مسؤولية المجلس العسكري (1-2)

إن (دماء وأعراض وأموال) أهل السودان هي مسؤولية المجلس العسكري الانتقالي الذي يدير حكم البلاد في هذه الفترة، وإن حفظ الأمن والاستقرار وحماية المواطنين هي مسؤولية هذا المجلس بلا شك، ولا ريب، فقد تسلّم المجلس إدارة شؤون الدولة بعد إنهاء حكم الرئيس السابق البشير، وتحمّل الأمانة أمام الله رب العالمين وخالق الخلق أجمعين، ثم أمام خلقه.

وهي مسؤولية عظيمة، ومهمة شاقة، وفي وقت صعب، وفي أحوال استثنائية، وأهل السودان يعانون في جوانب عديدة، معاناة لم يسبق لهم أن عاشوا مثلها، في الجانبين المادي والمعنوي، انفلات أمني هنا وهناك، وقتل وإسالة دماء في كل صباح أو مساء، وعنف لفظي من هذا أو ذاك، وشائعات تحاك وتدبّر ثم تنشر، ونفور وفجور، وتشنّج وغضب، وعصبية وجهوية، إحباط ويأس، وقل غير ذلك في الجوانب المعنوية والنفسية، وهبوط مستمر في الأوضاع الاقتصادية، شح في المواد البترولية، وأزمات في السيولة، وصفوف للحصول على عدد قليل من قطع الخبز.

وإن المجلس العسكري طالما أنه وضع أمر إدارة البلاد في يده، ونصّب نفسه حاكماً انتقالياً للبلاد، كان على أعضائه السعي الحثيث لأداء الأمانة كما يجب أن تؤدى، والقيام بالمسؤولية على الوجه الصحيح، وإبراء الذمة بما ينجيهم من سؤال رب العالمين في يوم تشخص فيه الأبصار، قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأبي ذر في أمر هذه الولايات: ( .. وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْىٌ وَنَدَامَةٌ إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا) رواه مسلم.

وإن من مسؤولية هذا المجلس التي يجب القيام بها ما يلي :

* معالجة الأمور في أوانها وعدم التفريط فيها قبل استفحالها وعدم التباطؤ في حسم الأمور، فإننا نشاهد بين يوم وآخر نتيجة للانفلات الأمني أو المظاهرات أو الاعتصامات نشاهد الدماء تسيل والأنفس تقتل، وهو أمر عظيم وجب على المجلس العسكري الاجتهاد في حسمه، والتعامل معه عند وقوعه بما يحفظ أرواح المواطنين ويبعد عنهم الأذى، وبسبب تأخير حسم الأمور والتباطؤ في حسمها يحصل ما لا يحمد عقباه، قال مروان بن محمد – في أواخر أيام الدولة الأموية: (وا لهفتاه على دولة ما نصرت، وكف ما ظفرت، ونعمة ما شكرت) ، فقال له خادمه – وكان من أولاد عظماء النصارى: (من أهمل الصغير حتى يكبر، والقليل حتى يكثر، والخفي حتى يظهر، أصابه مثل هذا).

* إنها المسؤولية في مثل هذا المقام جعلت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : (لو ماتت شاة على شط الفرات ضائعة لظننت أن الله تعالى سائلي عنها يوم القيامة) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء وهو حسن لغيره ، شاة وعلى شط الفرات !! فكيف بالإنسان ؟!

*إن من أهم مقومات الحكم في الإسلام: الحزم وبسط القوة وإظهار الهيبة فإنه بذلك بعد توفيق الله تعالى تحفظ الضرورات الخمس “الدين والنفس والعقل والعرض والمال” ولا تحفظ هذه الضرورات من جانب الوجود أو العدم إلا ببسط الأمن وتحقق الأمان..

أما ما يسمى بحق التظاهر السلمي وحق الفوضى الخلاقة وما نحا هذا النحو فإنه من التلاعب ومما اخترعته أمم الضلال وقلدها فيه كثير من المسلمين وليست هي بالسبيل القويم ولا النهج المستقيم حتى لو أظهر قبولها بعض الحكام أنفسهم .. فما أسوأ خروقها وما أكثر مآسيها!! خاصة في بلادنا يسر الله أمر أهلها وأصلح حالهم.. وهداهم إلى ما فيه خيرهم.. ولن تصلح أمور هذه الأمة إلا بما صلح به أولها..

نواصل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى