الدراما السودانية.. نُقوشٌ على جدران الحنين والأنين!!

(1)
تُعتبر الدراما والمسرح من أهم مميزات توصيل المعلومة للناس، ولعل الدراما تعتبر مصدر دخل مهم في دول عربية كثيرة كمصر وسوريا، وكانت درامتنا السودانية جميلة في القرن الماضي أيام الفاضل سعيد والكاتب المسرحي المعروف حمدنا الله عبد القادر وبلقيس عوض في شبابها ومكي سنادة والمبدع الراحل مجدي النور، الذين عطرواً سماء الدراما من خلال أعمال ما زالت خالدة في الذاكرة سواء على صعيد المسرح أو التلفزيون، حيث ما زالت مسرحية خطوبة سهير تعشعش في أذهان الناس، ومسلسل سكة الخطر ودكين، ومسرحيات الفاضل سعيد تُعطِّر تاريخ المسرح، ولكن مع تقدُّم الزمن ودخول الألفية الجديدة ورغم التحديث التي ظهر في سطح المُجتمع بشتى قطاعاته، إلّا أنّ الدراما والمسرح حلت عليهما لعنة أدخلتهما في حالة غيبوبة ما زالت أعراضها حتى الآن باقية رغم مرور 21عاماً على الألفية الجديدة، أجرينا الكثير من الحوارات مع أهل الشأن في الدراما والمسرح، إلّا أنّ الإجابات كانت واحدة لا تتعدى بأن الإنتاج ضعيفٌ حتى أصبحت الإجابة مُمِلّة.
(2)
حيث ذكرت بلقيس عوض من قبل أن السبب في الركود التي تعيشه الدراما يرجع الى عدم تبني الأجهزة المسؤولة للدراما، وعدم اهتمام الدولة بالدراما بالشكل المطلوب واختصرت إجابتها بأنّ الدولة هي السبب وراء فشل الدراما، بينما عزت تهاني الباشا بنفس الأسباب بأن الإنتاج ضعيفٌ ولا يرقى إلى صناعة الدراما، واتّفقت إخلاص نور الدين في ذات السبب، وكرّرها جمال حسن سعيد، وأكدتها سحر إبراهيم، والكثير من الدراميين ساروا على نفس النهج في صيغة الإجابة الواحدة، ولا نعرف هل هي الأسباب، ولكن من الإجابات التي وقفت عندها كانت إجابة الممثلة القديرة فائزة عمسيب وهي تذكر بأن الممثل الدرامي هو الأفقر على مستوى العالم من خلال الظلم الذي يتعرّض له، إلّا أنّها اتّفقت مع الآراء السابقة بأنّ الدراما مشكلتها في الإنتاج.
(3)
في فعاليات مهرجان البقعة قبل سنوات، التقيت الوزير وقتها السمؤال خلف الله وقال إجابة كانت مختلفة بعض الشيء فيـما يخص الدراما والمسرح بأن هنالك إشكالات يعترف بها المسرحيون أنفسهم تتعلّق بالكثير من الجوانب خلاف عدم الإنتاج، ولعل الإجابات المُكرّرة جلعت المواطن السوداني ينسى الدراما المحلية ويتّجه الى الدراما الوافدة من عينة (نور ومهند وزهرة وأزواجها العشرة وغيرها)، والأكيد في الأمر أنّ المُجتمع بالأخص الشباب تأثّروا بالمسلسلات الوافدة في طريقة اللبس والانفتاح الذي ضرب الشباب، وأدخل الكثير من العادات السالبة، والإجابة الحقيقية بأن الدراما السودانية فشلت من خلال النصوص والشخصيات وعدم الرغبة وجفاف الطموح من الدراميين أنفسهم قبل ضعف الإنتاج في التأثير عن المتلقي السوداني وجعلته أسيرًا لخزعبلات العرب والغرب.
(4)
وكان السؤال حائراً لدى عامة المشاهدين، متى ستفيق الدراما من نومها العميق وهل ماتت إكلينيكياً، وهل الناس مجبرون على الذكرى (بالقديم) أيام الفاضل سعيد وبقية العصر الذهبي، ومتى سنرى انتفاضة حقيقية في الدراما، وإلى متى سيكون شهر رمضان المعظم موسم مسلسلات عربية لدى المواطن السوداني، الذي دخل اليأس في قلبه عن رؤية دراما حقيقية وليست دراما بشخصيّات سُودانية في قصصٍ غربيةٍ، ومتى سيُناقش العدد المهول من المشاكل الاجتماعية في مُسلسلاتنا الدرامية مثل الظواهر الدخيلة على الواقع السوداني، ولعل أبرزها (اغتصاب الأطفال، غراميات الشباب في الشارع العام، جرائم القتل، اختطاف الأطفال، غلاء الأسعار والكثير).
(5)
من الأسباب التي أفشلت الدراما هي عدم مناقشة القضايا العالقة في الشارع السوداني والتي دائماً ما تجذب المواطن لرؤيتها، ولعل الدراما المصرية سبقتنا بسنين ضوئية وسبب نجاحها لأنها كانت تناقش قضايا الشعب من الوزير إلى الغفير، إضافةً إلى أننا نُعاني من مشكلة حقيقيّة في المسرح، وهي أن غالبية الأعمال المسرحية قصص روايات غربية، ولا نعرف ماذا يستفيد منها المُشَاهد، والتوتُّرات والمُهاترات التي تحدث بين الممثلات من حين لآخر، ولعل آخرها وأشهرها مشكلة إخلاص نور الدين وتهاني الباشا والتي تخطّت الحدود المعروفة وتطوّرت الى التشابك بالأيدي، وهي ما لا تقبل من ممثلة درامية معروفة، إضافةً إلى عدم الاتفاق في الآراء ما بين اتّحاد الدراميين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى