التهريب والتجارة غير الرسمية.. قضايا مُلحة بكسلا
تقرير : أحمد بامنت
كثيراً ما تصدرت الأنباء الواردة من ولاية كسلا عناوين الصحف اليومية, وأغلب تلك الأنباء لها ارتباط بشكل أو بآخر بموقعها الجغرافي الذي أضحى نقمة عليها بدلاً من أن يكون نعمة تطل به الولاية على دول الجوار, فقد أضحى منصة لانطلاق عمليات التهريب التي تنشط على طول الشريط الحدودي الفاصل بينها ودولتي اريتريا واثيوبيا, مما زاد العبء على الأجهزة الأمنية والشرطية بالولاية في تحمل تبعات تلك الظاهرة واحتسبت جراءها العديد من الأرواح, فما زال زملاء الرقيب شرطة منور إبراهيم حامد يذكرون كيف وقع ذلك الحادث المشؤوم بمنطقة الحقارة على طريق كاتكوه والذي راح ضحيته منور ومعه الجندي مصعب عبد الله محمد وفقد زميلهما محمد محجوب قدمه, صعدت أرواح هؤلاء الى بارئها وبقيت تلك الظاهرة واستمرت عمليات التهريب ليس لضعف من الأجهزة الأمنية والشرطية فحسب, بل لجملة من الأسباب والدوافع المتجذرة التي أدت الى زيادة وتيرة تلك العمليات, وكما أشار العميد معاش شرطة حسن احمد آدم الى أن القضاء على تلك الظاهرة لا يمكن أن يكون إلا من خلال حزمة من الإجراءات المتكاملة, وقال هي ليست مسؤولية الأجهزة الأمنية والشرطية وحدها, بل مسؤولية تضامنية يجب أن يتشارك فيها كافة شرائح المجتمع من خلال رفع الوعي والتنوير بخطورة تلك الظاهرة, الى جانب دور الدولة ومنظمات المجتمع المدني في وضع سياسات تسهم في الحد من عمليات التهريب, وأضاف سيادته بأن كل الإجراءات والتدابير الأمنية ليست كافية في ظل تدهور الوضع الاقتصادي عموماً وفي المناطق الحدودية علي وجه التحديد, فقد ظلت تلك المناطق تعاني منذ أمدٍ بعيدٍ وبقيت مهملة ومنعزلة ولم تمتد إليها برامج ومشروعات تنموية مما خلق حاضنة آمنة ومحفزة لمزاولة التهريب ولهذا من الضرورة بمكان انتهاج استراتيجية مغايرة للتصدي لتلك الظاهرة, استراتيجية ترتكز على دراسة علمية دقيقة تبحث الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لتلك المجتمعات.
وتُشير بعض الدراسات إلى أنّ الحدود المُغلقة أحد أسباب تفاقُم عمليات التهريب.
وتشير ممثلة المنظمة السودانية للبحث والتنمية (سورد) المشرف على برامج مشروع حوار السياسات حول التجارة غير الرسمية وحوكمة الأمن عبر الحدود الأستاذة إصلاح الصادق, الى ان ضعف التنمية بمناطق المجتمعات القاطنة على طول الشريط الحدودي كانت أحد الأسباب وراء اتجاه أغلب مواطني تلك المناطق لممارسة التهريب, وقالت ان المنظمة تعمل على ذلك المشروع بالتعاون مع عدد من المنظمات الطوعية وبتمويل من معهد الحياة والسلام ويهدف الى رفع الوعي المجتمعي للمستهدفين بالقرى الحدودية, وقالت إن المنظمة عقدت العديد من الورش التوعوية وقدمت جملة من الأوراق العلمية حول ظاهرة التهريب والحلول الأنسب.