خارطة الطريق.. تمهيد للحل أم إعادة إنتاج للأزمة؟

 

الخرطوم: نجدة بشارة. 17يونيو2022م

في خطوة مفاجئة أجاز المجلس المركزي للحرية والتغيير”مسودة خارطة الطريق”، لإنهاء الانقلاب، تتضمّن سلطة انتقالية”مدنية بالكامل”، لاستعادة التحوُّل المدني الديموقراطي – على حد وصفه توطئة لتسليمها لمكوِّنات الثورة الرافضة للانقلاب ولجان المقاومة، لإبداء الرأي حولها بالإضافة أو الحذف، بغية تسليمها إلى المكوِّن العسكري وتضمَّنت المسودة المرحلة الأولى للعملية السياسية، بين المكوِّن العسكري والحرية والتغيير، بينما المرحلة الثانية التأسيس الدستوري الجديد الذي يشمل أطراف السلام والمكوِّن العسكري والحرية والتغيير وتضمّنت المرحلة الثالثة التأسيس الجديد للمسار المدني الديموقراطي.

خارطة وجدل

حرَّكت التسريبات بشأن بنود خارطة الطريق التي صاغتها مركزية قوى الحرية والتغيير مياه الأزمة الراكدة، حيث سارعت جهات بانتقاد المسودة واعتبارها هبوط ناعم لـ(قحت) ، بينما أيَّدت قطاعات سياسية عريضة المسودة واعتبرتها ضوء في آخر النفق، بينما نشطت التساؤلات على منصات التواصل الاجتماعي، عن فرص مسودة خارطة الطريق في إزالة حالة الجمود السياسي، عبر متابعين عن مخاوفهم من بروز تيارات داخل قوى الثورة تناهض المسودة وتتمسَّك باللاءات الأربع، وهل سيقبل المكوِّن العسكري بشروط إنهاء حالة مابعد الخامس والعشرين من أكتوبر؟ وهل تأسيس دستور جديد سيجمع قوى الثورة أم يباعد الشقاق ويعيد إنتاج الوثيقة؟ كما أن جزء من نقاط المسودة سبق وقيِّدت شروطاً من قَبل وسُلِّمت لفولكر، كل هذه الأسئلة سوف نبحث لها عن إجابات في هذا التقرير.

ماذا حوت المسودة المطروحة؟

كشف القيادي بالمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير التجاني مصطفى، في تصريح لـ(الصيحة) أهم ملامح مسودة خارطة الطريق المطروحة من قبل قوى الحرية والتغيير للمصادقة عليها من قبل قوى الثورة، ولمزيد من النقاشات عبر الإضافة أو الحذف قبل أن تجاز وترفع للآلية الثلاثية، وقال: إن المسودة اشتملت على ثلاثة محاور أساسية. أولاً: إلغاء الانقلاب والعودة إلى حالة ماقبل الخامس والعشرين من أكتوبر إلى سلطة مدنية بالكامل. وأضاف ثانياً: تهيئة الأجواء السياسية لعملية حوار شاملة. ثالثاً: وضع دستور دائم للبلاد يضم جميع قوى الثورة.

وأوضح التجاني أن الوثيقة المطروحة نصت على تشكيل مجلس سيادي مدني محدود ومجلس وزراء من الكفاءات، ومجلس أمن يترأسه رئيس الوزراء، إضافة إلى تكوين مجلس تشريعي انتقالي، وإصلاح الأجهزة العسكرية بدمج قوات الدعم السريع وقوات حركات الكفاح المسلح داخل المنظومة العسكرية للقوات المسلحة، إضافة إلى عودة لجنة إزالة التمكين إلى مزاولة مهامها، وهيكلة المؤسسات التي تم إنشاؤها بعد 25 من أكتوبر، وإكمال بنود اتفاقية السلام مع ترك الباب مفتوحاً للحركات التي لم تلحق ركب السلام بالانضمام في أسرع وقت، حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور، والحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو.

وتوقع أن تُعرض الوثيقة على قوى الثورة في فترة أقصاها ثلاثة أيام من نشر الوثيقة.

ممانعة ورفض

ولم يستبعد التجاني، بروز قوى وتيارات ممانعة ورافضة للمسودة من داخل (قحت)، بينما توقع أن تجد بنود الوثيقة الترحيب من قبل المكوِّن العسكري الذي أكد في أكثر من مناسبة عدم رفضه تسليم السلطة إلا بعد التوافق الكامل بين الأطراف المدنية وقوى الثورة، أضف إلى ذلك فإن بنود الوثيقة تحفظ للعساكر الوضع الطبيعي في الدفاع عن الأمن، وزاد: أعتقد أن الوثيقة سوف تكون أول خطوة جادة من خطوات عودة السلطة المدنية والشروع في الانتقال الديموقراطي في حال وجدت المصادقة من التيارات المدنية.

وفي سياق الرفض أعلنت حركة جيش تحرير السودان بقيادة مصطفى تمبور، مؤخراً خروجها من قوى الحرية والتغيير، المجلس المركزي، وأوضحت الحركة في بيان لها أن القرار جاء للنهج الإقصائي في إدارة القوى وضبابية موقف القوى من اتفاق جوبا للسلام عطفاً على انفراد أطراف محدَّدة لم يسمها باتخاذ القرارات المصيرية للتحالف.

وضعية جديدة

وشرح رئيس اللجنة القانونية للمكتب السياسي حزب الأمة آدم جريجير، في توضيح لـ(الصيحة) المقصود بالتأسيس لدستور جديد، وقال: إن الوثيقة الدستورية كانت قد أسست لشراكة بين المكوِّن المدني والمكوِّن العسكري، وبالتالي فإن الدستور المنصوص عليه في الوثيقة الجديدة تعني بتأسيس دستور لشراكة مدنية، مدنية خالصة مع قوى الثورة، أو بمعنى التأسيس لوضع دستوري انتقالي جديد يستبعد فيه الشراكة العسكرية، وأضاف: أما الوضع الدستوري الدائم بالتأكيد يحتاج إلى مؤتمر دستوري جامع، وتوقع جريجير أن يوحِّد الدستور الجديد كل القوى السياسية، بينما توقع أن يرحِّب المكوِّن العسكري بالدستور الجديد، وزاد: الوضع الجديد لا يقصي المكوِّن العسكري وإنما هو توافق بينه والقوى المدنية، أضف إلى ذلك فإن المسودة خصصت له وضعية أمنية بالانتقال مع شركاء السلطة إلى قيادة مجلس الأمن والدفاع.

وكان اجتماع للمكتب التنفيذي للحرية والتغيير قد انعقد مؤخراً وناقش فيها كيفية تكوين جبهة عريضة لإنهاء الانقلاب، كما أجاز التصوُّر العام لإنشاء جبهة عريضة لإنهاء الانقلاب وتفكيك المؤسسات التي تم إنشاؤها بعد الـ25 من أكتوبر، على أن يتم عرض هذا التصوُّر على لجان المقاومة وقوى سياسية مناهضة للانقلاب تمهيداً لعرض التصوُّر على المكوِّن العسكري.

توصيف وتوضيح

وكان المهندس عمر يوسف الدقير، رئيس حزب المؤتمر السوداني، قد تطرَّق إلى عدد من النقاط المهمة وذلك خلال استضافته على قناة العربية (الحدث) حيث جاء في اللقاء:-

” نحن رفضنا المشاركة في حوار الأربعاء الماضي، لأنه لم يحسن توصيف الصراع، ويخلط حابل المؤيدين للانقلاب بوابل المعارضين له”.

وأوضح أن “ما قاله البرهان حول اتفاق ثنائي، نحن أصلاً لسنا بصدد أي اتفاق ثنائي، نحن بصدد تقديم حل شامل لهذه الأزمة السياسية، والحل هذا يجب أن يفضي إلى توافق كل قوى الثورة والقوى المؤمنة بالتحوُّل المدني الديموقراطي، وأساسه هو إنهاء الانقلاب واستئناف المرحلة القادمة بسلطة مدنية كاملة، وأن تخرج المؤسسة العسكرية من معادلة الحكم والسياسة.

وقال: “لا عودة للشراكة السابقة، جوهر ما نطرحه هو أن يتم النأي بالمؤسسة العسكرية عن الحكم والسياسة للبدء في أي عملية سياسية نرى أنه يجب وقف العنف ضد المواكب السلمية والمدنيين في دارفور، إخلاء السجون من المعتقلين السياسيين وإيقاف القرارات التي تهدف لإعادة تمكين عناصر النظام البائد.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى