بدعوة رسمية مدير المخابرات بواشنطن.. تثبيت مصالح أم ضغوط لحل الأزمة؟

 

الخرطوم: مريم أبَّشر

يزور واشنطن هذه الأيام لأول مرة – تقريباً- منذ سقوط نظام الإنقاذ الفريق مفضَّل حسن، المدير العام لجهاز المخابرات السودانية الولايات المتحدة الأمريكية. وحسب ما رشح في وسائل الإعلام والمرجح تمتد لعدة أيام، الزيارة تمت استجابة لدعوة رسمية من جهاز المخابرات الأمريكي وأن الغرض من الزيارة هو الالتقاء بالمسؤولين في الحكومة الأمريكية وتحديداً مراكز صناعة القرار في الولايات المتحدة الأمريكية .

التوقيت

وتأتي الزيارة في وقت بالغ الأهمية والتعقيد في آن واحد بالنسبة للسودان، حيث تمر البلاد بأسوأ فترات الأوضاع فيها في شتى المناحي سياسية وأمنية واقتصادية، وذلك على خلفية الإطاحة بالحكومة الانتقالية وفشل الأطراف المتصارعة على الحكم في التوصل لتسوية أو إقامة حكومة منذ أكثر من عام وهو تاريخ صدور قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر العام الماضي.

وتجئ زيارة مدير المخابرات السوداني الفريق مفضل لواشنطن -أيضاً- والولايات المتحده تلعب دوراً كبيراً وتحركات واسعة لملمة أطراف الأزمة السودانية عبر المبادرات المطروحة سواءً وطنية أو إقليمية ودولية وذلك عبر الآلية الرباعية التي تقودها الولايات المتحدة كالية مساعدة للآلية الثلاثية برئاسة مبعوث الأمم المتحده لدعم الانتقال في السودان فوكلر بيرتيس .

تكتسب الزيارة أهمية -أيضاً- من كونها تمت والمكوِّن العسكري وقع نهاية العام المنصرم على اتفاق إطاري يمثل خطوة تمهيدية باتجاه التوصل لاتفاق تنهي الانقلاب ويعيد الحكم المدني الديموقراطي، غير أن الإطاري يواجه الآخر رفضاً واسعاً من قبل بعض قوى الثورة الرافضة لأي شراكة مع العسكر والقوى الأخرى المصنَّفة بأنها بقايا النظام القديم أو المتحالفة معه والتي ترفض هي الأخرى استحواذ الحرية والتغيير على المشهد السياسي مرة أخرى.

لماذا المخابرات؟

مراقبون يرون دعوة الاستخبارات الأمريكية لنظيرتها السودان بالعمل المقصود باعتبار أن جهاز المخابرات الأمريكي يعد أحد ومؤسسات صناعة القرار في أمريكا وأن الجهازين لديهما سجل حافل في التعاون والتنسيق، وسبق إبان حكومة النظام البائد أن جرى تعاون وتنسيق واسع فى مجال مكافحة الإرهاب.

تقييم

ويشير مراقبون إلى أن الغرض من الزيارة هو محاولة من الولايات المتحدة الأمريكية لمعرفة حقيقة الأوضاع وتقييم التجربة الماضية خاصة وأن السودان يشهد -حالياً- تدهوراً في كل الجوانب بما فيها الجوانب الأمنية، ولأن السودان يعد من أهم الدول الأفريقية بالنسبة لواشنطن نظراً للمواقع الحيواستراتيجي المتميِّز الذي يحظى به، فإن الولايات المتحدة توليه اهتماماً كبيراً باعتبار الدولة المفتاحية في استقرار الإقليم ككل والبحر الأحمر على وجه الخصوص

ترغب واشنطن في حدوث استقرار في السودان الذي أصبح مسرحاً للصراع الدولى بينها والمعسكر الشرقي المتمثل أمريكي التحالف الروسي الصيني الذي ظهر بشكل واضح في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية والتحالفات الجديدة التي نتجت جراء الحرب بين المعسكرين الغربي والشرقي .

بعد استراتيجي

تعتمد الاستراتيجية الأمريكية للقارة الأفريقية خلال العام الحالي 2023 السودان عنصراً أساسياً كمدخل للقارة السمراء..وتخطط الولايات المتحدة الأمريكية -حالياً- لنقل قيادة قوات الأفريكوم إلى السودان وهو تطور يعكس حجم المخاوف الأمريكية من التمدد الروسي الصيني داخل أفريقيا انطلاقاً من السودان. ومعلوم أن الولايات المتحدة تضع السودان ضمن أولوياتها في القارة الأفريقية وتسعى عبر محاور سياسية واقتصادية ودبلوماسية لخلق تعاون معه لجهة أنه يمثل مرتكز استراتيجي لها في أفريقية وتكثف في جهودها عبر دولة فاعلة في المنطقة للتوصل إلى أكبر قدر من التوافق بين الفرقاء السودانيين حول الاتفاق الإطاري وصولاً لاتفاق ينهي حالة الأزمة السياسية التي يعيش فيها السودان .

انعاش اتفاقات

هنالك اتفاقات تعاون بين جهاز المخابرات السوداني والاستخبارات الأمريكية منذ العهد السابق تشمل تبادل المعلومات في كل القضايا المرتبطة بأمن المنطقة الإقليمية والشرق الأوسط ودول جوار السودان، وأن الاتفاقات الأمريكية مدفوعة بقناعة أمريكية أن جهاز الأمن السوداني جهاز قوى ويمتلك قدرات ومعلومات وملم بالتفاصيل الأمنية في المنطقة هذه رؤية حول أهمية الزيارة قدَّمها لـ(الصيحة) الفريق (م) محمد بشير سليمان، وأضاف أن موقع السودان الجيواستراتجي المميز جعل الرغبة الأمريكية في استمرار تعاونها مع السودان من أجل الحفاظ على مصالحها وأمن دول لديها علاقات استراتيجية وثنائية معها وتتبع لها في المنطقة في مقدمتها إسرائيل ودول الخليج وبجانب أن السودان يقع شرقه ضمن الدول المطلة على البحر وهو معبر مائي يستحوذ على ٦٠ % من التجارة المتعلقة بالنفط والغاز، وهنالك صراع حول التجارة العالمية فيه، ويشير الفريق سليمان إلى أن موقع السودان المميَّز لم يستغل على المستوى الداخل بالشكل المطلوب وبدور يشكل محور صراع بين الدول الكبرى إضافة لدول المنطقة، باعتبار أن أي خلل أمني في البحر الأحمر يؤثر على الأمن الإقليمي في المنطقة والدولي.

تجديد

رغم سقوط نظام الإنقاذ إلا أن الاتفاقات وتبادل الزيارات بين الأجهزة الأمنية في البلدين أم تنقطع، ولفت إلى أن الولايات المتحده لديها رؤية محددة تجاه الوضع ودائماً تسعى للتعاون مع الجهات التي تحكم وليس المجموعات، وتابع: والآن الطرف الذي بيده السلطة هو السلطة العسكرية القائمة –الآن- ومع إيمان الولايات المتحده بالتحوُّل الديموقراطي، إلا أن هنالك قضايا جوهرية مهما حدث من تقاطعات في الرأي السياسي تظل قضايا ثابتة ومن الثوابت الأمريكية ولذلك تسعى للتعاون مع الموجود من السلطة القائمة. واعتبر الفريق سليمان زيارة مفضَّل تأتي في إطار تجديد المصالح الأمنية المشتركة، خاصة أن السودان يقع منطقة تعج ببؤر معابر شبكات الاتجار بالبشر والمخدرات، وتسعى واشنطن من أجل تحقيق مصالحها لدفع الأطراف نحو تسريع مسار التسوية السياسية والتوصل لاتفاق لإنهاء الأزمة السياسية.

وقف العنف

سعي واشنطن لتثبيت اتفاقاتها وشراكاتها الأمنية مع جهاز المخابرات السوداني كأحد أهم أهداف زيارة الفريق مفضَّل شكَّل أحد محاور الاتفاق لكل المراقبين والمحليين للزيارة التي يقوم بها –حالياً- للولايات المتحدة ويضيف البروف عبده مختار، أستاذ العلوم السياسية في إفادته للصحيفة بأن أمريكا ربما قصدت من دعوة مدير جهاز المخابرات ضمان استمرار تعاونها مع الحكومة في السودان الذي بدأه مدير جهاز الأمن السابق قوش، لافتاً إلى أن لواشنطن مصالح ثابتة تحرص عليها مهما تغيَّرت الحكومات وبجانب التأكيد على أن هنالك تعاون للحد من ظاهرة الإرهاب والاتجار بالبشر والمخدرات، ولم يستبعد مختار أن تعمد واشنطن من خلال الزيارة ممارسة الضغط على الحكومة العسكرية في السودان للحد من العنف الذي تستخدمه ضد المتظاهرين السلميين بعد أن شعرت بأن الحديث لم يجد نفعاً وما زالت السلطات تمارس العنف ضد المسيرات السلمية .

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى