حال تكوين حكومة مدنية.. هل يلتزم المجتمع الدولي بوعوده تجاه اقتصاد السودان؟

حال تكوين حكومة مدنية.. هل يلتزم المجتمع الدولي بوعوده تجاه اقتصاد السودان؟

تقرير- صبري جبور

إلى أي مدى سيفي المجتمع الدولي بوعوده تجاه السودان،  لاسيما عقب زيارة المبعوثين الدوليين الأيام الماضية،  بجانب وزير الخارجية الروسي، ووعودهم بتوفير دعم سخي للحكومة المدنية المرتقبة، باعتبار أن المجتمع الدولي له دور كبير في العملية السياسية في السودان، خاصة الحوار بين الأطراف السودانية بتسهيل من الآلية الثلاثية المتمثلة في الأمم المتحدة في السودان بقيادة ممثلها فولكر بيرتس، بجانب الرباعية، حتى الوصول إلى مرحلة الاتفاق الإطاري الذي تجري فعالياته النهائية، بغية التوقيع عليه في مرحلته الأخيرة بمشاركة أغلب الأطراف السياسية، بجانب الحركات المسلحة..لذا تكمن أهمية دعم المجتمع الدولي للعملية السياسية والالتزام بالعهود، من أجل تحقيق أهداف الثورة وتشكيل حكومة مدنية حتى استكمال الفترة الانتقالية،  ومن ثم إلى مرحلة الانتخابات التي يختار فيها الشعب السوداني من يحكمه.

خبراء ومحلِّلون توقعوا أن يلتزم المجتمع الدولي هذه المرة بعد أن تقاعس عن الدعم في فترة حكومة حمدوك الأولى وذلك لأجل استدامة الحكومة وعدم تعرُّضها لهزات اقتصادية قد تطيح بها، فيما أبدى آخرون عدم تفاؤلهم بتنفيذ الوعود من قبل المجتمع الدولي، لجهة أنه خلال الفترة الماضية أطلقت عده التزامات، لكن لم يوف بها، بل تلك التعهدات جعلت الأمور السياسية والاقتصادية تزداد تعقيداً، باعتبار أن الصورة أصبحت غاتمة.. ولم يفلح المجتمع الدولي في تحسينها.. الأمر الذي جعل الكثيرين يردِّدون أن التعويل على المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية تجاه السودان، عملية علاقات عامة وتحصيل حاصل.

وكان وفد المبعوثين الدوليين الذي وصل البلاد الأيام الماضية في زيارة رسمية،ليومين، ويضم مبعوثي فرنسا، النرويج، أمريكا، بريطانيا،وألمانيا ومبعوثة الاتحاد الأوربي للقرن الأفريقي قد أطلق تصريحات أكد فيها توفير الدعم في حال تكوين مدنية.

دعم  الانتقال

وكان رئيس المجلس السيادي البرهان خلال اجتماع عقده بمكتبه، بمشاركة نائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، مع (6) مبعوثين دوليين، قد جدَّد التزام المؤسسة العسكرية بالخروج من العملية السياسية وإجراء الإصلاحات المطلوبة بالأجهزة الأمنية.

وحث البرهان المبعوثين الدوليين على ضرورة الوفاء بالتزاماتهم في دعم الانتقال السياسي وتقديم المساعدات العاجلة للسودان.

من جانبهم، أمَّن المبعوثون الدوليون على ما طرحه رئيس مجلس السيادة خلال الاجتماع، مؤكدين دعمهم للانتقال السياسي بالبلاد.

وتحدثت الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي أنيت ويبر، نيابة عن وفد المبعوثين الدوليين في تصريح صحفي، أنهم متفقون جميعاً على دعم وتشجيع عملية حوار شامل بين السودانيين يفضي إلى اتفاق شامل، مشيرة إلى أن لقاء الوفد الدولي برئيس مجلس السيادة ونائبه والفاعلين الآخرين، يهدف إلى تشجيع الأطراف للمضي قدماً في تنفيذ التزاماتها للوصول إلى حكومة بقيادة مدنية.

وأضافت: “لقد حضرنا للسودان نحمل رسالة أمل ورسالة دعم للاتفاق الإطاري ولجهود الآلية الثلاثية الميسِّرة للحوار السوداني”، لافتة إلى أن زيارة وفد المبعوثين الدوليين للسودان تأتي في إطار دعم الشعب السوداني ومستقبله في هذه المرحلة.

وعود غير واقعية

تعليقاً على التزام المجتمع الدولي تجاه السودان.. يقول المحلِّل السياسي، أحمد عابدين: ” لن يفي وما أوفى من قبل فالمجتمع الدولي ليس جمعية خيرية إنما (مجاميع) دول تجمعها تحالفات مصالح عبرها يقسمون العالم على شاكلة السودان لنهب ثرواته وتمديد النفوذ فيه وبسطه في ظل صراع الكبار”.

وأضاف عابدين في إفادة لـ(الصيحة): إن السودان دولة ذات أبعاد وموقع خطير وظل محل تأثير كبير في الإقليم المحيط به ومابعده ولديه ميزات ومزايا يجهلها قادته وبعضهم تعميه المصالح الحزبية وبعضهم تغريه الجزرة.

وتابع: “لقد ظل المجتمع الدولي فقط في المنظور القريب يعد السودانيين بالمن والسلوى وحين يصحى السودانيون يجدون أنهم شربوا السراب، فأين وعود مابعد نيفاشا وأبوجا والدوحة؟ بل أين وعود مابعد منح الجنوبيين الاستقلال وبالأمس القريب أين وعود مابعد سقوط البشير؟ إنهم فقط يطوِّرون الشروط ويوسعون دائرة التركيع والسيطرة، إنهم أي ذات المجتمع الدولي يسعون لاستنساخ زيلينسكي في كل دولة حتى يصير العالم بين مطامعهم دون عناء ودون مشقة”.

ويؤكد عابدين “كل مايدور اليوم هو إباحة هذه البلاد لنظام الاستعمار الجديد”، وقال: “على الفرقاء السودانيين أن ينتبهوا أنهم ذاهبون لمحرقة فهذا الشعب لم يركعه نظام الحزب الواحد فكيف سيقبل بهذه المهازل وكيف سيخضع لهذا الانحراف بالوطن وسيادته؟

وأوضح قائلاً: “في الأفق ثورة غضب ستأكل الأخضر واليابس وربما تطوَّرت لنزاع يمزِّق البلد لدويلات وهو مايسعى له ذات المجتمع الدولي، عليه لن تقدم هذه الدول إلا مايسد الرمق ليوم باكر ولا توجد دولة في الدنيا أفادها هذا المجتمع الدولي إلا وصارت دولة مقعدة تدار بالريموت كنترول.

التزام

فيما توقع المحلِّل السياسي أحمد ساتي، التزام المجتمع الدولي بوعوده بتقديم الدعم للحكومة المدنية المقبلة. وقال لـ (الصيحة): إن تباطؤ المجتمع الدولي في تقديم دعم اقتصادي كافي لحكومة حمدوك أدى إلى فشلها، وذكر أن مشروعات التنمية ستستمر بلا شك في أقرب فرصة بعد تكوين الحكومة كما سيستأنف مشروع ثمرات من جديد، مشيراً إلى أنه مشروع ناجح ويوفر مصدر رزق لكل الأسر السودانية .

وأبان أن أي تلكؤ من المجتمع الدولي ستكون له آثار سالبة.

تجريب المجرِّب

في السياق أكد  الخبير الاستراتيجي والمحلِّل السياسي، البروفيسور أحمد صباح الخير، في إفادة لـ(الصيحة)، أن المجتمع لن يوفي بتعهداته تجاه السودان،  وقال: “المجتمع الدولي لدينا معاه تجربة بشأن الوعود.. وأضاف: منذ انفصال الجنوب قدَّم التزامات حال انفصال الجنوب، إلا أنه لم يوف بها على مستوى الشعبين السوداني والجنوب السوداني.

وأكد صباح الخير “حتى عندما أتت ثورة ديسمبر -أيضاً- وعد بدعم الحكومة ولكنه لم ولن يفعل”، مشيراً إلى وعود المؤسسات الدولية تجاه الترتيبات الأمنية عقب اتفاق السلام، فضلًا عن التزامات البنك الدولي تجاه السودان حال تطبيق الإصلاح الاقتصادي الذي نفذته الحكومة بنسبة ٩٥%.

وأوضح بروفيسور صباح الخير، إن المجتمع الدولي يهتم بالأمر السياسي وتحقيق مصالحه وأهدافه، وليس مصلحة السودان والشعب السوداني، واصفًا تلك الوعود بالعلاقات العامة وتجريب المجرِّب، لافتاً النظر إلى أن الشعب السوداني هو الذي يدفع ثمن الوعود الكاذبة وليس الحكومات.

البحث عن بدائل

فيما يقول الخبير والمختص في العلاقات الدولية د. محمد أبو السعود: ” بلا شك فلن يكون المجتمع الدولي كريماً لمنح أموال للحكومات  المدنية.. فما يقال في القاعات مجرَّد وعود  في اعتقادي بالتحديد أن الأمر برمته متروك للحكومة الجديدة عليها أن تجتهد كثيراً في البحث عن موارد للدولة.. أما الركون للمجتمع الدولي فبناء الآمال عليه مجرَّد وهم في الانتظار.

وأكد أبو السعود في إفادة لـ(الصيحة) على الدولة البحث عن بدائل اقتصادية فاعلة وعدم انتظار مواعيد عرقوب.

وأشار أبو السعود إلى الوعود التي ظل يوعد بها المجتمع الدولي طيلة الفترة الماضية التي لم يجن منها الشعب سواء السراب ومزيداً من الضغوط الاقتصادية،  داعياً الحكومة إلى عدم التركيز مع ماتلتزم به المؤسسات الدولية تجاه السودان،  باعتبار أنها لم توف بالتزامتها في كل المؤتمرات الداعمة للسودان خلال الفترة الماضية.

تأكيد التزام

المبعوث الخاص للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية «إيغاد»، ممثل الآلية الثلاثية المشتركة إسماعيل وايس، أعلن عن استعداد المجتمع الدولي لتقديم الدعم لتنفيذ مقررات مؤتمر شرق السودان والتي ستشكل خارطة طريق للحكومة المدنية المقبلة.

دعم مشروط

وكان الناطق الرسمي للعملية السياسية، خالد عمر يوسف، أوضح في تصريحات صحفية عقب الاجتماع مع المبعوثين الدوليين، أنهم  أكدوا استئنافهم لدعم للسودان الذي انقطع منذ 25 أكتوبر، في العام قبل الماضي عقب التوقيع على الاتفاق النهائي، موضحاً أن المبعوثين الدوليين مدركون للتحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه البلاد، مؤكدين دعمهم لكل الأطراف للوصول لحل سياسي نهائي في أقرب وقت ممكن .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى