أستاذ التاريخ البروفيسور عبد العزيز موسى في حوار (الاستقلال): مشكلة السودان في القبلية

 

 

– إسماعيل الأزهري (أبو الاستقلال) وسياسي من الطراز الأول

– المحجوب من أحسن السياسيين الذين مروا على السودان

– هؤلاء (…) شاركوا في الجمعية التشريعية

– الصادق دخل في شراكة مع الترابي لإسقاط الحزب الشيوعي

– طرد الشيوعي من البرلمان كان أكبر كارثة حقيقية في السودان

– هذه (…) فكرة تكوين قوة دفاع السودان

– الثورة يقوم بها الشعب ويجهضها السياسيون

حوار- صبري جبور

يحتفل السودان في الأول من يناير بعيد الاستقلال الذي تحقق عام  1965.. وذلك بمرور (67) عاماً، على المناسبة العظيمة التي تعتبر حدث وحديث وشكلت وجدان السودانيين وحبهم للوطن.. وقـــد تــحــقــقــت إرادة الـشـعـب الـسـوداني، استقلالاً سياسياً وثقافياً واقتصادياً بما يعبر عن مدلول الاستقلال الحقيقي.. ولمعرفة جوانب وخفايا ماقبل وبعد الاستقلال والحقائق التاريخية المهمة لاسيما للشباب والجيل الحالي .. التقت (الصيحة) بأستاذ التاريخ الحديث والمعاصر جامعة بحري عميد عمادة المكتبات جامعة بحري بروفيسور عبدالعزيزمحمد موسى، وهو لديه  العديد من المؤلفات في تاريخ  السودان ، “صفحات من تاريخ السودان” ، “جنوب السودان من المفاوضات إلى الانفصال”، “الدولة والمجتمع في جنوب السودان”، صراع النفط بين شمال وجنوب السودان، إضافة إلى العديد من المؤلفات عن الوثائق السودانية .

بروف عبدالعزيز الاستقلال كان  حدث وحديث؟

سبق الاستقلال العديد من الحركات الوطنية أشهرها حركة عبدالقادرود حبوبة في 1908 وسط السودان، وأيضاً حركة علي دينار في 1916 في منطقة دارفور،إضافة إلى بعض الحركات السياسية .. هذه الحركتين كانتا مسلحتين، كذلك هناك حركات سياسية بدأت .. حركة الاتحاد السوداني في 1920 التي قادها الموظفين جميعهم كانوا في حكومة السودان في ذلك الوقت ” الإدارة البريطانية”، بعدها ظهرت حركة علي عبداللطيف 1924، وأيضاً في هذا العام حدثت حركات وطنية في السودان من ضمنها حركة طلاب الكلية الحربية وحركة عبداللطيف الماظ، ثم بعد ذلك تتابعت الحركات 1931 أول حركة تعتبر سياسية متمثلة في إضراب طلبة كلية غردون 1931 وهي كانت نقطة تحول للحركة الوطنية ،وأيضاً هناك حركات قامت عن طريق المجلات، مجلة الفجر عن طريق الصحف “حضارة السودان” ،بعد  1934جاء حاكم بريطاني كان نقطة تحوُّل في الحركة الوطنية، “يعتقد أنو الإنجليز ماقاعدين في السودان مدى الحياة .. لابد في يوم يخرجوا من السودان .. لذلك لابد أن يعدو جيل جديد من أجل أن يستلم الجانب السياسي في السودان”،فأصبح يعتمد على الخريجين بشكل عام أوطلاب كلية غردون .

-بهذه المناسبة كيف كان مؤتمر الخريجين؟

نعم، الحاكم  شجَّع على قيام مؤتمر الخريجيين 1938.. هي حركة انطلقت من مدني بواسطة أحمد خير المحامي، من ثم انتقلت إلى أم درمان، هي بدأت كحركة اجتماعية في الظاهرلكن هي سياسية، لكن انقسموا  على اثنين جزء بتبناهو السيد زعيم الختمية والجزء الثاني  بتبناهو السيد عبدالرحمن زعيم الأنصار .. فكان انتخابات بتحدث وغيرها، في النهاية انفصلوا، هذه كانت بداية تأسيس الأحزاب، ووأول حزب سوداني ظهر هوحزب الأمة.

-بروف حدثنا عن دور السيدين عبدالرحمن والميرغني؟

لابد أن نشير أن السيدين الكبيرين كانا يجدان دعماً، السيد عبدالرحمن يجد الدعم من الإدارة البريطانية، بينما السيد علي الميرغني يجد دعم من الإدارة المصرية،  كان هناك صراع بين السيدين، على العموم خشوا صراع داخل مؤتمر الخريجين، في النهاية أدى إلى  قيام خروج حزب الأمة وتم تأسيس أو حزب في السودان هو  حزب الأمة في العام 1945م، كان يتجه إلى التعاون مع الإدارة البريطانية، ” لمن سألو ا السيد عبدالرحمن المهدي  ليه  أنت بتتعاون مع الإدارة البريطانية،  لأن الاتجاه دايرين يدوا السودان استقلاله”، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية أو أثناء الحرب العالمية الثانية أو ما أطلقه الحلفاء مايعرف بميثاق الأطلسي،  حيث ذكروا فيه أي دولة تشارك في الحرب إلى جانب الحلفاء سيعطوها حق تقرير المصير،  مما جعل مؤتمر الخريجين أعضاؤه يرفعون مذكرة شهيرة جداً في 1948م، الأمر الذي أدى إلى (زعل) الإدارة البريطانية في السودان . (حيث ذكرت لهم أنتم قلتم ليس بحزب سياسي الدخلكم في السياسة شنو؟)  بعدها أصبح هناك عدم ثقة، فالإدارة البريطانية اتجهت في ذلك الوقت إلى تشكيل بعض المؤسسات الدستورية التي قاطعها الأحزاب الاتحادية أو الاتحاديين الذين كانوا مع السيد علي الميرغني زعيم الختمية . بينما شارك فيها الذين يدعمهم السيد عبدالرحمن المهدي، عملوا مؤتمر إدارة السودان 1946، وأيضاً عملوا مايعرف بمؤتمر جوبا 1947.. بعدها عملوا الجمعية التشريعية  التي مهدَّت لإعلان استقلال السودان، بواسطة إعطاء السودان الحكم الذاتي أو حق تقرير المصير. بينما الجمعية التشريعية وقفوا ضدها ناس إسماعيل الأزهري،  يوم الافتتاح عملوا مظاهرات حتى تم القبض على إسماعيل الأزهري وأدخلوه السجن.

-من هم الذين شاركوا في الجمعية التشريعية؟

على العموم من 1948 إلى 1950 نوقشت مواضيع خطيرة جداً . الجمعية التشريعية شاركوا فيها (13) من أبناء جنوب السودان ومجموعة من المثقفين السودانيين إضافة إلى حزب الأمة، هذه التي اتخذت حق تقرير المصير للسودان .. هناك ظروف ساعدت بخلاف الحرب العالمية وبخلاف إنجلترا التي كانت زاهدة في الاستمعار، وهو الانقلاب الذي حدث في مصر يوليو بقيادة محمد نجيب وجمال عبدالناصر، هؤلاء كانوا يدعموا الحركات التحررية . هذه جات لصالح السودان، (لأنو إذا رجعنا للحكم الثنائي لم يكن الحكم الثنائي كما ذكرت البروفيسور فدوى عبدالرحمن علي طه، مدير جامعة الخرطوم السابق في كتابها بأن حكم السودان كان كله لإنجلترا ومصر لم تكن شريكة،  هي كانت مظهرية كانها شريكة ولكن لم تكن شريكة في الحكم  ” أي شراكة مظهرية”) .

-هناك أحزاب سودانية ذهبت إلى مصر كيف تم الأمر؟

على العموم ساعد التوجه المصري ساعد السودان، بذهاب الأحزاب السودانية كلها إلى مصر، واتفقوا يعطوا حق السودان أو مايعرف باتفاقية الحكم الذاتي التي مهدت لحكم السودان واستقلال السودان، حيث تم تشكيل لجنة انتخابات بقيادة (هندي) باعتبار الهند لها تجرية في التحوُّل من الاستعمار إلى الاستقلال، جابوه وأجريت الانتخابات في 1954.. وكانت المحصلة النهائية  فوز الأحزاب التي كانت تنادي بالاتحاد مع مصر، بعد ذلك شكلوا حكومة بقيادة الزعيم إسماعيل الأزهري اسمها الحكومة الانتقالية كوِّنتها الأحزاب الاتحادية 1955م، هذه الحكومة استمرت وهي التي رفعت استقلال السودان ورفع العلم إسماعيل الأزهري، واتفقوا وقتها ..  وزعيم المعارضة في ذلك الوقت محمد أحمد المحجوب، حتى في صورة علم السودان تجد إسماعيل الأزهري ظاهر وخلفه محمد أحمد المحجوب.

(19) ديسمبر كيف كان؟

في 19 ديسمبر (كان مفترض يعلن استقلال السودان من داخل البرلمان، فعلاً تم استقلاله، الاتجاه السائد الأحزاب الاتحادية هي التي  فازت بالانتخابات وقالوا في برنامجهم اتحاد مع مصر، لكن حزب الأمة عارض معارضة قوية أو ما يعرف بحوادث مارس في 1954.. نقلوا الأنصار من كل مناطق السودان وأتوا بهم إلى الخرطوم في افتتاح البرلمان من المفترض أن يأتي رئيس مصري في ذلك الوقت اللواء محمد نجيب، وفعلاً نزل لكن الأنصار احتلوا كل منطقة في المطار مما أطر الرئيس محمد نجيب إلى الرجوع..حوادث مارس كان فيها ضحايا من الجانبين سواءً أكان من الأنصار حزب الأمة او من القوات النظامية دي أدت إلى تأخيل أن يتم افتتاح البرلمان لذالك فكرت الأحزاب الاتحادية أو أسماعيل الأزهري وكان رجل حكيم في النهاية أعلن.

وأيضاً كان في مقولة في مظاهراتهم مشهورة ” لا  مصري ولا بريطاني السودان للسوداني”.. رغم هم أتعاونوا مع البريطانيين ..بعد الاستقلال شكل حكومته ومن هنا بدأت الاختلافات في الأحزاب السودانية .. الأحزاب الاتحادية اختلفت .. في النهاية تم سحب الثقة من حكومة إسماعيل الأزهري، وحدث أن الأحزاب الاتحادية انقسمت، وأصبح حسب البرلمان عدد نواب الحزب الوطني الاتحادي مابخول ليه يشكل حكومة . أضطر إنه يدخل في حكومة ائتلافية مع حزب الأمة .. وهذه الحكومة تشكلت برئاسة عبدالله خليل وهو ذو خلفية عسكرية، كان أمير لاي وسكرتير حزب الأمة في ذلك الوقت، فتم اختياره ليكون رئيساً للوزراء، وبذلك الأحزاب الاتحادية انقسمت على اثنين، جزء بزعامة إسماعيل الأزهري الرجل الذي رفع الاستقلال، الغريبة هم  في تشكيل الحكومة الائتلافية للسيدين الكبيرين اعتبرها محمد أحمد المحجوب، أكبر كارثة سياسية في تاريخ السودان الحديث ..باعتبار أن يلتقوا شخصين متناقضين من أجل أن يسقطوا إسماعيل الأزهري، على العموم تشكلت حكومة عبدالله خليل في7 يوليو  1956م، بعد الاستقلال إسماعيل الأزهري لم يحكم سوى 6 أشهر فقط . بعد ذلك جاءت حكومة عبدالله خليل وأيضاً لم تكن متجانسة وبها مشاكل وخلافات كثيرة، من ثم أتت الانتخابات في مايو 1958م، الوضع ظل كما هو شكل حكومته الثانية كرئيس للوزراء “الحكومة الائتلافية الثانية”.. بعد ذلك الصراع اشتد بين الاثنين .

-هل  استولى الجيش على السلطة؟

في 17 سبتمبر، استولى الجيش على السلطة واستمر فيها إلى أكتوبر 1964 .. وبعد دلك عملوا انتخابات وأطلقوا عليها المجلس المركزي، الأحزاب وجدت فرصة وأصبحت تعمل مظاهرات من داخل جامعة الخرطوم لأن معظم السياسيين هم أساتذة من جامعة الخرطوم وطلبة جامعة الخرطوم  عملوا ثورة في 21 أكتوبر، اتنازل الفريق إبراهيم عبود عن السلطة، وقال: حتى لايحدث خلل سوف يستمر إلى حين  تكوين حكومة وطنية، في البداية وافقت أحزاب أن يكون موجود على رأس السلطة، ولكن بعض الأحزاب تمكنت وتم تشكيل حكومة برئاسة سر الختم الخليفة وهو من رجالات التعليم، حيث خدم في الجنوب، وأتوا به ليكون رئيس وزراء ليشكلوا حكومة، وكذلك الأحزاب رفضت أي مظهر عسكري، وفوراً الفريق عبود تنازل عن السلطة وتم تشكيل الحكومة. وحكومة سر الختم لم تستمر سوى 3 أشهر، بدأت نزاعات وقالوا هذه حكومة شيوعيين، فتم إعادة تشكيل الحكومة للمرة الثانية وأيضاً للمرة الثالثة أجريت فيها تعديلات .

-المهام المؤكلة لحكومة سر الختم؟

على العموم حكومة سر الختم الخليفة استطاعت تنجز الانتخابات وهي من المهام المؤكلة لها، في أقل من 6 أشهر، الانتخابات أتت بالأغلبية لحزب الأمة والأحزاب الاتحادية، في مايو 1965 تم تشكيل حكومة بقيادة محمد أحمد المحجوب فأصبح رئيس الوزراء، بعد ذلك أتت الصادق المهدي وهو لم يتجاوز الثلاثين عاماً، الحكومة كانت مستقرة وفي 1966 قام أحد الأنصار في النيل الأبيض بتقديم استقالته من البرلمان. أصبحت الدائرة شاغرة حيث نزل الصادق وحده وانتصر،  في النهاية الأحزاب وقفت بجانب الصادق المهدي وعملت مايعرف بسحب الثقة من  السيد محمد أحمد المحجوب. وأنا من خلال تدريسي للطلاب بقول لهم إن المحجوب هو (سياسي شفت)،  من أحسن السياسيين الذين مروا على السودان .

الصادق دخل في شراكة مع الترابي .. كان هدفهم يسقطوا الحزب الشيوعي ..وهو كان فاز بـ(11) مقعداً داخل مدينة الخرطوم  في البرلمان، جبهة الميثاق التي أسسها حسن عبدالله الترابي فازت بـ(4) مقاعد، وأيضاً عملو ا تعديل في القوانين .. في النهاية قاموا بطرد الحزب الشيوعي من البرلمان السوداني، ذلك كان أكبر كارثة حقيقية في السودان، مما جعل الحزب الشيوعي يدعم انقلاب جعفر نميري  في 25 مايو 1969م، لكن بعد سنة حصل خصام  ما بين نميري الحزب الشيوعي .

دلالات خطاب الأزهري؟

الوطنيون الأوائل ومن ضمنهم إسماعيل الأزهري يعتبروه الناس أبو الاستقلال، هو فعلاً كان سياسي من الطراز الأول، خطابه كله كان بتجه نحو تنمية السودان حيث وقف الإنجليز .. الإنجليز عملوا مشاريع ضخمة وجاء الأزهري وهو حكم 6 أشهر، فقط،  بعد الاستقلال ولم يعطوه فرصة .. الأحزاب كل واحد ينظر للسلطة .. هذه المشلكة الأساسية ..  الأزهري كانت لديه خطه كان ممكن ترفع السودان.. لكن نتيجة للصراعات السياسية بين الناس .. الجميع كان ملتف ومتفق حول إسماعيل الأزهري من خلال خطابه والنقاط التي وردت فيه .. كاها كانت تعطي أمل للسودانيين .. لكن نتيجة للصراع بين الأحزاب السياسية داخل الحزب الواحد ومن الأحزاب السياسية كلها أدت الأزهري بدأ يطلع من المشهد السياسي شئياً فشيياً.

-قوة دفاع السودان؟ كيف تم تكوينها؟

أيام الإدارة البريطانية .. كان أي سوداني يريد التدريب من أجل أن يكون ضابطاً كان يتدرب ضمن الجيش المصري .. أمثال: عبدالله خليل وإبراهيم عبود .. كلهم تدربوا على يد المصريين .. لكن في 1924 ما ارتبط به من حوادث تم طرد الجيش المصري من السودان.. بعد ذلك في نفس العام فكروا انوا يكون مايعرف قوة دفاع السودان.. من ثم تطورت إلى الكلية الحربية السودانية .

-الاستقلال والفترة الانتقالية  الحالية هل هناك وجه شبه؟

وجه شبه أن يصلوا إلى السلطة، الناس الذين وقعوا على الاتفاق الإطاري أدوهم شهر ولا شهرين حيختلفوا لأسباب قد تكون ماعندها علاقة بالوطن، بل لديها علاقة بالمطامع الشخصية،الإجماع الأول الذي طردوا فيه الإنجليز  كان إجماع وطني حقيقي، لكن بعد ما مرقوا الإنجليز بدأت الدسائيس والمؤامرات فيما بينهم .

-الثورات السودانية مابعد الاستقلال كيف كانت؟

ثورة 21 أكتوبر 1964 طغى عليها الحماس والأغاني الوطنية .. ما أظن ثورة في العالم وجدت أغاني وطنية كمثل ثورة 21 أكتوبر 1964 .. كذا الحال بالنسبة لثورة 6 أبريل..لم يكن فيها أغاني ولكن كانت ثورة بحق وحقيقة .. لكن دائماً يجهضها السياسيين .. الثورة التي يقوم بها الشعب يجهضها السياسيين .. كذا الحال بالنسبة لثورة ديسمبر الحاصلة الآن .. الثورة في بدايتها كانت بحق وحقيقة واسقطت البشير لأسباب ربما تكون كثيرة.

رسالة للكل؟

في تدريسي للطلبة دائماً أقول لهم مشكلة السودان في القبلية.. السودان هو الوطن والوطن للجميع.. بلد تمتلك كل الموراد مؤشر تعتبر من البلدان الغنية لعدم الاستقرار السياسي والإشاعات الكثيرة في السياسيين وأنانية السياسيين كلها أدت أن البلد تكون واقفة في محلك سر.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى