“شبح كورونا” يُهدِّد السودان ويُثير مخاوف صقور الجديان

عمار طيفور نجم باستيا الإيطالي وصل الخرطوم

 

الخرطوم- ناصر بابكر

عمار طيفور.. لاعب الوسط الشاب والسوداني الحاصل على الجنسية الأمريكية والذي سبق له تمثيل المنتخب الأولمبي.. تم اختياره مُؤخّراً في قائمة المُنتخب الأول لمباراتي غانا ليكون وصوله الخرطوم أمس سبباً في جدل كثيف تجاوز النطاق الرياضي ليشمل الإجراءات الصحية المُتّبعة في السودان للتّعامُل مع فيروس “كورونا” بشكلٍ عام والتعامُل مع الأشخاص القادمين من دول مُصنّفة بأنّها الأكثر تضرُّراً بالوباء ومنها إيطاليا، حيث ينشط طيفور في نادي باستيا.. (الصيحة) فتحت تحقيقاً حول الأمر تتابعونه في المساحة التالية:

“كورونا” يغزو العالم

في غُضون أشهر من ظهور فيروس “كورونا” الجديد في مدينة ووهان الصينية، اجتاح الرعب، دول العالم أجمع من سرعة انتشار هذا الفيروس.

ويبذل العلماء جُهُوداً حثيثة للتصدي لفيروس “كورونا” وكبح انتشاره حول العالم، ويرجّح العلماء أن فيروس “كورونا” الحالي، الذي يُطلق عليه مُؤقتاً “فيروس كورونا المستجد – 2019″، ظهر في ديسمبر من العَام الماضي.

وتَستمر فترة حضانة الفيروس – ما بين الإصابة وظهور الأعراض – لحوالي 14 يوماً، وفقاً لمُنظمة الصحة العالمية، لكن بعض الباحثين يقولون إنّ هذه الفترة قد تستمر حتى 24 يوماً.

وينصح الباحثون الأشخاص الذين يمكن أن ينقلوا العدوى – سواء كانت لديهم أعراض أو لا – بعزل أنفسهم لمدة 14 يوماً لتجنب انتشار الفيروس إلى الآخرين.

“كورونا” والرياضة

تسبب فيروس “كورونا” في تجميد الحياة الرياضية في عدد كبير من ملاعب العالم على مُستوى جميع أنواع الرياضيات.. حيث أعلن الكثير من الاتحاد الوطنية تعليق أنشطتها الرياضية مؤقتاً لحين السيطرة على الوباء، فيما لجأت اتحادات أخرى لخيار اللعب بدون جمهور كخطوة احترازية أولى يمكن أن تتبعها خطوة التعليق الذي طال منافسات كبيرة حول العالم بعد أن وصل الفيروس لأندية عالمية على غرار ريال مدريد ويوفنتوس، في وقت تتواصل فيه منظمة الصحة العالمية مع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) واللجنة الأولمبية الدولية لبحث إمكانية إيقاف الأنشطة الرياضية كافة في العالم للحد من انتشار المرض ولضمان سلامة الرياضيين كافة.

“كورونا” والكرة الإيطالية

أعلن نادي سامبدوريا أمس الخميس، أنّ مُهاجمه مانولو جابياديني أصبح ثاني لاعب في الدوري الدرجة الأولى الإيطالي، تثبت الفُحُوصات إصابته بفيروس “كورونا”.
وكان يوفنتوس، أعلن أمس الأول، أن مُدافعه دانييلي روجاني أصيب بالفيروس، الذي أصاب أكثر من 12 ألف شخص في إيطاليا، وأودى بحياة 800 حتى الآن.
وأفاد النادي في بيان، أن جابياديني أجرى اختبارًا أمس، وكانت العينة إيجابية بوجود الفيروس بعد إصابته بالحمى.

وأكد البيان أن جابياديني يعمل بشكل جيد، وسيلجأ هو والفريق بأكمله لجميع إجراءات العزل الصحي، مثلما حدث في يوفنتوس.

اختيارات المنتخب السوداني

في ظل تلك الأوضاع التي فرض من خلالها فيروس “كورونا”، سيطرته على العالم حيث تكافح الكثير من الدول لمحاربة الوباء وتُكافح أخرى لعدم وصوله إليها واتخاذ أشكال الوقاية كافة منه، شهدت القائمة التي تم إعلانها من قبل الطاقم الفني لمُنتخبنا الوطني لكرة القدم لمُواجهتي غانا في تصفيات أمم أفريقيا تواجد ثلاثة لاعبين سودانيين ينشطون بالخارج، وهم يس حامد الذي ينشط في الدوري الروماني.. ومحمد عبد الرحمن الذي يلعب في الدوري الجزائري وعمار طيفور الذي يلعب في إيطاليا.. اختيار يس حامد لم يكن مثار جدل كون رومانيا إحدى الدول التي لم يظهر فيها المرض حتى اللحظة، ولم يكن الجدل كذلك حول محمد عبد الرحمن كبيراً رغم ظهور المرض في الجزائر المُصنّفة ضمن الدول الأقل خُطورةً.. غير أن الوضع كان مُختلفاً في حالة لاعب نادي باستيا عمار طيفور كون إيطاليا أحد أكثر دول العالم تضرُّراً من الوباء، حيث تأتي في المركز الثاني بعد الصين في انتشار المرض وبالتالي مصنفة من قبل منظمة الصحة العالمية ضمن القائمة (أ) والتي يفترض أن يتم التعامل مع القادمين منها بأعلى درجات المحاذير وعمل كل الترتيبات الوقائية اللازمة المتمثلة في الحجر الصحي أو (العزل) لمدة أسبوعين على أن تتم إعادة الفحص بعدها للتأكُّد من عدم وجود الفيروس.

طيفور في الخرطوم

وفي العاشرة من صباح أمس الخميس، وصل نجم نادي باستيا عمار طيفور إلى مطار الخرطوم قادماً من إيطاليا عبر رحلة الخطوط الإثيوبية التي انطلقت من إيطاليا ومرت بمطارات إسطنبول، أديس أبابا ثم الخرطوم.. وفي ظل تساؤلات سبقت وصول اللاعب وترقب لإمكانية وضعه تحت الحجر الصحي لمدة أسبوعين بحسب الإجراءات الوقائية التي تنصح بها منظمة الصحة العالمية للأشخاص القادمين من الدول الأكثر تضرُّراً بالوباء ومن بينها إيطاليا، إلا أن ذلك لم يحدث، حيث خرج عمار طيفور بعد فترة وجيزة من وصوله ووجد مسؤول ملف اللاعبين السودانيين المُحترفين بالخارج لؤي الحلاوي في انتظاره.. وفور انتشار الخبر، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بعشرات التساؤلات حول الإجراءات الصحية المُتّبعة في مطار الخرطوم، وكيفية تعامُل الدولة مع الأشخاص القادمين من الدول الأكثر تضرراً بالوباء.

سليم ومعافى

(الصيحة) وفي إطار حرصها على تمليك القارئ المعلومة الكاملة ومن مصادرها، أجرت اتصالات هاتفياً مع لاعب وسط منتخبنا الوطني ونادي باستيا الإيطالي عمار طيفور بعد ساعات قليلة على وصوله، حيث أكد اللاعب في حديثه للصحيفة أنه سليم ومعافى، وقال: صحيح أن إيطاليا من الدول المُتأثِّرة بالوباء لكن الأمر ليس كما يتصوّره البعض، إذ أن هنالك مناطق في إيطاليا لم يصلها فيروس “كورونا” ومنطقة باستيا من بين تلك المناطق، وأضاف: أقرب منطقة متأثرة بالفيروس تبعد عنا ما لا يقل عن ست ساعات براً، وأردف: قبل سفري إلى الخرطوم خُضعت مع بقية لاعبي الفريق لفحص “كورونا” تحت إشراف إدارة النادي، كما خضعت لفحص قبل مغادرتي من المطار في إيطاليا وكل الفحوصات التي خُضعت لها أثبتت سلامتي وأنني لست حاملاً للفيروس.. وبسؤاله عن الإجراءات التي واجهها في مطار الخرطوم، قال: لم استغرق وقتاً طويلاً بالمطار ولم يكن هنالك الكثير، فقط مررنا عبر جهاز وخُضعنا لفحص الحمى ومن بعده خرجنا من المطار.

إجراءات ناقصة وعزل حتمي

الصحيفة وفي إطار الحرص على استصحاب كل الآراء، سيما الآراء العلمية من قبل المُختصين، أجرت اتصالاً هاتفياً بالدكتور محمد نعيم عضو الجهاز الطبي بنادي الاتحاد جدة وعضو الطاقم الطبي لنادي المريخ سابقاً والذي يعمل حالياً بالمملكة العربية السعودية وسألته عن رأيه في التعامل الطبي الذي تم مع نجم منتخبنا الوطني القادم من إيطاليا، فقال: الإجراءات التي تمت غير كافية للتعامل مع أيِّ شخص قادم من إيطاليا أو غيرها من الدول المصنفة عالمياً بأنه الأكثر تضرراً من فيروس “كورونا”، وأضاف: خضوعه لفحص بإيطاليا أو حتى فحص لـ”كورونا” بمطار الخرطوم أمر غير كاف لأنّ أي شخص قادم من إيطاليا وغيرها من الدول التي تدخل في تصنيف الخطر العالي ينبغي أن يتم عزله لمدة لا تقل عن أسبوعين، وأردف: الحجر الصحي في هذه الحالة إلزامي حتى لو لم تظهر عليه أيِّ أعراض حالياً لأن للفيروس فترة حضانة يمكن أن لا تظهر خلالها أعراضه ولا يظهر في الفحص، وأضاف: أنصح بالتعامُل مع اللاعب بطريقة إنسانية أولاً وبالأمانة التي تقتضي عدم المُجاملة في مثل هذه الأمور لتحقيق المصلحة العامة وهو ما يتطلب استبعاده عن المُشاركة في التدريبات وعن مباراتي غانا ومعسكر المنتخب، حفاظاً على سلامة الجميع وهي نقطة ينبغي أن يتم التعامل معها بشفافية ووضوح بعيداً عن المجالات وبعيداً عن تعريض حياة الآخرين للخطر، وحال ثبت بعد العزل ومن ثم الفحص سلامته، فوقتها يمكن أن يباشر نشاطه بشكل طبيعي.. وتساءل د. محمد النعيم في ختام حديثه وقال: كيف تم السماح للاعب أصلاً بالدخول عبر مطار الخرطوم، وألم يعلموا أنه قادم من إيطاليا؟ وهل يتم السماح لكل القادمين من الدول الموبوءه بدخول البلاد بشكل عادي وطبيعي؟ وأضاف: في تقديري هذا تساهل مرفوض ويعرِّض حياة الناس للخطر!!

الإجراءات الاستثنائية.. في الانتظار

لم يكن من المُمكن تناول هذا الأمر في سياق هذا التحقيق دُون وضع الكرة في ملعب وزارة الصحة الاتحادية ومعرفة رؤيتها، (الصيحة) تَواصلت مع المدير العام لإدارة الطوارئ ومُكافحة الأوبئة بوزارة الصحة الاتحادية د. بابكر المقبول، وسألته عن التّعامُل الذي يتم مع الأشخاص القادمين من الدول التي تعاني من انتشار الوباء مثل إيطاليا، فقال: الإجراءات المتّبعة في هذه الحالة تتم في المطار، حيث يتم قياس الحرارة للشخص ولو وجدوا أنه سليم ولا يعاني من مشكلة أو أي أعراض، فلا يوجد أي إجراء يتم عمله حيث يتم الاكتفاء بأخذ رقمه هاتفه ومتابعته لمدة 15 يوماً وحال ظهرت له خلال تلك الفترة أي أعراض يتم إحضاره للخضوع لفحص “كورونا”، وأضاف: ليس هنالك حجر أو عزل يتم للقادمين من تلك الدول حيث يمارس الشخص في تلك الفترة (15 يوماً) حياته بشكل طبيعي، وفقط يتم مطالبته بأن يكون أميناً مع نفسه ومُحيطه وحال ظهور أيِّ أعراض له أن يبادر بالتبليغ عنها ليخضع للفحص.. وأردف د. بابكر: حتى اللحظة ليست هنالك إجراءات استثنائية دخلت حيِّز التنفيذ، لكن هنالك إجراءات جار العمل على إعدادها وتم رفعها للجهات العليا في انتظار صدور قرار منها، لكن حتى اللحظة يتم الاكتفاء بفحص الحمى في المطار وتسجيل رقم الهاتف.

وأكد مدير عام إدارة الطوارئ ومكافحة الأوبئة، أنهم لا يخضعون القادمين من أيّ دولة لفحص “كورونا”، وقال: فحص “كورونا” قيمته عالية للغاية والمصانع بدأت للتو في إنتاجه بكميات محددة وفي أغلب الدول لا يتم إخضاع أي شخص للفحص وإنما يتم الاحتفاظ بتلك الكميات لمن تظهر عليهم الأعراض فعلياً، لذا يلجأ الناس لمرحلة المراقبة أولاً ولو وجدوا بعدها أنهم مضطرون للدخول لمرحلة الفحص يتم ترتيب ذلك.. وأكد د. بابكر المقبول في ختام حديثه أن الدول الموبوءة نفسها لا تعاني من تفشي الوباء في كل المناطق بذات القدر، حيث ينتشر بشكل كثيف في مناطق وتكون مناطق أخرى أقل ضرراً، وختم بالقول: لكن واحدة من المشكلات التي تسبب إزعاجاً للدول هي مسألة المطارات نفسها خُصُوصاً الرحلات التي يكون فيها (ترانزيت) في بعض المحطات، حيث يُمكن أن يتم التقاط الوباء في بعض المرات بتلك المحطات حتى لو غادر الشخص من بلده سليماً.

هجوم ولا تعليق

مواقع التواصل الاجتماعي، ضجت بانتقادات لاتحاد كرة القدم ولجنة المنتخبات الوطنية لاختيار اللاعب دُون مُراعاة للآثار النفسية التي يُمكن أن تترتّب على زملائه في المنتخب ودُون أن يتم التنسيق والتخطيط لاتباع إجراءات صحية محددة تطمئن الجميع على سلامته ودُون التنسيق مع الجهات المسؤولة من هذا الأمر في الدولة، غير أن المسؤولين رفضوا التعليق على الخطوة واعتذروا عن تناول هذا الجانب رغم الأخبار التي انتشرت على نطاق واسع حول المخاوف الكبيرة التي تُسيطر على لاعبي المُنتخب من عدم اتّباع الإجراءات اللازمة للتعامُل مع الحالة بشكل يعرض حياتهم للخطر.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى