صلاح الدين عووضة يكتب : وَقَاحَة!

24 ديسمبر 2022

أو بَجَاحة..
أو – ربما – تناحة؛ سمها ماشئت..
المهم هي حالة توصيفية لم يحدث أن حظي بمثلها كيانٌ سياسي في بلادنا..
وفي الغالب قد لا يحدث هذا مستقبلاً أيضاً..
فهي حالة نادرة كما الظواهر الفلكية التي لا تتكرر إلا بعد مئات السنين..
حالة لم أر مثيلاً لها إلا في دراما الكوميديا..
كتلك التي توهم أحد أبطالها أنه نابليون وعجز الناس عن إقناعه بأنه هو..
بأنه فلان الذي هو أكثر من عادي..
فكان من الطبيعي أن يُؤخذ إلى مشفى الأمراض النفسية ليعود طبيعياً..
ويكف عن وضع إبهامه على زرار سترته كنابليون..
أو التلويح بسبابته – تحذيراً – وهو يخاطب الناس وكأنهم أفراد رعيته..
وسيف الإسلام القذافي كان قد توهم أنه أخطر من أبيه..
فطفق يلوح بسبابته في الهواء أمام الكاميرات تهديداً لمن يظنهم أعداءه..
فكانت النتيجة أن قُطع أصبعه هذا..
وأحد الموسومين بالبجاحة – في كلمتنا هذه اليوم – يفعل الشيء نفسه..
فهو يهدد بسبابته رغم أنه أكثر من عادي..
فلا هو يستند إلى قاعدة جماهيرية… ولا خلفية تاريخية… ولا قوة عينية..
ولا إلى أي شيء خالص… خالص..
مثله مثل إخوانه – وأخواته – في الأحزاب المجهرية التي تشكل كيان قحت..
ولو سُئلوا عن مصدر قوتهم لما وجدوا إجابة مُقنعة..
فحتى الشارع الذي كانوا يفاخرون بأنهم يمثلونه تبرأ منهم… وسخط عليهم..
وها هو يخرج – يومياً – ضدهم..
أو ضد ما سموها التسوية؛ ويسعون إلى أن يحكموا بموجبها تارة أخرى..
منتهى البجاحة… والتناحة… والوقاحة..
أن تكون ولا شيء… أن تكون أكثر من عادي… وتتوهم أنك نابليون بونابرت..
ولكن هل العيب فيهم؟..
لا؛ فربما كانوا مرضى كذاك الذي توهّم أنه صاحب الأصبع على السترة..
وإنما العيب في الذين يصدقون توهمهم هذا..
تماماً كأن يصدق الناس أن ذاك المريض نفسياً هو قاهر العالم نابليون..
طيب السؤال: من أين يستمدون قوتهم هذه؟..
أو بالأحرى: من أين يستمدون قوة تصديق توهمهم هذا بأنهم رقمٌ مهم؟..
بأنهم شيء… وليس مجرد لا شيء..
فعلى الأقل سيف الإسلام كان يستمد قوة توهمه من كونه نجل القذافي..
ولكن من أين يستمدون هم قوتهم المتوهمة؟..
من أين لهم كل هذه البجاحة؟… والوقاحة…. والتناحة؟… وقوة العين؟..
الإجابة ببساطة هي هكذا: من العمالة..
من كونهم يطرقون أبواب السفارات… ويتلقّون الإعانات… ويستقوون بالخواجات..
ثُمّ يتبجّحُون بَعد ذلك – وبِكُلِّ بَجَاحَةٍ – عَن الوطنيّة..
يعني بدلاً من أن تكون العَمَالة هذه مصدر ضعفهم باتت مصدر قُوتهم..
وبدلاً من أن يُحاكموا يُريدون مُحاكمة الغير..
وبدلاً من أن يخجلوا يُصرون على وضع أصابعهم على أزرار ستراتهم..
أو يُلوِّحون بها في وجوه الآخرين؛ تهديداً..
فهؤلاء مكانهم الطبيعي كراسي العلاج بالكهرباء؛ لا كراسي الحكم..
حتى نرتاح من بَجَاحَةٍ من تلقائهم… وتناحةٍ..
ووقاحة!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى