(حميدتي).. رسائل في بريد دعاة الفتنة والقبلية

(حميدتي).. رسائل في بريد دعاة الفتنة والقبلية

تقرير- صبري جبور

شهدت بعض الولايات خلال الفترة الأخيرة أعمال عنف ذات طابع قبلي، راح ضحيتها المئات، لاسيما في إقليم دارفور والنيل الأزرق بالرغم من توقيع اتفاق جوبا للسلام في أكتوبر 2020م، في ظل تمدد خطاب الكراهية والعنصرية والولاء للقبيلة، مما أدى الى إشعال نار الفتنة بين مكوِّنات اجتماعية تربطها أواصر وعلاقات تاريخية، وذلك جراء عدم قبول الآخر واحترام التنوّع والاختلاف بين القبائل والمجموعات،  فضلًا عن التساهل من قبل السلطات في مثل هذه القضية التي تتطلب فرض هيبة الدولة،  حفاظاً على السلام والتعايش المجتمعي.

يبدو أن دعوة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، أمس الأول، إلى الأئمة والدعاة إلى تبني حملات توعية وإرشاد للمواطنين، لنبذ خطاب الكراهية والعنصرية والقبلية التي بدأت تنتشر وسط المجتمع السوداني، فضلًا عن ضرورة قبول الآخر واحترام التنوّع والاختلاف، مفادة أن الأمور إذا مضت في هذا الاتجاه، ربما قد تحدث مشاكل يصعب حلها، لاسيما أن المشهد السياسي معقد بقضايا وخلافات بين الأطراف السودانية، دقلو إراد أن يرسل رسالة إلى دعاة الفتنة وخطاب الكراهية والعنصرية، أن يتبعوا منهج الحكمة ووضع الوطن في سلم الأولويات،  باعتبار أن الوضع لا يحتمل مزيداً من المشاكل والصراعات القبلية التي تحصد الأرواح وتدمر حياة المجتمع.

ويأمل السودانيون في أن يقود الاتفاق الإطاري، إلى إنهاء الأزمة السياسية والاقتصادية، بجانب تكوين حكومة مدنية تتوافق عليها الأطراف المدنية والعسكرية.

فيما شدَّد خبراء ومختصين على ضرورة نشر ثقافة قبول الآخر واحترام التنوّع والكيانات، باعتبار أن  القبلية هي من اقعدت البلاد  وتسببت في زيادة المشاكل الحالية،  قائلين” نأمل في سودان بلا عنصرية وقبلية، والوطن يسع الجميع.

 قبول الآخر

نائب رئيس مجلس السيادة، الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، دعا الأئمة والدعاة، إلى تبني حملات توعية وإرشاد للمواطنين، لنبذ خطاب الكراهية والعنصرية والقبلية، التي بدأت تنتشر وسط المجتمع السوداني.

وشدَّد نائب رئيس مجلس السيادة، خلال مخاطبته المصلين، عقب افتتاح مسجد الحاجة ليلى الكباشي، بحي البشارة جنوب الخرطوم على ضرورة محاربة أمراض الجهل والتعصب، خاصة الصراعات القبلية التي تحصد الأرواح وتدمر حياة المجتمع بالتشرد والنزوح، مشدِّداً على أهمية قبول الآخر، واحترام التنوع والاختلاف، للحفاظ على أمن واستقرار السودان، من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

وأعرب دقلو عن تقديره واحترامه لصبر السودانيين وتحملهم للظروف التي تمر بها البلاد، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، داعياً إلى مزيد من الصبر والتضرع بالدعاء لله، أن يحفظ السودان أرضاً وشعباً وأضاف (نحن نقدر حكمتكم وصبركم وتحملكم لكل الظروف، وندعوكم إلى مزيد من الصبر والتضرُّع بالدعاء أن يحفظ الله السودان أرضاً وشعباً، وما بعد الضيق إلا الفرج)، مطالباً جميع المواطنين بتفقد بعضهم بعضاً في ظل الظروف المعيشية التي تمر بها البلاد.

 نداء التسامح

تعليقاً على دعوة حميدتي لاحترام التنوّع والاختلاف، دعا الخبير والمختص في العلاقات الدولية، د. محمد أبو السعود،  في إفادة لـ(الصيحة) إلى محاربة القبلية والعنصرية بمزيد من الوعى وسط المجتمع السوداني بكل قطاعاته، وقال: “على القوى السياسية والإدارت الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، العمل على قيادة مبادرة التسامح والتعايش المجتمعي بين المكوِّنات القبلية، من أجل المحافظة على النسيج الاجتماعي، وأضاف من خلال التوعية والمبادرات يمكن أن تصل بالبلاد إلى بر الأمان، وأشار إلى أن أي خطوة غير ذلك تعني التفكك والتشرذم وانهيار المجتمع السوداني المتمسك بالقيم والمبادي.

غياب الحكمة

يقول المحلِّل السياسي أحمد عابدين:  البلاد الآن تقف على صفيح بارود فليس الخلاف السياسي وحده، بل اختلط بدعوات وتكتلات قبلية وجهوية وإنشاء جيوش في عدة جهات وارتفعت وتيرة السلاح المحمول على واجهة عدة جهات تدعي المظلومية وتهدِّد بالمواجهة .

وأكد عابدين في إفادة لـ(الصيحة)، أن رسائل حميدتي وهو العارف ببواطن الأمور ترمي إلى التهدئة وإعلاء قيمة الوطن والجلوس لحوار يضع حداً حتى لا يتطوَّر الخطر، وقال: ” لكن تظل دعوته بلا أذان صاغية فالكل الآن يعيش ضد الكل، حيث لا ثقة وتسيَّدت لغة خطاب الكراهية والاستعلاء ورفض الآخر وغابت الحكمة .

وأضاف “اليوم لا كبير يحترم رأيه ولا زعيم مؤهل يعتد برأيه، لذا يرسل حميدتي رسائله عسى تجد سامعاً فهو رجل دولة لديه كامل المعلومة باشتعال الخلافات، وتابع: “نتمنى أن ينتبه القادة السودانيين لهذه الرسالة ويتفقوا على كلمة سواء تلجم المتحينيين لمثل هذه الفرص لإغراق البلاد في العنف خاصة وأن جهات عديدة داخلية وخارجية يخدم مصالحها اشتعال مثل هذه الصراعات”.

حملات توعية

يقول أستاذ التاريخ البروفيسور عبد العزيز موسى، إن القبيلة تعتبر من المشاكل القديمة في السودان، وأضاف أن القبلية مشكلة السودانيين جميعهم صغاراً وكباراً، وتابع: الغالبية لم يتجاوزوها، لذلك من المهم جداً أن يتجاوز السودانيون هذه المعضلة لأنها لن تؤدي البلاد إلى الأمام.

ودعا عبدالعزيز في حديثه لـ (الصيحة)، على قيام حملات توعوية واسعة لاسيما على مستوى مدارس الأساس لتعليم الأبناء أن القبلية مضرة بالمجتمع، ولا تقدم البلاد، بل تؤدي إلى النزاعات بين الأطراف في المنطقة الواحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى