الخلافات السياسية.. البحث عن منطقة وسطى!!

الخلافات السياسية.. البحث عن منطقة وسطى!!

تقرير- صبري جبور

يسعى الوسطاء المحليون والدوليون، في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السودانيين، من خلال طرح المبادرات المختلفة، بغية الوصول إلى اتفاق سياسي بين الأطراف ينجح في تمرير العملية السياسية، الى غايتها المرجوة لا سيما بعد التوقيع على الاتفاق الإطاري، الذي أحدث انقساما وسط المكونات السياسية وحركات مسلحة، ما أثر على مسار التسوية، التي تقودها الآلية الثلاثية.

خلال أيام أعلنت مصر عن ورشة للمساعدة في حل الأزمة السياسية،  فضلًا عن  طرح رؤية لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي زار الخرطوم قبل أيام والتقى كل الأطراف من أجل الخروج برؤية مشتركة تتوافق عليها الأطراف من خلال الاتفاق النهائي الذي يمهد لتشكيل حكومة مدنية.

لكن في ظل الخلافات والصراعات لا سيما بين المجلس المركزي والكتلة الديمقراطية، نجد أن كل التحركات لم تحقق الحد الأدنى من التوافق.

تمترس

يرى خبراء ومختصون في الشأن السياسي، ان تمترس كل طرف برأيه، يزيد من حدة التوتر في المشهد،  مشيرين إلى أن الأمر يتطلب تقديم تنازلات من كل الأطراف، واضعين في الحسبان مصلحة الوطن والمواطن، آملين أن تتوج المبادرات والوساطات المطروحة باتفاق ينهي الأزمة السياسية الحالية والخروج بالبلاد إلى بر الأمان.

سيناريوهات متوقعة

في السياق قال المحلل السياسي محمد علي عثمان،  إن بداية انفراج الأزمة السياسية في السودان، كان في التواصل غير المباشر الذي تم بين العسكر والمجلس المركزي للحرية والتغيير، وأضاف “فكان ذلك اختراقا مباشرا لأزمة وجمود كبير بعد رفع اللاءات الثلاث (لا تفاوض، لا شراكة، لا مساومة).. وتابع “هذه الانطلاقة لم تكن بالصورة المثلى، حيث تجاهلت معها قوى حية لها ثقل سياسي ومجتمعي كبيرين (الكتلة الديمقراطية، البعث، الشيوعي، وقوي الشارع الأخرى).

ويؤكد عثمان في إفادة لــ(الصيحة) مورست ضغوط كبيرة جدا على الاتفاق الإطاري وزاد الضغط دخول  مصر على الخط ومقترحات رئيس الوزراء الاثيوبي عند زيارته للخرطوم الاسبوع المنصرم، ونوه “الآن دخول الاتحاد الأوروبي ووزارة الخارجية الأمريكية ومطالبتهم بتوسيع دائرة المشاركة يجعل فرص دخول مجموعة من الرافضين للاطاري كبيرة، وأبان” لكن كل السيناريوهات أصبحت متاحة مع طول أمد الفراغ الدستوري، ولفت أما الرضا بفتح الاتفاق الإطاري للرافضين أو منبر الورشة المصرية أو قيام انتخابات على المستوى الرئاسي وتكملة ما تبقى من الفترة الانتقالية أو التوافق الوطني الشامل المصحوب بالمصلحة الشاملة، وأوضح عثمان لكن نهج القوى السياسية الماثل الآن بنظره لن يقدم بلد لأنه مبني على التسلط الوحدوي والانتقام.

لا منطقة وسطى

يقول المختص في الشأن السياسي الطيب عبد الرحمن الفاضل، إن قطار الاتفاق الإطاري لن يبرح مكانه بل سيفكك، وأضاف “لأنه اقصائي وآحادي وستحصل عليه تعديلات في اجتماع القاهرة المزمع عقده في مطلع فبراير”، وتابع “هذا قرار المجتمع الدولي اعتقد لأن كل المؤشرات تؤكد ذلك خاصة بعد زيارة آبي أحمد ولقاء سفير الاتحاد الأوروبي و رئيس مجلس السيادة والجلسة التي عقدت أول أمس بين الكتلة الديمقراطية ونائب رئيس مجلس السيادة.

ويؤكد عبد الرحمن في إفادة لــ(الصيحة) “اما الحزب العجوز أصلا غير مقبول لا في الشارع ولا من امريكا ولاغيرها..  لذا سيمضي تكوين الحكومة عاجلا أو آجلا بدونه..  أما الحركات المسلحة ستدخل وستقبل ببعض التعديلات التي سيفرضها المجتمع الدولي وإلا ستكون خارج الخارطة السياسية التي ستشكل الحكومة المقبلة، وأشار الطيب إلى أنه لا توجد منطقة وسطى أما حل أو لا حل .

ويرى الفاضل إلى أن ما يجري في الساحة من دعوات غربية وغيرها من أجل جلوس القوى السياسية ليس من أجل عيون السودانيين بل من أجل مصالح دول محددة في المنطقة وهي تريد ان تأت بمن يسمع ويطيعها، وأضاف “لكن السؤال الذي يطرح نفسه ماذا يستفيد الشعب من ذلك؟، وأجاب “لا فائدة مرجوة من الساسة الموجودين بالساحة الآن”.

  إعادة صياغة

من جانبه قال المحلل السياسي الفاتح محجوب في إفادة (الصيحة) إن المشهد السياسي بعد توقيع الاتفاق الإطاري أصبح غريبا بعض الشيء.. إذ أن الحزب الشيوعي وحلفائه من تجمع المهنيين وبعض لجان المقاومة إضافة إلى حركتي الحلو وعبد الواحد محمد نور يرفضون بشكل قطعي أية اتفاق مع العسكر ويسعون إلى ثورة تطيح بالعسكر وتؤسس جيش جديد قوامه حركتي الحلو وعبد الواحد محمد نور وتطيح باغلب الخدمة المدنية وتعيد صياغة البلد على اسس ثورية.

وأضاف “أما حزب البعث الذي أعلن انشقاقه عن قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي فهو بالرغم من كونه يضم اشخاص لهم وزنهم مثل وجدي صالح لكنه يظل حزب عقائدي يفتقر للبعد الجماهيري وبالتالي لن يتأثر الاتفاق الإطاري كثيرا بمعارضة حزب البعث مقارنة برفض عدد مقدر من لجان المقاومة للاتفاق الإطاري.

 كيد سياسي

وتابع محجوب في إفادته للصحيفة “أما الكتلة الديمقراطية للحرية والتغيير فهي تضم الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بقيادة محمد عثمان الميرغني مرشد طائفة الختمية ويرأسها جعفر الميرغني نائب رئيس الحزب وينوب عنه الناظر محمد الأمين ترك رئيس نظارات وعموديات البجا المستقلة، وهو شخصية مؤثرة في شرق السودان، أما مقرر الكتلة الديمقراطية وأمينها العام فهو مني أركو مناوي مع عضوية كل من جبريل وأردول وعسكوري وغيرهم من القيادات السياسية التي أسست قوى الحرية والتغيير وانشقت عنها في وقت لاحق.

وأشار الفاتح “إذن ما يجمع بين قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وبين الكتلة الديمقراطية للحرية والتغيير ومعظمها من قوى الثورة ولا تختلف كثيرا في افكارها ورؤاها اكبر مما يفرق بينهما، مبينا ان معظم الخلافات بينهما نجدها في خانة الكيد السياسي، وبالتالي من السهولة تخطيها إذا توافرت الرغبة الأكيدة في اتمام مشروع اقامة الحكومة الانتقالية الجديدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى