مناسبة تخريج أول دفعة تنفيذ الترتيبات الأمنية.. أول الغيث (2000)

 

* الفريق سليمان صندل: إننا في مرحلة مفصلية من تاريخ السودان

 

* الرئيس المناوب: ليس هناك تضارب بين القوات والقوات النظامية الأخرى

 

*صندل:’ التدريب سيستمر وأطراف السلام ماضية في تنفيذ اتفاق حماية المدنيين

القوات المتخرِّجة تخضع لقانون القوات المسلحة وتأتمر بأوامرها

 

* عضو الترتيبات الأمنية اللواء جدو: تخريج أول دفعة تعطي دَفعة قوية لاستيعاب بقية القوات

 

*جدو : الأسباب المالية وعدم التوافق السياسي وراء تأخير تنفيذ الترتيبات الأمنية

 

*مفوَّضية الدمج والتسريح: تنفيذ الاتفاق يحتاج إلى تضحيات ونكران ذات

* مختص في الشؤون العسكرية: استيعاب أول دفعة خطوة مهمة في طريق استكمال اتفاق جوبا

* مصدر : نجاح الترتيبات الأمنية رهين باستيعاب حركتيّ الحلو وعبد الواحد

 

إعداد : صلاح مختار       3 يوليو2022م

 

أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي، وهي نقطة تنطلق منها تخريج أول دفعة من الحركات، خاصة بتنفيذ الترتيبات الأمنية لاتفاق سلام جوبا، ورغم العثرات التي اعترت انطلاقة عملية الاستيعاب وتجميع لقوات حركات الكفاح المسلح؛ إلا أن تخريج الدفعة الأولى من منسوبي الحركات المسلَّحة وإدماجهم في القوات المسلحة تعتبر خطوة مهمة وتاريخية تسجل في سِفر القوات المسلحة. ولعل بروتوكول الترتيبات الأمنية من البروتوكولات المهمة في اتفاق جوبا ودون تنفيذه من الصعب الحديث عن اتفاق سلام وقع في جوبا. وبالتالي دمج القوات في جيش وطني واحد مهم ومن الصعوبة بمكان الحديث عن تحوُّل ديموقراطي دون تنفيذ تلك الخطوة.

 

محاور عملية

 

هنالك عدة محاور في عملية فهم الترتيبات الأمنية منها: عملية وقف إطلاق النار ودمج وتسريح القوات، وهو برنامج المسمى (دي دي ار) بجانب ذلك إصلاح وتطوير وتحديث المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، وفي ذلك يمكن أن نشير إلى الخطوات المهمة التي تؤكدها قيادة الدول في هذا الجانب. من المهم الإشارة إلى الجانب الخاص في بروتوكول الترتيبات الأمنية والذي تم تنفيذه وهو عملية وقف إطلاق النار، حيث كان هناك التزام تام من قبل الأطراف الموقعة على الاتفاق بوقف إطلاق النار . وأكدت مصادر متعدِّدة لـ(الصيحة) بعد التوقيع لم تسجل أي خروقات للاتفاق ما يؤكد رغبة الأطراف المختلفة في تنفيذ الاتفاق. ولعل لأول مرة يجسِّد الاتفاق عملية السلام الشامل واختفت الحروب  منذ استقلال البلاد. وحتى الذين لم يوقعوا لم يدخلوا في حرب مع الجيش، بل هناك تعاون وقنوات تواصل بين تلك الحركات مع ذويهم في الولايات .

ترتيبات الدمج

المجلس الأعلى المشترك هو الجسم المناط به تنفيذ البروتوكول وهو برئاسة رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ويضم نائب رئيس المجلس السيادي الفريق محمد حمدان دقلو، بجانب وزير الدفاع ومدير عام قوات الشرطة، بالإضافة إلى أعضاء آخرين. ولعل المجلس من خلال اجتماعاته التي امتدت لأكثر من ثلاثة اجتماعات، والتي شهدت آخرها في مدينة الفاشر والذي اعتبر اجتماعاً تاريخياً أسس لتلك الخطوة المهمة في تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية. من المهم الإشارة إليه هنا، أن لجنة وقف إطلاق النار التي انبثقت من اجتماع الفاشر تعمل بشكل جيِّد بجانب الأطراف الدولية والإقليمية .

اكتمال الاستعداد

قال الفريق سليمان صندل، الرئيس المناوب للجنة الترتيبات الأمنية: إننا في مرحلة مفصلية في تاريخ السودان، حيث نشهد خلال أيام تخريج أول دفعة من قوات حفظ الأمن بدارفور، فقد اكتملت الترتيبات كافة استعداداً لتخريجهم، وقال: إن عدد القوات يبلغ (2000) جندي، من حركات الكفاح المسلح، بالإضافة إلى أنه سيتم إضافة عدد آخر بنفس القوة من الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة حتى يكتمل العدد وتكون في استعداد لحماية المدنيين.

وأضاف خلال المؤتمر الصحفي للجنة العسكرية العليا المشتركة للترتيبات الأمنية مسار دارفور حول (تخريج أول دفعة من قوات حفظ الأمن بدارفور المعنية بحماية المدنيين)، مضيفاً أن الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي سيكون حضوراً في تخريج هذه القوات وهو أمر يؤكد الاهتمام العالي من قبل الدولة.

أعلى الهرم

وأضاف صندل، أن وجود السلطات في أعلى هرمها بولاية غرب دارفور بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو، وعضوية عضويّ المجلس الطاهر حجر والهادي إدريس، يصب في هذا المجال في حفظ الأمن ورتق النسيج الاجتماعي، وقال: إن تشكيل لجان للمصالحات أمر مهم ويتطلب تضافر الجهود الرسمية والشعبية. وقال صندل: إن هناك مرحلة أخرى تقوم بها اللجان الفنية وأن التدريب سيستمر خلال الفترة القادمة، مشيراً إلى أن أطراف السلام جادة وماضية في تنفيذ الاتفاق خاصة حماية المدنيين، وقال: إننا نتطلَّع إلى أن يسهم الشركاء في دعم تنفيذ عملية السلام السلمية.

حاجة واحدة

وقال صندل، إنهم جاهزون لدعم القوات المسلحة، وأنه سبق أن قمنا بزيارة لمنطقة الفشقة بواسطة الدكتور جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، مؤكداً أن حركات الكفاح المسلح والقوات النظامية تمثلان حاجة واحدة للدفاع عن الوطن، وأضاف إنه من المتوقع أن يصل العدد في المرحلة الأولى (١٢) ألف، وأن هذا العدد سيزيد تدريجياً، وأرجع سيادته تأخير تنفيذ هذا البند لظروف معلومة للجميع، وقال: إن تأخير تشكيل اللجان يمكن أن يكون سبباً في هذا الجانب، مشيراً إلى أن الجهود في الفترة القادمة ستشهد بذل كل الجهود لإنجاح تنفيذ السلام حتى نتمكَّن من تحقيق سلام مستدام. وأشار صندل إلى أن هذه القوات تخضع لقانون القوات المسلحة وهي تأتمر بكل الأوامر العسكرية الرسمية، لأن حماية المواطنين تتطلَّب الحزم في تنفيذ التعليمات، وأن هذه القوات ليس بينها وبين القوات النظامية أي تضارب، بل بالعكس كل هذه القوات تخدم مصالح المواطنين وتساعد في تحقيق الاستقرار.

مرحلة جديدة

يمثل تخريج أول دفعة من قوات الحركات علامة فارغة من تاريخ الكفاح المسلح، ودائماً ما تنتهي الحروب بالتوقيع  على اتفاق بين الأطراف المتصارعة وبالتالي تنظر الحركات للخطوة بعين من الاطمئنان بعد عقود من الاقتتال والهجرة لتضع البندقية على الأرض لتبدأ مرحلة جديدة، وفي ذلك يقول اللواء جدو نور عبد الرحمن، عضو لجنة الترتيبات الأمنية بشمال دارفور عن حركة العدل والمساواة: إن هذا اليوم يمثل بالنسبة لهم يوم تاريخي عظيم ومشرِّف وأنهم سعداء بتنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية باعتباره أول دفعة بالنسبة لإنفاذ الترتيبات الأمنية، ما يعني أن سلام جوبا كان سلاماً مهماً وضرورياً لوقف الحرب من أجل التنمية والاستقرار. واعتبر في حديث لـ(الصيحة) الخطوة تعطي دفعة قوية للأمام لاستيعاب بقية القوات، وأضاف: رغم أن الدفعة الثانية لم تُحدَّد بعد إلا بعد الانتهاء من تخريج الدفعة الأولى فإن المناسبة تحمل إشارات موجبة لجميع الأطراف بجديتها في إنزال البروتوكول إلى أرض الواقع.

الدفعة الأولى

وأكد جدو، أن الدفعة الأولى المتخرِّجة من حركة العدل والمساواة، وأن بقية قوات الحركات تأتي تباعاً خلال الفترة المقبلة، وتوقع دخول قوات الحركات الأخرى في الترتيبات الأمنية في الأيام المقبلة. وجزم بأن الدفعة المتخرِّجة هي الأولى بالنسبة لحركة العدل والمساواة وهناك دفعات أخرى من الضباط والجنود في انتظار دورهم في الترتيبات.

ضيق الموارد

وعزا اللواء جدو، أن تأخير تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية بسبب ضيق الموارد المالية، وقال: هي ظروف معلومة تمر بها البلاد، ولذلك كانت السبب الرئيس في تأخير تنفيذ البروتوكول، أما التحديات التي واجهتهم في ذلك كان عدم التوافق السياسي بين الأحزاب السياسية مع قوى الحرية والتغيير، انعكس بدوره على تنفيذ الترتيبات الأمنية. ووجه جدو، رسالة للقوى السياسية، قال فيها: كفاية ضياع للوقت، لأن السودان أصبح لا يتحمَّل تلك الخلافات والنزاعات أكثر من ذلك، ولفت بالقول: الآن لدينا مشاكل مع أثيوبيا وفوق ذلك مشاكل اقتصادية ولذلك السودان لا يحتمَّل أكثر من ذلك. وقال لقوى الحرية والتغيير، إننا في النهاية كلنا سودانيين وإخوة، لذلك علينا أن نضع أيدينا مع بعضنا البعض من أجل تقدُّم السودان وازدهاره وإخراجه من بر الأمان، وقال: عليهم أن يقدِّموا تنازلات أكثر من أجل الوطن. أما بالنسبة لحركات الكفاح المسلح بث تطمينات بأنهم على أتم الاستعداد لإنجاح السلام، ولذلك قال: لا أشك في أن الحركات هم غيورون أكثر لبناء السودان .

 

طريق الإدماج

 

بعد أكثر من عامين يتحرَّك قطار تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية بتخريج دفعة من قوة حماية دارفور، ورغم أهمية الخطوة إلا أن محلِّلين يرون أن المشوار ما زال طويلاً وأن طريق إدماج كل القوات مازال شائكاً في ظل ظروف اقتصادية وأمنية معروفة، ويرى المختص في الشؤون العسكرية د.أبو بكر آدم، أن المهم أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي، وقال لـ(الصيحة) وأن الخطوة تعطي مؤشراً جيِّداً للأطراف الدولية بجدية الحكومة في تنفيذ الترتيبات الأمنية، علماً بأن الحكومة ذاتها ألمحت في أكثر من مرة بعدم التزام المانحين تجاه تنفيذ الترتيبات الأمنية، ولفت إلى حديث اليرهان في سياق عتابه لممثل الأمم المتحدة بالسودان بأنه لم يهتم بالتفويض الذي جاء من أجله وهو إيجاد موارد من أجل المساعدة في عملية الترتيبات الأمنية وتركت الحبل على القارب وانشغلت بأمور خارج التفويض، بالتالي آلت الدولة على نفسها في تحمُّل نفقات الترتيبات الأمنية ضمن ميزانياتها التي تعاني من عجز وهو أمر في غاية الصعوبة بمكان الحديث عن اتفاق سلام.

سنوات الاقتتال

ويقول آدم: إن تخريج الدفعة الأولى من قوات الحركات فيه تطمينات لبقية الحركات التي عليها الدور ولذلك هي بداية لأنها سنوات طويلة من الحرب والاقتتال. ولكن عاد وقال: إن السلام يحتاج أن يوقع فيه الجميع وما لم تأت ببقية الحركات لن يكون هنالك سلاماً، بالتالي تأتي أهمية تشكيل قوة حفظ الأمن في دارفور بعد التفلتات التي حدثت في الإقليم خلال الفترة الماضية، ولذلك برزت أهمية تشكيل قوة مهام خاصة التي استجابت الحركات بتشكيلها كافة.وقال: لعل حرص الحركات على عملية الدمج تؤكده تلك المعسكرات التي افتتحت من أجل عملية الدمج، بجانب ذلك الخروج من المدن تنفيذاً لتوجيهات الدولة وتكون في مواقع تجمعها ما يساعد في ضبط الأمن .

نقص الاتفاق

 

وفي السياق أكد مصدر باللجنة أن الدولة التزمت بتوفير الدعم اللوجستي وهو ما دفع للإنجاح المرحلة الأولى، وأكد أن اللجان وقفت على جاهزية الدفعة المتخرِّجة في الفاشر والترتيبات المتعلقة بالتخرُّج، وأكد أن اللجنة المعنية أكدت على وجود القوات في مواقع التجميع حتى يتم توفير الدعم اللوجستي لها، وقال المصدر لـ(الصيحة): مجرَّد تشكيل القوى الخاصة بحفظ الأمن في دارفور بجانب قوة أمن حماية دارفور يعد أمراً مهماً، ولكن رهن نجاح اتفاقية السلام باستيعاب حركتيّ الحلو وعبد الواحد نور، ورأى بدون الحركتين سيكون الاتفاق ناقصاً.

تضحيات ونكران

ويرى مفوَّض عام مفوِّضية التسريح وإعادة الدمج، لواء عبد الرحمن عبد الحميد إبراهيم، أن تنفيذ اتفاق جوبا السلام يتطلَّب للكثير من التضحيات ونكران الذات من الجميع، وقال في مؤتمر صحفي سابق: يعتبر إجماع الناس بداية حقيقية ودفعة قوية جداً لتنفيذ البروتوكول وأن تبذل جهوداً كبيرة للوصول بالاتفاق إلى أرض الواقع، مشيراً إلى دور المفوَّضية في الاتفاق من خلال نزع السلاح والتسريح، مشيراً للتجارب السابقة بجانب العلاقات الإقليمية والدولية التي تتمتع بها المفوَّضية، وأكد في ذلك الوقت أن المفوَّضية جاهزة بإمكانياتها لتبني اتفاق جوبا، ونوَّه إلى أن المفوَّضية خططت بشأن كيفية يتم تسريح وإدماج وإعادة الدمج، مشيراً إلى عقد ورش في هذا الخصوص، وشدَّد على أن نجاح اتفاق السلام وإعادة الأمن يحتاج إلى دعم مادي وأن الدولة لا تستطيع توفير ذلك، وأبان أن استقرار السودان مهم لأنه يتأثر به كل الإقليم، بالتالي لابد للمجتمع الدولي دعم عملية السلام في السودان.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى