خربشات

               ( ١)

ساذج من يعتقد بأن الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري الانتقالي لا يعرف ماذا يفعل أو يقلل من دوره في رسم خارطة طريق الفترة الانتقالية.

أطل البرهان على الفضاء الإعلامي يوم الثلاثاء الماضي من خلال لقائه بثلة مختارة اصطفاها الفريق البرهان لإدارة حوار مباشر ومفتوح أثبت من خلاله البرهان حضوره الذهني وقدرته على التعبير عن نفسه بحنكة يحسده عليها كبار السياسيين المحترفين، والبرهان اختار لمكتبه ضابطاً شاباً يُحسن التعامل مع الناس دون كبرياء زائف أو غرور بالمنصب.

واللواء الصادق إسماعيل جسر لعلاقة بين المسؤولين في القصر الرئاسي والصحافة والإعلام من خلال الرئيس البرهان الذي تحدث بصراحة شديدة لرؤساء تحرير بعض الصحف حول قضايا الراهن السياسي، لكن كان لافتاً رده على سؤال الأستاذة سمية سيد عن النقابات الحالية، ولماذا لم يتم حلها واستبدالها بنقابات جديدة، فقال الفريق البرهان إنهم مع تكوين نقابات جديدة وأي مجموعة يمكنها عقد جمعية عمومية واختيار نقابتها،   ولم يذكر الفريق القانون الذي سينظم الانتخابات النقابية، فهل يعتقد الرئيس أن الانتخابات يمكن أن تجرى بعقد جمعيات عمومية من غير تعديل القانون الحالي،

وهل سيضمن الرئيس البرهان استمرار النقابات من غير طعون قانونية تعطل قيام النقابات؟

في حديثه عن الانقلابات العسكرية الأخيرة كان واضحاً أن العلاقة مع الإسلاميين قد بلغت حد الخصومة والمواجهة المفتوحة مما يقرب المجلس العسكري أكثر من قوى الحرية والتغيير والتي كلما اقترب المجلس العسكري من الإسلاميين ابتعدت عنهم قوى الحرية والتغيير.

وعن محاكمة رموز النظام السابق بدا البرهان مطمئناً لإدانتهم ورفض الإجابة الصريحة عن التزام المجلس بما يصدر عن النيابة من قرارات بشأن إطلاق سراح بعض الموقوفين.

وأكد البرهان أن هناك أسباباً قانونية جعلت الإبقاء على رموز النظام السابق بسجن كوبر ضرورياً في الوقت الراهن.

                             (٢)

بدا البرهان زاهدا في المضي قدماً في دروب السياسة والانتقال من الجيش إلى الحياة المدنية المفتوحة مثله والبيه عبد الله خليل، كما يطلق عليه منصور خالد تأدباً واعترافاً بفضله، ومثل محمد الأمين خليفة الذي حينما خلع الكاكي، وتم حل مجلس قيادة الثورة، عاد إلى التنظيم السياسي الذي قدمه للحياة العامة، وبوقوع المفاصلة بين التنظيم العقائدي والعسكر ذهب محمد الأمين مع شيخه وترك قائده البشير، ولكن عودة البرهان إلى القيادة العامة مرة اخرى بعد ثلاث سنوات من الآن تبدو عودة شبه مستحيلة لرجل تولى رئاسة كل السودان وعبر به من حال إلى حال كيف يعود للجيش هل يرضى بمنصب القائد الأعلى للقوات المسلحة أم وزير الدفاع، وقد تخطى الآن كل هذه المراحل، وبات الرجل الاول في السودان، وأغلب مفاتيح التغيير بين يديه، ويستطيع أن يقدم نفسه خلال فترة الشراكة الأولى لجماهير الشعب السوداني في الولايات القصية، والبرهان اختار الدخول لقلوب الناس بمنهج هادئ ودون زوابع رعدية، لكن الرجل سيجد نفسه خلال فترة الشراكة الثانية مرغماً على التنازل من موقع الرجل الأول لمنصب عضو سيادة عادي، بينما نائبه الآن الفريق محمد حمدان دقلو سيحتفظ بموقع الرجل الثاني في الدولة لمدة ثلاث سنوات.

وإذا ما عبرت الفترة الانتقالية بهدوء دون مشكلات، فإن الأحزاب جميعها ستتصارع حول الرجلين البرهان وحميدتي لكسبهما وتقديمهما كمرشحين عنها في الانتخابات القادمة، ويصبح البرهان وحميدتي مثل الثنائي حمد والديبة في هلال الزمن الجميل.

                     ( ٣)

لو كنت مكان الأخ ضياء الدين بلال الذي أدار حوار البرهان بخبرة طويلة في هذا الحقل لسالت البرهان عن الدعم الإماراتي والسعودي الذي قدمته الدولتان للسودان الذي يقاتل جيشه في اليمن من أجل حماية الأراضي المقدسة من هجمات الحوثيين، والشعب السوداني يعاني من نقص الوقود والخبز وارتفاع أسعار ضروريات الحياة، والسعودية والإمارات تدفعان المليارات من الدولارات إلى دول أخرى لم تدفع دم أبنائها في حرب اليمن، ولم تقف مع السعودية في كل الأحوال.

ولو كانت هذه الدول تسعى فقط للتخلص من الإسلام السياسي في السودان، فقد قام بهذا الدور البرهان، فلماذا لم تقدم الدولتان من المال ما يغني السودان عن البحث عن الخبز والوقود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى