اتّهامات الجكومي.. حيادية (حمدوك) في مرمى النيران الصديقة

 

تقرير- الطيب محمد خير

اتهم رئيس كيان الشمال محمد سيد أحمد الجكومي, رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك بأن موقفه لم يعد مُحايداً في الصراع الدائر داخل حاضنته السياسية “قِوى الحرية والتغيير” بين المجلس المركزي ولجنة للإصلاح وغيرها من جوانب الأزمة.

وقال الجكومي ان حمدوك اصبح جزءًا من الصراع وبعد ان فضّل الذهاب مع مجموعة المجلس المركزي, واظهر نوعاً من التعاطف معها ولم يعد وسيطاً نزيهاً، في إشارة واضحة منه لمشاركة رئيس الوزراء في الاحتفالية التي أقامها المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير بقاعة الصداقة لتوقيع الميثاق السياسي ومخاطبته للحضور من على المنصة الرئيسية، بينما غاب عن الاحتفالية التي اقامتها اللجنة لإصلاح الحرية والتغيير في ذات المكان إعلان وثيقة العودة لمنصة التأسيس لتوحيد قوى الحرية والتغيير.

وتأتي اتهامات الجكومي, في وقت ظل فيه رئيس الوزراء حمدوك يحاول تأكيد النأي بنفسه عن الانخراط في الصراع المتصاعد داخل حاضنته السياسية بالوقوف على مسافة واحدة من طرفيه للإمساك بزمام الازمة لإنجاز اتفاق لتهدئة الأوضاع وينال رضاء الفاعلين في الأزمة من الأطراف المتصارعة.

كانت أهم تصريحات دفع بها رئيس الوزراء د. حمدوك في هذا الصدد التي لخلص فيها رؤيته للصراع بأنه بين المؤمنين بالتحول المدني الديمقراطي والساعين إلى قطع الطريق أمامه من الطرفين, مشددا على ان وحدة قوى الثورة تشكل صمام امان لتحصين الانتقال من المهددات التي تعترض طريقه، وقال إنه سيعمل للمضي قدماً بمبادرته (الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال – الطريق إلى الأمام) التي تتلخّص في توسيع قاعدة القوى الداعمة للانتقال الديمقراطي، من قوى الشعب الحَيّة حتى بلغ غايتها في الوصول لحلول قائمة على تحقيق مطالب الشعب في التحول الديمقراطي كواحد من أهم أهداف الثورة.

غيرة سياسية

ويرى مراقبون ان طبيعة الصراع بين مكونات قوى الحرية والتغيير يشعله التنافس والغِيرة السياسية والسعي للبقاء في المشهد ببناء تحالفات مرحلية تتحكم فيها اقامة علاقة معلنة وغير معلنة مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي جلس خارج دائرة صراع حاضنته في مقابل المناورات السياسية عن طريق استخدام القوة العسكرية للوصول الى الحكم من خلال عملية التوافق التي يظهرها بمد خيوط التواصل مع الكل للسيطرة على متغيرات الساحة السياسية, ولا سيما اقتراب استحقاق انتقال رئاسة المجلس السيادي من الشق العسكري الى المدني وما يعقبه من تغييرات في الطاقم الوزاري وادارة مؤسسات الدولة على المستويين المركزي والولائي.

ويؤكد المراقبون ان المأزق الحقيقي الذي يواجه رئيس الوزراء الآن في ظل الوضع السياسي الراهن سيكون في صعوبة استعادة الثقة ما بين القوى السياسية والشعب المثقل بالأزمات المعيشية, وفي ذات الوقت لم يستبعد المراقبون وجود التنافس الدولي والإقليمي العابر للحدود حاضراً في مشهد استمرار تعقيدات المرحلة الراهنة الانتقالية.

منتصف العصا

وقال المحلل السياسي د. عبد اللطيف محمد سعيد لـ(الصيحة): من الواضح ان موقف رئيس الوزراء من خلال تحركاته في الساحة السياسية انه يحاول كسب الوقت بإمساك العصا من وسطها في الخلافات التي تشهدها الساحة بين العسكريين والمدنيين من جهة, وبين مكونات الحرية والتغيير, وسيظل يحاول المضي في هذا الموقف حتى يصل الى محطة اعلان التشكيل الوزاري الجديد.

وأضاف عبد اللطيف “لا أعتقد ان حمدوك سيضحي بموقعه كرئيس للوزراء, وخاصة انه يرى ان الموقع قد حاز عليه بإجماع شعبي لم يحظ به من كان قبله, لذلك يحاول ترضية كل أطراف الصراع في المشهد السياسي، خاصة ان التحذيرات الصريحة التي أرسلتها الإدارة الأمريكية للحكومة الانتقالية بضرورة إحداث توافق للوصول لتحول ديمقراطي حقيقي لعبت دوراً في جعل المواقف ضبابية في الساحة غير واضحة معالم اتجاهاتها, قد يكون هناك تحالف جديد لأنه معروف ان السياسة الداخلية لا تنفصل عن السياسة الخارجية لما لها من مآلات بسبب أي انحراف قد يُعيد السودان الى نقطة العقوبات وهذا ما ألمحت اليه رسالة الإدارة الأمريكية.”

تفسير

وعن تفسيره لاتهامات الجكومي لحمدوك, قال د. عبد اللطيف محمد سعيد لـ(الصيحة), انه يقصد ان حمدوك اكثر ميلاً للمكون العسكري لضمان استمراريته في المنصب في حال تسليم رئاسة مجلس السيادة للمدنيين او حال استمرار العسكريين, فهو لا يرغب في مغادرة موقعه الذي حاز عليه بإجماع شعبي. وعلى صعيد الجكومي واضح انه يراهن على الضغط الذي تمارسه القوى الخارجية على مكونات الفترة الانتقالية.

وقال د. عبد اللطيف في ظل هذا الموقف المتأزم يتوجب على رئيس الوزراء الخروج ولو عبر بيان ليوضح موقفه ووجهته لكن ليس من الحكمة ان يسير على كل حبال اللعبة رغم انه واضح أكثر ميولاً لمجموعة المجلس المركزي من خلال وجوده على منصة إعلان الميثاق السياسي فعليه ان يلعب دورا وسطيا.

موقف ضبابي

وقال د. عبده مختار استاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية والمحلل السياسي: لا احد يستطيع فهم موقف رئيس الوزراء في ظل الأزمة التي تعصف بالمرحلة الانتقالية, ولا ارى له اي موقف واضح, في حين أنّ الأزمة تتطلب منه ان يتحرّك في الساحة بموقف واضح وصريح, وخاصة هناك كثير من الأزمات والمشكلات التي تتطلب ان يتدخل رئيس الوزراء بقرارات حاسمة او حتى التعليق, لكن جاء موقفه ضبابياً بسبب صمته حيال كل الازمات.

شواهد

واضاف د. عبده بأن هناك كثيرا من الشواهد على سلبية موقف رئيس الوزراء وازدواجيته, إذ لم يكن له قرارٌ واضحٌ للتعامل مع مشكلة الشرق منذ البداية رغم انها قضية تمس الأمن القومي للبلاد, ولم يتحرك في اتجاه احتواء الأزمة بتشكيل لجنة لإدارة هذه الأزمة حتى استفحلت وتمددت وأصبحت خانقة للبلاد، وكذلك صمته حيال موجة الاتهامات المتبادلة بين حاضنته السياسية والمكون العسكري ولم يكن له أي حديث لتوضيح موقفه من الاتهامات المتبادلة وهو يمثل قمة هرم الجهاز التنفيذي المدني والرجل الأول فيه, ولا سيما أحد اطراف الاتهامات المرسلة ضمن طاقمه الوزاري، في جانب حاضنته السياسية واضح انه يميل الى احد شقي الصراع في قوى الحرية والتغيير بظهوره في احتفالية توقيع ميثاق الإعلان السياسي الذي نظمه المجلس المركزي وغاب عن احتفالية اللجنة الفنية إعلان وثيقة العودة لمنصة التأسيس لتوحيد قوى الحرية والتغيير, فكان منتظراً من رئيس الوزراء أن يأخذ جانب الحياد وسط خلافات حاضنته السياسية حتى لا يعطي إشارات سالبة.

قلة خبرة

وختم د. عبده بأنه يُعزي هذا الموقف من رئيس والوزراء وطاقمه لقلة الخبرة, وكان يجب سد هذه الثغرة بطاقم من المستشارين التكنوقراط من أستاذة الجامعات والخبراء السابقين من الذين عملوا في الدولة في فترة سابقة للاستفادة منهم في ادارة الازمات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى