صلاح الدين عووضة يكتب: وكــــفى!

بالمنطق

صلاح الدين عووضة

وكــــفى!

وتمضي الأيام..

ونستشرف عاماً جديداً..

وأنا (ياني أنا)… وإن كنتم جميعاً كحالي فلنردد معاً – على وقع الأغنية – (ونحنا يانا نحنا)..

ثم نواصل (لا بدّلتنا ظروف…لا غيّرتنا محنة)..

وذلك على صعيد الموقف السياسي الصّارم إزاء أنظمة القهر… والشمولية… والدكتاتورية..

وما دون ذلك فلتكن أنت ما تكن؛ ولأكن أنا ما أكن..

فكل شيء يهون بعد استقامة الفطرة… وشخصياً أتمثل قول النعام آدم (أنا الـ بي كله هيِّن)..

حتى وإن كانت عذاباتي ما زالت تلازمني حتى بعد سقوط (العذاب)..

وتلازم غالبية أفراد الشعب السوداني – كذلك – وكأنك يا أبو زيد ما ثرت؛ ولا غزوت..

والفطرة السياسية قد تتبلور منذ الصغر..

فأنا يافع – بكريمة – حاول ابن الجيران تجنيدي للحركة الإسلامية؛ واسمه صلاح..

كنا بحي موظفي مصنع التعليب؛ وهو يكبرنا بأعوام..

كان يأخذنا إلى حلقات التلاوة بمسجد (العُقدة) – عصراً – ولا نعود إلا عقب صلاة العشاء..

تذمرت – بعد حين – من تقييد يحرمني مما أحب..

كنت أراه تقييداً متكلَّفاً؛ من لعب الكرة… وسينما (الروس)… وجلسات شاي المغربية..

وفشلت أولى محاولات جعلي إسلاموياً..

ثم كانت المحاولة الثانية المتكلفة – والمصطنعة – أيضاً وأنا طالب بثانوية حلفا الأكاديمية..

فنفرت من التصنع البادي في عبارة (أخوكم في الله فلان الفلاني)..

شعرت أنه كان تعريفاً (تمثيلياً) بما أن كلاً منا يحفظ الآخر كحفظهم أفلام (الممثلة) ماجدة..

فقد كانت قيود تزمت الانتماء – والداخلية – تُفك منهم ليلة الخميس..

بل إن منهم من كان عاشقاً لها إلى حد مشاهدة فيلمها (السراب) أكثر من خمس مرات..

وبعد مشاهدة تجربة (الأخوة في الله) حمدت الله كثيراً ..

ثم كانت لي تجربة مع اليسار المتطرف انتهت مع النهاية الغريبة لأحد زملائنا المتزمتين..

فلليسار تزمته المعاكس في القوة – والاتجاه – لتزمت اليمين..

فقد أكثر – قبيل رحلةٍ ما ونحن شباب – من عبارات سأفعل… وسأعمل… وسأسوي..

ومن هذا الذي سيفعله – حسبما أذكر – إحضار الثلج..

وحين ذكَّره أحدنا – ممازحاً – بالمشيئة رد عليه غاضباً (ما عايز هزار في الحاجات دي)..

ثم أدركنا أنه لم يكن (هزاراً) الخبر الذي جاءنا فجر يوم الرحلة..

لقد رحل – دونما علة مرضية – (رحلةً) نهائية لم يتحسب لها وهو يتحدى مشيئة الله..

هو شيءٌ مثل غرق السفينة التي لا تغرق (تايتانيك)..

أو بحسب قول ممثل شركة (وايت ستار) في خطاب تدشين (رحلتها): الرب ذاته لا يغرقها..

ومنذ ذياك الزمان الباكر – وإلى هذا الزمان الحاضر – أكره التزمت..

وما يتفرع عنه – تلقائياً – من تقييد ضد الفطرة السليمة؛ دينياً… أو فكرياً… أو سياسياً..

وفطرة الحرية التي هي من الدين..

ومن ثم فأنا (ياني أنا)؛ مسلمٌ يعشق الحرية عشق (إخوان) الثانوي أولئك لفيلم السراب..

ويشفق على بعض أبناء جيل اليوم من التزمت..

يساراً كان… أم يميناً… أم قطيعاً يتبع أسياداً… حتى إذا ما دخلوا جحر ضبٍ خرب دخلوه..

ثم يدركون خطل مواقفهم حين تمضي الأيام..

ويستشرفون أعواماً جديدة..

ويتمنى أنْ لو استقام كلٌّ منهم على الفطرة السليمة..

وكـــــفى!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى