تأشيرة سفر…

تأشيرة سفر…

ملاذ عوض

ملاذ عوض

لعل الاقتراح بالسفر مفيد، ولكن أي سفر هذا، إنه السفر الأهم والموصل إلى طريق النجاة، ولا يزال الرسول صل الله عليه وسلم يوصي به بسؤال الله تعالى الهداية في العلم.

إنه من روائع الأعمال التي يقوم بها الإنسان في حياته وبه يستقيم طالبه والمجاهد إليه وما تنازع العلم مع شيء إلا وغلبه، ولكن تكفي الإشارة إلى صراعه مع المال وهو زينة العصر، ومفخرة الدهر، ولكن هيهات أن ينتصر المال عليه.

لقد درج العلماء على التشبه بكتاب العلم بعد الإيمان في التصنيف لماْ للعلم من أهمية ومكانة ودلل الله تعالى على أهميته (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العٌلم درجات والله بما تعملون خِبير) وقوله: (ربِ زدني علماً).

# بعد التعلم التعليم…

أول العلم الصمت ثم الاستماع ثم الحفظ ثم العمل به ثم نشره، ونشره بالتعليم والإرشاد به، وهو من شكر وأصل النعمة لفضل العلم، هناك من يقول لا يقبل عمل بلا نية لأن الأعمال مشروطة بمقاصدها والعلم أحد الأعمال من طلبه لله أعزه الله تعالى.

ولكن مع ذلك يمكن الابتداء في العلم حتى لو لم تكن بنية والسبب في ذلك أن العلم بحد ذاته  يقود في غالب الأحوال إلى حسنْ النية فينتفع به صاحبه، أو بنقله للآخرين فسيفيد منه.. يا سبحان الله العظيم ما أعظم العلم وأروعه؛ أن يكون له مثل هذا الفضل العظيم فأين المشمرون السائرون؟

# ترويحة على طريق العلم…

في واحة الانطلاق قد يشعر المسافر بالضيق بما هو مجبول عليه بالفطرة فلابد من استراحة وقد روي عن الرسول صل الله عليه وسلم (روحوا القلوب ساعةَ بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت)، وفي استراحة العلم هذه قد يحتاج المؤمن لبعض الاسترواح لشم باقة من الزهور من واحة العلم، وقد تحتوي باقة الزهور على زهرة أو زهرتين لعله يأنس بها..

الزهرة الأولى: قد يضجر الإنسان بسبب ثلاثة: (الضجر من معاناة الحفظ ومراعاته، وطول الأمل في التوفر عليه عند نشاطه، وفساد الرأي في عزيمته).

الزهرة الثانية: قد يبتلى طالبه بأربع: (شماتة الأعداء، وملامة الأصدقاء، وطعن الجهلاء، وحسد العلماء).

فإذا صبر على طلب العلم أكرمه الله في الدنيا بأربع (بعز القناعة، وهيبة اليقين، وبلذة العلم، وبحياة الأبد).

وأثابه في الآخرة بأربع (بالشفاعة في إخوانه، وبظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، ويسقى من حوض المصطفى صل الله عليه وسلم، ويجاور النبيين في أعلى الجنة).

#والتدرج ضرورة…

إن العلم مراتب، وأجزاءه مرتبة ترتيباً ضرورياً، وبعضها طريق إلى بعض، وكل فن من الفنون كالبناء يبنى بعضه على بعض ولا يمكن التدرج في سلم إلا بعد الانتهاء من الدرجة الأوطأ، وهذا التدرج هو أس التربية المنهجية، فلكل عمر معين مناهجه الخاصة، وكما أن المسافات المدرسية والجامعية تترتب ترتيباً بعضها بعد بعض، والأخذ بهذه العملية منهج رباني أراده الله تعالى في تعليم العلم وذلك كما أنزل القرآن الكريم.

#والسمر في العلم…

قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (لا سمر إلا لمتعلم أو مسافر أو عروس).

من فضل العلم، (فالسمر هو الجلوس ليلاً) لا يكون إلا بالطاعات والعبادة إذ تنتشر الملائكة، وتنزل فيه الرحمة، وما أكثر ما تضيع هذه الفرصة- هذه الأيام- على الإنسان إذ يصرفها في أوقاته على سماع المنكر ومقابلة التلفزيون لفترات طويلة دونما شعور بأن هذه مضيعة للعمر ومجهدة للجسم وقد استحب الرسول صل الله عليه وسلم للمؤمنين صرف هذا الوقت- إن لم يكن للعبادة- فالسمر في العلم استفادة من الوقت وراحة الجسم.

فإن رغبت  في سمر الليلة- أخي المسافر- فما عليك سوى أن تعيد القراءة، أو تنظر المصادر نفسها للاستزادة ِفيها من علم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى