رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل في حوارٍ لم يكتمل مع (الصيحة)

على العسكري ترك الجدل البيزنطي ويُسمِّي رئيس مجلس الوزراء

كشف رئيس حزب الأمة، مبارك الفاضل، عن تقديم  حزبه مذكرة للرئيس الأسبق عمر البشير، يطالبه فيها  بالتنحي، كأول مبادرة تُطالب بالتغيير قبل اندلاع الثورة. ودافع بشدة عن شراكتهم في الإنقاذ، وقال إنها كانت لدواعٍ تكتيكية لإزاحتها وليس لدعم الشمولية, وحمّل المجلس العسكري وقوى الحرية مسؤولية الفراغ الدستوري، وطالب العسكري بترك الجدل البيزنطي والإسراع في تسمية رئيس مجلس الوزراء، وقال إنه لا يغازل أحداً، وإنما يتحدث بموضوعية، لوضع المجلس العسكري أمام مسؤولياته كاختبار حتى يسلم السلطة، مؤكداً أن قوى الحرية والتغيير غير مفوّضة حتى نُخاطبها. وقطع بأن إعادة الديمقراطية للصادق المهدي غير ممكنة.

 الحوار مع مبارك الفاضل شمل جوانب كثيرة، غير أنه توقّف لارتباطه بالتزامات أخرى واعتذر عن إكمال الحوار. 

 حوار: هويدا حمزة

تصوير محمد نور محكر

 

*عندما قرأتُ عنوان المبادرة (مبادرة حزب الأمة لتجاوز الأزمة السياسية)، ظننتُ أنها تشمل كل فصائل حزب الأمة المنشقة، وكان أولى أن يتم توضيح اسم الفصيل صاحب المبادرة؟

وفقاً للتعديل في قانون الأحزاب في عام 2002 هذه الأحزاب (حزب الأمة ) ونمثله نحن، (حزب الأمة القومي)، الاتحادي الأصل، الحزب الشيوعي، هذه الأحزاب سبقت الإنقاذ وفقاً للتعديل في  القانون، بقية الأحزاب كلها كانت مسجلة بقانون الإنقاذ، في 2000 رفضنا التسجيل بقانون الإنقاذ، وفرضنا عليها أن تعمل قانوناً يستوعب الأحزاب التي كانت تعمل بقانون الجمعية التأسيسية عام 89 ، وبالتالي نحن اسمنا (حزب الأمة) وليس أي  اسم آخر، يوجد (حزب الأمة القومي) للتعريف، والحزب الإتحادي الأصل للتعريف أصلاً باعتباره سبق الإنقاذ .

*قدمتم خلال مؤتمركم الصحفي مبادرة لتجاوُز الأزمة السياسية الآن، أليس أولى من ذلك تقديم مبادرة لتجاوز الخلافات داخل حزب الأمة نفسه؟

هذا مطلوب، وهناك تنسيق بيينا، وجهود تسير، وندعو الله أن تًكلل بالنجاح، المهم الآن أن نؤسس (البيت الديموقراطي) الذي سنقيم فيه، وبعد ذلك نرى كيف سنًرتّب أوضاعنا داخل ذلك البيت، نحن نريد تثبيته وتثبيت مكاسب الثورة، والبلد تخرج من شبح الصراع المسلح، وتدخل في السلام، وفي التحوّل الديموقراطي.

*هل تقصد البيت الديموقراطي داخل السودان أم داخل حزب الأمة؟

أقصد البيت الديموقراطي السودان ثم نأتي بعد ذلك للبيت الصغير.

*هل الجهود التي تحدثتَ عنها لتجاوز الخلافات داخل الحزب أم لتوحيده؟

بالنسبة لنا هناك تياران، تيار (الأمة) وتيار (الأمة القومي)،هنالك بعض الإخوان خرجوا منّا وشاركوا مع الإنقاذ هؤلاء  (موضوعهم انتهى)  مع الإنقاذ لأن وجودهم أساساً كان مربوطاً بشراكة معها، جزء كبير منهم رجع كأفراد يعني، ولا أعتبر أن هناك أحزاباً حقيقية غير الأمة والأمة القومي، كانت هناك اجتماعات وتنسيق وجهود معهم.

*أنت شخصياً شاركتَ الإنقاذ في حكمها؟

شاركتُ على مرحلتين، مرحلة أولى باتفاق جيبوتي، وأتينا برفع الحظر عن الأحزاب بعد عشر سنوات، وهذا مكسب كبير، ثم اختلفنا مع الإنقاذ في حرب دارفور في 2004 وخرجنا منهم، وظللنا في المعارضة  ضدهم حتى   2017 وفي هذا العام وقّعنا على الحوار الوطني، وشاركنا مشاركة صغيرة، ولكن اختلفنا معهم في سبتمبر، وفي ديسمبر سحبنا عضويتنا التي كانت في المجالس التشريعية، وكان لدينا وزير في الشمالية سحبناه، وأخذنا موقفاً بجانب الثورة، وسلّمنا البشير مذكرة في 25 ديسمبر مطالبين بالتنحّي، ونحن أول من طالَب بالتنحّي وأعلناها مطلع يناير في مؤتمر صحفي، لكن تستطيعين القول إننا 28سنة في المعارضة وسنتان قضيناها مشاركين في المرحلتين آنفتي الذكر.

*بما أنك شاركت حتى ولو ليوم فليس من حقك أن تتحدث في حق الأحزاب التي شاركت؟

أنا لم أرفض تلك الأحزاب،  ولكن أقول إن الذين شاركوا مع الثورة حتى لو كانت مشاركات سابقة بمن فيهم الذين انشقوا عن المؤتمر الوطني، مثل الإصلاح الآن، نحن أتينا بهم هنا، وكتبوا مذكرة واحدة وعملوا مؤتمراً صحفياً معنا، نحن ليس لدينا شيء ضدهم، لكن هناك رفض للذين سقطوا مع البشير، كثير من الأحزاب ترفضهم، وهنالك حزبان كانت لديهام مواقف متباينة، مثلا الاتحادي الديموقراطي الأصل، كان منشقاً، جزء منه معارض وجزء مشارك، الآن الجزء المعارض تولى المسؤولية وفيه طه علي البشير ومن معه، المؤتمر الشعبي أيضاً دخل في عملية التغيير بالحوار، واستمر للنهاية، لكن شبابه شارك في الثورة ولديه شهداء وجرحى، لذلك أقول إنه لابد من النظر إلى مشاركة أولئك بهدف الدفع بنظرية الإنقاذ وبرنامجها، وحتى الآن لا يوجد حزب لم يشارك حتى الغلاة، ومنهم الحزب الشيوعي شارك 6 سنوات في كل المستويات بل بقيادته (فاروق أبو عيسى) وغيره شاركوا في فترة نيفاشا في 2005 حتى 2011 وكان عليهم وزر فصل جنوب السودان، وتمرير قانون الأمن في المجلس الوطني في عهدهم، لكن أيضاً نقول إنهم شاركوا في إطار اتفاقيات ليس لدعم شمولية الإنقاذ، وكل الأحزاب في إطار محاولتها للتغيير استخدمت الوسائل المختلفة (المقاومة العسكرية والسياسية والاتفاقيات في المشاركة)، لذلك لا يجب أن نأخذ عليها، إلا إذا كانت أساساً مع فكرة الشمولية، وبالتالي، فالبعث والشيوعي وغيرهما كلهم شاركوا، وبالتالي ليس هناك من داعٍ لوصم الآخرين واتهامهم، وقد حافظنا على مواقفنا، وأول ناس أيدوا التغيير حتى قبل اندلاع الثورة، نحن مواقفنا مبدئية والتكتيك شيء، والمبدأ شئ آخر، أنا موقّع على ميثاق التجمع الوطني، وقد كنت الأمين العام، وموقع على ميثاق قوى الإجماع الوطني  في 2012، أنا موقّع على ميثاق الفجر الجديد في 2015، يعني أنا موقّع على كل المواثيق التي وُقّعت في ظل المعارضة إذن مواقفنا مع الإنقاذ كانت في إطار زحزحة الإنقاذ عن مواقعها وليس دعماً لها  في خطها الشمولي .

*لكن أنت أساساً قابِل للاستقطاب السياسي حسبما قالوا وقد ذكروا أن مايو استقطبتك بطريقة لا داعي لذكرها؟

قابل للاستقطاب  كيف، وأنا شخص معروف في الساحة السياسية، بأنني من أشرس السياسيين،  فكيف أكون قابلاً للاستقطاب، أنا أستقطِب (مش يستقطبوني).

*هذا التغيير الذي تمّ، اختلف الناسُ حول تسميتِه، البعض يسميه انقلاباً، والبعض يسميه ثورة، فماذا تسميه أنت ؟ ولو لم ينحاز الجيش للثورة هل كانت ستنجح؟

 

هي ثورة، وفي الأساس الجيش ينحاز للثورات مثلما حدث في 64 و85، وانحاز لها أيضاً في 2019، لو لم ينحاز  لها لِما حدث التغيير، فالثوار يحتاجون لآلة عسكرية، لأنهم مُواجَهون بآلة عسكرية، الثورة تخلق الأسباب لانحياز الجيش لها، والجيش ينحاز، وهذا ما حدث في كل الثورات.

*هل هذا الانحياز يسمح للمجلس العسكري بالتمسك بالسلطة ضد قوى التغيير التي تعتبر نفسها أيضاً صاحبة الحق في التغيير ومن ثَمَّ في السلطة؟

المسألة شراكة بين  الطرفين، والقوات المسلحة لديها مسؤولية لأنها ركن من أركان الدولة، والحرية والتغيير هي فصيل من فصائل الثورة، ويجب ألا تجنح نحو الإقصاء لفصائل الثورة الأخرى، وبالتالي يجب أن تعترف بمبدأ الشراكة مع القوات المسلحة لتأسيس الفترة الانتقالية، لأنه ليس لديها تفويض شعبي الآن، التفويض الشعبي يجب أن يكون عبر الانتخابات، هذه المسألة ليست جديدة، بل حدثت في 64 وفي 85 بل في 85 لم يكن هناك مجلس مدني وكان المجلس العسكري هو المجلس الرئاسي، ولم يكن هناك مجلس تشريعي، بل كان المجلس العسكري ومجلس الوزراء يشكلان المجلس التشريعي، إذن نحن الآن متقدمون خطوة، إذ سيكون هناك مجلس تشريعي مدني ومجلس رئاسي مشترك، ومجلس وزراء، و10% عسكري، وهذه مشاركة معقولة، فإذا نظرنا لـ85 كان لدينا  50% مدني، و50% سيادي،  السلطة التنفيذية مدنية، والسلطة السيادية والتشريعية مدنية عسكرية، ولم تحدث مشكلة.

-من يقوم بإقصاء الآخرين، المجلس أم قوى التغيير؟

الاثنان بداية ذهبا في عدم استصحاب الآخرين،  واتخذا اتجاه الثنائية،  ولو أن المجلس رجع وحاوَل أن يحتفظ للآخرين بنسبة  في المجلس  التشريعي، لو تذكرين قال 33% للآخرين، ولكن الحرية والتغيير من بادر بإقصاء الآخرين.

*أشعر من خلال المبادرة كأنك تُغازل المجلس العسكري؟

 

نحن لا نُغازل أحداً، بل نتحدث بموضوعية، نضع المجلس العسكري أمام مسؤولياته كاختبار حتى يُسلّم السلطة، ولكي يسلم السلطة لابد أن نترك الجدل البيزنطي على الهياكل وعلى الصلاحيات وعلى من يستلم السلطة،  ومن يبعد منها فنترك هذه القضايا الجانبية، ونبحث في قانون 2005 الذي حدّد الصلاحيات والهياكل، ونذهب مباشرة إلى مهام مجلس الوزراء الموضحة في القانون، وعلى المجلس العسكري أن يشاور الجميع ليعطوه ترشيحات، ومباشرة يسمي لنا رئيس مجلس الوزراء ليشكل الحكومة، نحن نتحدّث حديثاً موضوعياً، في النهاية يهمّنا كحركة سياسية ديمقراطية استعادة الديمقراطية، أو التحوّل الديمقراطي والسلام في البلد، فلا يهمّنا المجلس العسكري أو تحالُف الحرية والتغيير، هذه مسميات موجودة وستبيد، والمجلس العسكري يُمثّل رُكناً من أركان الدولة موجود في الدستور ألا وهو القوات المسلحة، والقوات النظامية وقوات الشرطة، مثل الخدمة المدنية، بينما الحرية والتغيير هي مجموعة أحزاب متحالفة، بل حركة سياسية  ليس لديها تفويض انتخاب، وغداً قد تختلف، وتبدأ تحالُفات أخرى، وبالتالي لا نستطيع مخاطبتها، لكن عندما نُخاطب المجلس العسكري نُخاطب رُكناً من أركان الدولة موجود في الدستور، وأنا كنت وزيراً في حكومة منتخبة انقلب عليها نظام الإنقاذ، وبالتالي لدي تفويض أكثر من أي شخص آخر يدعي أن لديه تفويضاً.

-البعض وخاصة من داخل حزب الأمة، يُطالب بإعادة الشرعية للديمقراطية ممثلة في رئيسها الإمام الصادق التي انتزعها انقلاب الإنقاذ والتي أنت كنت جزءاً منها؟

لا، ما في طريقة طبعاً، لأنه مرّت فترة طويلة 30 سنة، وما عاد ذلك ممكناً، وأصبح هناك واقع جديد، وحتى صاحب الشرعية نفسه لم يُطالب بها .

*لماذا غير ممكن؟

هو يحاول الموازنة ما بين موقف مُتطرّف، وما بين العقل، وهذا طبيعي بالنسبة لشخص في موقعه وسنه أن يكون أكثر رشداً وتجربة من الآخرين، ويحاول أن يُنير لهم الطريق الصحيح، الناس مُتحمّسة وتحاوِل أن تدفع في اتجاه بدون وعي، ولا ترى أشياء يراها هو، مُناطحة العسكريين لا تأتي بنتائج عكسية.

*الا تشعر أنك منبوذ سياسياً..؟

مقاطعاً: منبوذ شنو، أنا زول رئيس حزب سياسي……

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى