عبدالماجد الحاج عبد الماجد يكتب : من الملوم عن تكدُّس البريد بمكتب والي الخرطوم؟

 

6 نوفمبر 2022م

بريد مكتب والي الخرطوم يكتظ ويتكدَّس ويعج بكتل وأكوام من البريد الصادر والوارد، لشكاوى المشتكين والمظلومين الذين يعانون من ظلم قد وقع عليهم وحاق بهم من مسؤولي مختلف الوزارات والمؤسسات وعديد المواقع وجهات الاختصاص المنضوية تحت لواء ولايته، تلك الجموع التي لم تنعم بتذوُّق طعم الإنصاف، ولم تحصل وتستلذ بحلاوة ونكهة مذاق العدل، وذلك حسب الادعاءات والدعاوى المرفوعة والمقدَّمة من قبلهم وجانبهم لأولئك المسؤولين بالمرافق العامة للدولة، مما حدا بهم إلى تصعيد الأمر ورفعه لمقام سيادة الوالي بالخرطوم، باعتباره جهة أسمى وأعلى في خارطة الهيكل الوظيفي للولاية، وبحسبان أنه من يُرتجى ويُتوقع عنده العدل والإنصاف.

أنا من جانبي لم أر وأشاهد بعيني ذلك التكدُّس والاكتظاظ، ولم أضع عليه يدي لأتحسسه وأتلسمه، ولأقيس وأقدّر حجمه وكميته ومقداره … ولكني ومن واقع التجربة والمعايشة، وبقراءة لتفاصيل المشهد، وبوصفي واحداً من أولئك النفر الذين أشرت إليهم وتحدثت عنهم (كمظاليم) ، ولمماثلة ومطابقة حالي بحالهم، وفوق ذلك ومن خلال ترددي المتواصل لمرات عدة وعديدة، إلى دُور ومكاتب إدارات سيادة الوالي، ولعدم حصولي ونوالي على ما أصبو إليه وأنشد، وهو ذلك الشيء المتمثل في طلبي وبغيتي لإيجاد رد شافٍ على مظلمتي التي طرحتها وتقدَّمت بها كشكوى من جملة شكاوى من هم غيري وخلافي، ومن واقع ذلك كله، وعلى ضوئه أستطيع أن أقول وأراهن، بل وأجزم بأن هنالك تكدُّساً واكتظاظاً ضخماً ببريد مكتب الوالي، وبالذات والأخص في الوارد منه.

تقدَّمت بشكوى لسيادة والي الولاية، ضد مسؤولي الأراضي وسادتها (الكرام) بعد أن وصل بي الحال أو كاد، إلى مرحلة وطور أقرب إلى اليأس والإحباط، بدواعي عدم الوصول إلى حلول في معضلتي التي طالت مدتها ومداها، حيث تمطت إلى ست سنوات حسوماً، ولم أصل فيها إلى مخرج حتى تاريخه، وتتلخص معضلتي تلك في أنني عانيت الأمرَّين وأنا أركض وأعدو وأسعى في الحصول على استلام قطعة أرض على الطبيعة، مشتراه بموجب شهادة بحث (بغرض البيع وخالية من الموانع) وتم تحويلها في اسمنا وبموجبه استلمنا شهادة بحث (بغرض التأكد خالية من الموانع) وقد كان هذا بتاريخ 17/11/2016م، علماً بأنني وحتى تاريخ اليوم لم أتمكَّن من استلامها على الطبيعة، ولأسباب واهية ولحجج ضعيفة، بل وجائرة وغير موضوعية ولا منطقية، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على غياب دولة القانون ولا شيء سواه، وللحقيقة فإنني قد ضقت ذرعاً بذلك الإجحاف وتلك العشوائية وتلك البيروقراطية وهاتيك التعسفية التي تُمارس من قبل إدارات الأراضي كافة، وبالذات في عدم السعي لإيجاد حلول لتلك المشاكل العالقة، والتي بمقدور مسؤولي الأراضي حلها إن ابتغوا وسعوا وإن أرادوا وعزموا، ولكنهم لا يهتمون، وبالأحرى لا يودون.

وهكذا تنقضي الساعات وتمر الأيام والشهور والسنوات، التي امتدت إلى ست من السنوات كما أسلفت، وأنا على حالٍ من الرهق والعنت، بل وفي وضع بين عدوٍ وركض … ألهث في مطاردة وملاحقة مديري ووزراء الأراضي ومشرفيها، تارة واقفاً  على أبوابهم وعتباتهم، وأخرى مشبوحا ًومصلوباً على نوافذهم وشبابيكهم حتى أعياني التعب وهدني الرهق وأوهنني الكلل والملل، حيث بلغ مني الإعياء مبلغاً، ووصل بي التعب والنصب حداً لا يمكن تصوُّره أو تخيله، ذلك الحال والوضع الذي ما كنت أظن وأحسب أني بالغه، وملاقيه مرة أخرى، بعد أن هُرِعت إلى مكاتب ومقار سيادة الوالي، مستنجداً ومستجيراً ومستغيثاً، أنشد وابتغي عنده ولديه الحل والنجاة من جور وتعسف مسؤولي الأراضي وظلمهم، ذلك الظلم الجائر والفادح الذي وقع وجثم على صدري.

نعم هُرِعت إليه، وأعني سيادة الوالي، وذهبت إليه وسعيت… إذ كان يحدوني عظيم أمل، ويغمرني فخيم يقين، ويكسوني جسيم رجاء، في أن أجد وأحظى منه بحل عاجل لمشكلتي التي قد طال أمدها وأمتد مداها… لهذا كله آليت على نفسي، وقرَّرت وعقدت العزم على الذهاب لمكاتب الوالي، بعد أن أعيتني الحيلة وهدتني الصعاب والمحاولات مع مسؤولي الأراضي، وقد سعدت غاية السعادة عندما سلمت ذلك الملف كاملاً وبكل مستنداته وتفاصيله المتعلقة بتلك المعضلة، وسبب سعادتي بالطبع هو تفاؤلي وإحساسي بقرب انتهاء رهقي وتعبي، ودنو استعادة ذلك الحق المستلب والمأخوذ والمنزوع قسراً وكُرهاً، والمتعدي عليه غصباً وجبراً، وللعلم فقد كان تسليم ملفي وشكواي للمكتب التنفيذي بالولاية بتاريخ 20/7/2022م، وبمتابعتي قد علمت أن الملف قد أرسل لرئاسة إدارة الأراضي بالمجاهدين بتاريخ 25/8/2022م، حيث جاء الرد بتاريخ 26/8/2022م (أي بعد يوم واحد) كأسرع رد يتم ويحدث، ومنذ ذلك الحين ظللت أراجع وأعاود المكتب التنفيذي بالولاية، وتتم إفادتي بأن ذات الرد تم إدخاله لمكتب الوالي تحديداً في يوم 28/8/2022م، وطُلِب مني أن أراجع بعد كل يومين أو ثلاثة، وهكذا صرت أعاود على حسب ما طُلب مني وأُمِرت، حتى طال الأمد وامتدت المدة ليكون حتى تاريخ 28/10/2022م قد أكمل ذلك الملف مدة شهرين بالكمال والتمام (ستون يوماً كاملة) وهو يقبع ويرقد وينام بمكتب الوالي (كما يقولون) … وحتى اليوم ويا للأسف لم أتلق أي رد ولا أجد أية إجابة… فيا لفرحة لم تكتمل … ويا لتوقع لم يتحقق … ويا لتفاؤل لم يتم… وما أود الإشارة إليه أن هذه المشكلة المقرونة بعدم الحصول على الردود في أوانها … لهي مشكلة جماعية وعامة وأُناسها كُثر، بل أصبحت كظاهرة متفشية ومنتشرة هنالك، فكثيرون ممن التقيت بهم وقابلتهم بالمكتب التنفيذي يتضجرون، ويشكون مر الشكوى من هذا الأمر ومن ذات المشكلة ونفس المعضلة والعقدة، ويعانون أشد المعاناة من هذا الوضع، فهل يا ترى، هذا البريد بأجمعه وأكمله، يقبع وينزوي بمكتب الوالي، على هيئة وصورة وشكل أضابير بطاولات ومناضد وأدراج ذاك المكتب إياه (كما يدّعون) … هذا الوالي الذي بتنا نعرفه ونشهد له بسعيه الدؤوب وبحرصه الكبير وباجتهاده المتزايد، من خلال متابعتنا ومراقبتنا لأعماله عبر أجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ولتحركه ولتجوله  في كل الجهات والوجهات والاتجاهات؟ … أم أن في الأمر شيئاً آخر لا نعرفه؟ … هب أن هذا من الممكن أن يتم ويحدث … وهب أننا اقتنعنا أن هذا التراكم والاكتظاظ في البريد الصادر والوارد يرقد بمكتب الوالي إياه … ألا يأت من يحرِّكه؟ … وما دور من هم يلونه في المهام والمسؤوليات؟ … وهل اليد الواحدة تصفق لوحدها؟ … وهل الوالي هذا من الممكن أن يتقسّم ويتوزّع ويتجزّأ حتى يتمكن من الإحاطة والإشراف على كل هذا الكم من الأعمال والمهام؟ … ألا يوجد له معاونون يدعمونه في إنجاز أعماله؟ يحملون (ويشيلون) عنه بعض وطأة وثقل أعماله، ويتقاسمون معه تلك الهموم والأعباء؟ وينجزون من الأعمال التي أمامه والتي في نطاق وحدود مسؤولياتهم وإمكانياتهم وقدرتهم المتاحة في حدود القانون وفي إطار الوصف الوظيفي؟ وعلى ضوء الخطوط العريضة التي يوجههم بها السيد الوالي ويرسمها لهم على شاكلة نقل وصياغة الردود للرسائل التي وردت من جهات الاختصاص والعائدة لأصحاب الشكاوى الذين تقدَّموا بها متظلمين، كرد على تساؤلاتهم وطلبهم الإفادة والإنصاف في أمر تلك الشكاوى؟

ما زلنا نثق في والي ولاية الخرطوم، ونعتقد فيه، ونتحرى وننتظر منه كثير من الإنجازات، ونتوخى عدالته وبته في الأمور وحسمها وخاصة تلك المعلقة والعاجلة والعائدة للمواطنين والرعايا، ونعتمد على مساعيه وأدواره في إنصاف المظلومين، وما زلنا نعوِّل على جهوده المبذولة من أجل الإصلاح، إلى أن يحدث ما يقول عكس ذلك، وهذا ما لا نتمناه.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى