بسبب مخاطر انعدام الأمن الغذائي.. كيف يُواجه السُّودان الأزمة؟

 

الخرطوم: نجدة بشارة     4 يونيو 2022م

 

في الوقت الذي تنخرط فيه الآلية الثلاثية في سباق محموم مع السلطات والشركاء من القوى السياسية، لبحث سُبُل الخروج من حالة الانسداد السياسي، وإيجاد الحلول للأزمة، تواجه البلاد ازمة جديدة وجدية، حيث رسمت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، صورة قاتمة لما يمكن أن يواجهه سكان السودان فيما تبقى من العام الجاري، بسبب انعدام الأمن الغذائي الحاد وتوقعت وفقا لدراسة أعدتها أن يحتاج (10.9) مليون شخص – أي 30 في المائة من السودانيين – إلى الدعم للمحافظة على الحياة في عام 2022م، وهو أعلى رقم يتم تسجيله منذ العقد الماضي.

 

 ما هي أسباب انعدام الغذاء؟

وأعلنت المنظمة في بيان تلقّته (الصيحة) سابقاً، عن تكثيف جهودها لمُعالجة حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد في السودان، والتي تدفعها الآثار المُشتركة للنزاع المسلح والجفاف وانخفاض إنتاج المحاصيل الأساسية بسبب الآفات والأمراض والاضطرابات الاقتصادية.

وحذّرت المنظمة في بيانها، من أنّ الوضع يبدو قاتماً بالنسبة للملايين، حيث تتسبّب الحرب في أوكرانيا في مزيدٍ من الارتفاع في أسعار المواد الغذائية، ويعتمد السودان على واردات القمح من منطقة البحر الأسود “وسوف يؤدي انقطاع تدفق الحبوب إلى السودان لزيادة الأسعار وزيادة صعوبة استيراد القمح”، علاوة على ذلك، فإن الارتفاع الحالي في أسعار الأسمدة في الأسواق العالمية سيؤثر حتماً على قدرة السودان للاستيراد، مما قد يُعرِّض المحاصيل الحالية والمستقبلية في البلاد للخطر.

 

 

البحث عن حلول

وأرجع الخبير الاقتصادي الهادى عبد الله  في حديثه لـ(الصيحة) قضية الأمن الغذائي والتعقيدات الاقتصادية التي يُعاني منها السودان الى أزمة غذاء عالمي وارتفاع الأسعار وتغيُّرات المناخ والحرب والصراع السياسي،  وقال إنها أمورٌ متوقعةٌ، ولكن الحرب الأوكرانية فاقمت من المشكلات لا سيما في ظل ضعف الإنتاج، وارتفاع اسعار الصرف (الدولار)، فيما يعتمد السودان على الاستيراد لتغطية غذائه، وزاد كما أن قرارات رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي، أدى إلى توقف المساعدات الخارجية،  وأضاف عبد الله : شهدنا تعقيدات في نقص القمح وارتفاع اسعار الدقيق والدولة لم تحسن التصرف في دعم الموسم ولم تحسن التخزين  بشراء القمح من المزارعين،  فهي منشغلة بقضايا اخرى ولم تهتم بمعاش الناس وتهيئة البيئة للموسم الزراعي القادم والخريف على الأبواب، وقال إنه إذا لم تعمل الدولة على توفير رأس المال الأجنبي أو الوطني أو تدرس إنشاء شركات تعنى بالإنتاج الزراعي وأخرى بالإنتاج الحيواني ثم التصنيع الزراعي، فلا يُمكن أن يحدث تحول، وزاد: لا بد من البحث عن الحلول عاجلاً.

 

مؤشرات مدروسة

فيما قال الخبير الاقتصادي د. ابراهيم السيد لـ(الصيحة) ان الإجراءات الاقتصادية التي سبق وطبقتها الحكومة من تعويم سعر الصرف ، ورفع الدعم عن الوقود هي خطوات ومؤشرات مدروسة تنبأت الحكومة  بمخاطرها العالمية وحتى تتيح فرصة المواءمة مع الأسعار العالمية، وأوضح بأن ميزانية الدولة للعام 2022م ، بنيت على موارد ذاتية ، وهذا سيقود الى حدوث فجوة كبيرة على مستوى محدودي الدخل والأفراد وسوف يفاقم من ازمة الأمن الغذائي ومعاش الناس، واكد السيد ان المخرج الوحيد لأزمة الأمن الغذائي تتمثل في زيادة الإنتاج، وأضاف: وهذا غير بعيد عن السودان (سلة غذاء العالم) وردم الفجوة، واقترح اللجوء إلى الدول الصديقة والجوار بصورة مؤقتة لحل الضائقة لا سيما في ظل المشاكل الكبيرة للمشاريع الحيوية ، وزاد أرى ان كل المؤشرات الحالية تشير الى ان الأبواب مغلقة ولا سبيل إلى الحل إلا بالإنتاج.

 

مساعدات غذائية الطارئة

في ذات السياق، فقد أطلقت الفاو، مشروعاً جديداً مُموّلاً من الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، لاستعادة الأمن الغذائي والتغذية للمجتمعات الزراعية والرعوية المتضرِّرة في السودان من خلال توفير الإمدادات الزراعية الطارئة والماشية، وذكرت الفاو أن المساهمة البالغة (12) مليون دولار والمقدمة من الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ ستدعم الجهود العاجلة لبناء قدرة المزارعين والرعاة الذين يفتقرون إلى الموارد في المقاطعات الـ(14) الأكثر تضرُّاً في السودان ويستهدف المشروع (180) ألف أسرة – أي (900) ألف شخص – من أكثر المجتمعات الزراعية والرعوية ضعفاً، بما في ذلك النازحون داخلياً والعائدون واللاجئون والأسر المقيمة، ويغطي المشروع المساعدة في مجال الزراعة والثروة الحيوانية على حد سواء، بهدف تقليل الاعتماد على المساعدات الغذائية الطارئة وتوفير أساس للتعافي على المديين المتوسط والطويل، بجانب توفير بذور المحاصيل والبقوليات والخضروات المُعتمدة والمحاريث والأدوات اليدوية واللقاحات والأدوية البيطرية والأعلاف المُركّزة الغنية بالبروتين الحيواني؛ وكذلك العربات التي “تجرّها الحمير” والحيوانات المُنتجة وتشمل أيضاً توفير النقد وإعادة تأهيل الأصول الإنتاجية المُجتمعية مثل البنية التحتية للمياه الصغيرة، والحفائر، والمراعي وغيرها.

 

مبادرات ولكن!

ومع تفاقم أزمة الإنتاج بالنسبة للموسم الشتوعي، وعدم بيع المزارعين للمحصول، وبالتالي أصبحوا مهددين بدخول السجون لاقتراضهم من البنك الزراعي وعجزهم الإيفاء بسداد ديونهم بعد ان رفضت الحكومة الشراء منهم، واعلن عدد كبير من المزارعين زهدهم في الدخول للموسم الزراعي القادم 2022 – 2023م وهو الشيء الذي ينذر بكارثة حقيقية.

وفي الأثناء أطلقت مجموعة من المهتمين بالشأن الاقتصادي من داخل وخارج السودان، مبادرة (ايدنا للبلد) لإنقاذ المزارعين بشراء القمح منهم، وقالوا إنّ المُبادرة، حتى يتمكّنوا من سداد ما عليهم، وحتى يكون لدينا مخزون احتياطيا، خاصةً أن كل بلاد العالم مُهَدّدَة بنقص في الغذاء بسبب الحرب في أوكرانيا، وأطلقت المُبادرة نداء استغاثة أن هلموا جميعاً ولو بشراء جوال قمح واحد لإنقاذ عائل أسرة من السجن، وتوفير القمح لأهلنا في هذه الظروف العصيبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى