د. عبد الله فتحي يكتب : غياب هيبة الدولة وتفشي القبلية.. الهدام!

28 يوليو 2022م

 

رشفة أولى:

 

عندما تمرض هيبة الدولة تتعافى نزعة القبيلة وتصبح هي مؤسسة القانون التي تبسط نفوذها بالقوة الفوضوية العمياء الغاشمة في دائرة المُنتمين فتحولهم معاول هدم للمؤسسية وحينما تنهدم المؤسسية ينهدم الوطن.

ما حدث في النيل الأزرق من صراع قبلي محض راح ضحيته مئات القتلى والمصابين وتشرد آلاف النازحين عن مساكنهم وهدمت عشرات المؤسسات الخدمية وأحرقت سيارات مواطنين أبرياء واشتعلت الفتنة القبلية في عشرات المدن وانهيار قيمة الأمن والأمان للإنسان في السودان.. كل هذا أساسه غياب هيبة الدولة.

غياب هيبة الدولة واتساع دائرة التشبُّث بالقبيلة هو رأس جبل الجليد الذي سيغرق سفينة السودان في بحر من دماء السودانيين الأبرياء- مع أو ضد – لن ينجو أحد.

 

رشفة ثانية:

 

هيبة الدولة قوامها: (نظام سياسي شرعي.. مؤسسات قوات نظامية قومية.. مجتمع واعٍ بحقوقه وواجباته).

(لولا تدخل مؤسسات القوات النظامية في مأساة النيل الأزرق لانفرط العقد وانطلق فيضان الدم ليغمر كل السودان.. فلا رادع للعنف إلا القوة).

مؤسسات القوات النظامية في أي دولة هي صمام أمان الدولة وحامي عرين هيبتها عندما نطعن فيها أو نوهن عزمها أو نسيئ سُمعتها فإنّنا نسلب الدولة هيبتها.. ابعدوا مؤسسات القوات النظامية عن صراع السلطة الجامح الذي لن يتوقّف وإن احترق الشعب فرداً.. فرداً.. أبعدوها عن لعبة السياسة السودانية اللا أخلاقية والتي لا تعرف سوى اللعن والاستقطاب فتفرق بين التوأم الأشقاء ليصبحوا أعداءً حد الدم.

سابقاً.. وقبل مجئ حقبة الإنقاذ التي ساهمت في إضعاف دور مؤسسات القوات النظامية.. عندما تحدث أزمة شبيهة في السودان فهناك مؤسسات تتولى الأمر بتوجيه ورعاية من الدولة (الإدارة الأهلية من مشايخ وعُمد ونَظّارات ومُكوك وسلاطين.. مشايخ طرق صوفية لديهم سمة القبول والحُضُور في المُجتمع.. أحزاب سياسية واعية لها برامج وإنجازات وعضوية دائمة مرتبطة بنشاط دور الأحزاب تأتمر بأمر مؤسسة الحزب.. رجل دولة يقود مؤسسات القوات النظامية التي تظلل هيبتها كل مراحل ومؤسسات معالجة الأزمة بحزم وحياد وصرامة حتى تنجلي الأزمة في إرهاصاتها الأولى دون خسائر للمواطن والوطن).

على المكونات السياسية الحكومية والمعارضة وأجسام الثورة السودانية بكل عضويتها أن تتحلى بالوعي الوطني وإعلاء مصلحة وعافية الوطن وتحديد سقف وطني لممارسة طلب الحقوق فتسمى الأشياء والشخصيات بمسمياتها دون التعرُّض للمؤسسات النظامية.. بل ويعلنوا في اتفاق عام أن المساس بسمعة وهيبة وجدارة المؤسسات النظامية السودانية خط أحمر من يتجاوزه خائنٌ للوطن.

ونقول لكل الحكومات والأنظمة السياسية القادمة لا مجال للمزايدات السياسية واختراق مؤسسات القوات النظامية سياسياً أو تكوين مؤسسات شبيهة بالقوات النظامية فتحدث الازدواجية وتتداخل المهام فتضعف المؤسسات النظامية وعند أول أزمة يظهر ضياع هيبة الدولة وتتسع دائرة أضرار الأزمة فتضرب جسد الوطن حتى يتداعى فيسقط جثة هامدة.

 

رشفة أخيرة:

 

(الهدام).. عندما يفيض النيل دون توقع فإنّه ينخر أرض السواقي والمزارع والمشاريع والجزائر ويغرق وابور ضخ مياه الري الموضوع على الشاطئ فيعطش الزرع ويجف الضرع ويجوع الإنسان.. وهذا ما نخشاه على السودان.. و.. معاكم سلامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى