في الشأن الاقتصادي.. أسئلة تحتاج إلى إجابة

كتب: صلاح عبد الله علي

من ماذا يتكوَّن الاقتصاد السوداني؟

ما هي الموارد الحقيقية لبناء الاقتصاد السوداني من حيث القدرة على سرعة النمو وحجم العائد الاستثماري في هذه الموارد؟

ماهي الاحتياجات البشرية والطاقات المختلفة التي يجب توفيرها لبناء اقتصاد قوي ومتماسك وينمو في اضطراد؟

ماهو أثر البُنى التحتية في حركة ونمو الاقتصاد السوداني، وما هو المتاح منها الآن، ماهي القيم المجتمعية التي تؤثر وتحد من نمو الاقتصاد السوداني ؟

ماهي أهمية  التعداد السكاني في حركة النمو الاقتصادي ؟

ماهو أثر التعليم العام والتعليم المهني في تطور ونمو الاقتصاد السوداني (استراتيجية التعليم)؟

ماهو التوزيع الجغرافي لمصادر الاقتصاد السوداني؟

ماهي الخطط والاستراتيجيات التي يجب وضعها لبناء اقتصاد قوي متماسك استناداً للموارد المتاحة وحسب ترتيب الأولويات؟

هل المجتمع السوداني مجتمع استهلاكي بصورة لا تتوافق مع قدرات المجتمع؟

ماهو وضع الإدخار ومفاهيمه في المجتمع السوداني وما أثر الإدخار في النمو الاقتصادي هل هنالك حدود للنمو الاقتصادي؟

هل توجد قاعدة بيانات يمكن على مصداقيتها وواقعيتها القدرة على وضع  الاستراتيجيات المطلوبة لحركة النمو الاقتصادي؟

من أين نبدأ؟

وكيف نبدأ؟

هل يوجد بالسودان الكفاءات العلمية والمعرفية في شتى مجالات النمو الاقتصادي ويمكن الاعتماد عليها في مشاريع  البناء الاقتصادي ؟

هل يمكن أو هل يجب الاستعانة بالخبرات الأجنبية في المساهمة في بناء اقتصاد سوداني متماسك ومتطوِّر يستطيع أن يعبر بالبلاد من هذا الفقر والتخلف إلى الريادة في مجال التطور الاقتصادي المطلوب؟

من ماذا يتكوَّن الاقتصاد السوداني؟

1-  الموارد الطبيعية (المعادن المختلفة – البترول)

2-   الزراعة

3-   الثروة الحيوانية

4-   الخدمات

5-   السياحة (الآثار – الطبيعة – الحياة البرية)

صيغة الحكم:

ماهو أثر صيغة الحكم التي تعتمد عليها الدول في النمو الاقتصادي والقوانين التي تحدِّد العلاقة القانونية بين جميع أطراف وولايات البلاد؟

هل الحكم الرئاسي هو الأفضل أم الحكم البرلماني،أم توزيع السلطات بين المؤسستين؟

هل هناك حصر للموارد الطبيعية التي تتمتع بها كل ولاية على حدة؟ ماهي احتياجات البُنى التحتية التي يجب توفرها للنهوض باقتصاد الولايات المختلفة حسب مواد كل ولاية؟

هل مناهج وكليات التعليم العالي في السودان تلبي الاحتياجات الفعلية للنمو الاقتصادي في كل ولاية حسب مواردها المتاحة وماهي الاستراتيجية التعليمية لكل ولاية حسب مواردها الطبيعية؟

هل التعداد السكاني لكل ولاية يشكِّل عاملاً في النمو الاقتصادي للولاية أولاً ثم للبلاد مجتمعة ثانياً؟

ماهو أثر التقاليد والأعراف والعادات والسلوكيات المجتمعية في ازدهار ونمو الاقتصاد الولائي ثم الوطن ككل؟

وأخيراً هل يمتلك السودان قاعدة بيانات يعتمد عليها لوضع الاستراتيجيات الاقتصادية بناءً على أسس علمية وفقاً لأرقام معتمدة من جهات اختصاص؟

ماهي آخر الإحصائيات المطلوبة لبناء قاعدة بيانات حقيقية عن واقع الاقتصاد السوداني ويعتمد عليها في وضع الاستراتيجيات المطلوبة لتحقيق هذا النمو

مثلاً التعداد السكانى وتوزيعه (ذكور – إناث- شباب- أطفال-)

– مستوى التعليم (أعداد الخريجين حسب كلياتهم)؟

هل يتناسب مع حاجة البلاد لتنفيذ استراتيجيات التنمية المطلوبة)

– الدخل القومي (كيفية حساب الدخل القومي)؟

– القوى العاملة:

ماهي نسبة القوى العاملة المنتجة للتعداد السكاني؟ (نسبة البطالة)؟

ماهو متوسط دخل الفرد في كل قطاع  على حدة ثم بالنسبة للناتج القومي ؟

ماهي أسباب البطالة؟

تحديد أنواع البطالة في كل قطاع من قطاعات المجتمع .

ماهي أسباب الأزمة الاقتصاديه الحالية وكيف نشأت؟

ماذا حدث للاستراتيجيات التي وضعت سابقاً من قبل الدولة؟

– الاستراتيجية العشرية ( 10 أعوام)

– الاستراتيجية الربع قرنية (25 سنة)

هل بنيت هذه الاستراتيجيات على معلومات حقيقية مستمدة من عمليات إحصائية دقيقة، أم بنيت على تقديرات جمعية ومعلومات سماعية لم تتوفر لها المرجعية العلمية والإحصائية الدقيقة؟

نتحدث عن امتلاكنا إلى حوالي 200 مليون فدان صالحة للزراعة، كيف علمنا أنها صالحة للزراعة هل قمنا بفحص التربة لهذه المساحات المذكورة وتأكد أنها صالحة للزراعة وما هي المحاصيل التي يمكن زراعتها فى هذه المساحات الشاسعة من الأرض ؟

هل هي محاصيل للاستهلاك المحلي ؟

هل هي من محاصيل للتصدير كخام؟

هل هي محاصيل يكمن عمل قيمة إضافية لها ؟

كم هي تكلفة القيمة الإضافية مقارنة برفع قيمتها في السودان بعد القيام بعمل القيمة الإضافية؟

هل لدينا الأدوات والمشاريع الصناعية التي يمكن أن تحقق القيمة الإضافية المطلوبة لرفع قيمة هذه المنتجات لزيادة العائد منها بالعملات الأجنبية .

وأعني ماهي تكلفة القيمة الإضافية مقارنة بما سوف تحققه من أرباح أو زيادة في الدخل أو العائد من هذه المنتجات بعد القيمة المضافة .

–         ماهي الأسواق الإقليمية والعالمية التي يمكن أن نسوق فيها منتجاتنا سواءً كمواد خام ومواد مصنعة  بقيمة إضافية ؟

–          ماهي الدول الإقليمية التي تنافسنا في إنتاج نفس المحاصيل وماهي كمية حجم إنتاجها مقارنة بحجم إنتاجنا ؟

–         ماهي المواصفات العالمية المطلوبة للسوق العالمي ومدى قدرتنا على الإيفاء بها لتحقيق التنافس في السوق الإقليمية والعالمية  وجعل منتجاتنا هي الأكثر رغبة بالنسبة للمستوى العالمي والإقليمي .

الثروة الحيوانية :

نتحدث عن امتلاكنا حوالي 120 مليون رأس من الماشية.

السؤال الأول : ماهو آخر تعداد قمنا به  حصر الثروة الحيوانية في السودان ومتى تم ذلك؟

هل لدينا إحصاء حقيقي عن أنواع هذه الثروة الحيوانية؟ مثال :

1-   إبل

2-   أبقار

3-   ماعز

4-   ضان

هل نستطيع أن نوقف مثلاً صادر المواشي الحية ومتى يتم ذلك ؟ هل لدينا المصانع والمسالخ ومواعين التخزين المبردة والتي تمكننا من إيقاف تصدير  الحيوان الحي واستبداله باللحوم المذبوحة؟ هل لدينا الإمكانيات والقدرة الصناعية للاستجابة لطلبات العالم من نوعية وشكل اللحوم المذبوحة المطلوبة عالمياً ؟

هل لدينا مواعين التخزين المبرد لما يكفي كميات المنتج من هذه اللحوم حتى لحظة تصديرها ؟

هل لدينا وسائل ضبط الجودة العالمية ISO المطلوبة لتصدير اللحوم الحية ؟

هل لدينا الطائرات التي يمكن بها انسياب عمليات صادر اللحوم باستمرار دون انقطاع حتى نفي  تعاقداتنا مع المستثمرين في الزمن المحدد و بالكمية المطلوبة عالميا كما ذكر آنفاً ؟

هل صناعة الجلود ببلادنا مهيئة لاستقبال كل الجلود بمختلف انواعها  ضان ، ماعز ، أبقار ، ( بعد تصدير لحومها ) وهل الطاقة الإنتاجية للمدابغ الحالية تفي بإنشاء صناعة جلود تمكن لاستيعاب جلود صادر اللحوم ؟

هل مصانعنا ومدابغنا تقع قريبة من مناطق معامل المسالخ وهل طاقة المسالخ الحالية تفي بالغرض عند تحويل صادر المواشي الحية إلى لحوم؟

–         الموارد الاقتصادية الأخرى :

–         المعادن

–         البترول

هل لدينا إحصائية معتمد عليها بنسبة مقدرة في تحديد حجم ما لدينا من موارد في مجال المعادن؟ مثل :

1-    الذهب

2-   الحديد

3-   اليورانيوم

4-   الرخام الفوسفات ……….الخ

هل تجارب التعدين الحالية قادرة على أن تجعل الاقتصاد السوداني يستفيد من هذه المعادن وتكون إحدى الموارد المهمة للاقتصاد السوداني؟

البترول :

هل البترول الموجود حالياً يمكن زيادة إنتاجه؟ وهل فعلاً هناك أماكن أخرى يتوفر فيها البترول كما يشاع ( وسط السودان ) ؟

هل لدينا الإمكانيات الفنية والمالية للاستثمار في إخراج البترول؟ كيف يمكن الاستفادة من تجربة استخراج البترول الحاليه بغض النظر عن ما صاحبها من سلبيات وسوء استخدام لمواردها .

وكيف يمكن وضع استراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من البترول ثم التفكير في الصادر بعد الاكتفاء الذاتي .

ميزان المدفوعات :

نتحدث باستمرار عن الخلل في ميزان المدفوعات والعجز الناجم عن التوازن في ميزان المدفوعات مابين صادراتنا ووارداتنا.

  1. ما هي نوعية وكميات صادراتنا وما تحققه لنا حالياً من عائدات ؟
  2. ماهي نوعية وارداتنا الحالية وما تحققه لنا من عجز فى هذا الميزان ؟
  3. هل نحن مجتمع استهلاكي مظهري وتفاخري يلبي رغبات طبقه معينة في المجتمع على حساب باقي المجتمع .
  4. ماهي كميات وأنواع وتكلفة السلع الاستهلاكية التي نستوردها وماهي نسبتها من مجمل وارداتنا ؟
  5. هل لذلك علاقة بالندرة ؟

ماهي الندرة ؟

وما هي السلع الاستهلاكية والبضائع التي إذا لم  يتم استيرادها تخلق الندرة؟

ما هي سياسات النقد الأجنبي التي يجب أن تتبعها الدولة واستقرار العملات الحرة وكبح جماح تصاعدها وأثرها على ميزان المدفوعات ؟

هل يمكن ترتيب أولويات الدولة في استيراد السلع والمواد والآليات والمعدات  والمصانع اللازمة لتطوير الصناعة المحلية ( أعني السلع الرأسمالية) ؟

هل يمكن وضع  سياسة استيراد لتحقيق الاستراتيجية الكلية للدولة في تحديد الأولويات في استيراد السلع المذكورة أعلاه بما يتماشى مع الاستراتيجية الاقتصادية الكلية .

أخيراً :

ماهي علاقة وزارة المالية بالاقتصاد؟  وماهو تعريف كل وزارة واختصاصها؟  وهل الجمع بين وزارة المالية والاقتصاد الوطني في وزارة واحدة حقق للبلاد في كل الحقب أي نجاح أو تقدم اقتصادي؟

ما هي الجهة التي تضع السياسات الاقتصادية لأي قطر ؟

هل هي وزارة مثلاً ؟

هل هي وزير مثلاً ؟

ماهو دور القوى السياسية المختلفة من أحزاب سياسية ومنظمات مجتمعية في عملية البناء الاقتصادي ؟

هل أحزابنا السياسية بمختلف توجهاتها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار لديها أي برامج اقتصادية مبنية على معلومات موثقة للنهضة الاقتصادية للبلاد ؟

هل أحزابنا والقوى السياسية المختلفة لديها مراكز دراسات استراتيجية تمكنها من وضع برنامج اقتصادي مبني على معلومات يعتمد عليها وخطط عملية للنهوض باقتصاد البلاد نستطيع أن نقدمها للشعب السودانى في الحقبة الديموقراطية والانتخابات القادمة بحيث يستطيع الناخب السوداني أن يحدِّد اختبار لهذه المجموعات السياسية نسبة لما تقدمه من طرح في المسألة الاقتصادية التي أقعدت بالبلاد؟

هذا هو في رأي التحدي الديموقراطي الحقيقي الذى يواجه القوى السياسية السودانية بكافة أطيافها.

فبدون تقديم برنامج اقتصادي مفصَّل لكل حزب أو جماعة سياسية ترغب في حكم البلاد عن الطريق الديموقراطي الصعب لن تكون هنالك ديموقراطية حقيقية أو تداول سلمي للسلطة، لأن الفشل الاقتصادي وعدم قدرة الأحزاب السودانية مجتمعة أو الأنظمة العسكرية المختلفة هو الذي أدى إلى سقوط الديموقراطية والحكومات العسكرية بالتوالي لذك لا مخرج للسودان في أي تقدم سياسي ديموقراطي تحقيقاً لشعارات الثورة حرية سلام وعدالة، مالم يكن هنالك حل لمشكلة الاقتصاد السوداني برؤى جمعية .

النهضة الاقتصادية لا تقوم على كفاءة أفرادها مهما كانت درجاتهم العلمية، بل هي مجموع نتاج جهد من المختصين في مختلف المجالات الاقتصادية تجلس في مجلس اقتصادي قومي يشكَّل من مجموعة من الخبرات في المجال الاقتصادي التي ذكرناها آنفاً .

مع وجود قاعدة بيانات حقيقية وفقاً لإحصائيات علمية في كل أوجه الموارد الاقتصادية للبلاد حتى يدلي كل صاحب خبرة في مجاله لتصل في النهاية إلى خارطة اقتصادية شاملة لكل الوطن يتوافق عليها الجميع  وتلتزم القوى السياسية المختلفة بتنفيذها حكومة ومعارضة حتى  إذا ما وصلت إلى السلطة.

مثلاً في مجال التطور الزراعي.

  1. أولاً نحتاج إلى معلومات حقيقية مبنية على دراسات ميدانية وأبحاث جيولوجية لمعرفة حقيقة المساحات الصالحة للزراعة في السودان وفقا لفحص التربة لنؤكد أن السودان يمتلك 200 مليون فدان صالحة للزراعة، كيف نستطيع أن نؤكد هذه المعلومة وما هي المصادر المعتمدة التي أوصلتنا لهذه المعلومة؟
  2. ماهي نوع المحاصيل التي يمكن زراعتها في هذه المساحات الشاسعة .

ماهي وسائل الري لكل مساحة من هذه المساحات؟

ماهي المحاصيل ذات العائد المادي (العملة الحرة) السريع الحصول عليه؟

ماهي المساحات التي يجب أن نخطط لزراعتها من هذه المحاصيل حتى تفي بالمطلوب في حالة تصديرها كمادة خام    أو في حالة تطويرها بقيمة وتصنيع إضافي حتى يرتفع العائد المالي منها؟

ماهي الدول الإقليمية التي تنافسنا في إنتاج نفس المحاصيل؟ وماهي كميات إنتاجها وما هي درجة المنافسة في السوق العالمي والإقليمي بيننا وبين هذه الدول وهي نستطيع أن تلتزم بمواصفات الجودة العالمية المطلوبة للتمكن من تصدير هذه المحاصيل وكيف نستطيع أن نحقق ذلك ؟

ما هو السبيل لتحقيق النهضة الزراعية في السودان وفقاً لما ذكرناه آنفاً؟

أولاً: يجب أن نعلم ومن واقع التجربة السودانية منذ استقلال البلاد وحتى يومنا هذا أن الفشل في تحقيق النمو الزراعي يعد إلى عدم قدرتنا على وضع استراتيجية للنهضة الزراعية لتحقيق الأهداف المذكورة بعاليه. إن وضع الاستراتيجية لا يمكن أن يقوم بها ( وزير زراعة ) مثلاً أو وزير ري مثلاً للنهوض بالزراعة في السودان والاستفادة من التجارب الماضية ( النفرة الزراعية ) النهضة الزراعية ) يجب علينا أن نؤمن بأن وزير زراعة أو وزارة  الزراعة لا تستطيع بمفردها أن تحقق أي طفرة في المجال الزراعي من السودان.

الزراعة عمل متكامل تتداخل فيه عدة عوامل:

  1. الأرض
  2. المياه
  3. البذور المحسَّنة
  4. الأسمدة
  5. مكافحة الآفات والحشرات
  6. الآليات المختلفة

أ‌.       آليات الزراعة وشق التربة

ب‌.  آليات الحصاد

  1. المخازن، صوامع الغلال.
  2. وسائل الترحيل (توفير الفنيين في كل مجال من المجالات المذكورة آنفاً).
  3. علاقة المزارع بالأرض والإنتاج.
  4. وفوق كل ذلك التمويل والموارد المالية المتاحة لتنفيذ الخطة الزراعية وفقاً للتقديرات المحدَّدة للزراعة ونوعية مساحات الأرض، الري مصري، أم نهري؟

لكي يتم النجاح لأي استراتيجية زراعية يحب أن يقوم مجلس أعلى للزراعة في السودان يجمع كل القائمين على أمر الزراعة وفقاً للتخصصات التي ذكرناها آنفاً .

أولاً : المراجعة الاستراتيجيات السابقة وتحديد أسباب فشلها أو نجاحها، يتكون المجلس من العلماء والمهتمين وأصحاب التجارب العلمية في المجال الزراعي بكل التخصصات التي حددناها حتى يأتي الإنتاج الزراعى بالفوائد والعائد المنتظر منه وفقاً للخطة الكلية التي يتم وضعها بالمقترحات المذكورة وتحديد حجم الأموال التي يمكن أن يتم بها تمويل الخطة الزراعية المطلوبة لكل موسم وكيفية توفير هذه الأموال وكيف يتم توزيعها حسب الاحتياجات الكلية لكل مرحلة من مراحل العمل الزراعي.

ابتداءً من تسوية الأرض وحفر القنوات وتنظيف الترع ومسالك المياه في مناطق الري النهر المنساب  قبل وقت كافٍ من بداية الموسم الزراعي، وكذلك الحال في أماكن الزراعة المطرية من تحضير الأرض بعد سقوط الأمطار وعمل نظافة للأرض كمرحلة أولى قبل بداية الزراعة وإجراء عمليات الكديب الأولى مما يساعد على عدم نمو الحشائش التي تقلل من استفادة المحاصيل من المياه المطرية لأنها تشاركها في استغلال المياه ووضع الآليات والتمويل المالي لكل مرحلة من مراحل الزراعة في الوقت والمكان المناسبين حتى نجني محصولات ذات جودة عالمية وإنتاج كبير .

أن لا يعتمد على البنك الزراعي لوحده في تمويل الخطة الزراعية خاصة إذا توفرت لها المقترحات للنجاح بالطريقة التي ذكرناها سابقاً وإلزام البنوك التجارية الخاصة والعامة في المساهمة الفعالة في تحقيق النهضة الزراعية المنشودة للبلاد.

الصناعات التحويلية  في مجال الإنتاج الزراعي :

ماعادت أغلب الدول حتى الدول النامية مثل دولتنا السودانية تعتمد على تصدير موادها الخام خاصة الزراعية دون عمل قيمة إضافية لهذه المنتجات نرفع من قيمة العائد منها للدخل القومي

لذلك يجب عند وضع الخطة الزراعية بواسطة المجلس الأعلى للتخطيط الزراعي والذي اقترحنا آنفاً أن تكون هنالك دراسات لكيفية ونوعية القيمة المضافة التي نود أن نرفع  من قيمة العائد منها للدخل القومي .

لذلك يجب عند وضع الخطة الزراعية بواسطة المجلس الأعلى للتخطيط الزراعي والذي اقترحناه آنفاً . أن تكون هنالك دراسات لكيفية ونوعية القيمة المضافة التي تود أن نرفع بها قيمة صادراتنا وكيفية تحقيقها وماهي المصانع المطلوبة لعمل هذه القيمة المضافة ونعطي أمثلة لذلك في بعض المنتجات الزراعية .

فإذا تحدثنا عن إنتاج القطن وهو سلعة رئيسة في الإنتاج الزراعي السوداني وأن فوائده الاقتصادية عظيمة بالإضافة إلى إنتاج زهرة القطن تنتج لنا سلعة إضافية وهي بذرة القطن التي تنتج كما هائلاً من الزيوت، بل إننا نستطيع أن نستفيد من سيقان القطن بعد حصاده في صناعات أخرى كصناعة الأخشاب أو صناعة الورق إذ قامت مستقبلاً مثل هذه الصناعات المهمة.

فالقيمة المضافة لرفع العائد من القطن بدلاً من تصديره خام هي :

  1. تحويله إلى خيوط ( خاصة الغزل الرفيع)
  2. تحويل الخيوط أعلاه إلى نسيج بإنتاج أنواع مختلفة من المنسوجات القطنية .

الصباغة :

أي تلوين الأقمشة والخيوط إنتاج أقمشة ملوَّنة حسب المواصفات المطلوبة عالمياً.

هل نستطيع  بوضعنا الحالي القيام بهذه العملية الإنتاجية لعمل القيمة المضافة للقطن؟

بمعنى هل لدينا المصانع التي تنتج الغزل الرفيع وهي المادة الخام الأساسية في صناعة النسيج حسب معلوماتي وإلمامي ببعض نواحي هذه الصناعة أنه كان هناك فقط مصنعين الغزل الرفيع في السودان أحدهما مصنع الصداقة في الحصاحيصا والآخر مصنع المرحوم فتح الرحمن البشير في بورتسودان .

إذاً لا يمكننا الحديث عن القيام بعمل قيمة إضافية للقطن دون أن نقوم أولاً بإنشاء مصانع الغزل الرفيع قريبة من مواقع الإنتاج لتسهيل عمليات الترحيل من المحالج إلى مصانع الغزل والنسيج وهذا مجال صناعي كان  للسودان دور مهم فيه منذ أواخر الستينيات بإنشاء مصنع النسيج الأمريكي والذي آل إلى المرحوم د.خليل عثمان ثم آل إلى شركة كورية وأخيراً تم إغلاقه ووزعت أراضيه لشركات استثمارية سودانيه تعمل في مجال قريب من المجال الزراعي .

إذاً ضمن مهام هذا المجلس الزراعي الاقتصادي أن ينظر في المسائل المعنية بأعمال القيمة الإضافية للمنتجات والعمل على إنشاء الصناعات التحويلية المطلوبة ودعم المستثمرين في هذا المجال وتحفيزهم للوصول للطفرة الصناعية الزراعية المطلوبة في تطور زراعة وصناعة الأقطان في السودان .

المثال الآخر

صناعة الزيوت من إنتاج الحبوب الزيتية المنتجة من الزراعة.

أولاً: مراجعة صناعة الزيوت المحلية ومعرفة التزامها بالمواصفات والمقاييس العالمية  التي تمكنها من المنافسة العالمية مع الاهتمام بنوع ومقاسات وأوعية مواد التغليف لهذه السلع، وهل يمكن تحويل الزيوت السائلة إلى زيوت متجمَّدة؟ وهي الزيوت الأكثر استهلاكاً في أوروبا لسهولة تخزينها وهي تعمل في شكل مكعبات قريبة من الزبدة ولكنها زيوت طبخ جامد وهي الأكثر استهلاكاً في أوروبا كما شاهدناها عايشناها خلال سنوات دراستنا  في تلك البلاد  وحتى اليوم .

ينطبق هذا المقترح على جميع السلع الغذائية التي تنتجها في مجال الزراعة. ……

أما فيما يتعلق بعلف الحيوان فهناك أيضاً مجالات واسعة لصناعة العلف من مخلفات حصاد الحبوب الزراعية وإنشاء المصانع وإضافة بعض المواد الغذائية للعلف الحيواني الطبيعى حتى  يساعد في نمو وإنتاج الثروة الحيوانية سواءً أكان ذلك من ناحية إنتاج الألبان أو إنتاج اللحوم والمطلوب هو الاستفادة القصوى من كل ماتنتجه الأرض من منتجات زراعية ومخلفاتها وكيفية الاستفادة من هذه المخلفات على الرغم من أنها تكون كعلف طبيعي للرحل في مساراتهم نحو الكلا والماء، إلا أن تصنيعها سوف يعود بالتأكيد بفوائد وعائد مادي ومغزي  للحيوان بدلاً من تركها للطبيعة السائبة أو كالمراعي المفتوحة .

فالدول المتقدمة تعرف كيف تحدِّد لثروتها الحيوانية أنواع الغذاء المختلفة التي تحقق النمو المطلوب للثروة الحيوانية وسوف نأتي للحديث عن الثروة الحيوانية لاحقاً .

الزراعة الغابية

حبى الله السودان بعدد كبير من المنتجات الغابية ذات العائد المالي الضخم  والعائد الصناعي الأضخم إذا عملنا لهذه المنتجات الغابية الضخمة لإضافة المطلوب .

ابتداءً بالمادة الحيوية والأساسية لأغلب الصناعات الغذائية والأدوية في العالم وهي مادة الصمغ العربي وما أدراك ما الصمغ العربي كثر الحديث ومنذ زمن عن الصمغ العربي محصول استراتيجي حبى الله السودان بأن يكون أكبر منتج للصمغ العربي في العالم بما يقارب 75 إلى 80% من الإنتاج العالمي وهو سلعة محتكرة تماماً لدولة السودان.

هل نجحنا رغم الزعيق  والأناشيد والقصائد التي نمجِّد فيها احتكارنا لإنتاج الصمغ العربي في تحويل هذا الاحتكار إلى منتج اقتصادي عظيم قليل التكلفة الإنتاجية وعظيم الفائدة الاقتصادية وظللنا نتحدَّث عن الصمغ العربي حتى مللنا سماع أي حدييث عن أهميته واحتكاره، لأننا فشلنا في تصنيع مصنع لتطوير بدرة الصمغ العربي لتدخل فوراً في صناعة الأغذية والأدوية بالواصفات والجودة العالمية والمواصفات الصحية المطلوبة هل تركنا هذا الأمر للشركات الفرنسية التي احتكرت تقريباً أغلب إنتاجنا من الصمغ العربي ثم تقوم هي بعمل كل القيمة المضافة وتجهزة ليدخل فوراً في كل الصناعات المختلفة بالمواصفات المطلوبة عالمياً وتحقق الشركات الفرنسية أرباحاً طائلة ومستدامة من إنتاجنا من الصمغ العربي فيما يتعلق بمثل هذه المنتجات الربانية التي حبانا بها الله .

والصمغ العربي ذكرته أولاً لأهميته وقيمتة  الاقتصادية وماينطبق على الصمغ العربي يمكن أن ينطبق على كثير من المنتجات الغابية  التي تذخر بها البلاد مثالاً ليس حصرياً على الصمغ العربي  فهناك :

  1. التبلدي ( القنقيلز )
  2. اللالوب
  3. القضيم
  4. السنامكة
  5. الكركدي

وغيرها من المنتجات الغابية  ثم تأتي  إلى المنتجات الزراعية مثل: التوابل والبهارات.

  1. الثوم
  2. الفلفل
  3. الكسبرة

البقوليات :

  1. العدس
  2. الكبكبي
  3. الفول المصري
  4. الفاصوليا بنوعيها …………الخ

أليس من المحزن أن نستورد التوم من الصين وبلادنا تنتج أجود وأطعم أنواع الثوم، كيف لنا أن ننهض بالزراعة في بلادنا ونحن نسهل أمر استيراد حتى المنتجات التي تنتجها أرضنا بجودة عالية؟ ولكنها الإرادة السياسية للدولة السودانية التي لم تستطع  منذ الاستقلال وحتى اليوم أن تكون لها رؤئ واضحة في كيفية نمو الاقتصاد الوطني وكل التخطيط والتجارب الفاشلة وعدم الاتعاظ  بالأخطاء السابقة وعدم القدرة على البناء فوق التجارب الناجحة السابقة كل ذلك لأننا نتخبَّط كالأعمى بدون بصيرة وعلم وإرادة قوية لحلحة مشاكل نمو الاقتصاد بما يعود بالنفع على الدولة والشعب ورفاهية المجتمع .

الثروة الحيوانية

الحديث الذي ذكرناه فيما يتعلق بموضوع الزراعة ينطبق على الثروة الحيوانية من ناحية توفير المعلومات والبيانات الحقيقية عن حجم الثروة الحيوانية في السودان

الحديث الآن عن امتلال السودان إلى حوالي 120 مليون رأس من الماشية موزعة على مختلف أقاليم السودان وأغلبها في ولايات غرب السودان وهي متنوعة وتشمل كل أنواع الأنعام  (إبل، بقر، ضان، ماعز).

إذا كان آخر إحصاء تم للثروة الحيوانية كان في حوالي العام 1975 على عهد الرئيس نميري وكان الجنوب حينها جزءاً من الوطن الكبير ومنذ ذلك التاريخ لم يتم أي تعداد للثروة الحيوانية وهو أمر مهم للغاية إذا أردنا أن نضع أي استراتيجية للاستفادة الاقتصادية من هذه النعمة الربانية العظيمة.

كما ذكر -سابقاً- إننا نحتاج لمعرفة الأرقام الحقيقية لحجم الثروة الحيوانية ثم معرفة التصنيف النوعي من كل نوع (الإبل، الأبقار، الماعز، الضان)، لأنه وبدون معلومة حقيقية مبنية على إحصائيات عملية وواقعية لا تستطيع وضع أي استراتيجية للاستفادة من هذه الثروة الغالية والعزيزة.

ثم بعد ذلك يتم النظر في كيفية الاستفادة من تنميتها أفقياً ورأسياً، أفقياً بزايد العدد وتكاثره ورأسياً بجودة النوع وتنميته بالمواصفات العالمية ثم تصديره في شكل لحوم جاهزة للاستهلاك بالمواصفات العالمية والاستفادة من تجارب الدول الأخرى مثل: البرازيل في ترقية وتطوير العائد المالي من الإنتاج الحيواني في السودان ثم إقامة المشاريع المتعلقة بزيادة القيمة المضافة على الثروة الحيوانية كتسمين الماشية وإنشاء المسالخ كما ذكرنا وتوسيع مواعين التخزين المبرَّد وتجهيز المطارات والناقلات الجوية المعدة لصادر مثل هذه المنتجات هذا على المدى الطويل وعلى المدى القصير يمكن تطوير المسالخ الحالية ودعم صناعة الجلود وتسهيل القوانين للمستثمرين للتوسع في المدابغ الحالية وإنشاء مدابغ جديدة بمواصفات عالمية، ثم إقامة منشأة علمية لكليات صناعة الجلود لمختلف الأغراض والصناعات الجلدية وهو أمر يمكن الشروع فيه فوراً بخطة قصيرة لأجل لرفع كفاءة المسالخ والمدابغ الموجودة -حالياً- ثم خطة طويلة الأجل.

فيما يتعلق بالثروة الحيوانية نرى أن برامج التعليم يلعب دوراً أساسياً في تطوير هذه الثروة الاقتصادية وذلك بإنشاء جامعات للثروة الحيوانية في الأماكن التي توجد فيها الثروة الحيوانية بكميات كبيرة وتحتوي هذه الجامعات على كليات مختلفة تدرس العلوم التي تمكنها من الاستفادة من الثروة الحيوانية والاستفادة من مخلفاتها.

مثلاً :

  1. كلية الألبان ومنتجات اللحوم المختلفة وتعبيئتها .
  2. المنتجات الجلدية (ملابس، أحذية، حقائب……………الخ
  3. كلية لتحسين النسل الحيواني (إبل، بقر، ضان، ماعز) بدلاً من تكون هنالك كلية واحدة للثروة الحيوانية في جامعة أو جامعات معينة في السودان فهذه لا تؤدي الغرض مطلقاً للاستفادة القصوى من هذه الثروة ذات الفوائد المختلفة وفي عامتها يكمن الاستفادة منها، وخطط التعليم الجامعي يجب أن تبنى على أساس الاحتياجات الفعلية للنمو الاقتصادي للبلاد والاستفادة القصوى من هذه الثروات والهبات الربانية التي حبانا بها الله وسخَّرنا لنعمِّر بها الأرض فنفلح في الدنيا والآخرة .

البنيات التحتية

لا نهضة اقتصادية في أي جهة من العالم لايمكن أن تتم بدون الاعتماد على وجود معاهد وكليات وجامعات تخصصية في كل المجالات العلمية وبدون وجود الخبراء والعلماء والمهنيين والمتخصصين في كافة مجالات العلوم التقنية لا أمل في أي نهضة اقتصادية  .

فالعمالة المدربة تدريباً فنياً عالياً في كافة مجالات التطور الصناعي لن تأتي  من خارج البلاد وهذا مكلِّف جداً لذلك علينا أن نؤكد في مجال التعليم على أن يكون التعليم المهني هو من أولويات برامجنا التعليمية وتوفير المعامل والورش والمعدات اللازمة لتدريب طلاب الكليات المهنية المزمع إنشاؤها للتخصص في كافة المجالات (ميكانيكا، كهرباء، نسيج، دباغة، زراعة، آليات ………الخ)

كل ما تحتاجه النهضة الزراعية والصناعية من مقدرات فنيه يجب أن يتم توفرها في البلاد بتعديل المناهج التعليمية والفكر التعليمي الخاطئ في التركيز على كليات بعينها وهي الطب والهندسة والصيدلة ……الخ، هذه كليات مهمة ولكن الأهم هو بناء الكليات والجامعات التي يدخل خريجوها مباشرة في قيادة النهضة الاقتصادية للبلاد هذا لن يأتي إلا بتغيير النظرة المجتمعية للخريج الجامعي والخريج المهني ثم الدراسة الجامعية والدراسات في المعاهد الفنية المتخصصة ومالم نحترم خريجي الكليات المهنية ووضعهم الاجتماعي وتأكيد أن نهضة البلاد لن تقوم إلا على أيديهم وتخصيص ما لا يقل عن 50% من ميزانية التعليم بعد المرحلة الابتدائية إلى التعليم المهني فلن تكون لدينا أي نهضة صناعية في مجال ترقية صادراتنا من الإنتاج الزراعي والحيواني بعمل قيمة إضافية بدل التصدير الخام

والبُنى التحتية تشمل الطرق وسبل المواصلات وأدوات النقل من شاحنات وسكة حديد وطائرات ومطارات وطرق برية معبدة ووسائل اتصال وشبكات اتصال بالهواتف الزكية وهنا أيضاً يمكن وضع خطط قصيرة المدى وخطط طويلة المدى.

اصحاح البيئة

لايمكن لأي نهضة اقتصادية مهما كانت إمكانياتها أن تتم بمعزل عن تهيئة البيئة الصحية اللازمة لتمكن العاملين والمعامل المتخصصة من أداء أدوارها بنسبة عالية من الكفاءة أن النظافة العامة للمدن والطرق وأماكن العمل سواءً في المكاتب أو المصانع أو المزارع لابد أن تكون في المستوى الصحي من بيئة نظيفة لا وجود للنفايات فيها على قارعة الطريق وأكوام النفايات كالتلال تزحم الشوارع وتلتف حول أماكن العمل والمصانع والمزارع، ما لم نقم بإصحاح البيئة بصورة جذرية وعمل برنامج مستدام للتعامل مع النفايات ونظافة الطرق ومجاري المياه فلن تتم أي نهضة اقتصادية، كل المحاولات الجزئية التي تقوم بالحماس من الجهات الحكومية أو منظمات المجتمع المدني عبارة عن فقاعات هواء تبدأ بحماس بسيط ثم لا تستمر حتى تحقق القضاء وبصفة نهائية على هذه النفايات التي تعيق الدولة والتي بغض النظر عن منظرها غير الحضاري فهي إحدى مسببات الأوبئة والأمراض المختلفة وأصبحت مرتعاً للأطفال المشرَّدين الذين لا مأوى لهم، بل طعام لهم لأنهم يقتاتون ومع الأسف من بقايا هذه النفايات وأكياس القمامة التي تلقى بها البيوت والأسر من بقايا الطعام في الطريق العام .

لن يكون هنالك أي اقتصاد قوي لدولة تحت النمو دون العمل الجاد والمستمر لإصحاح البيئة وهذه عملية سلوك إنساني وقونين رادعة ومواعين وحاويات نفايات تغطي المدن المختلفة وتستوعب كل نفايات التعداد السكاني المتزايد يوماً بعد يوم .

وهنا لابد من الجهد الشعبي المستمر عن طريق منظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى جهد الدولة وعمل مشاريع للاستفادة من النفايات في إعادة تدويرها للاستفادة منها في منتجات الطاقة المختلفة وهي مشاريع بسيطة وغير مكلِّفة، وأغلب دول العالم المتقدِّم الآن تعمل في مجال تدوير النفايات والاستفادة منها في مجال الطاقة،

بل دولة مثل السويد أصبحت تستورد النفايات من جاراتها الأروبيات لتدوريها وتصنعها وتحويلها إلى مواد نافعة للمجتمع وهذا أمر ليس بالعسير .

المعادن والبترول

منذ اكتشاف واستخراج البترول تغيَّرت الخارطة الاقتصاديه في السودان وأصبح السودان من الدول المصدِّرة للنفط حتى انفصال جنوب السودان وذهاب أغلب البترول لدولة الجنوب الوليدة.

وهنا يأتي القصور العقلي والسياسي  والتنفيذي فيما حدث وعدم التحوط له في إبرام اتفاقية السلام، ولكن هل كانت للدولة حنئذ أي استراتيجية علمية للاستفادة من عائدات البترول بالصورة المثلى حتى في الفترة القصيرة التي تعدل الوضع الاقتصادي للبلاد وحتى صار سعر الدولار لا يتعدى 2 ونص الجنيه السوداني

غياب الخطة أو الاستراتيجية لتحويل مدخلات البترول للاستفادة منها في البُنى التحتية لتطوير الزراعة وصناعات المنتجات الزراعية وعدم التحسب للأوضاع السياسية والكل كان يعلم أن الجنوب ذاهب إلى الانفصال لا محال لأنه بدعم قوى أجنبية كانت تخطط لهذا الأمر من تمرد عام 1955م، فقصر النظر وعدم الواقعية والبعد عن التخطيط الاستراتيجي والمشاريع القومية المطلوبة لنهضة البلاد والكسب السياسي قصير الأجل كل ذلك أدى إلى ما نحن فيه الآن من وضع اقتصادي مذري .

الآن لا نبكي على اللبن المسكوب، فالأموال الضخمة  التي صرفت على ماسمى بمشاريع الوحدة الجاذبة ذهبت أدراج الرياح ولم تحقق الوحدة الجاذبة وضاعت كثير من الأموال في مشاريع لم يستفد منها الجانب الآخر، بل لم يعترف بها وتوقف عن تطويرها .

الآن علينا أن نراجع  سياساتنا فيما يتعلق باستخراج البترول والتوسع في الاستثمار في هذا المجال بواسطة شركات عالمية ذات خبرة مشهود لها ثم وضع استراتيجية وخطة عملية للاستفادة من عائدات البترول في تنمية قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية لأنهما قطاعان سريعان في النمو وزيادة الدخل من حصائل صادراتها، بل وتحقق الاكتفاء الذاتي لما نحتاجه من حبوب غذائية فالمقولة التي نرددها منذ أكثر من خمسين عاماً، (من لا يملك قوته لا يملك قراره).

و(السودان سلة غذاء العالم) . كلمات يردِّدها الأثير كلما جاءتنا ضائقة وكنا نعيش في مرحلة انعدام الوزن وحالة من السيولة السياسية التي لا تعرف التخطيط ولا البرمجة ولا الاستعداد للتعلم من الأخطاء برغم توفر كل القدرات البشرية والعلماء القادرين على العمل على نهضة اقتصاديه كبرى وفي زمن وجيز .

ثم أن التغلبات السياسية وعدم استقرار الأوضاع السياسية وحسم الصراع بين الماضي المدينة والهامش وصفاء النفوس والبعد عن التوجهات الإقليميه والقبلية والعنصرية ونباء عقد اجتماعي سوداني كامل الدسم والبعد عن المحاور السياسية داخلياً والبعد عن التكتلات الخارجية وإصلاح شأن البلاد الاجتماعي وقبول الآخر وإشاعة روح التسامح والسلام  والتصالح بين كل فئات المجتمع وإعطاء الفرص الكافية لاختيار أصحاب الكفاءات المشهودة من أبناء الوطن دون النظر إلى قبائلهم أو أقاليمهم أو عنصرياتهم عقد اجتماعي جديد يجب كل ماسبقه ووضع أسس بناء مجتمع سوداني متكامل متراحم يساند بعضه البعض دون ذلك لا نعشم في أي تطوُّر اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي، ونحن الآن في مفترق الطرق، أما سودان قوي متوحد مستقر رغم تنوع وعرقياته وجهوياته وألوانه  وقبلياته وجعل ذلك التنوع مصدراً للقوة، أو سودان ضعيف مختلف يصارع بعضه البعض والعالم يتمتع بخيرات السودان والذي يعلم مكان ومصادر قوته ويبحث عن نهضة هذه البلاد القوية هو الذي سوف ينجح في الآخر. ……………………………………..والله من وراء القصد.

فيما يتعلق بتصحيح وضع ميزان المدفوعات والذي أصبح سبباً .لكل مشاكل ندرة العملات الحرة وكبر حجم الطلب عليها أدى إلى خفض المستوى السوقي لقيمة الجنيه السوداني، قصاد الدولار وهو العملة العالمية التي تتحكم في اقتصاد  العالم.

وارداتنا أكبر من حجم صادراتنا ولذلك ظل الميزان التجاري مع مختلف الدول في اتجاه سالب.

هذا الأمر ليس من الصعوبة بمكان إذ أن الحلول العاجلة تكمن في أما رفع مستوى صادراتنا المختلفة أو تقليل الواردات، فالجزء الأول المتعلق برفع حجم الصادرات يحتاج لوقت ومعالجات تستغرق بعض الوقت، أما فيما يتعلق ببعض الواردات فهذا أمر ميسور يجتاج  لإرادة قوية لمصلحة الوطن أولاً وأخيراً هو أن نركز فقط على وارداتنا من السلع الاستراتيجية وهي:

  1. الوقود – البترول
  2. القوت –  القمح
  3. الدواء – العلاج

هذه هي السلع الاستراتيجية التي يجب أن تحدد كميات احتياجاتها، أما كل المتبقي من السلع الاستهلاكية والتي تنتفع بها طبقة معيَّنة من المجتمع السوداني فيجب على الفور وقف استيرادها بدون تردد ودعم الصناعات المحلية خاصة في مجال الصناعات الغذائية، فالناظر إلى أسواق الخرطوم، بل وعدد من الولايات يجد أن هنالك بذخ كبير في استيراد بعض  المأكولات من حلويات وبسكويت ونشويات وبعض الأطعمة التي يمكن إنتاجها محلياً، بل وألبان .

فالناظر إلى الأسواق والمولات يجد العجب العجاب وهو أمر يجب حسمه فوراً كل أموال المغتربين تذهب بواسطة شركات الاستيراد الكبرى لاستيراد هذه السلع في دولة تبحث عن الدولار الواحد لتغطية قيمة القمح والبترول والدواء من أجل رفاهية وكسب عدد محدود من الشركات الرأسمالية وأصحاب الأموال من القطاع الخاص تستهلك مواردنا البسيطة في استيراد سلع (لا تُسمن ولا تُغني من جوع) بحجة منع إيجاد ندرة.

الندرة في مثل هذه السلع واجب وطني واقتصادي في المقام الأول لأن استيراد هذه السلع بهذه الكميات المهولة هو الذي يحدث الندرة في السلع الأساسية (قمح، بترول ودواء).

إن مراكز القوى التي تسيطر على سياسة الاستيراد من أصحاب الأموال والشركات في القطاع الخاص والذي لا يهمه سوى الربح الفاحش دون النظر لظروف البلاد وتقدير الاحتياجات الفعلية لما نود استيراده من سلع ومواد لا يمكن أن يستمر بهذه الحالة  فأموال المغتربين كلها تجمع وتحصل في الخارج بواسطة صرافات سودانية متوزعة حول العالم ما بين دول الخليخ وأروبا .

لاستلام النقد الأجنبي منهم في بلاد اغترابهم وتسليمهم المقابل بالسوداني في نفس الوقت في داخل البلاد ما لم يوقف هذا النزيف والاستغلال الكامل بواسطة هؤلاء المستوردين لكل أموال المغتربين وتوجيهها لاستيراد هذه السلع الاستهلاكية التي (لا تُسمن ولا تُغني من جوع) جريمة كبرى في حق الوطن يجب أن تقابل بالحسم ووقف استيراد هذه السلع فوراً  .

ومن سجلات الجمارك يمكن التعرُّف على  الحصيلة من حجم الاستيراد لهذه السلع التي استهلكت مدخرات الوطن وحرمته من الاستفادة من عائدت مواطنيه المغتربين وإحجامهم عن توريد مدخراتهم إلى داخل بلادهم بالطرق المشروعة

وقف استيراد هذه السلع سوف يوقف الطلب التزايد على الدولار وبالتالي يخفض سعره فوراً مقابل عملتنا التي وصلت إلى درجة مخيفة من الضعف والانهيار.

القرارات الحاسمة ما لم تقم بها حكومة الثورة الآن سوف نظل في هذه الدوامة اللا نهائية.

أثر البيئة وسلوك المجتمع في التطوُّر الاقتصادي

كما ذكرنا -سابقاً- أن الاقتصاد لا يتجزأ، فالنهضة الاقتصادية لا تتم أو تحقق أسباب النجاح إذا لم تتوفر لها كل مقومات هذا النجاح .

فالنمو الاقتصادي لأي دولة الهدف الأساسي منه هو تحقيق رفاهية المجتمع وبما أن  رفاهية المجتمع معيار نسبي إذا أن الرفاهية تختلف من مجتمع لآخر وفقاً للمستوى المعيشي والتعليمي والصحي والاجتماعي من عادات وتقاليد وموروثات ثقافية فهذه مجتمعة تشكِّل معياراً الرفاهية لأي مجتمع .

والنمو الاقتصادي يتطوَّر كلما تطوَّر المجتمع في النواحي التي ذكرناها آنفاً ويظل هذا التطوُّر إشباعاً لرغبات المجتمعات والأفراد . إذ أن النظريات الاقتصادية كلها مبنية على إشباع رغبات أفراد المجتمع والمعلوم بداهة أن الإنسان كلما أشبع رغبة من رغباته تظهر له رغبات جديدة ينتجها التطوُّر الصناعي والاجتماعي في البيئة التي يعيش فيها .

فرفاهية الفرد تنبع من رفاهية المجتمع في كل نواحي الحياة، لذالك فالنمو الاقتصادي الذي يحقق رفهاية المجتمع لا يتم كما أسلفنا بمجهودات فردية من أفراد متخصصين فقط في العلوم الاقتصادية فالنهضة الاقتصادية الشاملة عبارة عن منظومة متماسكة ومترابطة ببعضها البعض ويجب العمل على استنهاضها دفعة واحدة .

المعلوم أن علوم الاقتصاد تجارب بشرية تختلف من بيئة إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر وهي بالتالي ترتبط بنمو الدولة في كافة المجالات التي ذكرناها سابقاً .

يأتي في الأهمية سلوك المجتمع المبني على عاداته وتقاليده الراسخة في وجدان مواطنيه.

فالأمثال الشعبية مثلاً المحبطة التي يتداولها أفراد المجتمع بكل بساطة في سلوكهم الحياتي لها الأثر الكبير في تحديد الرغبة نحو نمو الاقتصادي ومن الأمثال المحبطة التي يتناولها أفراد المجتمع بكل براءة وسذاجة .

  1. i. (دار أبوك كان خربت شيل ليك منها شلية)
  2. ii. (كان غلبك سدها وسِّع قدها)

iii.            (كان كترت عليك الهموم أدمدم ونوم)

  1. iv. (اصرف مافي الجيب يأتيك مافي الغيب)

هذه نماذج اخترتها فقط للتدليل على أثرها في سلوك المجتمع وعدم المبالاة .

أي أمة تكون هذه هي أمثلتها في الحياة اليومية لا طموح، بل استسلام كامل لمعتقدات اجتماعية وأقوال لا نعلم من الذي أطلقها في هذا المجتمع السوداني حتى صارت أمثلة يومية لسلوك الفرد السوداني وهي من أكبر المحبطات لأي معادلة للتطلع لمستقبل زاهر ورسم لطريق النمو الاقتصادي ليعبر بالبلاد إلى بر الأمان وإلى اللحاق بالأمم المتحضرة إذا لم تتغيَّر هذه المفاهيم والأمثلة كلية فلن نعشم في أي طموح يقود إلى نهضة اقتصادية تحقيق رفاهية المجتمع .

يأتي بعد ذلك العادات والتقاليد المجتمعية وسلوك الأفراد والجماعات في مختلف الأنشطة الاجتماعية والحياة اليومية منها العادات والتقاليد في المناسبات الاجتماعية كالأفراح والأتراح والصرف البذخي والمظهري في حياة سكان المدن خاصة من أجل المباهاة الاجتماعية والظهور في المجتمع بصورة قد تكون غير واقعية فرضتها الظروف المحيطة بكل أسرة حتى تنال الحظوة والريادة الاجتماعية .

فالتبذير في المأكل والمشرب والإسراف في هذه المناسبات لا معنى له سوى إكمال المظهر الاجتماعي .

ومن أهم عوامل تخلفنا عن ركب الأمم اقتصادياً عدم احترام الزمن، فالزمن يضيع هدراً في سلوكيات ومجاملات اجتماعية وتقاليد بالية لا تنفعنا دنيا ولا آخرة.

الزمن هو أساس الحياة والاستفادة القصوى من كل دقيقة منه أمر ما زالت شعوبنا بعيدة منه تماماً، فسلوكنا المجتمعي ملئ بالعادات والمجاملات التي تهدر ما لا يقل عن (80%) من الزمن المتاح لدينا يومياً .

ومازلنا لم نتعلم أهمية إدارة الوقت سواءً على المستوى الفردي أو الجماعي في أجهزة الدولة المختلفة أو حتى في القطاع الخاص .

وبما أن الزمن هو الاقتصاد، فالاقتصاد القوي لا تبنيه دولة لا تستطيع التحكُّم في زمنها.

يأتي من بعد ذلك عامل مهم جداً من عوامل النمو والتطور الاقتصادي ألا وهو الاهتمام بمعايير الجودة في كافة أعمالنا الفردية والجماعية. فطبيعة الإنسان السوداني ومع الأسف لا يهتم بتجويد عمله بالصورة المطلوبة على الرغم من أن تجويد العمل سلوك كلفنا به ديننا الحنيف  ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) .

فالجودة هي المعيار العالمي الذي وضعت له الدول العظمى مقاييس عالمية متفق عليها (ISO) وكلفت كل الدول بالاهتمام بتطبيق هذه المعاير وفقاً لاتفاقية عالمية .

الجودة هي المدخل الأساسي لكل المنافسات العالمية لاختراق الأسواق العالمية وملأها بمنتجات الدول المختلفة.

ما لم نهتم بهذا الأمر ونضع كل إمكانياتنا العلمية والعملية إلى أرقى وأعلى فلا نحلم بأي تقدم اقتصادي .

وفي الختام أن المعالجات الوقتية لكل الضايقات المعيشية أمر مطلوب ولكنها معالجات ظرفية لن تستطيع أن تصمد على المدى الطويل، لذلك يجب التفكير بروح جديدة وهمة عالية للقيام بالدراسات ووضع الاستراتتجيات المبنية على المعلومات الحقيقية كما ذكرنا في مقدِّمة هذه الورقة .

إن الاستفادة من طاقات الشباب العظيم الذي فجَّر هذه الثورة العظيمة يجب أن تكون لها الأولوية في أي برنامج لتحقيق أي نمو اقتصادي يقود في النهاية لرفاهية المجتمع .

تبقى هذه هي المسؤولية التاريخية التي تواجه كل القوى السياسية في السودان والتحدي الأكبر الذي ينتظرها بعد الفترة الانتقالية.

والله من وراء القصد,,,,,,,,,,,,,,,

يونيو/ 2020م

الخرطوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى