(9) طويلة..عودة أكثر شراسة  (10438) حالة اعتداء على مواطنين  من قبل العصابة في ولاية واحدة

 

في سبيل تنفيذ جرائمهم يتخذون كل السبل بما في ذلك القتل

شطة – خل أسلحة هجوم جديدة

 

مواطنة تروي كيف تعرَّضت للعض من فرد عصابة وتحذِّر

محامي: يمارسون جريمة حرابة مكتملة الأركان وليست (  ) ويجب…

 

تحقيق: انتصار فضل الله

كشفت متابعات (الصيحة) عن ما يفوق (10438) حالة اعتداء على مواطنين من قبل عصابات “المواتر” (9) طويلة، في ولاية الخرطوم وحدها، منذ ظهورها في العام ٢٠٢٠م، وحتى شهر أكتوبر العام الحالي .

وقال خبراء: أصبحت هذه الجريمة ملاذًا للعاطلين عن العمل والخارجين من السجون والنازحين من مناطق الصراع والذين يعانون تردي الأوضاع المعيشية .

تطوُّر مخيف

بعد أن هدأت وطأة الرعب والخوف الذي بثته العصابة في نفوس المواطنين طوال الفترة الماضية، يؤكد مراقبون أنها عادت مجدداً وبوجه جديد تمارس عنفاً أكبر غير مبالية بحجم الأضرار التي تسببها وغير مهتمة بوجود الأجهزة الشرطية من عدمه.

فقد أخذت (٩) طويلة، في تنامي مستمر، وتطوَّرت أساليبها، فبعد أن عرفت بخطف “الشنط والحقائب” وإسقاط الضحية “وجرها” على الأرض، بدأت اليوم أكثر شراسة فأصبحت تعاقب ضحاياها بالضرب و”العض” والتهديد تحت السلاح الناري والأبيض والقتل،  وأصبحوا يهاجمون من الأمام، في السابق كانوا يفاجئون الناس  من الخلف، ومؤخراً انضم إلى المجموعة عصابات “النيقرز” مشكلين بذلك كارثة حقيقية فاقت قدرات الشرطة وفقاً للمراقبين .

أوكار أخرى

هنا تفاصيل حياة غير معلومة، لما يفوق الثلاثين شاباً، من مختلف الأعمار دون سن الأربعين، اتخذوا من العمارات المهجورة الواقعة غرب منطقة البنك العقاري تحديداً مربعات (٢٧ – ٢٨) ومنطقة ود البشير بمحلية أم درمان،

مقراً لتجمع دراجاتهم النارية “المواتر” يمارسون عمل منظم تحكمه ضوابط معينة، هدفهم واحد هو امتلاك أموال ومقتنيات المواطنين مستخدمين كل السبل وفقاً لحديث مواطنين.

وقال المواطنون لـ(الصيحة)، من هذه المناطق وغيرها  تنطلق المواتر يومياً من السابعة صباحاً متجهة نحو الأحياء السكنية بالولاية وشوارعها الرئيسة   تخطف، تسرق  تقتل، تعتدي على الآخرين في حالة نشاط لا يهدأ إلا في الليل تاركين الساحة للحرامي المعهود الذي (ينط) إلى المنازل .

ضحايا يتحدَّثون

في الثالث من سبتمبر الماضي، تمكَّن أفراد من العصابة من أخذ موبايل وحقيبة بها لابتوب من شابة داخل حي المغتربين بمدينة أبوسعد في أم درمان.

روت الضحية لـ(الصيحة) تفاصيل مقاومة عنيفة دارت بينها والجناة الذين اقتلعوا مقتنياتها بعد أن قام أحدهم “بعضها” في يدها وفرا هاربين.

قالت نجود حسين، تعمل في مجال الطباعة بالسوق العربي، إنها اعتادت تفقد الشارع جيِّداً قبل التوجه إلى المحطة، في صباح ذلك اليوم وبينما كانت تدس الموبايل في حقيبة اليد وفي مسافة تبعد من منزلها، ظهر أمامها فرد من العصابة وبسرعة خاطفة حاول قلع الجهاز فدخلت معه في عراك لكنه ضربها “كف”  وحاول إسقاطها فأمسكت برجله وعلا صراخها في هذه اللحظة ظهر شباب من الحي فلجأ للعض حتى ينفك منها .

أضافت إنها نزفت كثيراً وتم إسعافها ولم تبلِّغ الشرطة لأنها على يقين بأن هذه العصابة متفوِّقة على قدرات الشرطة وأنهم مثل التسنامي وياجوج ومأجوج يخرجون من كل فج عميق، وأشارت إلى أن الشعب أضحى يخشى كل قائدي المواتر حتى لو كانوا أفراداً عاديين.

خلعة ومفاجأة

في منتصف أكتوبر 2022م، خرجت ضابطة في الشرطة من منزلها تحمل طفلتها في وسطها وتتحدث بالموبايل في انتظار زوجها الذي ذهب إلى بنشر قريب من المنزل لإصلاح عطل في العربية.

حسب رواية شهود عيان لـ(الصيحة)، اقتربت الساعة من الثامنة صباحاً عندما  خطف الجاني موبايل الضابطة برتبة نقيب وأنها من “الخلعة” عجزت عن التصرف، فلم تشعر بالموتر الذي لم يصدر صوتاً، كما لم تشعر بالشخص الذي ظهر أمامها فجأة وكأنه مرتدياً طاقية “إخفاء”.

قالوا وراء هذه العصابة سر كبير وربما لديهم طقوس أو سحر ما، وأضافوا في فترة سابقة كان المواطن يأخذ حقه بيده وتعرَّض أفراد العصابة للحرق والقتل لكنهم الآن يفاجئون الضحية بصورة غريبة وأضحوا أكثر حدة.

يقول المواطن عبد القادر عثمان لـ(الصيحة): آخر صيحات العصابة الهجوم على المواطنين باستخدام “الشطة – موية النار – الخل”، واصفاً ذلك بالأزمة الحقيقية التي يواجهها المواطنين في كل الولايات، مناشداً المواطنين بالتسلح والانتباه لأنهم لا يعرفون حدوداً ويعتدون على الجميع من مختلف الأعمار.

فرد من العصابة

تمكَّنت (الصيحة) من التحدث لأحد أفراد (٩) طويلة، ملقَّب بـ “شلنق”، التقته في واحدة من العيادات العلاجية كان يستشفى من إصابة بالغة تعرَّض لها من مواطنين بالثورة أدت إلى إعلانه التوبة، حسب مرافقته التي كشفت أنه اتخذ هذه الخطوة بعد أن رأى الموت بعينيه أو ربما أعلن ذلك تحت أثر التخدير.

 

كشف أنهم مجموعة منظمة يقوم بعضهم بسرقة المواتر والبعض الآخر بتأجير المواتر من محلات مركزية يوجد داخل العصابة أقارب وأشقاء، وقال إنه فقد شقيقه الأكبر في حادثة الضرب بالعصى التي تعرَّضا لها.

أشار إلى أن أفراد العصابة يواجهون أوضاعاً معيشية صعبة قادتهم للسرقات من ثم أصبحت مهنة ثابتة وأغلبهم معتادي إجرام، ثم صمت وانتهى “الكلام “.

 

تعريف الجريمة

أفاد المحامي عبد الشكور حسن أحمد (الصيحة)، جاء تعريف الجريمة عند بعض فقهاء الاجتماع  بأنها هتك للنسيج الاجتماعي ومنهم من أضاف الجريمة   سلوك غير طبيعي من بعض  أفراد  المجتمع يستحق الجزاء  من الجماعة أو الدولة.

أما علماء القانون كان تعريفهم الذي حاز الاستحسان، الجريمة كل فعل أو ترك لفعل غير مشروع منصوص عليه يستوجب العقاب،

ويقوم تعريف الجريمة على عدد من العناصر منها أن تفترض الجريمة ارتكاب فعل يتمثل فيه الجانب المادي لها وتعني بالفعل السلوك الإجرامي أياً كانت صورته فهو يشمل النشاط الإيجابي.

وقال: كما يتسع الامتناع ويكون له أثر ونتيجة، تفترض الجريمة أن الفعل غير مشروع طبقاً للقانون الجنائى والقوانين المكملة له فلا تقوم جريمة بفعل مشروع.

تكييف قانوني

 

أشار عبد الشكور، لأسباب ساعدت على انتشار جريمة (٩) طويلة، منها التكييف القانوني الصحيح أو التقييم، حيث درجت الشرطة والنيابة بتوجيه التهمة تحت المادة (١٧٥ ق.ج) من القانونى الجنائي لسنة  ١٩٩١م، جريمة  النهب التي تقرأ كالآتي:

يعد مرتكب جريمة النهب من يرتكب جريمة  السرقة أو السرقة الحدية مع استعمال القوة الجنائية أو التهديد بها عند الشروع في الجريمة أو أثنائها أو عند الهرب، موضحاً أن الجريمة تقع على الأنفس والأموال والأعراض والدين  والعقل والنسل، تلك هي ما جاءت الشريعة الإسلامية لحمايتها، ومعروف باسم الكليات الخمس، والقانون السوداني النافذ أو  الساري الآن هي الشريعة الإسلامية، فلم يدخل التعديل من الحكومة الانتقالية في إلغاء أو الحذف أو التبديل أو التعديل، فظلت القوانين الإسلامية سارية  حتى الآن.

وذكر المحامي، مايعرف لدى العامة بالنيقرز و(٩) طويلة، هي بلا شك أو ريب  جريمة منظمة وجريمة حرابة مكتملة الأركان وليست جريمة نهب،

فجريمة الحرابة في القانون الجنائي السوداني وردت في الباب السابع عشر  “الجرائم الواقعة على المال” في المواد (167 حتى 169) الجريمة وعقوبتها  ومسقطات حد الحرابة.

إرهاب العامة

أوضح عبد الشكور، نصت المادة (162), يعد مرتكب جريمة الحرابة من يرهب العامة أو يقطع الطريق بقصد ارتكاب جريمة على الجسم او العرض أو المال شريطة أن يقع الفعل خارج العمران في البر أو البحر أو الجو أو داخل العمران مع تعذر الغوث باستخدام السلاح أو أي أداة صالحة للإيذاء أو التهديد بذلك .

أما المادة (168- 1) تقول: من يرتكب جريمة الحرابة يعاقب بالإعدام أو الإعدام ثم الصلب إذا ترتب على فعله القتل أو الاغتصاب، وبقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى إذا ترتب على فعله الأذى الجسيم أو سلب مال يبلغ نصاب السرقة الحدية، وعقوبة السجن مدة لا تجاوز سبع سنوات، نفياً في غير الحالات الواردة في الفقرتين (أ) و(ب).

فيما تقول المادة (169)- (1) بحسب المحامي تسقط عقوبة الحرابة إذا ترك الجاني باختياره ما هو عليه من الحرابة وأعلن توبته قبل القدرة عليه، مردفاً لا يخل سقوط عقوبة الحرابة بالتوبة بحقوق المجنى عليه أو أولياؤه في الدية أو التعويض أو رد المال .

وأضاف حال سقطت عقوبة الحرابة يجوز الحكم على الجاني بالسجن مدة لا تجاوز خمس سنوات.

سيف الإحالات

وأشار عبد الشكور إلى سبب آخر ساهم في ظهور العصابة يعود إلى إسقاط العقوبة  من رأس الدولة بسبب “كرونا” حيث أفرج عن مايقارب (٥) آلاف مجرم، من كبار المجرمين كانوا بالسجون لأحكام (٩) طويلة فأسقطت العقوبة عنهم   فعاثوا في الأرض فساداً بعد خروجهم.

قال يجب مسألة اللجان المشكلة التي خدعت رأس الدولة بتقارير كاذبة مضللة

دفعت البلاد ثمن غالٍ حيالها في سقوط وإسقاط  العقوبة  وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية.

وتابع: إن ضعف القيادة أو الضعف الإداري للشرطة في العهود السابقة

جعلت بعض الضباط يتقاعسون عن أداء الواجب لأن الإدارة كانت ترفع لهم سيف  التنقلات والإحالات فجعلت من بعض الضباط عديمي الفائدة لمكافحة الجريمة وتم فصل ونقل معظمهم، وإحالتهم للصالح العام بها بذلك “تمت الناقصة”، و بذلك غابت قاعدة البيانات.

وقال عدم امتلاك الشرطة المعلومات الصحيحة أو امتلاكها معلومات شحيحة  من الأسباب، بجانب ضعف وتردي في الأداء، برغم أنه في الآونة الأخيرة   استباح المجرمون الدماء والأعراض والأموال ولم تتمكَّن الشرطة في بادىء الأمر من قبضهم وضبطهم ولم تفعل شئيا  ولوقت ظلت ساكنة كان الأمر لايعنيها من قريب أو بعيد.

حق عام

وانتقد عبد الشكور، عمل بعض وكلاء النيابة الذين ظلوا يمارسون سلطة القضاء  في قبول التنازل في مثل هكذا بلاغات وهي جرائم ذات حق عام لا يجوز فيه التنازل أمام النيابة  لأنه يمثل الحق العام  في الأصل أو الإفراج  بالضمانة أو الكفالة دون النظر إلى فداحة الجريمة التي يجب التروي والتريث فيها كثيراً

وفق القانون للوقاية من الجرم والإجرام.

وأشار إلى أن مناطق وجود المجرمين  دائماً في المناطق الطرفية، حيث يجدون  حماية من بعض السكان أو التستر عليهم ومعرفة  تلك الأماكن  للشرطة من الأهمية بمكان، وأضاف أن أعمار المجرمين الذين ينشطون في تسعة  طويلة تتراوح بين السادس عشر أو الثلاثين، فهم في قمة الشباب مع انتشار المخدرات.

وأكد أن عدم جدية القرار السياسي بمحاربة الظواهر السالبة من اللاجئين  الأفارقة وخاصة دولة جنوب السودان و انتشار المخدرات في جميع أنحاء البلاد  وعدم القدرة على مكافحتها بالإضافة لضعف الدور الرقابي  لشرطة المرور لحجز وضبط  الدراجات البخارية التي لا تحمل الرقم المروري  إلى جانب ضعف الدور الإعلامي في التوعية  والإرشاد للمواطن ورفع الحس الأمني  والثقافة  الأمنية وعدم وجود كاميرات مراقبة في معظم الشوارع والطرق أسباب يجب النظر إليها.

وجود فجوة

وأشار عبد الشكور، الجفوة  بين إدارة  الشرطة والمعاشيين من الشرطة للعمل معاً للمكافحة وعدم إشراك المجتمع  لمكافحة الجريمة تفاقمت المشكلة، موضحاً أن وجود وانتشار الجريمة يتم من المجتمع الذي لا يسمى الأشياء بأسمائها .فللاسم معنى وقوة في الانتشار، مؤكداً أن ممارسة تسعة طويلة  للحرابة وأن الفقر والجهل والبطالة لها القدح المعلى وغياب الوازع الديني والأخلاقي ساعد  في انتشار الجريمة،

فيما أكد مصدر في الشرطة استمرار الظاهرة، وقال لـ(الصيحة): (٩) طويلة موجودة ويصعب القضاء عليها.

في وقت سابق قبل أكثر من خمسة أشهر،  خاطبت الصحيفة المكتب الصحفي للشرطة للحصول على معلومات حول العصابات بالإضافة لاستعراض إنجازات الشرطة في القضاء عليها وقام المكتب الصحفي للشرطة بتحويل الخطاب للجهة المسؤولة إلا أن الخطاب ما زال في أدراجها وهذا يعني أن الشرطة لا تريد الحديث عن عصابات تسعة طويلة مع أنها عقدت مؤخراً ورشة لتطوير الإعلام الشرطي أوضحت بضرورة تمليك الحقيقة للناس، ووقتها تحدث مدير عام الشرطة وركز على أهمية الحقيقة وذكر أن الإعلام هو الحقيقة، في فترة كانت في أوج انتعاشها.

إعدام

قبل أقل من أسبوع أصدر قاضي محكمة الأزهري حكماً بالإعدام في مواجهة فرد من تسعة طويلة قام بقتل طالب جامعي وسرقة هاتفه الجوال، وقال المحامي أحمد حسن لـ(الصيحة): إن سرعة البت في الأحكام من شأنه التقليل من جرائم تسعة طويلة، وطالب باعتبار جرائم تسعة طويلة من الحرابة وتنفيذ أحكامها بالقطع من خلاف، مبيِّناً أن التساهل مع عصابات تسعة طويلة يشجعها على الاستمرار في جرائمها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى