منى  ابو زيد تكتب : لا زيادة ولا نقصان..!

19 مايو 2022م

“العقل العظيم لا يحمل نوعاً”.. كولريدج..!

إذا قيل لك إن رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم – صاحب الخلق العظيم – قد انتقص من قدر النساء في مناسبة مقدسة مثل عيد الفطر أو عيد الأضحى المبارك، فهل تصدق ذلك؟. قطعاً لا، وبالتالي فإنك لا ينبغي أبداً أن تصدق من يقول لك إن نقصان العقل الذي ورد في الحديث النبوي هو ذات المعنى الذي يقصده معظم الرجال الذين يستشهدون بذلك الحديث كلما عنَّ لهم أن يشككوا في تمام عقل المرأة..!

فحديث أبي سعيد الخدري – رضي لله عنه – الذي يكثر الاستشهاد به في مثل هذا المعنى كان حواراً لطيفاً في أحد أعياد الفطر أو الأضحى، ولكل مناسبة سعيدة طقوسها اللطيفة التي ترد فيها المداعبة، والدليل على ذلك أن الحديث كان فيه حوار وأخذ ورد بين رسولنا الكريم وجماعة من النساء هن المخاطبات بذلك المعنى..!

المنطق يقول إن المقصود بالعقل هنا هو الثبات العاطفي لأن العقل من العقال، بمعنى أن تمسك الشئ وتربطه فلا تعمل كل ما تريد، أي أن تمنع نوازعك من الانفلات وأن لا تفعل سوى المطلوب منك فقط، ولأن عاطفة المرأة أقوى فإن أحكامها تتأثر أحياناً بالعاطفة. والعقل بهذا المعنى هو صمام أمان الهوى والعاطفة لذلك – وانطلاقاً من هذا المعنى فقط وليس معنى آخر غيره – فإن النساء “في بعض أحوالهن” ناقصات عقل..!

وإلا لما كانت زوجات النبي – صلى الله عليه وسلم – يفتين بما يعلمن من أمور الدين، ولما كانت جملة من الصحابيات يفتين في وجود الصحابة، ولما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه “أصابت امرأة وأخطأ عمر”. هنالك باحثون في التاريخ الإسلامي قالوا إن عمر السيدة عائشة عندما تزوجها رسولنا الكريم لم يكن تسع سنوات بل أربعة عشر عاماً، بعضهم قال سبعة عشر عاماً، والسبب هو تفقهها الواسع في الدين وكثرة روايتها للحديث. فأين هذه السيدة خارقة الذكاء، بعيدة النظر، جياشة العاطفة، مكتملة الأنوثة، معافاة الوجدان، لدرجة أن يقول نبي الله على ملأ من صحابته إنها أحب الناس إليه – أين أمنا عائشة يا ترى – من نقصان العقل بذلك المعنى..!

وقبل ذلك قوله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) وهذا يقتضي التساوي بينهم فيما هم مأمورون به وفقاً لخصائصهم العضوية، ومن ذلك أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. ومعلوم أن الأمر والنهي باب واسع تدخل فيه الفتوى التي تجوز للمرأة كما تجوز للرجل، والفتوى في عموم  الحال ليست ملزمة للمستفتي، فله أن يأخذها وله أن يستزيدها أو أن يردها، سواء كان المفتي رجلاً أم امرأة..!

ومن نوافذ الفتوى إلى أبواب القضاء، في قضاة السودان نساء يحكمن بالعدل ويأمرن بالمعروف وينهين عن المنكر ويصدر فرمانات الإدانة وصكوك البراءة بلا افراطٍ أو تفريط، فكيف ينظر القائلون بتهمة نقصان العقل مطلقاً – بحسب تفاسيرهم تلك – إلى أحكام القضاء السوداني التي تصدر عن نساء وتكون واجبة النفاذ على الرجال والنساء على حَدٍّ سواء..!

 

 

 

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى