حي على العمل.. أم حي على (التظاهر)؟؟

* بعد توقيع الاتفاق التأريخي أمس، بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، وهو الاتفاق الذي انتظره الشعب السوداني كثيراً، ليخرج البلاد من كبوتها و(نكبتها)، لا زال تجمع المهنيين يدعو إلى التظاهر والتصعيد بلا هدى أو كتاب منير.

* فقد أكد التجمع وقوى الحرية والتغيير على مواصلة (المظاهرات) حتى بعد التوقيع على الاتفاق..

فالموقف الثابت لتجمع المهنيين أنه يسعى للمحافظة على الاحتجاجات، وبموقفه هذا يؤكد أن التوقيع على الاتفاق (لا يعني أن الثورة توقفت).

* الإصرار على قيام (الاحتجاجات والتظاهرات) في ظل السلام وتوقيع اتفاق سياسي ودستوري يعتبر (تطرف سياسي) لا يقبله عقل أو منطق.. لأن الاحتفاظ بالتصعيد الثوري من قبل المهنيين وقوى التغيير يؤثر بشكل كبير على أداء الحكومة، وقدرتها في مواجهة تحديات البلاد.. وبالأخص له مردود (سالب) على الاقتصاد بصورة كبيرة.. أهمها على الإطلاق توقف عجلة الإنتاج بحالة عدم الاستقرار التي ستنعكس على عموم العملية الاقتصادية، ومن بينها بلا شك الأثر المباشر في عدم استقرار (سعر الصرف) وهروب المستثمرين.

* إلى ماذا يرمي تجمع المهنيين ومعه قوى التغيير من خلال استمراره في التصعيد الثوري مع علمهم الأكيد بأثر التصعيد العميق على دورة الاقتصاد؟؟ علماً أن ثورة ديسمبر كانت أهم أسبابها أزمات الاقتصاد المستفحلة؟

* إصرار تجمع المهنيين وقوى التغيير بالاحتفاظ بالكوادر المتحركة التي تنشط في استثارة الشارع، يعني أنه يريد الاحتفاظ لنفسه بعوامل وكروت ضغط على الحكومة القائمة.. والذين هم جزء رئيسي فيها.. وهنا نتساءل ماذا تركت قوى الحرية والتغيير للأحزاب والحركات الأخرى التي أعلنت رفضها للاتفاق.؟؟. ومن باب أولى أن تكون هذه الأحزاب وتلك الحركات جزءاً رئيسياً في المعارضة.. فهي لم تقبل بالاتفاق لأنها لم توقع عليه، فهي أولى بمقاعد المعارضة.

* لا يستقيم أن تكون قوى التغيير هي المكون الرئيسي لحكومة الفترة الانتقالية، وفي ذات الوقت هي ذات القوى الداعية للتظاهر والاحتجاج والتصعيد الثوري.. فعل تكون هذه القوى (الخصم والحكم) في ذات الوقت.. لم نجد على مدار التجارب السياسية أن تكون ذات القوى المكونة للحكومة، هي ذاتها القوى المكونة للمعارضة.

* ينتظر المواطن من الحكومة القادمة الكثير وفقاً للاتفاق الذي تم.. ينتظر منها إيجاد حلول عاجلة للمشكل الاقتصادي، وإيقاف التدهور المريع في قيمة الجنيه السوداني.. فهل الحرية والتغيير قادرة على قيادة هذا التغيير؟؟ خاصة أنها رفعت شعارات الحرية والسلام والرخاء الاقتصادي.. وخاصة أنها انتدبت أفضل كوادرها وخبرائها لإدارة الشأن الاقتصادي كأمثال الخبير عبد الله حمدوك؟ أم كانت تلك الشعارات فقط للاستهلاك؟ واستدرار عطف المواطن السوداني.

* لن تستقيم الدعوات الممتلئة بالتصعيد والاحتجاج، مع الخطوات الجادة للعمل وعلاجات الأزمات المستفحلة خاصة في الشأن الاقتصادي.. وإذا ما أصرت قوى التغيير على لعب دور الحكومة والمعارضة في وقت واحد، فليبشروا بمزيد من الأزمات الاقتصادية، والتي قطعاً ستودي بهم كما أودت بسلفهم (نظام البشير).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى