شاكر رابح يكتب : مستجدات الواقع والفرص الضائعة

4 سبتمبر 2022م

المتابع للشأن السياسي السوداني، يرى ظاهرياً مآلات الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية. إنّ الأمر يتعلق بالخلاف بين مكوني التغيير العسكري والمدني وحول طبيعة إدارة الفترة الانتقالية، بالنظر إلى مستجدات الواقع السياسي الراهن وخطاب الكراهية والتشظي بين القوى الفاعلة في المسرح السياسي، وتحديداً تصريحات رئيس مجلس السيادة إبان زيارته لولاية الجزيرة والقاضي بفشل التغيير وضياع ثلاث سنوات من عُمر السودان، وبالنظر أيضاً إلى مواقف قوى الحرية والتغيير الغامضة والمتناقضة في أحيان كثيرة من كافة المبادرات الداخلية والخارجية، منها يتأكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك صراعاً مريراً خفياً ومضمراً بين كيانين يحملان رؤيتين مختلفتين في الجوهر والمضمون، كيان عسكري يدعو إلى الذهاب لمشروعية الانتخابات، وكيان مدني يعمل على استرجاع الواقع السياسي إلى محطته الأولى شرعية الشارع والثورة، فإن العلاقة بين الطرفين تميّزت طيلة الفترة الماضية من عُمر الثورة سواء كان قبل أو بعد إجراءات القائد العام القاضية بفض الشراكة وتجميد بنود مهمة من الوثيقة الدستورية، هذه الفترة تميّزت بالتباين والاختلاف في كل شئ، وتبادل الاتهامات أكثر من محاولة الانسجام والتوافق بينهما، جنوح الطرفين للصراع المخفي هو دليلٌ قاطعٌ على التردد والاختلاف والنكوص عن أهداف الثورة المجيدة، وفي اعتقادي إنّ عدم وجود دستور حاكم للفترة الانتقالية يضبط قواعد الممارسة السياسية زاد من حالة الغموض والضبابية، مما أحدث فراغاً دستورياً وتنفيذياً وسياسياً.
في رأيي الشخصي أن التفاف القوى السياسية المدنية والعسكرية لمبادرة الشيخ الطيب الجد ربما تُوقف حِدّة الخطاب بين المكونين العسكرى والمدني وتنعكس إيجاباً على مسار التحوُّل الديمقراطي والإسراع به إلى تكوين حكومة كفاءات وطنية غير حزبية، رغم الغموض الذي يكتنف موقف قوى الحرية والتغيير من المُرجح في نهاية المطاف أن تقبل بمبادرة الشيخ الجد كفرصة أخيرة يجب أن لا تضيع من بين أيديهم، خاصةً أنّ بعض قيادات قحت خرجوا علينا بخطابات مهادنة غير متطرفة كالسابق، مثل حديث إبراهيم الشيخ وعمر الدقير في محاولة خجولة لمغازلة العسكر ومعالجة بعض الأخطاء التي اُرتكبت في الماضي وكانت سبباً في فض الشراكة وتجميد الوثيقة الدستورية، هذه المهادنة تأتي لكون وجود صعوبات لتغيير ميزان القوى وإنتاج واقع سياسي جديد، وهذه الصعوبات قد تدفع بقوى الحرية والتغيير لتقديم مزيد من التنازلات، يمكن النظر كذلك إلى أن القوى السياسية خاصة اليمينية منها، تعاطت بإيجابية مع تطورات المرحلة، والمراهنة على نجاح مبادرة “الجد”، والعمل على تعزيز موقفها التنظيمي الحزبي الذي سوف يمكنها من الحصول على أكبر عدد ممكن من التمثيل الشعبي في البرلمان المقبل.
وأظن أن مجريات الأمور ليست بخير كما قال بذلك الخبير الاستراتيجي د. عبد الحميد كاشا (إن القوى السياسية مجتمعة فهمت اللعبة السياسية ووعت الدرس، ويتطلّب الخروج من المأزق السياسي تواضعاً معرفياً بمرونة كبيرة).
يقول السفسطائيون: “لا شيء موجود، وإذا وجد لن تستطيع فهمه، وإذا استطعت فهمه لن تستطيع أن تعبر عنه”.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى