حكومة (الأمر الواقع).. حل أم تعقيد للأزمة؟

 

الخرطوم: صلاح مختار    3 سبتمبر2022م 

(بما كسبت أيدي القيادات السياسية بالبلاد) عبارة قالها نائب رئيس حزب الأمة القومي صديق إسماعيل، لتأكيد إمكانية تشكيل حكومة (الأمر الواقع). ربما الرجل يريد تبرير الانسداد الذي وصل إليه الواقع السياسي ودرجة الأزمة بالبلاد. بالتالي وصل الفريق صديق إلى قناعة باستحالة الوصول إلى توافق وطني، طبق ما يطلبه البرهان لتسليم السلطة للمدنيين، ويقول بحسب (الانتباهة): (لا أعتقد بأنّ هنالك فرصة لتكوين حكومة قائمة على توافقٍ وطني، ولكن من الممكن تكوين حكومة الأمر الواقع, وتفرض على الناس بما كسبت أيدي القيادات السياسية). ودعا من أسماهم بالقائمين على الأمر السياسي إلى ضرورة الإسراع لتحقيق أكبر درجة من التصالح والتسامي للمحافظة على بقاء الدولة. إذاً تشكيل حكومة الأمر الواقع هل سيحل أزمة البلاد أم سيزيدها تعقيداً؟

فراغ دستوري

في وقت شكّل رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لجنة لتنقيح الأسماء الـ(35) التي دفعت بها مبادرة “أهل السودان” بقيادة رجل الدين الصوفي الطيب الجد لاختيار واحداً من بين المرشحين لتقلد منصب رئيس الوزراء. وإنهاء حالة الفراغ الدستوري الذي يعيشه السودان منذ قرابة العام بعد استقالة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وحكومته في أكتوبر الماضي.

مائدة مستديرة

وكان وفد من مبادرة الجد سلَّم البرهان قائمة من (35) مرشحاً، لمنصب رئيس الوزراء لاختيار واحد منهم. وخلال الفترة الماضية عقدت مبادرة “أهل السودان” مؤتمر دائرة مستديرة قاطعته قوى الشارع بجانب قوى الحرية والتغيير التوافق الوطني، ورأت أنه “محاولة لإعادة نظام الرئيس المعزول عمر البشير”.

ضغوط مؤثرة

ومارس المكوِّن العسكري ضغوطاً مؤثرة على المكوِّن المدني عندما أراح نفسه من عنا الحوار السياسي وأعلن انسحابه منها والاكتفاء بدوره الأمني والعسكري والعودة إلى الثكنات, ولكن رغم ذلك دعا في حديث لنائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو، القوى المدنية المختلفة للإسراع في الوصول إلى حلول عاجلة لتكوين هياكل ومؤسسات الحكم. وأكد أن المكوِّن العسكري على استعداد لعقد لقاءات تشاورية مع الأطراف المختلفة حول إطلاق عملية الحوار لتحقيق توافق وطني يسهم في إكمال  المسار الانتقالي والتحوُّل الديموقراطي وصولاً للانتخابات بنهاية الفترة الانتقالية. ما عده المراقبون وسيلة للعودة لممارسة الدور السياسي للمكوِّن العسكري.

تباعد المواقف

وينشط مراقبون لتبرير موقفهم من مبادرة الطيب الجد التي يراها منهم بأنها قد تكون بديلاً مناسباً للمكوِّن العسكري, ويرى البعض الآخر كلما تباعدت مواقف المدنيين الوصول لاتفاق حول أرضية مشتركة لإطلاق الحوار ازدادت قوة ودور المكوِّن العسكري في التأثير على العملية السياسية, وبالتالي قد يتجه لاستخدام سياسية الأمر الواقع لحسم الجدل في الساحة خاصة بعد أن شكِّل البرهان لجنة لاختيار رئيس الوزراء بين المرشحين الذين قدَّموا له من قبل مبادرة “أهل السودان”.

إشراف مباشر

يرى القيادي بقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله، أن رئيس المجلس السيادي كان يسعى بإشرافه المباشر أو توجيه الآخرين إلى تشكيل حكومة تساعده للانفراد بالسلطة وفي إدارة شؤون البلاد. ولكن هناك أكثر من (10) أشهر أكدت فشل تلك المساعي. وقال لـ(الصيحة): الآن البلاد تعيش أسوأ مرحلة في تاريخها ليس هناك سلطة أو مؤسسات بالتالي أي شخص سواءً استجاب لمسعاه القديم أو الجديد أو من استجاب أو لم يستجب, سيظل الحل في توسيع وتطوير الحراك في جبهة معارضة تصل مرحلة خطوة حاسمة بإعلان الإضراب والعصيان المدني لإسقاط إجراءات البرهان وتجنيب البلاد المخاطر.

بين معسكرين

ولكن خلف الله يستدرك ويقول: بات من الوضوح لا أحد ينكره هنالك صراع دائر في البلاد بين معسكرين, معسكر لقوى النضال الديموقراطي المعارض لإجراءات البرهان وآخر عماده المكوِّن العسكري وفلول النظام السابق, والقوى التي ظلت تحتفظ بمواقعها قبل سقوط الإنقاذ حتى (11) من أبريل. بالتالي لا توجد منطقة وسطى أو رمادية, ولا يوجد حل في إطار تلك الإجراءات أو شرعنته. وقال: كل ما يجري الآن هو ما متعارف عليه في السياسة السودانية بالتسوية والمصالحة في إطار النظام.

وجهات النظر

ورأى خلف الله أن المبادرات المطروحة لتقريب وجهات النظر سواءً أكان اللقاء الذي جمع بين السفير الأمريكي الجديد والبريطاني والسعودي لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السودانيين لا تخدم شيئاً  لأن عمق الأزمة وطبيعة الصراع في السودان لا تحل بالمبادرات, ولا بالتسوية, بغض النظر عن من يقف وراءها, ومن يستجيب لها, ولذلك الحل في الإرادة الشعبية التي تقف ضد إجراءات (25) أكتوبر.

تقديرات الآخرين

ونأى خلف الله بنفسه من توجيه أي نقد لمواقف القوى السياسية التي أشارت إلى إمكانية تشكيل حكومة أمر واقع. وقال: نحترم تقديرات الآخرين, ولكن نتمسَّك بما تتمسَّك به قوى الحرية والتغيير, وما ظل يتمسَّك به حزب البعث, في مقاومة الإجراءات, لأنها على زوال وليس له مستقبل, وأن تاريخ الحركة الوطنية مليء بالدروس والعبر. وأضاف: على الذين يحاولون إعادة دوران العجلة أن يعتبروا بأنه كلما تقترب من النظام تفقد احترام وتقدير الشعب.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى