سراج الدين مصطفى يكتب: كلمات عن الحوت لا تسقط بالتقادم!!

 

 

فيما يخص الحزن:

من نعم الله الكبيرة علينا فيما يخص الحزن أنه يبدأ كبيراً ثم يتناقص رويداً رويداً .. ونحمد الله في كل لحظة أن جعله لا يبدأ صغيراً ويتنامى مع الأيام .. وتلك نعمة تستوجب الحمد والتسبيح الدائم .. ولو لا ذلك لأصبحت الدنيا عبارة عن مغارة من الأحزان لا نعرف لها هوية أو نهاية .. ومن المؤكد أن تلك القاعدة تنطبق على رحيل الفنان محمود عبد العزيز.. وهو ليس باستثناء عنها ولن يشذ مهما كانت الظروف والأسباب .. وتلك هي الأسس التي وجدناها منذ الأزل وسوف تستمر كما هي لن تتغيّر أبداً وليس في مقدورنا أو استطاعتنا أن نُغيِّرها .. وتلك هي مشيئة الله وقدرته.

موهبة ناضجة:

محمود عبد العزيز بدأت الموهبة في النضوج وكان من حُسن حظه أن اسمتع إليه الفنان صلاح بن البادية فأعجب بصوته وقدم له النصح والإرشاد والرعاية بحكم صداقته لنجليه حسن والشيخ، وفي هذا يقول محمود: لكل حوار شيخ وصلاح بن البادية هو شيخي الذي أخذت منه أول طريق إلى الحفل تصاحب محمود عبد العزيز وظهر محمود من خلالها كمطرب لا تهمه المادة، كانت الفرقة تتكون من عازفي الكمان عبد الله الكردفاني، إسماعيل عبد الجبار، حسن إيقاع إبراهيم أبو عزبة، قرقور، جيتار الشيخ صلاح، سعد، أكورديون علي عبد الوهاب، ترمبت دكتور مهدي الحميدي، وهي ذات المجموعة التي كونت لاحقاً فرقة النورس.

حقيقة لا تقبل الشك:

كلنا تألمنا لرحيل محمود عبد العزيز .. وتلك هي الحقيقة التي لا تقبل الشك .. ولكننا لا ندّعي عليه الحزن في كل الأوقات .. فهو فقد للجميع وليس قلة من الناس .. وأنا هنا دائماً استشهد بدموع والدتي (أم سلمة) التي هاتفتني في رحيله وهي تبكي بحرقة وألم عجيب .. والسؤال الذي يطرح نفسه .. هل هناك ثمة علاقة خاصة تجمع بينها وبين محمود عبد العزيز؟ والإجابة المؤكدة أنها لا تجمعها علاقة به (لا من قريب أو بعيد) ولكنني ذكرتها كنموذج موجود في كل السودان بل وفي كل أنحاء العالم.. فهي  بكته لأنه يستحق البكاء ولأنه يستحق العويل مثله وأخريات كنّ يشعرن وكأن محمود فقد خاص جداً.. وتلك واحدة من (كرامات) محمود عبد العزيز أن بكته كل العيون السمراء والخضراء والعسلية وحتى تلك التي في طرفها حور.. كلها اكتحلت بالسواد.. وذلك كان هو حال السواد الأعظم من هذا الشعب.

الذكرى العطرة:

مما لا شك فيه أن الحزن بدأ يتناقص.. ولكن تظل الذكرى العطرة التي تركها محمود.. والذكريات المُتناثرة التي تركها هنا وهناك مع بعض الذين عايشوه وعاصروه والتصقوا معه بصداقة أو علاقة حميمة.. وحتى علاقة الإعجاب به لن تزول وسوف تظل باقية.. لأن محمود عبد العزيز حاضر وموجود بالارث الفني الذي خلفه لنا وتلك القائمة الوسيمة من الأغنيات التي سوف تظل (منحوتة) في وجدان كل من عشق (حوتة) وأرهف له السمع بكل خواطره وحواسه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى