عبد الله مسار يكتب : رسالة إلى الفريق أول البرهان

23   أكتوبر 2022 م

الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أنت القائد العام لقوات الشعب المسلحة، وكذلك رئيس مجلس السيادة، منذ أن تنحّى الفريق أول عوض بن ابنعوف، وأنت تقود جيشاً وطنياً شامخاً، جيشاً قاده رجال عظام من الفريق أحمد محمد حتى وصلت إليك القيادة، وهذا الجيش تمتّع بحب أهل السودان وحبه لأهل السودان وترابه، وظَلّ هذا الجيش ينتصر منذ عام 1955م وحتى الآن، ولم يُهزم أبداً. وكل الجيوش حوله تشتّت وانهارت، ولكن الجيش السوداني ظَلّ شامخاً وواقفاً كالطود العظيم، وظَلّ محل احترام وتقدير كل الشعب السوداني، وظَلّ الجيش مُنتشراً في كل بقاع العالم العربي وأفريقيا في فترة الحربين الأولى والثانية، فقاتل في الشرق ضد الطليان لصالح الحلفاء، وقاتل في ليبيا وفي العلمين،

وقاتل في فلسطين في الحروب الثلاثة 1965م و1967م و1973م، والآن ومعه الدعم السريع يقاتل في حرب اليمن بقرار من الجامعة العربية.

وهكذا ظَلّ متماسكاً وقوياً، لم يتمرد على قادته، ولم يظهر أي تبرُّم أو ضجر.

كل الانقلابات التي تمت في السودان وراؤها أحزاب سياسية، انقلاب الفريق عبود وراءه حزب الأمة القومي، وانقلاب مايو 1969م وراءه الحزب الشيوعي السوداني، وانقلاب الإنقاذ في 1989م كان خلفه الجبهة الإسلامية القومية بقيادة الدكتور الترابي، حتى الانقلابات والثورات التي فشلت كان خلفها أحزاب سياسية.

وفي كل هذه الثورات والانقلابات، لم يتخلَ الجيش عن مسؤولياته في حفظ وسلامة الوطن، ودفع الجيش في ذلك الغالي والنفيس، وظل يدفع حتى الآن.

والجيش حاكماً في هذه الثورات أو في العهود الديمقراطية وفي قيادة الفترات الانتقالية، ظَلّ وفيّاً لتراب هذا الوطن، وظَلّ السودان مُحاصراً من القوى العالمية في كل الفترات التي كان فيها الجيش حاكماً، أو تلك التي كانت تقوم على أنظمة ديمقراطية، وظَلّ السودان في هذا الحصار وفي كل الحقب، ولذلك قضية حصار السودان لم يكن لممارسة الديمقراطية، ولا لقيام حكومات ديمقراطية، وكان فرض عقوبات لوقوف السودان حامياً لقراره الوطني واستقلاله، ولم تؤثر على قادة الجيش الضغوط الخارجية من لدن عبود، ومروراً بالنميري وسوار الذهب حتى المشير البشير، وكان هذا التدخُّل الخارجي مُستمرّاً وسيظل، لأنّ الغرض من الحصار والعقوبات هو استقلال القرار الوطني السوداني.

الآن، السودان يعيش نفس الضغط الخارجي، لأنّه لم يرفع الحصار عن السودان حتى فترة حكم د. حمدوك العلماني الليبرالي، بل أخذ منا 335 مليون دولار في تعويضات المُدمِّرة كول التي لم يرتكبها السودان!!!!

إذن، أخي الفريق أول البرهان، لو سلّمت السودان إلى الرباعية أو إلى الخماسية أو إلى الثلاثية أو إلى السباعية، فلن يرفع الحصار عن السودان، ولن يقدم عون له، سيظل تحت وطأة الحصار، لأن القصد أن يكسر السودان ولا يخرج هذا المارد الجبّار من القمقم، لأنها دولة عظمى، لها من الموارد والموقع والإمكانيات ما يجعلها أعظم أرض في أفريقيا، بل في العالم.

والشعب السوداني شعبٌ مُميّزٌ وجبّارٌ، وإن جارت عليه الأيام.

عليه، أرجو أن لا تُسلّم السودان لأي قوى سياسية أو مجموعة قوى ترهن البلاد وقراره للخارج، عمالة مباشرة أو باللفة.. وأرجو أن لا تُفرِّط في شرف القوات المسلحة السودانية، باطن الأرض أفضل لك من ظاهرها حتى لا يكتب أن قائد الجيش السوداني سَلّمَ عُنق الجيش إلى المقصلة، وإنه كان قائداً هونا أضاع جيشاً عظيماً ذا تاريخ باذخ، وأضاع بذلك وطناً شامخاً مرفوع الأرض،

عالي الهمّة، وحتى لا يقال إنّ جنرالاً عظيماً أضاع جيشاً قاتل في صفوفه ضابطاً صغيراً، وفرّط فيه قائداً كبيراً برتبة فريق، أو كما قالت السيدة ذات النطاقين (ابكي على حكم اضعته كما تبكي النساء).

إنّ الذين يتحدّثون عن تفكيك الجيش ليسوا أهلاً لحكم السودان دون تفويض انتخابي شعبي.

عليه، عليك أن تحافظ على وعدك بتسليم السلطة في السودان، إما بتوافق وطني أو حكومة مُنتخبة من الشعب. أما الموافقة على آراء وخطط ثلاثية أو رباعية أو خماسية أو سباعية، كلها أحابيل عالمية للسيطرة على القرار السوداني وموارده وموقعه، لتحقيق مصالح دول عالمية على حساب دولة وجيش وشعب السودان.

أرجو أن أكون قد بلغت ونصحت، اللهم فاشهد.

تحياتي،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى