سراج الدين مصطفى يكتب: التحية لهم!!

نقر الأصابع

سراج الدين مصطفى

التحية لهم!!

(1)

الفنان الراحل ابراهيم حسين.. كان فناناً صاحب تجربة غنائية في منتهى الوسامة .. فرض سطوته وحضوره منذ مجيئه من كسلا وأرض القاش .. فهو تشبّع بضوء النجوم في ليالي القاش وصعد قمم الموسيقى والغناء كما كان يصعد قمم جبال التاكا وتوتيل .. شكل ابراهيم ثنائية باذخة مع شعراء كسلا أبناء دفعته محمد عثمان كجراي واسحاق الحلنقي.

ابراهيم حسين كان صوتاً لا تنقصه الوسامة .. قدرات لا تخطئها العين .. فنان بكل مواصفات الكلمة .. تتوافر فيه كل اشتراطات ومطلوبات الفنان الجاد والملتزم صاحب الإضافة .. ولكن رغم ذلك لم يجد حظه من التقدير الإعلامي في حياته أو حتى بعد مماته رغم إنه يتكئ على موهبة فذّة وقُدرات نادرة ولكنه لم يجد الانتشار الذي يوازي عظم موهبته.

قدم إبراهيم حسين أغان مثل (لما الريد يفوت حدو وشجون ونجمة نجمة) كانت بمثابة جواز مرور الى وجدان الشعب السوداني .. ولكن أصيب فناننا الكبير بشلل نصفي أقعده عن الغناء لفترة طويلة رغم أن صوته ما زال يتمتّع بذات الوسامة والطلاوة القديمة .. فلماذا هذه الوقفة غير المبررة وأنت الأقدر على قهر المرض .. لقد أصبحنا نساهر الليل ونعد نجومه نجمة نجمة بعد غيابك فأين أنت أيها الفنان الجميل.

لم يجد ابراهيم حسين التقدير اللازم لتجربته .. فهو بتقديري من أنضج التجارب التي وفدت إلينا من بقاع كسلا الجميلة التي منحتنا العديد من الأصوات التي كان لها تأثير واضح، ولكن  إبراهيم حسين كان نموذجاً فريداً غير قابل للاستنساخ أو التكرار فنانا كان نسيج وحده.. فلماذا لا تبثون أغنياته يا اذاعة ويا تلفزيون؟

الفنان ابراهيم حسين يعتبر في ـ تقديري الخاص ـ مدرسة من مدارس الغناء في السودان .. فهو صاحب لونية غنائية مميزة اتّسمت بالكثير من الأبعاد المختلفة .. وهو واحدٌ من الفنانين الذين مازجوا ما بين غناء الوسط ولونية الشرق المحببة ذات الطعم المُميّز والمشكل بإيقاع مختلفة.

(2)

ثمة حقائق فنية غيّرت من مجرى وتاريخ الأغنية السودانية .. وهناك عظماء أثروا الساحة الفنية منذ زمن باكر ولكن لم يحفظ لهم البعض حقّهم الأدبي .. ويأتي في أولهم عبقري الأغنية السودانية الكاشف، كان أول مطرب سوداني يغني مع العازفين بآلات حديثة لم تعرفها الأغنية السودانية من قبل، وفي عام 1940 غنى الكاشف الشاغلين فؤادي في الإذاعة ليحمل الأثير صوته لجمهوره الذي وجد فيه صوتاً جديداً مختلفاً عن كل الأصوات التي سبقته .. كما أنه أعلن عن حضور مغاير ومختلف من حيث الطرح الموسيقي والتلحين الذي اختلف عن مدرسة حقيبة الفن ذات الألحان الدائرية والكلمة البسيطة .. ولكن الكاشف قفز بها من مربع العادية الى الشكل الموسيقي الجديد الذي يعتمد على موسيقى ولازمات تتجدد كل مرة ما بين الكوبليهات.

وهو صاحب فكرة إضافة أصوات البنات إلى الكورس لأول مرة في السودان، لقد ساعد الكاشف وغيره من الفنانين بعد ذلك وخلال فترة الخمسينيات بالذات وجود موسيقار مصري يدعى مصطفى كامل عازف القانون المعروف الذي أصبح يقود الفرقة الموسيقية المصاحبة لجميع أغاني الكاشف وهكذا اشتهرت أغاني الكاشف بمقدمتها الموسيقية الطويلة، ومن اشهر أغانيه الحبيب وين واسمر جميل ورسائل.

(3)

الفنان الراحل ابراهيم .. واحدٌ من جيل العمالقة في السودان في مجال الغناء، ففي الخمسينات كان عدد مطربي الصف الأول لا يتجاوز العشرة وكان إبراهيم عوض يحتل مكانه وسطهم بجدارة وما زال حتى الآن. وحرصه الدائم على التجديد في كل شيء حتى الألحان بإدخال الآلات الحديثة المتطورة على الأوركسترا السوداني وفي هذا المجال يمكن أن نقول ان إبراهيم عوض يعتبر أول من أدخل آلة البنقز على يد الموسيقي خميس جوهر الذي درس في القاهرة وكان ذلك عام 1954 عندما قدم إبراهيم عوض أغنية حبيبي جنني وأغنية أبيت الناس وغيرها من الأغنيات الخفيفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى