إسماعيل حسن يكتب : قولوا بسم الله والعنوا الشيطان

 

15يناير 2023

المريخ والهلال متعة الكرة السودانية وفاكهة الشعب

 

آن الأوان لأن يشن عشاقهما الحرب على القلة التي أفسدت العلاقة بينهما..

 

كتب: إسماعيل حسن

————————-

 

تبقى الحقيقة الراسخة رسوخ الجبال أن المريخ والهلال وجهان لقمة الكرة في السودان.. وإن التنافس بينهما منذ أن نشآ عامي 1927م (المريخ)، و1930م (الهلال).. وهما يشكلان المتعة والإثارة لعشاق المستديرة في دولة السودان العظمى.. ويشهد التاريخ أنهما ساهما بقدر كبير في استقلال السودان عام 1956م.. وفي تجذير لبنات الوحدة بين قبائله وأبنائه في الشرق والغرب.. والشمال والجنوب.. ولعبا دورا مقدرا في إشاعة المحبة والإلفة والسلام بين جموع الشعب بمختلف سحناتهم ولهجاتهم ومناطقهم.. لنرى بين محبيهما ولاعبيهما الغرباوي والشايقي والجعلي والدنقلاوي والحلفاوي والجنوبي والبجاوي والهدندوي والبني عامر والبديري والزغاوي والنوباوي والختمي والأنصارى والشيوعي والبعثي والمسلم والمسيحي في نسيج رائع محكم مترابط.. مما رسخ لقناعة تامة بأنهما السودان بكل تفاصيله….

وهكذا ظل التنافس بين الفريقين حتى وقت قريب، شريفا وعفيفا وذا نكهة محببة.. والمباريات بينهما عيداً تحسب له الجماهير الأيام والساعات.. وبعدها يهنيء الخاسر الفائز.. ويواسي الفائز الخاسر.. وتبدأ في المجالس والصحف هنا وهناك، المداعبات البريئة.. بدون إساءة أو سباب أو تجريح.. باعتبار أن اليوم يوم الفائز، وغداً بإذن الله يوم الخاسر.. لذا لم غريبا أن يتهافت الأهلة على الصحف عندما يفوز المريخ،  ليستمتعوا بالغزل الرفيع من القبطان وعلي المك وأحمد محمد الحسن والريفي وابن البان.. ولا غريبا أن يتهافت المريخ عليها عندما يفوز الهلال، للاستمتاع بإبداعات أبو آمنه حامد وعمر علي حسن وطلحة الشفيع… بل وكانت أعين أعداد كبيرة من الهلالاب على نجوم من المريخ في مباريات القمة، تطرب بأدائهم … وكذلك كانت جماهير المريخ تنتشي بإبداعات لاعبين في صفوف الهلال..

هكذا كان الحب للفريقين.. وكانت الروح الرياضية العالية بين عشاقهما.. وكانت المتعة حاضرة قبل مباريات القمة، وبعدها بأسابيع.

ولكن…. يا للحسرة.. ظهرت فجأةً في زماننا الغابر هذا، فئات متعصبة، متشنجة، انطباعية وسط الجماهير، ووسط الصحفيين، أفسدت كل تلك الجماليات.. وشوّهت المعاني الجميلة للتنافس بين القمة.. ودمّرت العلاقة بين الفريقين وبين عشاقهما.. لتحل الكراهية محل الحب .. والبغضاء بدل المَودّة .. والجهالة بدل الوعي .. وتصبح المباريات بين المريخ والهلال، وكأنها حرب بين داحس والغبراء… سباب هنا وهناك.. وشتائم وإساءات بين أنصار وإعلام الفريقين.. وصلت إلى درجة أن يصف الأهلة المريخاب بالدلاقين.. وينعت المريخاب الأهلة بالزناطير.. وتحطم جماهير الهلال مقاعد استاد المريخ.. ويرفض مجلس الهلال للمريخ أداء مبارياته الأفريقية في ملعبه..

والمؤسف في هذه المصيبة أن إدارة الناديين سلمت قيادها لفئات قليلة وسط الجماهير ووسط الصحفيين، لتملي عليها قراراتها.. وتفرض عليها رؤاها (خير شر)..

ختاماً….. نحسب أن المبادرة التي أطلقها ويصر عليها رئيس نادي المريخ الأخ أيمن مبارك (أبو جيبين).. شمعة يمكن أن تبدد خيوط الظلام الذي سوّد العلاقة بين الناديين الكبيرين.. وتعيد التنافس بينهما إلى سابق متعته وروعته.. ولعل المسؤولية هنا تقع على عاتق العقلاء وما أكثرهم وسط الهلاريخيين.. والعقلاء وسط الصحفيين الحمر والزرق وهم أغلبية.. لاحتضان هذه المبادرة.. وشن الحرب على التعصب الأعمى.. والتفلت الأرعن… وما ذلك بصعب عليهم إذا عزموا عليهما.. خاصة وأن المتشددين كما قلنا.. قلة قليلة وقعت في حبال التعصب بسبب بعض الأقلام المتطرفة.. وهي قابلة جدا لأن تتحرر منه إذا أنزلنا قيم ومعاني مبادرة أبو جيبين إلى أرض الواقع.. والله المستعان.. وكفى به وكيلا..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى