحقيقات في سحل وقتل المتظاهرين، أشار إلى أن هنالك عدم جدية من قبل الجهات السياسية في اكتمال هذه التحقيقات، وربط نتائجها بممارسات سياسية، وزاد: لكن إذا فعلت تحقيقات جادة ونزيهة بالتأكيد ستصل الأجهزة العدلية إلى نتائج حقيقية ومرضية .

ورأى أنه ما لم يكن هنالك تحقيق مستقل من قبل جهات مستقلة أو إلى الجهات القضائية مباشرة، فلن تظهر نتائج التحقيقات إلى العلن (لأن من يمسك القلم لن يكتب نفسه شقي) – على حد قوله .

إدانة وغضب 

الجدير بالذكر أن  النيابة قد أعلنت عن رفع الحصانة عن شرطي قتل متظاهر بالرصاص والنيابة تباشر التحقيق

حيث أعلنت النيابة العامة أن الشُرطة رفعت الحصانة عن ضابط مُتهم بقتل متظاهر الثلاثاء، تمهيداً للتحقيق معه. وقُتل إبراهيم مجذوب، في منطقة شرق النيل الثلاثاء، إثر إصابته بعيار ناري في الصدر بيد شرطي أثناء تفريق احتجاجات حاشدة شهدتها مدن الخرطوم الثلاث للمطالبة بإنهاء الحكم العسكري. ووثق ناشطون لحظة استهداف المتظاهر على يد ضابط برتبة المٌلازم وهو يطلق النار من مسافة قريبة. وأثارت الحادثة موجة من الغضب وإدانات واسعة من القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني مندِّدة باستمرار انتهاكات قوى الأمن تجاه المحتجين السلميين. وقال رئيس نيابة دعاوى الشهداء والانتهاكات الطاهر عبد الرحمن في تصريح صحفي: إن ” الشرطة قامت برفع الحصانة عن المتهم وتسليمه للنيابة التي شرعت فى استجوابه”. وأوضح أن النيابة انتقلت فور تلقى البلاغ بمقتل إبراهيم مجذوب، إلى مكان الحادث بمنطقة شرق النيل، وكشف عن اكتمال إجراءات تشريح الجثمان وتدوين بلاغ تحت المادة 130 القتل العمد من القانون الجنائي، كما تم استجواب الشاكي والشهود وتحريز مقاطع الفيديو وسلاح الجريمة ورسم مسرح الحادث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى