محمد علي التوم من الله يكتب: قُلنا الرووووب!!

كلامتير

قُلنا الرووووب!!

محمد علي التوم من الله

ليس هنالك أشهى من ملاح الروب عند بعض السودانيين.

وليس هنالك ألذّ من الروب نفسه إذا ما اختلط بالشطوط والبهارات مثل الثوم والفلفل، ويُضاف إلى كل ذلك الكسرة، فتجد آثار الاستمتاع بتناوله باديةً على عيون من يلتهمه.

الروب يكون له أثرٌ فاعلٌ في الأذن إذا زادت حموضته، والبعض يبالغ في أن آثاره قد تمتد للرُّكَب!!

الروب عند بعضهم يكتسب مُتعة خاصة إذا اختلط بالسُّكّر، ذلك ما يُفضِّله الأطفال خصوصاً لو أُضيف إلى القراصة وان لم تكن بالسُّكّر فبالمربى.

الروب عند بعضهم يكتسب متعة خاصة في تراثياتنا الغذائية، فهو يشاطرنا الأفراح في الأعراس، حيث يكون متربعاً في صينية فطور العريس، فتجده يُشكِّل مع أعز أصدقائه (التقلية) الحمراء في وسط العصيدة، هذا يمثل المريخ وذاك الهلال، في استاد الصحن الباشري.

البصلة في الروب تُضرب بها الأمثال للعيون التي أصابها الكسل والنعاس، فيقال فلان عيونه (مُروِّبة) زي البصلة في الروب.

وهو من كرمه وإخلاصه في المجتمع السوداني حتى لو تكرّمت ست البيت بالجودية به كله للضيوف، فهي لا تنسى أن تترك منه (روابا) بسيطاً، هذا البسيط كفيلٌ بأن يكون مع الحليب الذي يختلط به لاحقاً روب كامل الدسم. هذا الذي نشأ منه المثل الذي يقول خلي في الموضوع الفلاني (رواب).

وعلاقات الروب من فرط حُب السُّودانيين له مُمتدة حتى في السّلطات، فهو يُشكِّل مع العجور حلفاً شهياً يقال لهما صلطة الروب ولا تخلو الوجبات الرمضانية منهم.

ومن مشتقات كلمة الروب، كلمة (رابنها)، وهي حالة الهياج التي تحدث في حفلة الأعراس، حيث الحابل بالنابل شباب وشابات والغناء والطرب والرقص والموسيقى الصاخبة بالميكروفون يكون أبلغ تعبير لذلك المشهد المجنون هو (رابنها).

السياح (الروبية) ومشتقاتها وآثارها الاجتماعية الطريفة والتراثية لا ينبغي أن تنسيىنا أهم آثاره الغذائية وفوائده.

من أهم فوائد الروب أو اللبن الرائب قدرته على تعزيز عملية الهضم وعلاج مشكلات الجهاز الهضمي مثل النفاخ والإسهال. ويعود الفضل لذلك أنه يسهل هضم اللاكتوز، كما أنه يقوي المناعة ويعالج الاضطرابات وأعراض القولون العصبي، ويُساعد على إنقاص وزن الجسم الزائد، ويحتوي على نسب عالية من البروتين الذي تتطلبه عملية هضمه داخل المعدة وقتاً طويلاً، ويساعد على منح الشعور بالشبع، وهو يقوي العظام والأسنان لاحتوائه على نسبة عالية من الكالسيوم، بالتالي يقلل من التعرُّض لهشاشة العظام، ويُساعد على الوقاية في ارتفاع  مُعدّل ضغط الدم، ويمنع نمو البكتيريا غير النافعة في الأمعاء، مما يهدئ من اضطرابات الجهاز الهضمي، ويُقلِّل من حموضة المعدة.

أما تناوله مبكراً في الصباح في معدة فارغة، فهو يمد الجسم للطاقة التي يحتاجها.

وفي الصباح، يهيئ الجهاز الهضمي لتناول وجبة الإفطار.

وقبل النوم، يسهم في التخلُّص من صُعوبات النوم ليلاً.

وله فوائد أخرى متعددة.

ولكن بعد كل تلك السياحة المُدهشة المُفيدة والطريفة مع الروب، فإنّنا أخيراً نلجأ له   ليمثل لنا حالة الاستسلام التي نعانيها من الأوضاع،

ومنها السياسي (المربوب) والذي يجعلنا نقول الرووووب..!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى