د. عبد الله فتحي يكتب : الاخطبوط الأمريكي.. بتر الأذرعة

5 أغسطس 2022م

 

رشفة أولى:

 

الولايات المتحدة الأمريكية الدولة التي تحكم العالم بآلة إعلامية ضخمة تبث صورة ذهنية تدعم فكرة (الوحش الذي لا يقهر).. بانتشار تواجدها المباشر وغير المباشر بأدواتها الأممية والإقليمية والمحلية وبسط نفوذها عبر قواعدها العسكرية الموزعة في مواقع استراتيجية بكل أنحاء العالم.. والدولار الأمريكي صاحب الكلمة الأولى في حركة المال والاقتصاد الدولي.. ومبعوثيها الدبلوماسيين الذين باتت لهم تصريحات وتحركات داخل الدول كأنهم حكام منتدبون لدرجة تصل انتهاك السيادة.. الاخطبوط الأمريكي البرمائي تمدد بأذرعه القوية الخشنة ليفعل ما يريد بأي رقعة على الكرة الأرضية تحقق مصالحه وتغذي أطماعه.

 

رشفة ثانية:

توقيت غريب.. 25 سنة مرت على آخر زيارة لمسؤول رفيع الى جزيرة (تايوان) التي تعتبرها الصين جُزءاً من أراضيها.. لتصل أمسية أمس الثلاثاء إلى مطار العاصمة (تاييه) طائرة أول سيدة تتولى منصب رئيس مجلس النواب الأمريكي (نانسي بيلوسي) رغم التحذيرات الصينية وتوصية قادة الجيش الأمريكي بعدم إجراء الزيارة في هذا التوقيت.

زيارة وُصفت بأنها (الزيارة الأزمة).. (الزيارة الحسّاسة).. (الزيارة التحدي)..(الزيارة المستفزة).. الزيارة التي قد تنتج حرباً وشيكة بين (الصين) و(تايوان).. وصرّحت نانسي في جرأة من العاصمة (تاييه) بأن أمريكا ستدعم تايوان أكثر من أي وقت مضى.. وهو تصريح يستبطن لغة تحدٍ واضحة لرد فعل الصين الدبلوماسي والعسكري قبل وأثناء الزيارة.. أكمل الصورة وزير الخارجية الأمريكي بقوله (سياسة قعقعة السيوف من الصين لن تخيفنا).

مجلس الشعب الصيني اعتبر الزيارة مهدداً للأمن القومي (وهذا يُذكِّرنا بدوافع الغزو الروسي لأوكرانيا).. وزارة الدفاع الصينية أجرت مناورات عسكرية بالذخيرة الحية وأعلنت عن (شن أعمال عسكرية محدودة الهدف في تايوان، رداً على الزيارة الأمريكية).. وزارة الخارجية الصينية قالت إن مَن يلعب بالنار سيحترق، ووصفت أمريكا بأنّها (أكبر مُهدِّد للسلم في العالم).

 

الاخطبوط الأمريكي أذرعه تضطرب في ضعف بعد سحب قواته من أفغانستان.. واستنزافه في دعم أوكرانيا في حرب غير معلومة المدى مع روسيا في ظل اقتصاد أمريكي يعاني.. وسيطرة روسيا فعلياً على الحبوب الغذائية الأوكرانية التي كانت جزرة أمريكية استراتيجية توجهها لإخضاع الأنظمة المناوئة والصديقة لتصبح الجزرة خارج السيطرة الأمريكية.. وانسحاب القوات الأمريكية من العراق.. وتقليص التواجد العسكري في سوريا.. وروسيا تغلق تدريجياً (بلف) الغاز عن أوروبا لإجبارها وقف التنسيق ودعم المواقف الأمريكية الدولية وتفرض تسديد الثمن بالروبل الروسي، (وهنا نلاحظ التصاعد المستمر المخيف لقوة – الروبل الروسي – و- اليوان الصيني – على حساب – الدولار الأمريكي – واليورو الأوروبي).. مع تقلص السيطرة الأمريكية على سواحل وحركة السفن في المُحيطين الهندي والهادي خاصة بعد استفزاز المارد الصيني بالزيارة الأخيرة الذي سرعان ما بادر ونشر سفنا حربية وبوارج بحرية وحاملات طائرات صينية على المحيطين قبالة تايوان، وقام بعمليات إنزال جوي على سواحلها.. فيمكن وصف تصاعد الأحداث العالمية بعكس إرادة الإدارة الأمريكية كقراءة أولية بأنها عمليات بتر مؤلم دون تخدير لأذرع الاخطبوط الأمريكي.

 

رشفة أخيرة:

 

فكاك العالم من القطبية الأحادية الأمريكية بات وشيكاً.. ومراكز الدراسات الاقتصادية الاستراتيجية العالمية للدول العظمى تصنف دولة السودان كمخزن هائل لموارد طبيعية اقتصادية لا حصر لها.. وبدأت محاولات متسارعة لوضع اليد على تلك الموارد لامتصاصها.. فهل يستفيد السودان من انشغال مخابرات الدول العظمى بأزمات الاخطبوط فينتفض السودان وينهض ويقاوم حملة استغلال ثرواته ويزدهر (في غفلة رقيبي)؟!.. أم يستسلم منتظراً تفرغ الصيادين من معركتهم لاصطياده واقتسامه بينهم ليموت (أصلو البى باقي)؟!.. و.. معاكم سلامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى