سقوط (9) شهداء وإدانات بالجملة.. الثلاثون من يونيو.. ثم ماذا بعد؟

 

 

 الخرطوم : آثار كامل     2يوليو2022م 

استمرت لليوم الثاني على التوالي التظاهرات المطالبة بالحكم المدني في العاصمة المثلثة، ومدن أخرى، وقد قتل نحو تسعة أشخاص أمس الأول ” الخميس”، ويطلق المنظمون على التظاهرات مليونية 30 يوليو، أمس الجمعة، أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع بكثافة في الخرطوم، والخرطوم بحري وأم درمان فيما أعلنت لجان المقاومة استمرار الاحتجاجات حتى إسقاط “الانقلاب” في وقت ندَّدت العديد من الكيانات السياسية والقوى المدنية بمقتل المتظاهرين، ودعت إلى محاسبة الجناة، فيما أعلنت الشرطة بأنها تحقق في مشاهد فيديو تظهر شرطي يركل أحد الشهداء برجله بشارع الستين، وسط عدد من رفقائه، وحمل المتظاهرون في مدينة بحري لافتات مطالبين بالقصاص للشهداء الذين قضوا في مظاهرات سابقة، بينما ردَّد متظاهرون آخرون، وقالت لجنة الأطباء المركزية أن الشهداء التسعة  قتل معظمهم برصاص قوات الأمن في الخرطوم ومدينتي أم درمان وبحري، وأمس الجمعة، قالت اللجنة: إن متظاهراً آخر كان قد تعرَّض للضرب خلال احتجاجات في العاصمة قبل أسبوع توفي متأثراً بجراحه، مما يرفع عدد المتظاهرين الذين قتلوا منذ الانقلاب إلى (113).

كر وفر

أطلقت القوات السودانية مجددًا، أمس الجمعة، الغاز المسيل للدموع على مئات المتظاهرين في الخرطوم، الرافضين للحكم العسكري، ويعد أكثر أيام الاحتجاجات دموية خلال هذه السنة.

وردَّد المحتجون في العاصمة الخرطوم قرب القصر الرئاسي هتافات مناوئة للحكم العسكري و ”الشعب يريد إسقاط البرهان“ و“نطالب بالانتقام“ وقد حمل بعضهم صوراً للضحايا الذين سقطوا الخميس، وفق ما أفادت ”فرانس برس“.

وكانت شوارع الخرطوم شهدت الخميس، حرباً ومواجهات دامية بين المتظاهرين وقوات الأمن بعد سقوط  قتلى وجرحى في مليونية الثلاثين من يونيو، التي خرجت احتجاجاً على إجراءات (25) أكتوبر، واستعادة الدولة المدنية، وحسب الإحصائيات سقوط (9) قتلى، بالخرطوم وبحري أم درمان وأكثر من (250) جريحاً، موزعين بين مدن العاصمة والولايات، غير أن أم درمان كانت أكثر المدن عدداً من حيث الشهداء الشباب، فيما أسهم انقطاع شبكة الهواتف النقالة والانترنت الدخول في عزله وتغييب المعلومات الحقيقية، الأمر الذي دفع بعدد من المحلِّلين في القنوات الفضائية في مغالطات بشأن القتلى والجرحى وعاشت الخرطوم يوماً حزيناً أمس الأول،         وأضيف الخميس يوماً أسود في تاريخ ثورة  ديسمبر المجيدة، المطالبة بالسلام و الحرية والعدالة متخذة من السلمية شعاراً لها.

مواصلة التعصيد

أعلنت تنسيقية لجان مقاومة الخرطوم عن مواصلة التصعيد وأعلنت أمس الجمعة عن مليونية (جمعة الغضب)، ودعت إلى  استكمال المسيرة وناشدت كل ثوار مناطق وأحياء الخرطوم جنوب (جبرة – الصحافة – العشرة – الامتداد – النزهة)، لرفع مستوى الاستعداد الثوري والتوجه إلى القصر، فيما شهدت شوارع الأربعين بانت تتريساً كاملاً، وأعلنت لجان مقاومة بحري عن اعتصام بالمؤسسة فيما قامت السلطات بإغلاق كبري المك نمر الذي كان مفتوحاً صباحاً تحوُّطاً من مرور الثوار إلى القصر.

بيان الشرطة

وحسب البيان الصادر من المكتب الصحفي للشرطة كشف عن إصابة (96) من قواتها و(129) من القوات المسلحة بعضها إصابات خطيرة في مواكب مليونية 30 يونيو، وأوضحت بأن  تنظيم يسمى بملوك الاشتباك وغاضبون بلا حدود، قام بالاعتداء على القوات وإتلاف عربات الدفع المائي، بالإضافة إلى إشعال النيران في الأشجار بالحدائق واللساتك شرق كوبري النيل الأبيض جوار الفنادق والمسجد، وأضافت: تم القبض على عدد من المتهمين وفتح بلاغات تحت المواد (77/69/182/139) من القانون الجنائي، مشيرة إلى أنه لم ترد أي بلاغات لأقسام الشرطة بالولاية عن وفاة (6) أشخاص، وقالت: إنّ المواكب اصطدمت بالحواجز الأمنية في شروني وكوبري أبو عنجة وكوبري المك نمر والمنشية مخالفة بتحدٍ علني قرارات لجنة تنسيق شؤون الأمن بالولاية، وأضافت: اعتدت على القوات بالمواقع الفاصلة للمواقع السيادية والاستراتيجية بتشكيلات ومارشات عسكرية وجلالات حماسية ولبس واقي دروع (درق) وخوذ رأس وملتوف حارق وحجارة وحديد مصنَّع لإتلاف لساتك السيارات، وأشارت إلى أنّ القوات تعاملت بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.

 

 

 

العنف المفرط

اعتاد المتظاهرون منذ التاسع عشر من ديسمبر في العام 2019م،  أن تبدأ المناوشات بينهم والأجهزة الأمنية بإطلاق الأخيرة القنابل المسيلة للدموع والصوتية لتفريق جموع المتظاهرين وكثيراً ما يلجأ الشباب الثائر لرشق الأجهزة الأمنية بالحجارة لصدهم عن مطاردتهم، غير التظاهرات الأخيرة التي جاءت بترتيب و تنسيق من لجان المقاومة والثوار الرافضين لقرارات (25) أكتوبر، كان التعامل معها هو الأعنف وحصائل خسائرها البشرية من الشباب ما بين قتيل وجريح مؤسفة .

 

إدانات واسعة

قالت الآلية الثلاثية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد)، إنها تدين “بأشد العبارات الممكنة الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن” يوم الخميس.

وأعربت عن خيبة الأمل حيال العنف وانعدام المساءلة بالسودان، كما طالبت بوقف الاعتقالات والحجز التعسفي، كما أدانت تقييد شبكة الإنترنت والهاتف المحمول انتهاكاً لحرية التعبير، واتخاذ تدابير لوقف العنف والحد من الاعتقالات والاحتجازات التعسفية.

وأفاد “أن اتخاذ هذه الخطوات لا يعني أن السودان يسعى إلى الوفاء بالتزاماته الدولية في مجال حقوق الإنسان وحسب ولكنه يضمن -أيضاً- بينة مواتية لنجاح العملية السياسية الجارية في السودان” وشدَّد على التزام الثلاثية بدعم وتسهيل أي حل سوداني للأزمة السياسية المتطاولة يؤدي إلى استعادة النظام الدستوري والتحوُّل الديموقراطي.

تحقيق شفاف

من جهته أدان الحزب الاتحادي الأصل العنف المفرط تجاه المتظاهرين في الثلاثين من يونيو، وطالب بتحقيق شفاف لمعرفة من  قتل المتظاهرين، وقال الحزب في بيان له، إنه يدين مقتل الثوار السلميين ويترحم على أرواحهم وخالص العزاء والمواساة لأسرهم.

وطالب بإجراء تحقيق شفاف لكشف المتورطين في هذه الجرائم البشعة، وأكد على حرية التعبير عن الرأي، ودعا الحزب الحكومة لتحمل مسؤولياتها تجاه حماية المتظاهرين.

وناشد الاتحادي القوى السياسية بالابتعاد عن فرض الأجندة الحزبية والعمل على تحقيق التوافق الوطني وحماية وحدة واستقرار البلد.

جسارة وجرائم

وأدان الحزب الجمهوري في بيان له بشدة، جريمة قتل شباب ثورة ديسمبر الأماجد، الذين ظلوا يحرسون ثورتهم ويدافعون عنها وعن حريتهم، بسلمية وببسالة وجسارة أسطورية، والتي ظلت تقابلها من العسكر، صنوف من العنف، الذي يعبِّر عن حالة الجبن والهلع التي يعيشونه، والذين أصبحت تضيق بهم الأرض بما رحبت، وهم يتمسَّكون بسلطة لن تديمها لهم أموال الشعب المنهوبة، ولا أدوات الفتك والدمار التي يوجهونها إلى صدور شعب السودان الأعزل المسالم، والذي قال كلمته: لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية، ووقف صامداً تحتها كالطود الأشم، لا يساوم ولا يتراجع عنها، مضيفاً أن ما أظهره شباب وشابات الثورة، من جسارة وتصميم ومن خلفهم جموع من شعبهم من الجنسين، بمختلف الأعمار والسحنات، في مواكب ٣٠ يونيو ٢٠٢٢م، التي انتظمت مدن البلاد المختلفة، يمثل رسالة لا تقبل التأويل، بأن الردة مستحيلة وأن الشعب السوداني العملاق، بالغ أمره، بإذن الله.

تحقيق شامل

بدورها طالبت المفوَّضية القومية لحقوق الإنسان الجهات المختصة بضرورة التحقيق حول جميع أحداث العنف بما في ذلك التحقيق بشأن المعلومات التي تشير إلى مقتل عدد من المتظاهرين ودعت لإعلان نتائج التحقيق وتقديم المتهمين للمحاكمة العادلة وأكدت أن إفلات المتورطين من العقاب من شأنه أن يعزز إمكانية تكرار الانتهاكات.

وأوضحت بأن الحق في حماية التجمع السلمي يتطلب تضافر جهود الفاعلين بما في ذلك إدراك المتظاهرين لضرورة منع بعضهم من جميع أشكال التعبير العنيف.

مواكب الولايات

تحقيقات كاملة

وقالت السفارة البريطانية بالخرطوم في بيان لها: لقد روَّعتنا الخسائر في الأرواح  في احتجاجات 30 يونيو. تعازينا الحارة للأسر التي فقدت أحبتها. ندعو السلطات السودانية إلى إجراء تحقيقات كاملة وشفافة في جميع عمليات قتل المتظاهرين منذ 25 أكتوبر، يجب أن يتوقف الإفلات من العقاب والقتل ونناشد جميع أصحاب المصلحة السودانيين إلى الاستماع إلى التطلعات التي أعرب عنها المتظاهرون في جميع أنحاء السودان من أجل السلام والعدالة والديموقراطية، لا ينبغي فقدان المزيد من الأرواح.

دعوة الأطراف للحوار

دعت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالخرطوم جميع الأطراف في السودان لاستئناف المفاوضات، وقالت في صفحتها الرسمية على فيسبوك، إنها تدعو الأصوات السلمية للارتقاء فوق أولئك الذين يدافعون عن العنف أو يرتكبونه، وتابعت: يجب محاسبة الجناة،

وأضافت: نشعر بالحزن إزاء الخسارة المأساوية في الأرواح باحتجاجات الأمس، ونعرب عن خالص تعازينا لأسر الضحايا.

الجميع خسران

من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية د. عبد الحفيظ الزين لـ(الصيحة): إن القوى السياسية وكل الفاعلين في الساحة السياسية مسؤولين لما يحدث الآن من سقوط قتلى وجرحى، وأشار إلى أن الصراع الآن أصبح  متفرِّعاً بجانب انسداد الأفق, مضيفاً بأن الوضع الآن يدفع الشباب إلى مآلات مجهولة، وشدَّد على أهمية الحوار باعتباره الوسيلة الوحيدة لحل كل الخلافات وأن يلتفت الجميع إلى ما خرج إليه الشباب وليس المناصب ووضع أفكار وخطط لمعالجة الوضع دون مواجهات يكون ضحيتها الشباب والسودان في أمسَّ الحاجة إليهم باعتبارهم  عماد المستقبل وطاقاته،  ووصف عبدالحفيظ الوضع بالخطير وأضاف بأنه نظراً للخسائر الكبيرة في أرواح الشباب وبجانب الجرحى و المصابين فإن الكل في نظره خاسر       وليس هنالك منتصر إذا كان الفاعل القوات النظامية أو غيرها.

 

 

ضد المواثيق

أياً كانت المبرِّرات فإن قتل النفس محرِّماً وغير لائق  ويتعارض مع المواثيق الدولية وحقوق الإنسان هذا ما يراه أستاذ العلاقات الدولية والخبير الاستراتيجي  الفاتح عبدالرحمن وحمل الحكومة المسؤولية، وقال: عليها أن تجرى تحقيقاً شفافاً وعرضه على الشعب السوداني حول من قتل المتظاهرين منذ تظاهرات الخامس والعشرين من أكتوبر، وحتى الآن وطالب بأهمية تطبيق مبدأ العدالة حيال المتورطين في قتل الشهداء، وطالب الحكومة بعمل قانون للتظاهر يسمح للمتظاهرين بممارسة حقهم في التظاهر دون تعطيل دولاب العمل للمواطنين خاصة أصحاب المهن اليومية.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى