الحركات المسلحة…عندما تباع الثورة (1)

أبوعبيدة برغوث يكتب.. الحركات المسلحة… عندما تباع الثورة (1)
تسألني ويسألني آخرون عماذا حدث للحركات المسلحة اليوم إذن هو السؤال ذاته هل كانت هناك قضية؟؟؟
نعم ولكن من أجل أي قضية أو هدف كانت تقاتل حركة العدل والمساواة (جبريل) وحركة تحرير السودان (مناوي) وما هو سبب الحرب التي أشعلوها في دارفور 2003 تحت مسمى- التحرير والعدالة والمساواة – قتل خلالها نحو أكثر من 300 ألف مواطن برئ في دارفور وفق إحصائيات المنظمات الدولية و10 ألف مواطن طبقاً لما أقرت به الحكومة على لسان الرئيس المخلوع عمر البشير.
أعتقد أن جبريل نسى أو حاول أن يتناسى عن عمد أيضاً عندما إنحاز بقواته في جنوب السودان لصفوف قوات الرئيس سلفاكير التي كانت تخوض معارك ضد قوات نائب الرئيس رياك مشار الذي دخلت قواته مدينة بانتيو ثم إنتقمت من التجار المنحدرين من دارفور وأغلبهم من أهله الذين إحتموا بمسجد بانتيو وكانت قوات مشار ترى في جبريل حليف لسفاكير فذهبت لهم في المسجد وقتلت أكثر من 500 تاجر كانوا يحتمون به، وقتها كانت الخرطوم تصفق لتلك الجريمة البشعة التي أرتكبت بحق الأبرياء في بانتيو وإعلامها يصف أولئك الأبرياء بالمتمردين، لكن يبدو أن جبريل عقب إتفاق سلام الجنوبين دخل في صفقة مع المعارضة، وتشير بعض التسريبات بأن الرجل إستطاع أن يستحوذ على أسهم ببنك جنوب السودان التجاري الذي كان خاص بحاكم بانتيو السابق تعبان دينق قاي وأربعة أخرين، أضف لذلك أن جبريل ومناوي عندما وصلوا عقب إتفاقية جوبا للسلام التي رفضتها النخب وفرضها حميدتي لم يذهب منهم أحد إلى معسكرات النازحين الذين تجاوزوا مليوني نازح ولاجئ في دارفور بسبب حربهم التي دمرت البنى التحية في الإقليم ومزقت النسيج الإجتماعي وضربت التعايش السلمي الذى كان قائماً بين السكان.

إذن لماذا كل هذا الدمار إذا كان في نهاية المطاف تتخلى الحركات المسلحة عن الشعارات والأهداف التي أعلنتها ومات من أجلها كل هذا العدد المهول من الناس؟!
أنا جد مندهش ومستغرب لأني لم أجد أي تفسير أو مبرر لموقف الحركات المنحاز لقيادة الجيش والفلول الذين كانوا يحاربونهم ويصفونهم بالأجانب والتشاديين والمرتزقة وقطاع الطرق ويستهدفون أهاليهم على أساس عنصري بغيض وشردوا التجار المتحدرين من دارفور من سوق ليبيا.
أما كان الأجدر لهذه الحركات إتخاذ موقف ذات الحركات التي وقفت على الحياد؟؟؟؛ حينها كان يمكن للناس أن يجدوا لها العذر.
صحيح يا صديقي هو الموقف ذاته الذي إتخذه مالك عقار الذي ظل يحارب المركز في صفوف الحركة الشعبية لأكثر من  42  عاماً وها هو في نهاية المطاف تخلى عن الملايين الذين سقطوا في النيل الأزرق وجبال النوبة وجنوب السودان وإنحاز إلى اللا شئ.
ليتجدد السؤال لمالك عقار ماذا حدث هل تغيرت القضية أم تغيرت السلطة؟!.
أذكر أن مالك عقار عندما جاء إلى الخرطوم وفق إتفاقية نيفاشا في العام 2005 كان أكثر تطرفاً بل أن الرجل كان يعتقد أن هذا السودان لا يمكن إصلاحه إلا بعد فترة زمنية طويلة وكان يعتقد أن كل الصحفيين والإعلامين مؤتمر وطني حسب إعتقاده لأنهم تعلموا في سنوات الإنقاذ وبالتالي يجب أن لا يتحدث إليهم، وأذكر أيضا في مؤتمر جوبا 2009 الذي شارك فيه رؤساء الأحزاب السياسية نقد والترابي والصادق وآخرين كانت هناك جلسة ببرلمان جنوب السودان قدم خلالها الجنوبين مرافعة قوية عن موقفهم وتحدثوا عن الظلم الذي لحق بهم وعدم المساواة وفي تلك الجلسة قدم مالك عقار خطاب عن النخب النيلية السياسية وهيمنة المركز وعدم المساواة، كنت أستمع للرجل وفي إعتقادي أن الذي يتحدث هو نيلسون مانديلا أو مالكوم اكس أو الأب فليب عباس غبوش، لكن من الغرائب أن مالك عقار في نسخته الجديدة يتحدث اليوم عن وحدة السودان وعن الدولة كما أن جبريل يبرر موقفة من دعم الجيش بأنه من أجل وحدة البلاد وفي الوقت ذاته نجد قادة الجيش وحواضنهم الإجتماعية يبدون استعدادهم لتقسيم البلاد من أجل الحفاظ على سلطة زائفة فهل أدرك قادة الحركات هذه الحقيقة وتجاوزوها وبالتالي تخلوا عن الثورة التي كانوا ينادون بها؟؟.
سلام يا صاحبي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى