(إيلا) عبّد الطريق.. عودة أعضاء النظام البائد من الخارج.. ممكنة أم مستحيلة؟

(إيلا) عبّد الطريق.. عودة أعضاء النظام البائد من الخارج.. ممكنة أم مستحيلة؟

الخرطوم- صبري جبور

يبدو أن الحديث حول عودة اعضاء النظام البائد  إلى السودان، شغل الساحة السياسية والأحداث الجارية بالبلاد، باعتبار أن العودة تمثل ضربة قوية للرافضين لأنصار النظام السابق لا سيما الحرية والتغيير الشريك السابق للعسكر، بجانب لجان المقاومة والثوار، لكونهم أسقطوا هذا النظام الذي يحلم بالعودة الآن، بدورها أعلنت لجان المقاومة رفضها لعودة فلول النظام السابق، مشيرة إلى أن الحكومة  اليوم تعمل على تهيئة وتوفير البيئة الملائمة لعودتهم خاصة الموجودين بالخارج، كل هذه المؤشرات ومع عودة رئيس الوزراء الأسبق محمد طاهر إيلا، بجانب إطلاق عدد من قيادات نظام البشير من السجون خلال الفترة الماضية، وعودة بعضهم إلى المشهد السياسي والخدمة المدنية، تشكِّل حالة من الارتباك والخوف من مخاطر تلك العودة على مستقبل الوضع في السودان.

دعاة سلام وصلح

عاد إلى السودان (السبت)، محمد طاهر إيلا، القيادي بالمؤتمر الوطني (المحلول) وآخر رئيس وزراء في عهد البشير من منفاه الاختياري بعد (3) أعوام، من سقوط النظام.

وقال إيلا مخاطباً الحشد الجماهيري الذي خف لاستقباله إنه عاد  للعمل من أجل غدٍ أفضل يستحقه المواطن في المعيشة والصحة والتعليم والاقتصاد وتابع :(جئنا دعاة سلام وصلح وتعايش).

وحيَّا القوات المسلحة، وقال إنها حافظت على أمن وسلامة الوطن ليكون آمناً ومستقراً واستنكر أحداث العنف القبلي الدامي الذي شهدته ولاية البحر الأحمر خلال الثلاثة أعوام الماضية.

وأضاف: (جئنا لنتعايش كما كنا في هذه الولاية ليس هناك فرق بين قبيلة وأخرى، نعيش في وئام وسلام، أتينا لننمِّي الولاية ونكمل الاستقرار الذي كان يميُّزها).

حرب نفسية

عد عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي كمال كرار،عودة (الإسلاميين) وقيادات الوطني، بأنها تأتي في إطار الحرب النفسية والإعلامية ضد الثورة، وقال -أيضاً- العودة محاولة للتأثير على الشارع سلبياً، وأضاف: لكن الثورة محصنة هذه الأشياء والحرب النفسية ـ حسب تعبيره.

وقطع كرار في تصريح لـ(الصيحة) أمس،  (عندما اندلعت الثورة وتغيير الوضع في السودان بإنهاء نظام الإنقاذ ورفع شعار “أي كوز ندوسو دوس” لم يأت من فراغ أو يكون شعار خاوي،  بل أن مضمونه أن الشعب السوداني يرفض تجربة الإسلام السياسي للأبد).

وجزم كرار أن عودة الإسلاميين مجدَّداً (حلم ووهم) غير قابل للتحقيق، وقال: إن الشعب ماضي في ثورته إلى أن تحقق غاياتها، وأضاف: “أكتوبر الجاري سيشهد مزيد من التصعيد والإضراب والعصيان “.

عودة إيجابية

فيما أعلن نائب رئيس حزب الأمة القومي الفريق صديق محمد إسماعيل، ترحيبه بعودة آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المعزول عمر البشير محمد طاهر إيلا، والداعية الإسلامي د. عبد الحي يوسف للبلاد.

وقال إسماعيل بحسب الزميلة (اليوم التالي): (أرحب بعودة أبناء السودان إلى وطنهم إيلا وعبد الحي)، وأضاف: (أتمني عودة الإسلاميين أن تكون إيجابية متى ما كانوا لا يسعون إلى ضعضعة مشاعر الشعب السوداني)، وشدَّد على أن عودتهم لا يجب خلالها أن يصادموا الشعب السوداني في أي محاولة لإجهاض الثورة أو تعويق مسيرتها، ومضى: (بنفس القدر ينبغي لنا أن لا يكون لدينا شعار تعدٍ أو إقصاء أو حرمان أبناء الشعب السوداني من ممارسة حقوقهم السياسية والاجتماعية وكل الحقوق في حال لم يكن عليهم مسألة قانونية أو مطلوبين أمام المحاكم الجنائية أو متهمين بالاعتداء على الآخرين).

وشدَّد على أنه لا يرى سبباً لإقامة سياج بين الإسلاميين بالخارج ووطنهم متى ما التزموا بالأطر العامة المتفق عليها لجهة أنهم خلال الفترة الانتقالية لا يسمح لهم كحزب محلول مُمارسة أي نشاط سياسي، وقال: (لكن من حقهم أن يساهموا في بناء الوطن).

واستبعد إسماعيل أن تكون عودة الإسلاميين لها علاقة بالعسكر، وقال: (أعتقد أن المناخ العام في السودان الآن هو الذي أتاح هذه المساحة بسبب الفشل في إدارة الفترة الانتقالية وتحقيق أهداف الثورة هي التي فتحت المجال)، وأضاف: (بالتالي كل اتهام لجهة أن هنالك مؤامرة هذا حديث غير صحيح).

إعادة الصفوف

ولكن أستاذ العلوم السياسية بالجامعات محمد صديق خليفة، له رأي  مختلف، مشيراً إلى أن عودة إيلا تأتي في منظور عودة مواطن لديه إنجازات خلال فترة وجوده في الحكم، فضلاً عن ثقله في شرق السودان، وقال: لذلك وجد استقبالاً كبيراً من الشرق والخرطوم والجزيرة، وأضاف: (ديل ماكلهم مؤتمر وطني، بل معجبين بإنجازاته).

ونصح خليفة في تصريح لـ(الصيحة) أمس، بعدم عودة الإسلاميين خلال هذه الفترة، وأشار إلى أن العودة في هذا التوقيت مضرة وقد تعرِّضهم للخطر، وأضاف: “الأفضل للإسلاميين أن يؤجلوا الأمر لمزيد من الدراسة وإعادة صفوفهم وتصحيح المسار للاستعداد لما بعد المرحلة الانتقالية”.

توفير المناخ الملائم

من جانبه اتفق المحلِّل السياسي محمد علي عثمان، مع ماذهب إليه محمد صديق، بشأن عدم عودة الإسلاميين في الوقت الراهن، وقال عثمان في تصريح لـ(الصيحة) أمس:  “في ظل هذه الصراعات بين المدنيين والعسكريين” أن العودة لا جدوى لها، بل أن الخطوة ينبقي أن تؤجل لحين وضوح المشهد السياسي في السودان وتوفير المناخ الملائم، وأضافك “العودة قد تخصم منهم في الوقت الراهن”.

واعتبر محمد علي، أن عودة إيلا، في سياق منظور قبلي وموازنات سياسية باعتبار أن محمد طاهر إيلا، هو الرجل الأول في شرق السودان، وقال: “قد يصنع الفارغ  والوزن السياسي  في المركز”.

قطع طريق العودة

يرى القيادي بالحرية والتغيير ياسر عرمان، إن وحدة قوى الثورة خطوة مهمة لقطع الطريق أمام عودة الإسلاميين مجدداً. وقال عرمان خلال اجتماع رعاه الشيخ محمد حاج حمد الجعلي، في منطقة (كدباس) بولاية نهر النيل: (الآن هناك عودة بصورة كبيرة للإسلاميين ويجب أن نتوحَّد تحت قضية واحدة لإسقاط الانقلاب وإقامة الدولة المدنية وهو أمر ضد رغبتهم).

وحث عرمان على ضرورة ترك التخوين واحتكار الثورة، وأعلن استعداد الحرية والتغيير للجلوس مع لجان المقاومة والقوى السياسية المختلفة لبناء جبهة مدنية تناقش بوضوح الأخطاء وكيفية المضي للأمام.

استفزاز الشعب

بيمنا يرى القيادي بقوى إعلان الحرية والتغيير وجدي صالح، أن عودة رئيس الوزراء الأسبق والقيادي بحزب المؤتمر الوطني المحلول محمد طاهر إيلا، لا تتعلق بالأموال المتهم بتبديدها فحسب، وإنما تتعلق -أيضًا- باستفزاز الشعب السوداني عبر الاحتفالات المُقامة للاحتفاء بعودته.

وتابع صالح طبقاً لـ(الترا سودان): (المسألة لا تتعلق بعودة إيلا أو عدم عودته إلى السودان، لكن الاحتفاء بهذه العودة هو مجرَّد محاولة لاستفزاز الثورة وقواها، تهدف إلى إدخال وإشاعة روح الإحباط بين الثوار).

وأكد صالح أن الثوار لن يُحبطوا بمثل هذه (الأفعال الصبيانية) -على حد تعبيره- وأنها لن تؤثر عليهم لأنهم على يقين بأن الثورة منتصرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى