تشعر بالقلق الثلاثية.. ما بين تهيئة الأجواء والعُنف ضد المُتظاهرين!!

 

الخرطوم: آثار كامل     24 مايو 2022م 

تُواجه  الشرطة، اتهامات باستخدام العُنف المُفرط ضد المتظاهرين السلميين وارتكاب “انتهاكات جسيمة” خلال فض المظاهرات التي تخرج وفق جدول تنسيقات مقاومة الخرطوم والتنسيقيات الأخرى، حيث اُستشهد أكثر من 95 شهيداً، وسقط شهيد في آخر المواكب بأم درمان، وسارعت رئاسة قوات الشرطة بإعلان وفاة المتظاهر، وكشفت عن إصابة (11) من أفرادها، بينهم ضابط برتبة الرائد وقالت في بيان، إن عدد المتظاهرين بلغ حوالي (300) متظاهر تقريباً، وأثناء تحرُّكهم باتجاه الشرق نحو رئاسة شرطة محلية أم درمان تعاملت معهم قوة الشرطة التي تعمل في حماية وتأمين مباني الرئاسة، وأضافت أن المظاهرات انحرفت عن السلمية وشهدت اعتداءات بالنبال الحارقة والتعدِّي والعُنف تجاه القوات، وأكدت الشرطة مُضيِّها في الاضطلاع بواجباتها القانونية في حفظ الأمن والسلامة، وكرّرت الدعوة لقادة الحِراك بالتّواصُل مع لجان أمن المحليات والمُشاركة في تأمين المتظاهرين وفق الإجراءات التي تحدد ذلك وتحديد وتحمُّل المسؤولية للجميع.

 

قلق الآلية

أبدت الآلية الثلاثية، قلقها العميق حيال العُنف المُفرط تجاه المُتظاهرين السلميين عقب سقوط متظاهر السبت الماضي، وأعربت الآلية عبر بيان لها، عن قلقها إزاء استمرار استخدام القوة المُفرطة في الرد على الاحتجاجات، فيما جدّدت المطالبة بإطلاق سراح جميع المُعتقلين بما فيهم أعضاء وقادة لجان المُقاومة، ووقف جميع الاعتقالات ورفع حالة الطوارئ وإجراء تحقيقات موثوقة في جميع حوادث العُنف، وأكّدت أنّ تهيئة الظروف المُواتية يُعد أمراً بالغ الأهمية لإنجاح العملية السياسية، وينبغي أن يتم ذلك على وجه السُّرعة، في وقت تسعى فيه الآلية الثلاثية لمُساعدة السودانيين في تخفيف الأزمة السودانية وتقريب وجهات النظر بين الأطراف، أعلنت استعدادها لدعم الجُهُود السودانية الرامية الى التوصل لحل سياسي في أقرب وقتٍ ممكنٍ بشكل يؤدي للعودة إلى النظام الدستوري والانتقال الديمقراطي. وكان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للسودان فولكر بيرتس، في نوفمبر الماضي دعا قوات الأمن السودانية إلى ممارسة “أقصى درجات ضبط النفس واحترام الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير” وقال بيرتس في تغريدة عبر حسابه بموقع تويتر للتواصل الاجتماعي، أدعو مرة أخرى قوات الأمن إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس واحترام الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير، وعلى المتظاهرين أن يُحافظوا على مبدأ سلمية الاحتجاج.

حق الطرفين

قال المختص في القانون الدولي الإنساني والجنائي الأستاذ نصر الدين طه في حديثه لـ(الصيحة)، إن تسيير المواكب وحق التظاهر السلمي حقٌ كفله الدستور، وكل المواثيق الدولية حتى الكتب السماوية تحدثت عن الحرية، لكن في حدود المعقول، حرية ليست مطلقة، بل لها حدود يجب أن لا يتجاوزها المتظاهرون، وأضاف أن المشرع السوداني نظم هذا الحق بتنسيق وتعاون بين أجهزة الحكومة في الإطار القانوني، لذلك كل القوانين السودانية تعمل على حماية المُتظاهرين وألزمت الحكومة أجهزتها الشرطية بحماية التظاهرات، وأن تعمل على تمكين المُواطنين للتعبير عن إرادتهم الحرة، ودعا الكل للالتزام بالقانون حتى ينظم هذا الحق بالطرق القانونية، ومن يَخرج عن السلمية يُعاقب بالقانون، وأشار الى أنّ استخدام الشرطة للقوة المُفرطة غير صحيح ومن المُفترض استخدام الحد الأدنى للقوة التي تُمكِّن من المُحافظة على المُمتلكات والأرواح، إضافة إلى وجود وكلاء نيابة أثناء المظاهرات ويجب أن يكون هنالك توافقٌ بين المتظاهرين في حق التظاهر وحماية الممتلكات.

تشتيت جُهُود الآلية

يقول المحلل السياسي محمد أحمد في حديثه لـ(الصيحة)، إن الآلية الثلاثية أعربت عن قلقها بشأن العنف الذي وصفته بالمفرط تجاه المتظاهرين السلميين في المواكب الأخيرة، لجهة أن حوادث القتل عادت مجدداً بسقوط العديد من الضحايا على عكس الفترة القليلة السابقة التي شهدت استقراراً نسبياً بخروج مواكب متلاحقة بقليل من الإصابات، ما فتح أبواب الجلوس والتفاوض وتهيئة الأجواء إلى المفاوضات المُباشرة وغير المُباشرة التي شرعت فيها الآلية الثلاثية  مع كل القِوى السياسية، وأضاف: لكن عودة العُنف والقتل والدماء  تنسف جُهُود الآلية التي ظلّت تَعمل فيها طوال الأشهر الثلاثة الماضية، خاصةً وأنّ الشارع في حالة تصعيدٍ مُستمرٍ ولن يهدأ بعد سقوط شهيد أخير ولن يهدأ في ظل ممارسات القوات النظامية العنف المفرط تجاه المتظاهرين بصور مختلفة، وذلك يبعث برسائل مُباشرة بأن جهود الآلية تذهب أدراج الرياح، خاصةً وأنّ السُّلطة الحاكمة والمُتحكِّمة في القوات الأمنية تبدو غير راغبة في تهيئة المناخ، مما يضعف دور الآلية وثقة الأطراف الأخرى في فعاليتها لحل الأزمة السودانية والشواهد على ذلك متعددة، آخرها أمس الأول، حيث رشحت تقارير أن الحكومة الانتقالية رفضت تجديد الإقامة لمستشارة رئيس بعثة “يونيتامس” فولكر بيرتس وغادرت السفيرة البريطانية المثيرة للجدل روزي لندا البلاد، في وقت كان ينبغي أن تكون ضمن الفاعلين في دور الآلية، هذه الدلائل والمؤشرات تعكس بوضوح ألا سبيل لتهيئة المناخ في ظل العُنف المُفرط.

التحوُّل الديمقراطي

ورجّح المُحلل السِّياسي د. الهادي عبد الله في حديثه لـ(الصيحة) أن العُنف المُفرط في التعامل مع المظاهرات لقلة الخبرة، فالعالم المتقدم ابتكر أساليب مُتنوِّعة للتعامل مع المظاهرات وإيقافها، لكن الأجهزة النظامية بسبب العزلة التي عاشها النظام السابق، افتقرت للأدوات المُناسبة وأيضاً للتدريب الجيد الذي يجعلها قادرةً على التعامل مع المظاهرات وفق القانون الدولي والوطني الذي يحترم حق المواطنين في التظاهر ويحفظ في ذات الوقت مقرات الدولة الرسمية من أن يصلها المتظاهرون، وحث عبد الله المُنظّمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، أن تقوم بعملها بالدعوات لوقف العُنف ضد المتظاهرين ومواصلة الجهود للتوصُّل إلى اتّفاق يُرضي الجميع ويُساعد على نقل السُّلطة للمدنية وتحقيق التحوُّل الديمقراطي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى