صناعة الدستور .. رصف للطريق أم تكريس للأزمة؟

 

الخرطوم: نجدة بشارة   10 اغسطس 2022م 

من المأمول أن تكتمل اليوم الأربعاء عملية  التوافق على آلية لصياغة الدستور الانتقالي، والتي انطلقت مشاوراتها الاثنين بدار نقابة المحامين السودانية، وجاءت تحت بند مناقشة قضايا تتعلق بطبيعة المرحلة الانتقالية والإطار القانوني والدستوري للإعلان الدستوري المرتقب.

 

وشارك في الورشة كل من “أطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق سلام جوبا، الحزب الاتحادي الأصل، حزب المؤتمر الشعبي، الحزب الجمهوري، حزب الأمة القومي، جزء من  لجان المقاومة، منظمات المجتمع المدني، أساتذة الجامعات، ممثلين عن وزارة العدل، التجمعات المهنية، المجموعات الدينية وأسر الشهداء”.

وبحضور الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتيس، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة الإيقاد، والاتحاد الأوروبي، بجانب كل من سفراء الإمارات والسعودية وبريطانيا، والقائم بأعمال السفارة الأمريكية بالسودان.

مستقلة ومحايدة

أكد القيادي بقوى الحرية والتغيير، ورئيس اللجنة القانونية للمكتب السياسي حزب الأمة القومي آدم جريجير في تصريح لـ(الصيحة) أن مبادرة صياغة الدستور التي اكتملت اليوم تعد من المبادرات “القيمة”، وزاد: متفائلون بمخرجات الورشة والتي أعتقد أنها سوف تؤدي  إلى توافق كبير وسط القطاعات السياسية والمدنية، وأن الجميع متوافقون على الإعلان المدني الدستوري،

وأوضح جريجير، أن مشروع الدستور طرح من قبل جهة مستقلة ومحايدة هي نقابة المحاميين، وزاد: شاركنا باعتبار أننا جزء من المجلس المركزي للحرية والتغيير ككتلة ائتلافية واحدة، وأضاف: الورشة ضمت حضوراً كبيراً نوعياً وفاعلاً .

وبسؤاله عن المعتذرين والمقاطعين للورشة قال: هم صنفان بعضهم من المؤيدين للانقلاب وقرارات البرهان في 25 أكتوبر، وبعضهم من أرباب الحزب الشيوعي وأنصاره من المتمترسين حول الرفض لأي منهج جماعي.

 

 

ضرورة ولكن؟

 

وكانت أحزاب معارضة، قد أعلنت في السابق أن أزمات البلاد تتطلب “ترتيبات دستورية جديدة”.

وقالت قوى “الحرية والتغيير – المجلس المركزي” (الائتلاف الحاكم سابقاً)، في بيان، إن “إخراج البلاد من النفق الحالي لن يتأتى إلا بالاستجابة الفعلية لمطالب الشعب بإنهاء هذا الانقلاب (إجراءات قائد الجيش في 25 أكتوبر الماضي).

وأضاف البيان: “لابد من تأسيس سلطة مدنية ديموقراطية كاملة تقود الانتقال وفقاً لترتيبات دستورية جديدة.”

وأردف: “يتم بمقتضى هذه الترتيبات إدارة المرحلة الانتقالية، وتكوين جيش قومي واحد يباشر مهامه الدستورية والقانونية ويخرج من الفعل السياسي والعمل الاقتصادي والتجاري.”

 

 

من يصنع الدستور؟

 

يرى المحلِّل السياسي عبد الرحمن أبو خريس، في حديثه لـ(الصيحة) إن المبدأ الأساسي في صناعة الدستور الاستقرار السياسي في البلاد، ونظام سياسي متوافق عليه، وأن يعبِّر عن تطلعات الشعب، وضرورة وجود برلمان يصادق عليه .

وقال: إن صناعة الدساتير تختلف حسب المرحلة، لكن تضعها لجان فنية وقانونية  وحالياً البلاد تمر بمرحلة انتقالية، استثنائية مما يتطلب وجود توافق سياسي في الأول ثم توكل إلى لجنة فنية تمثل كل ألوان الطيف السياسي .

وأشار إلى أن الورشة الحالية عبَّرت عن توافق وتنوع يمكن أن تذهب في اتجاه وضع اللبنات والأسس لبناء الدستور

وفي حال توافقوا يمكن أن يجدوا التأييد من السلطة الحالية .

جدل وتقاطعات

لكن في السياق فجَّرت ورشة صياغة الدستور جدلاً كثيفاً  في الأوساط السياسية، وقوبلت فعالياتها بالرفض من عدة جهات فاعلة، حيث أعلن تجمُّع المهنيين اعتذاره عن المشاركة في الورشة مبرِّرين بأن المنهج الذي يتبناه التجمُّع في أي خطوة تتعلق بالترتيبات الدستورية في إطار عملية صناعة الدستور منهج قائم المشاركة القاعدية الواسعة النطاق، الذي يؤسس لعملية ديموقراطية يكون فيها الشعب وقوى ثورته الحيِّة الضامن لتحقيق أهدافه، ونبَّهت إلى عدم القفز الفوقي على المواثيق من ضمنها ميثاق استكمال ثورة ديسمبر والصادر من تجمُّع المهنيين.

محاولات للتغبيش

 

 

 

في ذات الاتجاه عبَّرت لجان مقاومة العشرة رفضها، واعتبرت أن عملية صياغة الدستور محاولة للتغبيش والتدليس والقفز على مواثيق لجان المقاومة.

وأوضحت في بيان لها أن ما يجري من عملية بناء الدستور مجرَّد تمرير خطوط سياسية عبر واجهات نقابية، ونادوا بضرورة استقلالية النقابات ولجان المقاومة وعدم تجييرها لصالح أي قوى سياسية، والنأي بها عن حالات الاصطفاف المضاد، وفنَّدوا الدعوة إلى ورشة صياغة الدستور بأنها جزء من التسوية التي يتم الإعداد لها برعاية السفير السعودي، لا سيما بعد اجتماعه مع اللجنة التسييرية لنقابة المحامين قبل صدور الدعوة لنقابة المحامين مما يقدح في استقلاليتها، ويوضح أن الورشة ليست إلا مطية للإعلان الدستوري الذي يؤسس لشراكة جديدة .

 

تحذير وتنبيه

 

 

في ذات الإطار أكدت هيئة محامي دارفور المشاركة في ورشة صياغة الدستور أن موقفها من أي مشروع صياغة دستور لا يتأسس على استعادة الحياة الدستورية للبلاد بمرجعية القواعد التأسيسية لمشروع دولة السودان 1955م، من داخل البرلمان (القواعد التأسيسية الأربع)، وقالت: إن أي تجاوز سوف ينتج عنه مزيد من تكريس الأخطاء الجوهرية، وتبديد الجهود، وتعطيل مشروع تأسيس الدولة السودانية بجانب تعريض وحدة البلاد للمخاطر، وحذَّرت الهيئة من أن إصدار أي وثيقة دستوية أو إعلان دستوري تحت أي مسمى سوف يقنن للعملية الانقلابية المستمرة منذ 30 يونيو 1989م.

ونبَّهت الهيئة لخطورة توفير مظلة تكريس لاستمرار الأوضاع غير السليمة والقائمة على الوثيقة الدستوية الباطلة، وبالتالي تعطيل الثورة عن تحقيق أهدافها المنشودة.

 

وحذَّر محلِّلون من أن عملية مناقشة مشروع إعلان  الدستور يجب أن تراعي سلامة الإجراءات حتى  لا تصبح عملية معيبة لا تتوفر فيها الثقة المطلوبة، لوضع الأسس العملية لمعالجة القضايا الأساسية وصياغتها في إطار قانوني.

 

أوراق وتوصيات

وتبحث الورشة مهام الفترة الانتقالية ومدتها وهياكل السلطة المدنية التي ستقودها وكيفية تشكيلها وطبيعة مهامها، ودور ومهام المؤسسة العسكرية والأمنية خلال المرحلة الانتقالية.

ومن المقرَّر أن تستكمل الورشة فعالياتها لليوم الثالث والختامي على التوالي، اليوم الأربعاء، بعد مناقشة مؤسسات السلطة الانتقالية والحقوق والحريات الأساسية، ومناقشة ملف السلام، والعلاقات المدنية العسكرية، والإصلاح الأمني والعسكري، ووضع التوصيات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى