سراج الدين مصطفى يكتب : نقر الأصابع

 

خواطر الجمعة الجامعة والدعوة السامعة

(1)

محمود عبد العزيز ومنذ أن بدأ، ظهر كحالة خاصة استدعت ضرورة النظر إليها عن قرب.. بوصفه الفنان الوحيد الذي يمكنه إقامة حفل جماهيري خلال العام دون أي من المواسم المعروفة، ودون أن يحسب له على أنه مجازفة.. حيث أن جمهوره رهن قراءة الإعلان أو من خلال إشعار مما يقوده للتدافع لإنجاح أي حفل لمحمود عبد العزيز.

(2)

الحفلات العامة هي التي ضاعفت جماهيرية محمود وخلقت منه (الحوت) الذي ابتلع كافة حفلات الفنانين آنذاك. فقد كانت حفلاته ناجحة في كل الأزمان والأوقات ويعتبره الكثيرون امتداداً لعمالقة الفن السوداني الأصيل.. فهو من جعل لأغنيات الكبار والحقيبة طعماً ولوناً عند الشباب، كما أنه لا يغني الركيك وهابط الغناء.. وبجانب كونه صاحب أكبر قاعدة جماهيرية وسط الشباب فهو صاحب أكبر عدد من الأغنيات الخاصّة من بين الفنانين وكذلك أشرطة الكاسيت. وما بين شركات حصاد والبدوي والسناري للإنتاج الفني أنتج محمود قرابة الثلاثين البوماً غنائياً.

(3)

المهندس الموزع الموسيقي الروسي ميخائيل الذي يوزع لأكبر الفنانين في روسيا، سجل شهادة بحق محمود عندما استمع لأغنية (خلي العيش حرام)، بحسب د. الفاتح حسين، حيث قال (أول مرة أسمع صوتاً موزوناً كما الآلة الموسيقية) وتمنى أن لا يسكت.. ود. الفاتح شارك في مسيرة محمود من خلال البوم (سكت الرباب) الذي تم تسجيله بروسيا من ألحانه وتوزيعه والأغنية التي حملت اسم الألبوم كلمات د. وجدي كامل وقال الفاتح إن محمود يتميز بهبة من هبات الله وهي الصوت حيث له شكل أداء ممتاز ومتفرد وقال إنه من خلال تجربته معه أدهش الروس وكان كبير دهشتهم لأنه لم يدرس الموسيقى.

(4)

محيي الدين الفاتح.. اسم يتطاول كالنخلة في عالم الشعر.. فهو واحد من قلائل لهم مقدرة الإدهاش بالمفردة وفضائها الموسيقي والجمالي.. وظل محيي الدين الفاتح حاضراً في كل المنابر الثقافية ناثراً شعره وعبيره الدافقة.. فهو رغم قصائده البديعة ولكنها لم تجد طريقها للغناء ، وهو له فلسلفة خاصة في ذلك (أميل للاعتقاد ــ مع حبي للغناء ــ أن الشعر الجدير بالبقاء لا يحتاج الى تلك الحافظة المتمثلة في اللحن والأداء الموسيقي وإلا لما وصل إلينا ابن الرومي والمتنبي ولا الحردلو، ولكن اختبار عافية القصيدة على قوامها الخاص أفضل عندي من محاولة إخفاء وجهها من خلف ستار اللحن والأداء الموسيقي.

(5)

يظل الفنان الكبير صلاح مصطفى واحداً من الفنانين الذين وضعوا بصمة واضحة على خارطة الغناء في هذا الوطن.. فهو كصوت يمتلك مقدرات غير عادية ومعدومة تماماً، حيث يتحرك في كل المقامات بحرفية ومهنية عالية. ولعل أعظم ما في صلاح مصطفى موهبته التلحينية التي تصل مرحلة العبقرية، والناظر لقائمته الغنائية يلحظ دقة وجودة ألحانه التي تتميز بالانسيابية والتلقائية.. ولكن رغم ذلك ظل صلاح مصطفى بعيداً عن دائرة الضوء ولا يجد الشكل اللائق من الاعتبار لفنان قدم وقدم الكثير ثم انزوى في الحتانة هناك!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى