مسار سلام جنوب كردفان.. رؤية من الداخل

 

تقرير: صلاح مختار

تحصلت (الصيحة) على رؤية شاملة تسهم في رتق النسيج الاجتماعي وتحافظ على استدامة السلام في ولاية جنوب كردفان، تلك الرؤية التي وضعت بواسطة تحالف كوادر وشباب الولاية وجدت حظها من النقاش على المستوى مكونات الولاية، وعلى مستوى المجلس الانتقالي، بجانب أنها نوقشت في مفاوضات جوبا للسلام، وأكدت الرؤية أن غياب الأحلاف والأعراف التي كانت تسود في الولاية في السابق، شجع على ظهور حوادث النهب والسرقات وتهديد الأنفس، وهو الذي انعكس على الأمن والاستقرار، وبالتالي من الضروري إحياؤها بجانب أن غياب التنوير جعل المواطن مطية لأغراض ذوي النفوس الضعيفة لتنفيذ أجندتهم التي من شأنها تأجيج الصراع بالولاية.

تنفيذ البرتكولات

وحملت الرؤية طبقاً للوثيقة التي تحصلت عليها الصحيفة تأكيداً على أهمية تنفيذ برتكولات السلام، بالإضافة إلى ضرورة نزع السلاح غير المرخص، حيث ثبت جلياً أنه مدعاة لتشجيع ضعاف النفوس لارتكاب الجريمة، وشددت على أهمية اتباع نهج الدبلوماسية الشعبية واستنهاض الإدارة الأهلية لإيجاد حلول ناجعة لمشاكل الولاية، بجانب ترسيخ مفاهيم الوحدة الوطنية والعودة الطوعية.

كما طالبت الوثيقة بالاهتمام بالتعليم وعادة ما تهدم منه وإعادة العمل بنظام الداخليات في المدارس التي تعتبر عاملاً من عوامل ترسيخ الوحدة، ودعت للاستفادة من كل الكيانات الثورية والشبابية وتوظيف طاقاتهما وقدراتها لدعم جهود السلام والتنمية بالولاية.

تطبيق القانون

وشددت الوثيقة على ضرورة تطبيق القانون على المتفلتين من مرتكبي جرائم النهب والسرقة حتى يكونوا عبرة وعظة لغيرهم والوقوف بقوة ضد كل من ينتهج العصبية والقبلية والعنصرية، أو من يروج الشائعات الضارة، بجانب تشجيع كل من يثبت أن له جهوداً واضحة في دفع عملية السلام وإثراء الحوار الهادف، وأكد على ضرورة استيعاب الفاقد التربوي والذي هو أحد إفرازات الحرب الذي أصبح هاجساً يؤرق أمن الولاية، وأمّنت على تشجيع استقرار الرحل بتوفير بيئة مناسبة مع الأخذ بتجربة “فرقان الكوس” مع التحفيز وحثت الوثيقة على الاهتمام بتحديد مراحيل ومنازل ومناهل الرحل تفاديا للاحتكاكات بين الرعاة والمزارعين.

مؤتمر جامع

ودعت الوثيقة لمؤتمر جامع يضم كل القادة القبليين والشباب والطوائف الدينية في أقرب فرصة ممكنة، وتوظيف العمل الثقافي لتقريب وجهات النظر وخلق بيئة صالحة للتعايش السلمي ونبذ روح الفرقة والشتات مع ضرورة الاستفادة من كل أبناء جنوب كردفان المنتشرين في بقاع السودان، وفي الخارج وتوظيفها في رتق النسيج الاجتماعي ودعم جهود السلام والتنمية، وأكدت على ضرورة تنفيذ معيار التمييز الإيجابي لإنسان جنوب كردفان وفق المعايير المتفق عليها، وشددت على إحداث التنميةوتحقيق العدالة الاجتماعية باعتبارها أساساً لاستدامة السلام والاستقرار بالبلاد.

كما لفتت إلى أهمية الاهتمام بالتنمية البشرية وتبصير المجتمع بما يخدم الوحدة والإنتاج.

رؤية للحل

ويرى رئيس وفد تحالف كوادر وشباب جنوب كردفان محمد جيلي لـ(الصيحة)، أن رؤيتهم في حل مشكلة الولاية تقوم على السلام المجتمعي، وهو ما ينبع من إنسان الولاية نفسه، لذلك دفعهم في التحالف القيام بزيارة لـ(17) محلية بالولاية، حيث كانت هنالك استجابة واسعة من مكوناتها، وقال: لأول مرة بعد سنوات يصل وفد إلى بعض تلك المحليات، وقال: السلام المجتمعي أصبح الآن أمراً واقعاً يمشي بين الناس، وهو المخرج الوحيد لأزمة الولاية، وأضاف: طالما هنالك إرادة فسوف يتحقق ذلك، وأكد أن وفد التحالف زار المحليات الشرقية كلها، حيث وجد إرادة قوية وقبول ورغبة عارمة للسلام المجتمعي بين كل مكونات وأبناء الولاية .

ورشة كادقلي

ونوه جيلي إلى أن التحالف كان قد بدأ في التحضير لورشة بكادقلي والتي كانت ستكون الأولى من نوعها بعد الثورة، وعقب تحقيق السلام الاجتماعي، حيث أن الورشة تخاطب قضايا الولاية لتحقيق السلام والاستقرار، وهي تحت رعاية والي الولاية لواء ركن رشاد عبد الحميد إسماعيل، غير أنه قال: تم تأجيلها لاسباب لا نعلمها، وأكد على دور الوالي في دعم مسيرة السلام الاجتماعي، حيث قام بفتح أسواق لأول مرة، وأكد أن الورشة كانت ستناقش أوراقاً مهمة تتعلق بدور الإنسان في بناء السلام، وورقة عن المنظمات وأخرى عن الإعلام، ويشارك فيه مفكرون والمهتمون بقضايا السلام, وانتقد إسناد ملف السلام لأشخاص لا يمتون بصلة أو لشخص كان خارج البلاد لسنوات طويلة، وبعيد عن قضايا الولاية.

قال: لا مكن لمثل هؤلاء تمثيلهم في وفد التفاوض باسم أبناء الولاية، واعتبر ملف السلام بجنوب كردفان ملفاً حساساً، وقال: إذا كانت الحكومة تريد حلاً للمشكلة استصحاب أصحاب المصلحة الحقيقيين وتستعين بمن هم أدرى وخبرة بالداخل.

خطة للدولة

وقال الجيلي الخطوة الأساسية كي نشكل مستقبل السودان، وحتى نجعل الدولة متقدمة مثل بقية الدول نحتاج إلى خطة واضحة لها وليس للحكومة، هنالك تنوع ثقافي وعرقي يمكن أن يستوعب تعقيدات العصر.

وأضاف: نحن نحتاج إلى منصة وطنية، وأهداف سودانية، وقيم تُعبّر عنا ونلتف حولها، وأكد أن السلوك غير الراشد وعدم الحكمة تقود إلى الاحتقان، وقال: نحن أمام طريقين دولة واحدة مسنودة بمشاعر وطنية واحدة، وهو ما يحتاج إلى الحكمة والتفكير بطريقة كبيرة والسمو فوق الخلافات، وطريق آخر لا نريد أن ننجر له، وأكد أن ورشة التي أقيمت بالأبيض قبل أربعة أشهر مكانها كادقلي وليس الأبيض.

أموال العائدين

وانتقد الخبير الاستراتيجي والأكاديمي د. القديل النيل القديل أرباب في حديثه لـ(الصيحة)، عدم وجود خطوة واضحة للسلام للحكومة، ولذلك دعا لاستصحاب من هم أدرى بتفاصيل المنطقة، كما دعا لوجود خطة واضحة للسلام المجتمعي بين مكونات الولاية والتواصل بينها، وطالب بأن تنقل المؤسسات التي تعمل في مجال السلام نشاطها إلى رئاسة الولاية والتركيز على أبناء الولاية في مناقشة قضاياهم. وقال: لا يمكن تحقيق السلام دون وجود أموال يُستهدَف بها العائدون بالتالي لابد من ميزانية واضحة لذلك، ودعا إلى التأهيل النفسي والاجتماعي للعائدين، وقال: من الواضح الذي رافق الوفد ليس كفوأً ولا يعلم تفاصيل المنطقة، وبالتالي كيف يدير الملف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى