جدلية عدم الملاحقة القضائية .. الممكن والمستحيل

جدلية عدم الملاحقة القضائية .. الممكن والمستحيل

تقرير- نجدة بشارة

في تقرير تحليلي عن مستقبل وضعية العسكريين في التسوية الجديدة، والذي أعده موقع “بلومبيرغ” عن المحادثات غير المباشرة بين الجيش والمجلس المركزي للحرية والتغيير، وأعدت ترجمته صحيفة سودانية، أوضحت في الفقرة الأخيرة ما يشير إلى أن الاتفاق يمكن أن يوفر شكلاً من أشكال الاستقلال والحصانة من الملاحقة القضائية للجيش، وهي تنازلات من شأنها أن تلغي الالتزامات التي تم التعهد بها في الوثيقة الدستورية.

ثم نشرت وكالة “رويترز” بعد (18) يوماً، ذات التقرير مع  إسناده لمصادر غير معلومة، ولاحقاً أثار التقريرين جدلاً على السوشيال ميديا، بشأن ملاحقة قادة الجيش قضائياً بعد التسوية، وتساءل المتابعون.. عن الممكن والمستحيل بشأن الملاحقة من الناحية السياسية والقانونية، والمجتمعية، ومع ذلك ظل السؤال معلقاً، إذ أنه لم يعقب أي من متحدثي الجيش ولا الحرية والتغيير على أي من الإدعاءات المسندة لكليهما.. أين الحقيقة؟

استغلال سالب

أكد القيادى بإلمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله لـ(الصيحة) أن ما يروَّج بشأن تسوية بين الحرية والتغيير توفر الحصانة لقادة الجيش وتضمن عدم ملاحقتهم جنائياً، حديث لا يستند إلى وقائع ولا منطق، وأضاف: ليس من حق الحرية والتغيير أو أي طرف سياسي إعطاء حق الإعفاء أو  الحصانة لأي جهة، بينما رهن الحق لأهل الدم “القصاص” وفقاً للشريعة .

وقال: إن إطلاق مثل هذه الشائعات بهدف إلهاء الناس عن القضايا الجوهرية .

وأردف أن الحديث عن الموافقة من قبل الحرية والتغيير على تكوين مجلس للأمن والدفاع، وزاد لا مكان لمن قوَّضوا الانتقال الديموقراطي عبر الاستيلاء على السلطة بالانقلاب في 25 أكتوبر، أي موقع في مؤسسات الفترة الانتقالية القادمة ..ومكانهم المساءلة بموجب الدستور والقانون مثلما حدث مع قادة انقلاب 1989م.

وقال: إن هنالك استغلال سالب لما دعت له الحرية والتغيير من خلال الرؤية  السياسية، عبر القوى السياسية المناهضة، عبر إطلاق صبغة التسوية على التفاهمات التي وقعت بين قادة الجيش والتغيير.

وأكد ماتم بينهما هي لقاءات غير رسمية، ونفى في ذات الوقت أن تكون هذه التفاهمات قد تضمنت إلغاء الالتزامات التي تم التعهد بها في الوثيقة الدستورية من إلغاء الحصانة أو عدم ملاحقة قادة الجيش قضائياً .

وأكد خلف الله، أن مشروع الدستور الانتقالي الذي قدمته نقابة المحاميين والتي شاركت فيها مكوَّنات الحرية والتغبير، تحوي فصلاً كاملاً يؤكد على العدالة الجنائية والانتقائية والتأكيد على عدم الإفلات من العقاب .

أضف إلى ذلك فإن وثيقة جوبا للسلام الشامل تضم بند للعدالة وتسليم المطلوبين للجنائية.

لا تسوية ولا مساومة

يرى القيادي بلجان مقاومة الحزام الأخضر، أسعد سراج الدين، في حديثه لـ(الصيحة)، أن الشارع لن يسكت عن أي تسوية قد تقود إلى إبطاء أو إلغاء عملية ملاحقة العسكر قضائياً، وأوضح أن العدالة تخص أولى القربى من ذوي الشهداء ولاتخضع لأي مساومة سياسية، وألمح إلى أن الفيديوهات التي انتشرت مؤخراً بصورة مكثفة لفض الاعتصام على الأسافير تشير بوضوح إلى رفض الشارع لأي تسوية قد تجهض حقوق الشهداء وترفع الحصانة عن قادة الجيش، وأردف أن “هذه ثورة الشعب السوداني وهو يريد العدالة ونحن نحتكم لما يريد لأننا لسنا إلا ممثلين له، وليس هناك تراجع أبداً عن العدالة الانتقالية.

أين الحقيقة؟

قالت قوى الحرية والتغيير – مجموعة المجلس المركزي- إنه لا صحة للأخبار المتداولة عن توصل الحرية والتغيير لاتفاق في ما يتصل بالحصانات القضائية الكاملة أو الجزئية لصالح أي جهة أو أفراد ولا يمكن القيام بهذا الأمر دون تشاور وقبول واسع لأهل المصلحة.

وأوضحت فى تعميم صحفي أنها تضع قضية العدالة في مقدمة القضايا الواجب معالجتها بصورة شاملة وشفافة وبمشاركة واسعة من كل أصحاب المصلحة، وأن نطرح رؤيتنا حولها بوضوح لا لبس فيها.

وأكدت على موقفها المعلن في وثيقة أسس ومبادئ الحل السياسي المفضي لإنهاء الانقلاب – التي تم نشرها للرأي العام في وقت سابق – والتي أوضحت فيها رؤيتها حول أطراف العملية السياسية وهياكل السلطة الانتقالية “المدنية بالكامل”، بالإضافة للقضايا والتي من بينها الإصلاح الأمني والعسكري الذي يقود لجيش قومي مهني واحد وخضوع جميع القوات العسكرية والأمنية للسلطة المدنية، وإنفاذ عملية شاملة للعدالة والعدالة الانتقالية تكشف الجرائم وتحاسب المُنتهِكين وتنصف الضحايا وتبرئ الجراح بما يضمن عدم الإفلات من العقاب وعدم تكرار الجرائم مرةً أخرى وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى