الغالي شقيفات يكتب: التداخل الثقافي السوداني التشادي

لأجل الوطن

الغالي شقيفات

التداخل الثقافي السوداني التشادي

بعد التطور التكنولوجي، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل جداً التعرف على الثقافات المختلفة والتفاعل معها، وخاصة ذات اللغة المشتركة والدين والجغرافيا، ولاحظت متابعة الشعب السوداني مؤخراً الكوميديا والدراما التشادية كالممثل الحاج توة والممثل الشباب أبو عبد الرحمن وأبو الياقوتة وهي ثقافة طبق الأصل الموجودة في دارفور، وكذلك نلاحظ استماع الشعب التشادي للأغاني السودانية، وهذه الأيام يزور انجمينا الفنان إبراهيم إدريس الذي يغني أغانٍ شعبية وتراث البادية، كان حضوراً في إنجمينا، وقد شاهدت حفلات الفنان إبراهيم وجمهوره وقد سبقه لتشاد فنانون كثر بعضهم استقر هناك واصبح مواطناً، وكنت قد التقيت في نيويورك الفنان سراح العروبة الذي وصل إلى أمريكا برفقة الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي وأصبح فنان القصر الرئاسي التشادي. والتداخل الثقافي متجذر جداً، فمعظم الناس يفهمون عربي تشاد والتشادي يفهم السوداني، وهنالك تشابه كبير حتى في الأكلات الشعبية والمعدات الزراعية والسلاح الأبيض والكدمول لبعض الجماعات المشتركة والحروب والفزع المشترك …إلخ.
فالآن بعد هذا الانفتاح، نجد أنفسنا متفاعلين مع الثقافة التشادية وهم كذلك، ويلعب التداخل الثقافي دوراً مُهماً في توطيد التواصل والحوار بين الشعوب، الأمر الذي يُعزِّز قوة مبدأ السلم العالمي الذي تتوق لتحقيقه الإنسانية عبر الأزمان، فالشعوب التي تتحاور ثقافياً لن تلجأ إلى الحروب وافتعال الصراعات المسلحة؛ لأنّ لغة الحوار أشدّ تأثيراً ورُقياً من العمل العسكري، ويبدأ عندما تُبدي الشعوب احترامها لثقافة الشعوب الأخرى ونمط حياتها ومُعتقداتها، فالثقافة مفهوم شامل وجامع لكل شيء، بل تكاد تكون النافذة الأوحد والأوسع التي تتمكّن الشعوب من خلالها من تحديد هويتها، وهي الوسيلة التي تسمح للتعرف على الثقافات الأُخرى.
وما يقوم به الفنان إبراهيم إدريس والممثلون القديرون أبو عبد الرحمن وأبو الياقوتة والحاج توة يمثل جسر تواصل بين شعبي البلدين الشقيقين التي تجمعهما أواصر اللغة والدين.
ويساعد التعرف للثقافات الأخرى على فهم وجهات النظر المختلفة داخل الإقليم الذي نعيش فيه، فهو يُساعد في تبديد الصور النمطية السلبية والتحيزات الشخصية حول المجموعات المختلفة. وأبو الياقوتة وأبو عبد الرحمن هما ابناء رعاة ابل يتحدثان اللغة الفرنسية فلولا تواصلهما وظهورهما فالصورة في النمطية عنهما أنهما راعيان غير متعلمين، وكذلك زيارة الفنان إبراهيم إدريس لتشاد أيضاً عكست واقعاً ثقافياً جديداً نأمل من الدولتين رعاية التبادل الثقافي بين إنجمينا والخرطوم رياضياً وفنيًا وثقافياً واجتماعياً والذي بدوره يؤدي إلى التطور الاقتصادي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى