هل فشل الحزب الشيوعي في استقطاب لجان المقاومة؟

هل فشل الحزب الشيوعي في استقطاب لجان المقاومة؟

الخرطوم- الطيب محمد خير

قالت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، إن هيئات الحزب تعمل في مجالات السكن على تكوين تنظيم التحالف الديموقراطي في الأحياء السكنية، مشدِّدة على ضرورة وجود الحزب الشيوعي وسط الجماهير وفي قيادتها، مبيِّناً أن الغرض من الخطوة رغبته في تنظيم الجماهير في مجالات السكن والعمل للإنفاذ لقاعدة ركيزة العمل الثوري التي تتمثَّل في تكوين وتنشيط  دور المنظمات الديموقراطية وسط الجماهير في مجالات السكن والعمل والدراسة ليلعب الشيوعيون والديموقراطيون دورهم في تنظيم الجماهير والعمل معها في انتزاع الحقوق وفي الدراسة لمواجهة سياسات السوق الحر وتبعاتها من غلاء معيشي وتدهور الخدمات والبيئة وإهمال الدولة في درء آثار الخريف والفيضانات.

وأشارت اللجنة المركزية في بيان لها إلى أن المشاركة في المواكب تراجعت -حاليًا- مقارنة مع النشاط العالي لحركة الجماهير في الأشهر الماضية، لأن الحراك لا يسير في طريق مستقيم، مضيفاً أن بناء الاصطفاف الجديد حول القوى الثورية مهم للتعاون والنضال نحو الهدف المشترك وهزيمة أعداء الثورة، وحال نجاح خطوة التحالف الديموقراطي سيتكوَّن تنظيم جديد موازي للجان المقاومة وهي أهم التنظيمات الشبابية المستقلة في الأحياء وتقود -حاليًا- الاحتجاجات، وظلت محور صراع وتنافس بين الحزب الشيوعي والحرية والتغيير كل يعمل على استقطابها قبل أن  تتوصل لصياغة ميثاق يوحِّدها في كيان واحد في كل السودان.

وسخرت اللجنة المركزية في بيانها من قوى الحرية والتغيير وتجمُّع المهنيين  التي قالت إن الجماهير التي نزلت إلى الشارع تقدَّمت على قيادتها، وأشارت إلى أن جوهر الموضوع في المنعرجات الثورية هو كيفية تنظيم الجماهير وتعبئتها لاستلام السلطة ودور الأحزاب الطليعية تسهيل هذه العملية .

فشل الشيوعي

قال القيادي بحزب الأمة القومي المقرِّر السابق لإصلاح قوى الحرية والتغيير عادل المفتي لـ(الصيحة): إن إقدام الحزب الشيوعي على هذه الخطوة تقرأ من عدة جوانب وتفسيرات في مقدِّمتها إقرار من الحزب الشيوعي بأنه فشل في إحداث اختراق وسط لجان المقاومة وبالتالي فقد ما كان يرجوه في استقطاب واستمالة لجان المقاومة لجانبه وتوظيفها حسب برامجه، الأمر الآخر تؤكد هذه الخطوة أن ما يعرف بتحالف قوى التغيير الجذري الذي دعا إليه الجزب الشيوعي في وقت سابق غير بعيد، لم يؤت أُكله وما كان يرجى منه، وذهاب الحزب إلى تأسيس تحالف جديد أياً كان اسمه وطابعه فهذا إقرار واعتراف صريح بأنه فشل فيما كان يسعى إليه ويراهن عليه بأن كل لجان المقاومة ستسارع للانخراط في تحالف التغيير الجذرين، وأضاف المفتي: الفشل المتلاحق الذي ظل يلازم الحزب الشيوعي، لأن خطة الذي يسير عليه ظل مشوَّشاً، وهذا مدعاة إلى أن يغيِّر نهجه في التمسُّك بالمعادلات الصفرية في مقابل قناعات الجميع بضرورة أن تتوحَّد القوى المدنية، في وقت ظل الحزب الشيوعي يرفض الجلوس مع كل المكوِّنات المدنية وهو يحاول استمالة عبدالواحد محمد نور وعبدالعزيز الحلو، إلى جانبه، وهذه معادلة صفرية صعبة بالنسبة للحزب الشيوعي وهو يحاول جاهداً العمل منفرداً، وقال: بالضرورة على الحزب الشيوعي أن يعيد النظر في الخط  الذي يسلكه منفرداً، لأنه لا يؤدي إلى اتفاق أو مجرَّد الجلوس معه في حوار في إطار القوى المدنية، لأن الحكم الديموقراطي الوصول إليه لابد من تنازلات، لكن المعادلة الصفرية التي يصر عليها الحزب الشيوعي غير مجدية ويمكن أن تقود البلاد إلى متاهات لا يحمد عقباها .

خط صفري

وعن مدى نجاح الحزب الشيوعي في تكوين جسم موازي للجان المقاومة ويكون بديلاً لها، قال المفتي: لا أعتقد نجاحه كما ذكرت لك، إن أي خط صفري لن ينجح لأنه أن كنت صاحب مبادئ ومبدأ وتمضي في الاتجاه الخطأ فرص نجاحك تكون ضعيفة أن لم تكن صفرية، لكن من حق الحزب الشيوعي أن يعمل تنظيماته الخاصة به وسط الجماهير ويحضِّر نفسه للانتخابات، وهذا واضح في وقت تتحدَّث فيه القوى الأخرى عن الثورة وتحقيق مبادئها، وقال: الملاحظ أن الحزب الشيوعي اتجه ناحية تحضير نفسه لأي انتخابات تقوم، وهذا واضح من أنه أعلن انسحابه من الحكومة الانتقالية في فترة حمدوك، لكن الحزب الشيوعي دائماً إشارته (شمال) (لكنه) (يلف يمين)  لذلك دفع بكل ثقله عبر كوادره وبعدد وافر من قياداته لداخل الخدمة المدنية  ليكونوا جزءاً من المنظومة الحاكمة وقتها حيث تم دخولهم في النقابات وسقوفات الخدمة المدنية العليا وشغلوا الكثير من الوظائف، وهذا تؤكده شكواه إبان فترة حمدوك أن كوادره في الخدمة المدنية تجد معاكسات من قبل قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، وهذه الرغبة في السيطرة مبعثها أن الحزب الشيوعي منذ بداياته ظل تفكيره في كيف يتغلغل ويتقوقع داخل الخدمة المدنية والتنظيمات المجتمعية .

وأشار المفتي إلى أن التحالف الجديد الذي شرع في تركيبته تبيِّن الرغبة المتأصلة لدى الحزب الشيوعي في الفترات الانتقالية تجده دائم السعي لأن يكون هو المسيِّر لهذه الحكومة، هذه محاولة من الحزب الشيوعي للسيطرة على قاعدة العمل الجماهير استعداداً لتفشيل الانتخابات أن هم شعروا بخسارتها .

مزاحمة القوى السياسية

يرى المحلِّل السياسي علي شرف الدين، خلال  حديثه لـ(الصيحة) بأن كثيراً من القوى السياسية عملت على نسيان دور لجان المقاومة وأصبحت منشغلة بالمشاكسات الدائرة في الساحة بعيداً عنها، ما جعل المقاومة تتمسَّك بأساسياتها المتمثلة في رفض التفاوض مع المكوِّن العسكري بجانب ابتعادها عن الأحزاب السياسية، وأضاف بأن الاختراقات والتدخلات موجودة وسط لجان المقاومة وهنالك الكثير من الأيادي تتدخل،

ونوَّه لا ننكر بأن لجان المقاومة تضم أفراداً منظمين سياسياً داخلها، إلا أن الحقيقة أن غالبية أعضاء لجان المقاومة هم من الشباب غير المنظمين سياسياً، كما تتمتع اللجان بمتوسط أعمار صغير نسبياً من الذين نشأوا ومارسوا العمل الاحتجاجي المنظم في الأعوام الأخيرة. مشيراً إلى أنه في حكومة حمدوك أحدثت نقلة في طبيعة اللجان، وأُسندت بعض المهام الخدمية والإدارية إلى لجان المقاومة، وعرفت آنذاك بلجان الخدمات والتغيير والتي كان معظم أفرادها أفراداً نشطين في لجان المقاومة في أحيائهم السكنية لملء الفراغ الذي خلَّفه حل اللجان الشعبية بعيداً عن السياسة، وأضاف بأن لجان المقاومة ليست مخترقة من الأحزاب فقط، بل هناك جهات أخرى تسعى لشيطنتها وأخرى أنشأت أجسام موازية لها، ويرى شرف الدين بأن خطوة الشيوعي لن تنجح، لأن المواطن تعب من فشل الأحزاب، لا أظن أن يرضى في  حي سكني أن يأتي حزب وينظِّم له الخط الثوري ويكوِّن أجساماً موازية للأجسام الموجودة .

لا تقدِّم ولا تؤخِّر

قال عضو لجان مقاومة أم درمان علي حسين لـ(الصيحة) بأن لجان المقاومة ظلت تساهم في المشهد السياسي وواصلت ذلك عقب ما حدث في الخامس والعشرين من أكتوبر، ونوَّه بأن اللجان مثلت القوة الفعلية التي حرَّكت الشارع بشكل مستمر ومثلت خط الدفاع الأول والتحرُّك بوضع مواثيق سياسية حول آليات إسقاط الانقلاب، وطبيعة القوى السياسية التي ستشكِّل حكومة ما بعد الانقلاب، وأضاف بالرغم من أن العلاقة مع القوى السياسية  ظلت تحالفية إلا أن ذلك لا يمنع من توضيح ملاحظاتنا عليها، ولكن لم يرتق التوضيح إلى مرحلة شرخ العلاقة معها إلا في الفترة الأخيرة، ونوَّه حسين بأنه لايوجد -حالياً- صوت تطابق مع القوى السياسية، لأن مطالبنا أعلى بكثير من طموحات القوى السياسية التي ودائماً ماتجئ  اتفاقاتها وتحالفاتها دون طموح لجان المقاومة، ويرى بأن خطوة الشيوعي لخلق أجسام موازية للجان المقاومة لا تقدِّم ولا تؤخِّر، لأن الشعب أصبح واعياً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى