في بريد مجلس الوزراء .. بلغ عددهم أربعة آلاف ويعانون أشد المعاناة 

 مفصولو بنك الخرطوم.. ما زالت تبعات الظلم تلاحقهم 

 

 

الخرطوم: انتصار فضل الله   26 يوليو 2022م

شكا مفصولو بنك الخرطوم تعسفياً بإلغاء وظائفهم من قبل النظام البائد من ظلم لحق بهم ومعاناة بالغة ومشكلات عديدة ما زالت تعترض حياتهم مما دفعهم للمطالبة باستعجال استلام استحقاقاتهم المالية التي تجاوزت 10 ترليون جنيه، سوداني.

واتهموا محافظ بنك السودان المركزي بعدم الاستجابة للقرارات الصادرة في شأنهم والنداءات التي يطلقونها، وقالوا إنهم بصدد القيام بوقفات احتجاجية أمام المحافظ، ورفع شكوى ضده بواسطة المحكمة الإدارية، وأكدوا أن الدستور كفل لهم الحقوق كافة.

(الصيحة) تورد التفاصيل

أوضاع سيئة

 

أفاد بعض المفصولين (الصيحة)، إنهم 4 آلاف مفصول تعسفي منذ الأعوام 1989 وحتى 2006م، ظلوا يكابدون وراء استلام مستحقاتهم دون جدوى منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، منهم من توفى ولم يصرف حقوقه ومنهم الذي شُرِّد ومنهم المريض بالسكري والضغط وبالفشل الكلوي يعاني تحت ماكينات الغسيل.

وأشاروا إلى أن فيهم حملة الماجستير والدكتوراة في النقود والمصارف وليس لهم اتجاهات سياسية، ولا يعرفون غير عملهم تكنوقراط وأكادميين، وأضافوا أن منهم من فصل هو وزوجته في وقت واحد دون رحمة من متخذي القرار فساءت أوضاعهم الاقتصادية والنفسية والمعنوية .

يقولون، إنهم مازالوا يأملون نيل حقوقهم التي كفلتها الوثيقة الدستورية ومنحتهم حق المطالبة بها في عهد الثورة المجيدة، رغم امتناع جنقول محافظ بنك السودان المركزي، وناشدوا بمعاملتهم أسوة  بمفصولي البنوك الحكومية الأخرى الذين حصلوا على حقوقهم كاملة دون عناء .

كشوفات متلاحقة

 

وحول حيثيات القضية قال عضو لجنة المفصولين في بنك الخرطوم وعضو اللجنة الخماسية في بنك السودان لـ(الصيحة)، تم فصلهم اعتباراً من قيام سلطة الإنقاذ كأفراد وقيادات ونقابات  خلال السنوات من 1989م، وحتى العام 1991م، عقب ذلك  خرج كشف في العام 1995م، شمل أعداد كبيرة جداً من موظفي البنك ثم توالت الكشوفات حتى العام 2001 م.

 

يقول العضو السر خضر باشاب، وهو أول مفصول في الجهاز المصرفي في 89م، وقد أودع السجون، صدرت الكشوفات بدعاوى إلغاء الوظائف والإحالة للصالح العام، مشيراً إلى أن السلطات قامت بتعيين موظفين جدد خلال هذه الفترات واتضح لهم أن المسألة مقصود منها استقطاب أصحاب الولاء السياسي والتخلص من الموظفين القدامى

دون مراعاة الجوانب الاجتماعية بالنسبة للموظفين .

وشرح، إنه بعد قيام الثورة خصصت لجنة عليا للمفصولين بمجلس الوزراء، بذلك وجدت قضايا المفصولين في كل القطاعات حظها من الاهتمام والسرعة في وقت كان سعر صرف الجنيه فيه معقول إلى حد ما، إلا أن قضية بنك الخرطوم استغرقت وقتاً طويلاً، لأن البنك شمل موظفي أربعة بنوك تم دمجها فيما بينها وهي: “الوحدة ـ القومي للاستيراد والتصدير ـ  الشعب” مما شكَّل مجموعة ضخمة من المفصولين الأمر الذي أخذ وقتاً طويلاً في تدارس الحالات والبت حولها .

تشكيل لجنة

 

يقول باشاب، تم تشكيل لجنة خماسية بإيعاز من مجلس الوزراء إلى محافظ بنك السودان, شملت ممثلين  لوزارات المالية والعمل والمفصولين وبنك السودان منهم رئيس اللجنة ونائبته التي تحوَّلت فيما بعد إلى رئيس للجنة بعد إحالة رئيس اللجنة للمعاش والمستشار القانوني بالإضافة إلى المقرِّرة من بنك السودان.

وذكر: ظلت اللجنة تتداول قضية المفصولين وكان ممكن أن يتم البت في وقت قياسي وسريع جداً إلا أنه اكتنفها الكثير من التعسف من ممثلي بنك السودان في اللجنة، وكان واضحاً وجود إملاءات تصدر إليهم لمحاولة تصديق القليل بالنسبة لموظفي بنك الخرطوم، بالتالي امتد عمل اللجنة ما يزيد عن العام وفي النهاية تم التوصل إلى اتفاق وقع عليه كل أعضاء اللجنة دون استثناء، وجاء قرارهم بأن يتم احتساب استحقاقات المفصولين من تاريخ التعيين مع خصم أي استحقاقات معاشية تم صرفها قبل ذلك، وقبل الموافقة النهائية حاول بنك السودان أن يكون القرار بأن تحتسب الاستحقاقات من تاريخ الفصل وهو مخالف للقانون لأن السنوات المعاشية تدمج إلى بعضها.

 

تقديم خطابات

تابع باشاب، إنهم تقدَّموا بخطاب صريح من مجلس الوزراء ينص فيه على أن استحقاقات مفصولي بنك الخرطوم تحتسب من تاريخ التعيين مع حث بنك السودان على السرعة في اتخاذ القرار، رُفع التصديق بتاريخ التعيين إلى محافظ البنك السابق، لكنه تلكأ في اتخاذ القرارات حوله إلى حين حضور المحافظ الجديد الذي لم ينظر في الموضوع لمدة شهر ونصف، واستمر المد والجذب بين أعضاء لجنة المفصولين وبينهم، فبعد الملاحقات العديدة جداً قام المحافظ بتصديق مبالغ زهيدة جداً ما يبدو أن القضية تحوَّلت إلى اتجاه سياسي.

وأشار إلى أنه تم تحديد حقوق على سبيل المثال، أحد أعضاء لجنة المفصولين بلغت استحقاقاته 19 مليون جنيه، أي     “مليار سابقاً” وفقاً للأساس الذي تم الاحتساب به لبقية البنوك الأخرى، تحوَّل التصديق له إلى 167 ألف جنيه، فهذه المفارقات طبِّقت على كل المفصولين لذلك قلت الاستحقاقات التي كانت تساوي (10) بلايين  إلى (300) مليون، مما يؤكد الظلم الذي لا يشبه الثورة.

 

 

خطوة قادمة

لفت باشاب إلى أن لجنة المفصولين لم تتقدَّم بشكوى إلى المحكمة بعد، قائلاً: هذه واحدة من الخطوات القادمة حال الوصول إلى طريق مسدود، بالتالي يتم رفع القضية إلى المحكمة الإدارية، مشيراً إلى أن بنك السودان طلب من مجلس الوزراء إفادة حول أساس احتساب الاستحقاقات وقد أرسل المجلس الأساس ولم يعمل به المركزي، وقد أهمل كل قرارات المجلس الخاصة بالقضية.

بالنسبة لمسؤولية البنك المركزي حول التعويضات قال عضو اللجنة: إن كل تعويضات البنوك الأخرى تدفعها البنوك نفسها ما عدا حالة بنك الخرطوم، لأن التخلص منه تم عن طريق الحكومة في إطار سياساتها المعروف ضمن بيع المؤسسات العام، حيث تم البيع على مرحلتين .

من نهاية ديسمبر ٢٠٠١ حتى 30-٩- ٢٠٠٥م، كشركة مساهمة عامة، وحتى الآن قطاع خاص أجنبي ووطني،  مما مثل فضيحة كبيرة جدًا.

وأشار إلى أن النص في اتفاقية الشراء تم صراحة على أن أي التزامات تنشأ لاحقاً بعد تاريخ البيع مسؤولاً عنها البنك المركزي، وهو ما جعله يتحمَّل مسؤولية دفع الاستحقاقات وعن أي أشياء غير معلومة تنشأ لاحقاً بالنسبة لبنك الخرطوم.

العودة للوظيفة

حول الذين يجب عودتهم إلى العمل من المفصولين رهن باشاب ذلك بشرطين هما: عدم بلوغ السن المعاشية ورغبة المفصول، قائلاً: أبدى أكثر من (700) موظف رغبة العودة إلى العمل، فكان من الممكن أن يتم إعادة توظيفهم بنفس مرتباتهم ومخصصاتهم في خمسة بنوك منها: بنك السودان نفسه أو إحدى الشركات التابعة له، بالإضافة لشركات تتبع للمالية، غير أن اللجنة شعرت بالمماطلة والتسويف من المركزي في إعادة الراغبين إلى العمل.

وأضاف باشاب طرحت اللجنة استبياناً للمفصولين بخصوص من يريد العودة وصرف استحقاقاته المعاشية بالتالي تقلص العدد إلى (221) من الذين يودون العودة إلى العمل وهم أعمارهم مناسبة جداً غير أن المحافظ الجديد جاء ببدعة غريبة جداً مخالفة تماماً لقرارات مجلس الوزراء في حق المفصولين في العودة للعمل، وقرَّر معاملتهم معاملة المفصولين ويمنحهم استحقاقاتهم دون التزام من جانبه بأن يوفر لهم فرص عمل، معتبراً هذه مخالفة كبيرة وواضحة لقرارات معالجة قضية المفصولين تعسفياً في السودان.

وأشار إلى أن بنك السودان أرسل إلى بنك الخرطوم باعتباره الجهة التي تدفع عبر المنافذ التابعة له وليست من مسؤوليته تحمل الاستحقاقات، بالتالي أرسل بنك الخرطوم الاستحقاقات إلى أفرعه إلا أن المفصولين رفضوا وأحجموا لقلة الاستحقاقات التي تساوي بضع ملاليم .

وأعلن باشاب رفضهم لسيناريو المحافظ الحالي، مؤكداً تمسكهم بأخذ حقوقهم كاملة، مشيراً إلى أنهم شرعوا في الخطوات القادمة بتقديم شكوى لوزير شؤون الرئاسة بمجلس الوزراء بالقضية،  موضحين أن المركزي أخطأ عن قصد رغم علمه بأسس سداد الاستحقاقات بالتالي ارتكب مخالفات بقرارات الثورة وخطاب المجلس المرسل بهذا الشأن، مناشداً مجلس الوزراء للتدخل العاجل قبل لجوئهم إلى القضاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى